"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية
ثلاثية حياة المافيا... حب وموت ومال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كثيرة هي المنظمات السرية في العالم، ومنها منظمات المافيا والجريمة المنظمة. الكاتب فيديريكو فاريزي يقودنا في رحلة داخل هذه الكيانات من خلال حياة أعضائها، ليرسم لنا صورة متكاملة تقريبًا عن حقيقة ما يجري في الداخل وبشكل يختلف عن الصورة المطروحة إعلاميًا.&
إيلاف: يصحبنا الكاتب والمتخصص المعروف جدًا في علم الجريمة فيديريكو فاريزي في رحلة لاستكشاف نوعية الحياة التي يعيشها أفراد عصابات المافيا وعصابات الجريمة المنظمة والطريقة التي يفكرون بها في كتاب عنوانه "حياة المافيا" Mafia Life: Love, Death and Money at the Heart of Organised Crime, Federico Varese. &&
اغتنام الفرص
يتضمن الكتاب تسعة فصول يتطرق فيها الكاتب إلى عدد من القضايا الرئيسة، منها الشفرات التي يستخدمها أعضاء هذه العصابات والكيفية التي يتم بها تجنيد أعضاء جدد، وماذا يحدث لأسر أعضاء يخرجون عن طاعة المنظمة، وكيف ينمو الفرد ليتحول إلى عنصر مهم صاحب سلطة ونفوذ داخل المافيا.
استخدم الكاتب ضمن اختصاصه تحليلات تاريخية وتحقيقات وتسجيلات سابقة وأدلة قانونية ودراسات بيوغرافية عن أشخاص بارزين في عالم المافيا، ليشرح ويفصل حياة أفراد هذه الكيانات، التي تعتبر أكثر المنظمات سرية في العالم.
يأخذ الكاتب القارئ في زيارة إلى نوادي قمار في مدن مهمة ، ويجعله يمضي أوقاتًا مريحة في عدد من أهم فنادق العالم الضخمة كما يتحدث عن الموت وعن العلاقات العاطفية وعن الخوف وحالات الرعب وعن مختلف الخيارات المتاحة لأفراد هذه المنظمات ويطرح كل ذلك بواقعية شديدة ليكشف عن تفاصيل عالم يعتمد على اغتنام الفرص وعلى القسوة. & &
يتطرق الكاتب إلى العلاقة بين السياسة ومؤسسات الدول وهذه المنظمات، كما يحاول إعطاء صورة واضحة قدر الإمكان عن العلاقات بين أفراد هذه المجموعات أنفسهم، وهي علاقات شديدة التعقيد بسبب الصراعات بين مختلف الأطراف، لكن القاعدة الأساسية فيها هو خضوع الجميع لمظلة قيم واحدة، سواء أكانت المنظمة في مدينة صغيرة في الريف أو في مدينة ضخمة، فالمهم هو الحفاظ على مصالح المنظمة العليا على حساب مصالح الأفراد. &
علاقات مع المصرفيين
يخصص الكاتب فصلا للأعمال التي تنجزها هذه المنظمات ثم فصلا آخر لطرق إدارتها والمخاطر والفرص التي يتضمنها البحث عن أسواق جديدة. ثم هناك الضوابط المكتوبة وغير المكتوبة والبنية التي تقوم عليها هذه الكيانات ووسائل تحقيق استقرارها وفعاليتها وبقائها ثم كيفية اتخاذ القرارات المهمة فيها وطريقة عملها التي يعتقد فاريزي أنها تفوق في فعاليتها وتنظيمها أي دولة.
يخصص الكاتب فصلًا كاملًا للمال وكيفية عمل هذه المنظمات في مجال الاستثمار والاستفادة من حركة الودائع المالية العالمية وإقامة شبكات علاقات مع أصحاب المصارف، الذين قد يتحدّون المافيا، لأسباب تتعلق بتحقيق مصالحهم الشخصية. &
يبيّن الكاتب في هذه الفصلين أيضًا بأن أعضاء المافيا قد يرتكبون رغم ذلك أخطاء جسيمة وبكل سهولة. وربما هذا هو السبب وراء كون مصير أعضاء المافيا المتوقع هو إما العيش في حالة هرب دائم أو الصراع من أجل البقاء.
على المستوى التنظيمي يظهر الكاتب أن الضوابط وطريقة الإدارة الصارمة هي التي تجعل المنظمة قادرة على الاستمرار مع تحقيق أكبر فعالية ممكنة ، ويشرح بالقول إن عضو منظمة مافيا هو شخص تحكمه عواطفه وطموحاته المستقبلية في مجال المال والأسرة، ولكن يحدث أحيانًا أن يتمرد أحدهم على سلطة المنظمة أو أن يدخل في علاقة عاطفية غير مرغوب فيها، وهو ما يخيف هذا النوع من المنظمات أكثر من أي شيء آخر. فالمافيا تعتبر النساء والعلاقات العاطفية بشكل عام مصدر خطر كبير عليها.
الخشية من المرأة
لكن هذا النوع من العلاقة لا يقتصر على العاطفة بين رجل وامرأة فحسب، بل يشمل أيضًا علاقة أم بابنها، لاحتمال تجاوز شرط السكوت والصمت. وينبه الكاتب إلى أن مثل هذه المنظمات تخشى أيضًا من امرأة فقدت أسرتها وأحبتها، وهو ما قد يحوّلها إلى شخص لا يعرف الخوف، ويجعلها تشكل خطرًا كبيرًا على مثل هذه المنظمات.
ورغم أن نساء المافيا لسن الموضوع الرئيس في الكتاب، ولكن احتمال صعودهن على رأس المافيا قائم، عندما لا يتمكن أعضاء المافيا الرجال من السيطرة على المنظمة، لأسباب متنوعة، منها أن يكون الزعيم في السجن أو أن يضطر إلى الاختباء في بلد آخر خوفًا من انتقام خصوم ومنافسين.
تهتم منظمات المافيا بشكل عام بالصورة التي تعرض عنها كما فعل فيلم العراب، وهي عادة ما توصل رأيها عن هذه النتاجات لتعبّر عن امتعاضها أو عن رضاها. ويروي الكاتب كيف أن لوي ميليتو، من أسرة غامبينو، شاهد هذا الفيلم ستة آلاف مرة حسب قول زوجته.
تحول سلطوي
ما يطرحه هذا الكتاب عن حياة المافيا يعرض أشخاصًا اعتياديين في إطار محيط اجتماعي وثقافي محدد يسهم في ازدهار مثل هذه المنظمات في مختلف أنحاء العالم.&
ويرى الكاتب أن فرد المافيا هو إنسان اعتيادي يصارع لشق طريقه في الحياة، وهو يملك عواطف وطريقة تفكير معينة، ويتمتع بنقاط ضعفه وقوته، ولكنه قد يتحول إلى إنسان آخر حالما يخضع لسلطة المنظمة التي يبدأ بالعمل لحسابها.
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن "blogs.lse.ac.uk". الأصل منشور على الرابط:
http://blogs.lse.ac.uk/lsereviewofbooks/2017/11/23/book-review-mafia-life-love-death-and-money-at-the-heart-of-organised-crime-by-federico-varese/
التعليقات
....................
سعيد -حظ المسيحية يفلق الحجر .. حين نشأت هذه المنظمة الإجرامية المسماة بالمافيا لم يفكر أحد من البشر على هذا الكوكب أن يربط بينها وبين الدين الذي نمى وترعرع فيه هذا الكيان المجرم السفاح تحت ظله فيقال مثلاً تنظيم المافيا المسيحي . . كان الناس في تلك الحقبة الزمنية في قمة الوعي والإدراك .. كانوا يدركون أن الأديان لا يمكن لها أبداً أن تولد الشرور .