الذات الشاعرة حين تمارس غنائيتها الشفيفة: قصائد أليسار الحكيم العابرة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
&&ليست مدونة جمالية للبحث عن الصباح الصادق، والحلم، والحب، لكنها رؤية شعرية تعبيرية تنقب عن الجماليّ في الحياة، تعبر عن حالة من الفقد، بحثا عن مثال ما. تعبر عن ذات شاعرة تريد أن تقتنص لحظة مشرقة في عالم متسارع، موار بالنسيان يقود إلى قادم مجهول.& هكذا يمكن لنا أن نتتبع الخيوط الدلالية لدى ذات شاعرة تصبو للبوح، وتحاور أشياء العالم عبر الكلمات.&تستهل الشاعرة أليسار الحكيم ديوانها :" قصائد عابرة " ( منشورات دار بعل للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الأولى 2018 )&بمدخل شعري تتوسم فيه رسم صورة الذات ببعديها الداخلي والخارجي، الصورة تشكلها جملة من الصور المتتالية التي تترى عبر أفقين: الزمن، والروح. حيث الزمن الذي يتجدد ويتحول ويترك آثاره على الروح التي تقاومه أو تصبو لتغييره، وتشكل دالة:" الصباح" بعدًا دلاليًّا متكررا لدى الشاعرة كإشارة زمنية جلية إلى استشعار القادم، وترويضه، سواء كان بصورة إيجابية حالمة أم بصور غير إيجابية. بيد أنه بحث حيوي عن الآتي.& في المدخل الذي يتصدر الديوان بوصفه أول ما يطل عليه القارئ من شعر، بعد مقدمة نقدية كتبها الشاعر عصام ترشحاني، نحن حيال ذات متأملة لا ذات واصفة، هي تتأمل إحساسها بالحياة التي هي مزيج زمكاني وإنساني على اليقين، وفي هذا التأمل تُسرجُ قدرًا من الضوء حول تجربة الحياة، وتنيرُ قسمات من تقاطيعها الذاتية والروحية ، ولهذا جاء هذا البدءُ الشعري:&أنا المتبقية من مآسٍ مهترئة&زرعتُ عُكّازين أحمرينورسمت الشفقَ بريشة طاووس أحمق . / ص 15&نحن حيال إشارات إلى تجارب في الحياة، واقعية أو متخيلة، ونحن تلقاء بعد زمني، وحيال أفق مرسوم. المآس المتكررة المتبقية، إشارة لتكرار زمني ولتكرار تجارب مؤلمة، ودلالات المقطع تبدي رؤية متأملة، بغض الطرف عن يقينها الدلالي المأساوي، لكن الأداء الشعري هنا يقلنا إلى فجيعة ما، واتشاح بحزن جلي لا يواربُ قسماته.& تنتقل الشاعرة تاليا إلى سرد شعري، تمكنّه دلالات : الحلم، والجنون، والغناء، لتصل إلى هذا التقرير الأخير لتأمل ذاتها، في المقطع الأخير من النص/ المدخل :ها أنا ذا يا سيدي&امرأة طبعت السنون أثلامًافوق جلد أنوثتهاالمضمّخ بالشبق الشحيحوتركتْ نُدبًا فوق ظهري المنهكمن سياط الريحوتلك الأزاهير ذبلتْ في عزّ الربيعوانتحب الصقيعُ فوق ثراها .&ربما هو كشف حساب شعري مع الواقع، أو قراءة استبطانية للذات، وهو ما تفعله عبارات كثيرة بنصوص الديوان، أسرج وهجها الدلالي هذا المدخل الذي ينطوي على صورة مكثفة لما سيأتي تاليا من نصوص.&في المتن النصّي:&يتشكل ديوان :" قصائد عابرة" من ( 56 ) نصًّا، تحمل على اليقين الرؤية الشاعرة التي تصبو الذات إلى تقديمها لقارئ راوده مستهل الديوان بمدخل مكثف. وتتمظهر هذه الرؤية في اختيار العناوين الشعرية التي تتألف من كلمة أو من كلمتين، بعض العناوين تحمل هاجسًا رومانتيكيا، على نقيض ما تكنه بعض النصوص من بنى تعبيرية، مثل: بكاء الزهر، كأس حلم، ذراع الخلاص، حنين ، سهاد.&وبعضها يحمل هاجسًا آخر أكثر واقعية وربما يذهب بعض في مناقضة الواقع ليحوله إلى أفق درامي تتكسر فيه الروح، وتعلو الصراعات والحوارات والأصوات ، مثل: زنابق الخيبة، شهيق، ضجيج هادئ، سرقة، حلم خائن ومنه هذا المشهد الوصفي:&سرير أسودملاءة مطرزة بنجوم باردة&وصقيع يحفر بطن الفؤادالمخضب بالمكر&غشاوة النفاق تأكل عينيهدود عفن يلتهم أوردتهالمغلفة بالتأوهاتنزوات مثقلة بالبؤسوسادة امتلأت بالصباركفوفها تصفق كريح صفراءبزمن الكوليراتنتحبه الحانات / ص 96&العبارات مشحونة بالألم، مخضبة بالأسود ، باليأس، بالموت، بالبكاء والنحيب، هو مشهد الواقع أم هو مشهد الذات، أم خيطهما الدلالي الواصل بينهما. ربما هي صور سوداء، بيد أن هذا ليس من أثر إسقاط الذات رؤيتها المضببة على كلماتها الشاعرة، فالشعري في الذات يبحث عن مثال، والتعبير هنا ينطوي على البحث عن النقيض المضاد حتى لو ذكرت الشاعرة آلام العبارات وسوادها، فدائما هناك ثلاثي حاضر في معظم النصوص هم: الصباح، والحلم، والروح . وتكرارها يبعث على القادم المشرق، ومجاوزة المادي، والبحث عن حلم يغير واقعه ويتمرد عليه.& نحن حيال تعبيرات خصيبة في أفق هذا الثلاثي:" نسيم يعبر الروح، نرجس نما في قاع روح، هل ننسى البعد ونصفق لروح الحياة؟ ، ناشدتك الله أن ترحلي يا ملائكة الصبح الندي، فالحلم به لم يصل لحافة الجوى، يقتنص رغيف الصبح وينثر فتاته على الروح، تنمو الأحلام من زغب الرغبة" .&وكما في ( صخب مؤلم، نور عفن، كخبز الفقراء، مسرح دائري شحذت أطرافه سقطت الأقنعة على شبابيك الحقيقة / ص 25 ) وفي هذه المشاهد تمثيلا:&- ماذا يحيكُ لي هذا الصباحُهل قبلاتُه ستكون دافئةتكفي لإشباع حلمي الشره؟ / ص 117&&- سيكون لي موعد مع الفجروآخر مع الشفقكل يوم سأقطف وردة من رزنامتهاالمليئة بالوعود / ص 116&&&- ضجيج ما اقتحم غفلتيبينما كنت أمارس الحلمريحه لم تكن صافية أبدًا / ص 114&فيما تدعو للتمرد وتبحث عن التغيير كما في قصيدة " بكاء الزهر" ص.ص 110-111&الشاعرة تدير أغلب نصوصها في هذه المدارات ، موسعة حينا، متأملة في الخطيئة في العقاب، في مراقبة الواقع، في شجن الذات صعودها وانكسارها، تلوذ بأشياء الطبيعة حينا في عالم النبات والزهور أو البحر أو الغيوم والنجوم، تشكل صورها بتلقائية ما وتبقى خرائط الأمنيات مفتوحة على أفق الآخر/ الفارس القادم من حلم، أو على أفق التمرد واقتراف خطيئة التغيير .&
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف