"الشاعرات" لـ عصام عيسى رجب.. تقنية إرباك القارئ!
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&بقلم أسامة علي أحمد&&
&تدور قصيدة عصام عيسى رجب - بوصفها مشهداً قصيراً - في المساحة الضيقة التي تفصل بين منصة مضاءة وقاع القاعة المظلمة. تتحسس الشاعرتان طريقهما وسط شراك النظرات، والنداءات الغامضة، حتى تلوذان بالظلام.&المشهد ، الذي ينحصر& بين قوسي الضوء والظلمة، يثبّته الشاعر أمام ناظري القارئ ليكبره متجاوزاً القاعة مختصراً حياة الشاعرات بشكل عام& في معاناتهن حالة الجذب بين الضوء الذي يردن بحره، والظلام الذي يجذبهن إلى حيث أراد لهن المجتمع أن يكنّ.&حالة " الارتباك" التي يصورها المشهد المضغوط، والارتباك الذي تتصف به حياتهن بعامة، نقله الشاعر مستخدماً تقنية غاية في الإدهاش، وهي ببساطة إيقاعه في حالة الارتباك هذي، وفي رأيي أن الشاعر نجح في أن يجر قارئه إلى هذه المنطقة&لننظر إلى المشهد المركزي ، يقول الشاعر:&(الشاعرات مرقن من الضوءالبياض يسايرهن&إلى آخر القاعة المظلمة)&نحن أمام هذا المشهد البسيط الذي يلخص الفكرة، الشاعرات يترجلن عن المنصة، فيخرجن من دائرة الضوء لكن& يرافقهن " البياض" الذي جاء به الشاعر مؤكداً على عدة معان، فدلالات البياض لا تخفى، ووضعه الشاعر مقابلاً صارخاً في وجه سواد مفترض موجود بالضرورة في عوالم هذه القصيدة وإن لم يصرح به الشاعر.&ولنأتي إلى ما أسميناه الارتباك الذي عمد الشاعر إلى إيقاع قارئه فيه، فيبدأ الشاعر من العنوان " الشاعرات" وقبل ولوج عوالم القصيدة يفاجئنا بالإهداء إلى " هـ،هـ" فأنت تتهيأ لقصيدة عن الشاعرات لتفاجأ بأنك أمام اثنتين عينهما الشاعر وأخفاهما مكتفياً بالحرفين الأولين من اسميهما ،& في حين أنه كان بإمكانه ألا يورد هذين الحرفين ، ويهدي القصدة إلى شاعرتين، وكأنه هنا أراد أن يشعر القارئ بأنه يود أن يقول وأن لا يقول . وهذه أولى مراوغات الشاعر لإرباك قارئه، إضافة إلى أنه بالحرفين ترك الباب موارباً للتخمين& لمزيد من إقلاق القارئ.&يقول الشاعر في موضع آخر :&(وصاحت به&اخرج عن توقناكالألقكالظلام اليتيم)فالمشبه به هنا ( الألق والظلام) وهو تشبيه يتجاوز حالات اللاتوقع ، والتشبيهات غير المألوفة إلى دائرة أخرى هي دائرة الإرباك فالمشبه به ( الألق/الظلام) نقيضان، مما يوقع القارئ في حالة من عدم اليقين.&وبالبحث عن المشبه في نفس الجملة (البياض) نجد أنه ورد قبل عدة أسطر كأنما أراد الشاعر إطالة ترقب القارئ، ومشاركة الشاعرات رحلتهن بين المنصة والقاعة المظلمة والتي أطالها القلق والنظرات المحيطة .وتبدو نهاية القصيدة كأنها قفزة ، فالشاعر يترك عدة أسطر فارغة ليختم :& & &&(والشاعرات ..&وشمن المكان بأسمائهن&وغاب الجسد)&تاركاً القارئ مذهولاً أمام هذا& القطع المفاجئ ..لقد انتصر عصام عيسى رجب لشاعرتيه وهو يشرك الجميع في ما يعانين.كاتب سوداني&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف