اهتمام باكستان بحضارة غاندارا القديمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في عددها الأخير الصادر في مطلع الأسبوع الثاني من شهر مارس-آذار الحالي، نشرت الأسبوعية الفرنسية Courrier internationale تحقيقا حول إعادة اكتشاف حضارة غاندارا في باكستان، واهتمام باكستان بها راهنا لأنها تتيح قراءة جديدة لتاريخها، وتجلب الباحثين والسياح المهتمين بالحضارات والثقافات القديمة، وبالديانات خصوصا الديانة البوذية...
ولقد نشأت هذه الحضارة في المنطقة الشمالية-الغربية من باكستان، وتحديدا في منطقة باشاور التي كانت بمثابة عاصمتها المركزية، إلى جانب كل من مدينة ماردان الواقعة في الوسط، وتاكسيلا الواقعة على حدودها الشرقية. وكانت هذه المنطقة استراتيجية إذ أنها كانت تربط بين بلاد فارس وأفغانستان، إلى جانب وقوعها على طريق الحرير الذي يربط بين آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية.
لذلك تأثرت بثقافات مختلفة ومتعددة انضافت إليها الثقافة اليونانية بعد أن غزاها الاسكندر المقدوني. وانطلاقا من القرن الثالث قبل الميلاد، أصبحت هذه المنطقة مركزا أساسيا لنشر الديانة البوذية، و"أرضا مقدسة لها" بحسب تعبير عالم الآثار الفرنسي ألفريد بوشير.
ومع الانتشار السريع والواسع للديانة البوذية، تأسست في مدينة تاكسيلا الواقعة الآن على بعد ثلاثين كيلومترا من العاصمة اسلامباد، جامعة احتضنت فلاسفة ورجال دين وباحثين مرموقين قادمين من الصين ومن سيربلانكا. ومن بين مهامّ هذه الجامعة التي كانت تتمتع بشهرة واسعة في آسيا، تكوين مبشرين لنشر الديانة البوذية في كل من اليابان وكوريا. وفي هذه المنطقة أيضا، ولد غورو رينبوشي الذي يعتبره بوذيو التبت بوذا الثاني.
ومع غزو الهون الصينيين لهذه المنطقة في القرن الخامس ميلادية، انطفأ بريق حضارة غاندارا لتتلاشى تأثيراتها مع انتشار الإسلام في العهد الغنزوي، أي في القرن الحادي عشر. وفي القرن التاسع عشر، شرع علماء الآثار الغربيون في البحث عن كنوز تلك الحضارة الغابرة مركزين جهودهم بالخصوص على ما سموه بـ "الفن الغاندري"، وهو فن ظهر في القرن الأول المسيحي، عاكسا عدة تيارات فلسفية ودينية، وموسوم بتأثيرات هندية وفارسية ويونانية. ويحتوي متحف باشاور راهنا على آلاف من التحف والأعمال الشاهدة على أهمية حضارة الغاندارا.
ويقول مدير هذا المتحف بأن الغرض من عرض هذه الأعمال وهذه التحف هو التعريف بماضي باكستان، وبمرحلة مهمة من تاريخها. كما تأمل الحكومة الباكستانية من خلال ذلك جلب السياح، خصوصا البوذيين منهم، ومقاومة المتزمتين والأصوليين الرافضين للحضارات والثقافات التي عرفتها باكستان في الزمن القديم.