اعترافات الفيلسوف الفرنسي ألان باديو
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
على وزن :"اعترافات ما وراء القبر"، عنوان سيرة الكاتب الفرنسي شاتوبريان، أصدر ألان باديو، الذي يعتبر أحد رموز الفلسفة الفرنسية منذ ما يزيد على الثلاثين عاما، عن دار "فلاماريون" المرموقة، كتابا بعنوان: "اعترافات ما وراء السياسة 1937-1985".
وفيه يروي فصولا من سيرته الذاتية التي اختلطت بأحداث سياسية وثقافية وفلسفية كبيرة، كان هو شاهدا عليها، إن لم يكن فاعلا فيها.
ويحبّ ألان باديو أن يقول إنه "أ ربع". وموضحا ذلكـ كتب يقول :"أنا مشكلاني مُدرك لكل البُنى العقلانية، ومُنجذب بالخصوص لسحر الرياضيات الصعبة، وأنا عاشق للنساء، وأنا كاتب مصدره الأساسي هو الشعر، وأنا نوع من الرئيس الطبيعي للأقليات السياسية النشطة".
ومعنى ذلك أنه انشغل في حياته بأربعة مجالات مختلفة هي: الحب، والرياضيات، والسياسة، والشعر. والفلسفة هي الجامع بين هذه المجالات الأربعة.
وإلى حد الآن، أصدر ألان باديو ثلاثين كتابا ترجمت جميعها إلى جل لغات العالم، ولاقت صدى واسعا لدى أحباء الفلسفة، ونقادها، ومدرسيها.
وقد ولد ألان باديو عام1937 في العاصمة المغربية الرباط من أبوين انتسبا لحركة المقاومة خلال الاحتلال النازي لفرنسا.
وفي سنوات شبابه، انجذب إلى الفلسفة الوجودية، وقرأ بعمق مؤلفات سارتر وكامو وكيركوغارد وهايدغر. إلاّ أن الحرب التحريرية الجزائرية فصلته عن الوجودية ليصبح ماركسيا قولا وفعلا.
وخلال ثورة 68 الطلابية، فتن بالزعيم الصيني ماوتسي تونغ، وبثورته الثقافية فشرع ينشر أفكاره بين الشبيبة المتمردة. والذين كانوا قريبين منه في تلك الفترة، يقولون بإنه كان دوغمائيا، رافضا لكل من يخالفه في الرأي، وعنيدا لا يقبل التراجع عن أفكاره حتى ولو ثبت بطلانها وخطأها.
ورابطا بين القول والفعل، أصدر ألان باديو في تلك الفترة الموسومة بالغليان السياسي والايديولوجي، كتبا ومقالات منتصرا فيها للماركسية-اللينينية، ولأفكار ماوتسي تونغ تحديدا، معتبرا إياها أهم ما أنتجه الفكر الثوري على مرّ العصور. وعندما اكتسح الخمير الحمر كمبوديا، وأطردوا الملك نوردوم سيهانوك ليقيموا نظاما شيوعيا متصلبا بهدي من أفكار ماوتسي تونغ، انتصر لهم، ودافع عنهم مبررا الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها، والتي كان ضحاياها مليونين من أبناء شعبهم.
لكن انطلاقا من بداية التسعينات، أي بعد انهيار جدار برلين، وسقوط الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية، وتفتت ما كان يسمى بالاتحاد السوفياتي، خفّ تصلب ألان باديو، وشرع في إعادة النظر في مساره الفلسفي لكن من دون أن يتخلى عن الماركسية. وفي تعليق لها على :"ذكريات ما وراء السياسة"، كتبت مجلة" الفلسفة" الفرنسية في عددها الصادر في شهر أبريل-نيسان من هذا العام تقول: "إن مسار ألان باديو هو في نفس الوقت غوْص في حميمية مفكر كبير، ورحلة في تصادم مع التحولات الكبرى للقرن العشرين، وطريقة تتميز بالخفة لدراسة أعمال ثقافية شجاعة وصارمة".