تجار المخدرات رأسماليّون مُتكبّرون

في عام2006، حصل الكاتب والصحافي الإيطالي روبرتو سافيانو المولود عام1979، على شهرة عالمية واسعة بفضل روايته: "كامورا" التي فيها كشف عن خفايا العالم السري للمافيا في مدينة نابولي، مسقط رأسه.

وقد تحولت روايته المذكورة إلى فيلم نال اعجاب الملايين في جميع أنحاء العالم. وبسبب ذلك تلقى تهديدات بالقتل. لذا هو يعيش في حماية الأجهزة الأمنية منذ ذلك الوقت وحتى هذه الساعة.

ورغم أنه يواجه خطر الاغتيال في كل يوم، فإن روبرتو سافيانو لا يزال مصرا على مواصلة فضح عصابات المافيا، والجريمة المنظمة في بلاده.

وفي حوار أجري معه مؤخرا، وتناقلته وسائل الاعلام الفرنسية حول تدفق كميات كبيرة من الكوكايين عبر ميناء "أنفار" البلجيكي، وميناء "لوهافر" الفرنسي، قال روبرتو سافيانو بإن هذا التدفق هو بداية لعمليات كبيرة في مجال ترويج المخدرات على أوسع نطاق لتشمل كامل البلدان الأوروبية.

ويضيف روبرتو سافيانو قائلا بإن التجارة بالكوكايين عملية تجارية مربحة للغاية على المستوى المادي. من ذلك مثلا أن الاستثمار فيه بمبلغ يورو5000، يمكن أن يدرّ على صاحبه مليون يورو، أي أنه يكاد يكون شبيها بالبترول.
ومن بين المشاكل الكبيرة التي تواجهها البلدان الأوروبية هي أن مراكز العلاج من الإدمان على المخدرات لا تتناسب مع هذه التدفق الهائل لها.

وفي مجال الأدب والسينما الفنون، لا تزال الأعمال التي تُحذّر من المخاطر الجسيمة المنحرّة عن استهلاك المخدرات، قليلة. لذلك لا بد من العمل على جبهات متعددة لمواجهة هذه المعضلة.

ويعتقد روبرتو سافيانو أن قوانين الردع ليست كافية، بل قد لا تكون مجدية. لذا هو يرى أن السماح قانونيا للمدمنين باستهلاك المخدرات هو الحل الأفضل. ففي العشرينات من القرن الماضي، أصدرت الولايات المتحدة الأميركية قانونا يمنع من استهلاك الكحول، إلاّ أن ذلك القانون بدا وكأنه يحرض الأميركيين على خرقه وتجاوزه.

ويؤكد روبرتو سافيانو أن هناك علاقات وثيقة بين شخصيات سياسية وعصابات المافيا، لكن من الصعب تحديدها خصوصا بعد أن تم فضح البعض منهم. كما يؤكد أن لندن هي العاصمة العالمية لعصابات الجريمة المنظمة. وكبار عرابو المافيا يفتحون حسابات في باناما، وفي جبل طارق، وفي مالطة هروبا من الضرائب، ثم يقومون بتحويلها إلى بنوك لندن.

لكن هل عرابو عصابات المافيا رأسماليون؟
عن هذا السؤال يجيب روبرتو سافيانو قائلا:" نعم هم رأسماليون. لكنهم رأسماليون متكبرون ومتعجرفون. وكل قرار يتخذونه، يكون مناسبًا للحفاظ على حياتهم. إذ أن رجل المافيا إذا ما اخطأ فإنه يدفع حياته ثمنا لهذا الخطأ.