ثقافات

"يوم صعود الرئيس عارف إلى الهاوية" و "أحداث لعب بها القدر أدوارًا ساخرة"

كتابان جديدان للدكتور وسام الشالجي

الدكتور وسام الشالجي بين كتابيه "يوم صعود الرئيس عارف إلى الهاوية" و"أحداث لعب بها القدر أدوارا ساخرة"
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

صدر عن مكتبة النهضة العربية في بغداد كتابان جديدان للدكتور وسام الشالجي. وهما "يوم صعود الرئيس عارف إلى الهاوية" و"أحداث لعب بها القدر أدوارا ساخرة"، وفيهما يناقش محطات مفصلية من عمر العراق.

"يوم صعود الرئيس عارف إلى الهاوية"
الأول بعنوان "يوم صعود الرئيس عارف إلى الهاوية" الذي هو الجزء الرابع من سلسلة "أيام التغيير في العراق" التي دأب الكاتب على تأليفها.
وفيه يتحدث الكتاب عن حادثة سقوط طائرة الهليكوبتر التي استقلها الرئيس الاسبق عبد السلام عارف من القرنة متوجها إلى البصرة مساء يوم الثالث عشر من نيسان عام 1966 والتي أودت بحياته وحياة من كان معه بالطائرة.

وكان الرئيس عبد السلام عارف قد أصبح رئيسًا للعراق في 8 شباط عام 1963 لكنه لم يحكم البلد كحاكم فعلي إلا بعد حركته الإنقلابية في 18 تشرين الثاني 1963، وبمقتله إنتهى العهد العارفي الأول الذي استمر سنتين وأربعة أشهر و25 يوما.

الكتاب لا يختلف عن أخوته الذين سبقوه بكونه روائيا، إلا أنه لا يغفل فرصة تعريف القارئ بتاريخ وصفات هذا الرئيس قبل وبعد وجوده بالسلطة في كونه إنسانًا غريب الأطوار وشخصًا متقلب الآراء ومتأرجح المزاج، لم يعرف له خط ثابت ولا قرار مستقر، بل كان في كل يوم يتبع فكرًا معينًا ويتخذ في كل حدث موقفًا مختلفًا، علاوة على ما عُرِفَ عنه في صلابة العود والشجاعة المتهورة والإقدام على خوض وإقتحام الصعاب وخوص المعضلات وتحدي الموت الذي نجى منه أكثر من مرة لكنه لاقاه بنهاية المطاف بضربة قدر غامضة تركته جثة هامدة مرمية على الأرض ووجهه مطمورًا بالتراب بأرض نائية غريبة، بعيدا عن مواليه وقريبًا ممن يكنون له مشاعر العداء.

وبعد عرض ما يكفي عن مزايا وخصائص عهد هذا الرئيس، يوغل الكتاب برواية قصة صعوده إلى نهايته المفجعة بعد أن لاقاه العراقيون بآخر محطاته بالقرنة بحشودٍ صاخبة وبهتافات بلغت أصداءها عنان السماء "أحنا جنودك يا سلام" و"عبد السلام محبوبنا مكتوب جوه قلوبنا". ثم وبعد ساعات قليلة من موته خرجوا يرقصون فرحًا بموته ويشمتون بنهايته وهم يهزجون "صعد لحم نزل فحم" ليعبّروا بشكلٍ واضح وصريح عن إزدواجية الشخصية العراقية وعجائب صفاتها وتصرفاتها.

يتميز هذا الكتاب بكونه ينظر إلى حادثة سقوط طائرة الرئيس عارف برؤية جديدة مختلفة عن كل الكتب التي سبقت وتحدثت عن هذا الموضوع. فهو يحدد بدقة النقاط التي تثير الشبهات وتوحي للمطلع بأن الحادث ربما كان عملية مخطط لها بدقة وعناية للتخلص من هذا الرئيس لأسباب ربما لا يعرفها إلا من دبروا وخططوا لهذه الحادثة. غادر عبد السلام عارف الدنيا بعد أن أحدث شرخًا كبيرًا بتاريخ العراق المعاصر، فاصلاً بين عهدين متناقضين. أحدهما ملكيًا أرستقراطيًا غربي الهوى، والثاني جمهوريًا شعبيًا شرقي الميول.
غادر عبد السلام عارف العالم بعد أن ترك بلده العراق لا يعرف أمنًا ولا أمانًا، وهجرته الطمأنينة والاستقرار وحلّ محلها بلد تعصف به الفوضى وتسوده الصراعات الدموية من أجل الوصول إلى السلطة والتحكم بمفاصلها.



"أحداث لعب فيها القدر أدوارا ساخرة"
الكتاب الثاني الذي صدر أيضا هذا الأسبوع هو كتاب "أحداث لعب فيها القدر أدوارا ساخرة".

وهو عبارة عن مجموعة قصصية يرويها الكاتب في صفحاته ولها علاقة بشكلٍ أو بآخر بالأحوال السياسية التي مرّ بها العراق في عصره الحديث.

يبدأ الكتاب برواية قصة مصرع اثنين من الوزراء الأردنيين في حكومة الاتحاد العربي الهاشمي في صبيحة يوم 14 تموز(يوليو) 1958. يتوغل الكتاب بعدها في رواية قصص أخرى من بينها قصة قيام الرئيس الأسبق صدام حسين بقتل ابن عم والده سعدون الناصري التكريتي، وقصة مصرع المواطن عبد الأمير عباس الطويل في مدينة الكاظمية عام 1959، وقصة مقتل الكابتن صباح نوري السعيد في بغداد مساء يوم 15 تموز(يوليو) عام 1958، وقصة مقتل الشاب الكظماوي عبد الأمير عباس الطويل يوم 7 تموز(يوليو) عام 1959، وغيرها من القصص المماثلة التي وقعت في أوقات أخرى بالعراق بالعقود الماضية.

قسمٌ آخر من القصص الواردة بهذا الكتاب هي قصص من وحي الخيال، لكنّها تُعبِّر بشكلٍ واضح عن نفس الظروف والأوضاع المعقدة والشائكة التي مرت بهذا البلد.
استخدم الكاتب في رواية القصص الواردة بهذا الكتاب كل فنون القصة المتاحة بين يديه، مستخدمًا تارة سرد الواقع بكل ما له وما عليه، متحولا إلى شيء من الخيال الخصب وتصوراته تارةً أخرى بما يقرّب الصورة الحقيقية للمشهد بذهن القارئ.

وفي القصص الخيالية التي وردت بالكتاب، استخدم الكاتب الأساليب الرمزية الواضحة للدلالة على نفس المنعطفات الحادة التي مرت بالمجتمع العراقي خلال النصف قرن الأخير من الزمن، والمخاضات الصعبة والمعاناة المؤلمة التي أحاطت بواقع هذا المجتمع من دون الحاجة إلى التوغل في دروب السياسة والخوض في مستنقعاتها الآسنة.

ورغم أن الكتاب يتضمن قصصًا حقيقية حدثت فعلاً وأبطالها أناس حقيقيون عاشوا خلال بعض عقود القرن الماضي، إلا أن سرد هذه القصص لا يهدف إلى الإساءة أو تشويه تاريخ جهة معينة أو شخصية ما بقدر ما يهدف إلى تعريف القارئ بحقيقة ما وقع فعلاً بماضيه القريب، ونقله إلى الأجواء التي كانت سائدة بزمن وقوع كل قصة.



يُطلب الكتابان أعلاه من مكتبة النهضة العربية بمدخل شارع السعدون ومن مكتبات شارع المتنبي في بغداد، وهما جديران بالقراءة لما فيهما من وقائع تهم كل عراقي محب لمعرفة تاريخ وطنه، وتفاصيل ومفارقات الأحداث التي دارت به خلال بعض حلقات تاريخه المعاصر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف