ثقافات

قدمت فيه شهادات مؤثرة في حق فنان "كبير" وفنانة "مُعلمة"

موسم أصيلة الثقافي يكرم المغربية أكزناي والياباني نوغوشي

مليكة أكزناي تتسلم درع التكريم من محمد بن عيسى
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من أصيلة: غالبت الفنانة التشكيلية المغربية مليكة أكزناي، مساءالأحد، في أصيلة، دموعها، أكثر من مرة، تأثرا بمضمون الشهادات التي ألقيت خلال تكريمها إلى جانب الفنان الياباني أكيمي نوكوشي،تحت عنوان "مسارات متقاطعة’’،ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي ال45،في دورته الصيفية.

جانب من الندوة التكريمية

وتحدثت أكزناي، في كلمة بالمناسبة، عن أصيلة، المدينة التي تعشقها كثيرا، وقالت كلاما ملؤه الاحترام والتقدير في حق محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة. كما استحضرت الفنان الراحل محمد المليحي، الذي قالت عنه إنه أحد أكبر الفنانين المعاصرين، وابن أصيلة، التي مثلها بشكل جيد.

امرأة رائدة
بدوره ، قال شرف الدين ماجدولين، منسق الندوة التكريمية والناقد وأستاذ التعليم العالي، إن من محاسن الصدف أن تكون الدورة الصيفية مخصصة للاحتفاء بمشهد الحفر الفني، وتقديم تحية رمزية لأستاذين جليلين، وفنانين كبيرين، واسمين كانت لهما دائما مكانتهما المقدرة داخل موسم أصيلة.

جانب من معرض الفنانة مليكة أكزناي في أصيلة

وتحدث ماجدولين عن أكزناي، وقال: "إننا إذا أردنا ان نختصر بكلمة واحدة اسمها، فلن تكون إلا كلمة "الوفاء". الوفاء للمشغل، والوفاء للفضاء الذي هو أصيلة، والوفاء للأسلوب، والوفاء لشكل تعبيري هو فن الحفر، الذي هو فن صعب لن يَمهره إلا قلة، لأن مشاغله نادرة داخل وطننا".

وأضاف، مادحا أكزناي: "اسم أزعم أنه رائد، أولا لأنها امرأة، وكانت ضمن جيلها المرأة الوحيدة، ثم جاءت بعدها أخريات. وقد كان لدورها قسط وافر في تنويع أساليب الحداثة الفنية في المغرب".

وشدد ماجدولين على أن أكزناي قدمت "بصمة لن تنمحي"،و"ستبقى راسخة في ذاكرة الفنانين والقراء والمشاهدين". وقال إنه عرفها اسما مقرونا بمدرسة الدار البيضاء، قبل أن يشاهدها أول مرة في مشغل الحفر، مشيرا إلى أن "الإحساس الأول الذي تعطيه، هو أنها مُعلمة". وأوضح أن "الدرس الأساس للتعلم يتمثل في أن يمنحك المعلم الثقة، وقد كانت أكزناي تمنح الثقة لمن حولها".

السحاب والبحر في أصيلة
من جانبه، قال بن عيسى إن شهادته، وكل ما يستطيع قوله حول اكزناي،هو كلام و"شهادة مجروحة"، وذلك "لأن قصة مليكة هي قصة أصيلة، فهي النصب والضم والجزم في الكلمة. هي قصة حياة إنسانية وإبداعية. بدأت الحفر، هنا، في أصيلة وأعجبت بهذا الفن، وتابعته خارج المغرب في نيويورك، وبعد ذلك عملت على تطوير مختلف الأساليب والتقنيات من خلال تواصلها مع الفنانين القادمين إلى أصيلة، باستمرار".

وأضاف بن عيسى أنه يعتبر أكزناي "عنوان كل مرحلة من مراحل وتطور موسم أصيلة، لأن مليكة ليست مكلفة بمشغل فقط، فهي أصبحت كالحجرة، كالنبات، كالسحاب، كالأرض وكالبحر في أصيلة. في كل مكان، ويعرفها الجميع".

جانب من المشاركين الندوة التكريمية

وشدد بن عيسى على أن أكزناي، بالإضافة إلى قدراتها الإبداعية "لها شخصية متواضعة، بسيطة وتكاد تكون جزء من عالم زراعي وليس مديني". وأضاف، موضحا تعبيره: "كانت تحكي لي منذ أيام عن والدها الذي كان يشتغل في الأرض، وكيف كان يحب الأرض، وكيف كان سليما في عقله وفي ذاته وهو يخدم الأرض".

وأشار بن عيسى إلى أن "حضور مليكة يتميز أيضا بخصلتين، أعتقد أن حضورهما في شخص كل فنانة أو فنان يجعل من تلك الفنانة أو ذلك الفنان شخصية متميزة، أولاهما الثبات، لا الخفة؛ وثانيهما الصبر"، مشيرا إلى أن الذي ينظر إلى أعمالهايرى أن "هناك خطابا ثابتا يتطور، وهناك أيضا صبر كامن متواصل".

ورأى بن عيسى أن عمل أكزناي تطور في الشكل واللون وفي التناول، مشددا على أنها استطاعت أن تبقي على خيط خطها ورسالتها، ولكن بتغيير أساليب التعبير والتواصل. وقال إننا نشاهد المرأة دائما في أعمالها. وأضاف: "حينما نحتفي ونكرم اليوم مليكة، فنحن نحتفي ونكرم جيلا من الفنانين في هذا البلد. ليسن، فقط في أعمال الحفر، ولكن في الفن التشكيلي عموما، لأن مليكة لا تزال فنانة زيتية بطريقة رائعة، ولها أعمال متميزة جدا، وأعتبرها في صدارة الفنانين الذين يعيشون إلى اليوم".

بين التجربة والممارسة
تحدث بن عيسى عن موسم أصيلة، فقال إن "أصيلة لم تعد تجربة. أصيلة أصبحت ممارسة". واستحضر، في هذا السياق، الفنان الراحل المليحي، الذي قال عنه إنه ساهم معه، وكان لصيقا به،لتوفير شروط نجاح هذه التجربة. ورأى أننا لا يمكن أن نتحدث عن أصيلة دون أن نتحدث عن المليحي وبن عيسى.

فنانة مخلصة
قال بن عيسى إن لحظة التكريم تجعلنا نستحضر الكثير من الأشياء، والمواقف، والأسماء. وعاد في هذا السياق ليتحدث عن صديقه ورفيق دربه، المليحي في علاقة بالمحتفى بها، فقال إنه كان له "أثر كبير" على أكزناي، مشددا على أنه "كان قاسيا معها في بعض الأحيان، ليس قسوة التعامل العادي، ولكن قسوة الأستاذ - الفنان مع تلميذته"، حيث أن أكزناي كانت طالبة في مدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء. واعتبر بن عيسى أن المليحي لم يتخلص من علاقة الأستاذية، وكان يريد لها أن تصير "فنانة كبيرة"، و"تخرج عن المعتاد"، ولذلك، يضيف بن عيسى، "أصبحت الآن فنانة كبيرة، تعيش بالفن ومع الفن. فنانة مخلصة لما تقوم به".

عقلية يابانية
تحدث بن عيسى أيضا عن نوكوشي، وقال عنه إنه "فنان عظيم وصامت، لا يتحدث أبدا حتى أنك لا تسمع أنفاسه". ورأى أن نوكوشي، يلخص، من خلال فنه وخصاله، لعقلية اليابان، كما يؤكد أن العمل الجاد والجيد يتطلب الالتصاق به وعدم الانفكاك.

وتوسع بن عيسى في الحديث عن شكل ومضمون أعمال نوكوشي، مشيرا إلى أنه "فنان دأب على استلهام أعماله من السحب". وأضاف: "أكاد أقول إن أكيمي رائد من رواد فن الحفر في العالم".

فضل التأسيس
سارت باقي الشهادات على نفس المنوال، مركزة، بالخصوص، على تجربة أكزناي؛ حيث تحدث كل من الفنان التشكيلي مولاي يوسف الكهفعي، والفنان والناقد التشكيلي بنيونس عمروش، والأكاديمية والتشكيلية ريم اللعبي، والباحث والناقد الفرنسي جون فرانسوا كليمون، عن المحتفى بهما، من حيث مميزات وخصوصيات تجربة كل واحد منهما، وكيف تقاطعت مسارتهما، فيما تحدث الفنان التشكيلي عزيز أزغاي عن المسار الذي قطعته تجربة أكزناي، مشددا على أنها "جاءت في وقت صعب"، لم يكن الفن قد وجد لنفسه بعد مكانا حينها داخل الحقل الثقافي المغربي". وأضاف: "كان لأكزناي، إلى جانب آخرين، فضلا لتأسيس مشهدنا البصري الحديث".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف