ثقافات

أغنى الصحافة والأدب بصوت متفرد طوال ستة عقود

رحيل شوقي أبي شقرا.. أحد الرواد المؤسسين لقصيدة النثر العربية

الشاعر شوقي أبي شقرا
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من لندن: توفي اليوم الخميس في بيروت الشاعر والمترجم اللبناني شوقي أبي شقرا (1935 &- 2024)، والذي يعد أحد أبرز رواد الحداثة الشعرية في العالم العربي خلال ستينيات القرن الماضي. أسهم الراحل في إرساء دعائم قصيدة النثر، كما عُرفت أعماله بنزعتها نحو السوريالية.

وُلد أبي شقرا في بيروت، وعاش طفولته بين رشميا ومزرعة الشوف، حيث كان والده يعمل في قوى الأمن، قبل أن يفقده في سن العاشرة إثر حادث سيارة. أكمل دراسته في "معهد الحكمة" البيروتي، وتخرج منه عام 1952.

بدأ مشواره الشعري مع القصيدة العمودية وشعر التفعيلة، وظهرت نماذج من كتاباته في مجموعتيه الأوليين "أكياس الفقراء" (1959) و"خطوات الملك" (1960). إلا أن تجربته الشعرية شهدت تحولاً بارزاً في مجموعته "ماء إلى حصان العائلة" (1962)، حيث قدّم أولى تجاربه في قصيدة النثر. ارتبط اسمه بمجلة "شعر" إلى جانب أدونيس، يوسف الخال، وأنسي الحاج، وأدار لاحقاً الصفحة الثقافية في جريدة "النهار".

طفل في فم السماء
وفي عجالة يرثيه، قال الشاعر اللبناني جوزيف عيساوي: "انطفأ شوقي أبي شقرا كطفل في فم السماء، متدهوراً كوالده الدركيّ، على طريق مسرعة نحو اعشاب وحنطة وقهر. ذهبَ شوقي ابي شقرا الى حيث السطور أشواك الوقت، حيث المدى يطوي القصيدة بالبرق، واللغة تخشع لأصابعه النحيلة، وحدسه النقيّ كحبٍّ جريح. لم نحزر يوماً كيف صنعَ اليتمُ هذا الشعر العظيم، الشعر الذي يلهو بالصعقة، ويطحن الحرف فيغدو قشيباً كملح مقدّس، ونبعاً يحبو مع وداعة الفجر. تسقط منك القبّعة ايها الساحر، لكن لُقاك، وطرافتك، وتلك الطفولة الباهرة كذهب السعادة، تبقى ما بقيَ للعرب لسان".

وقال الكاتب شربل داغر يرثيه: "مِثلُ شوقي أبي شقرا لا يغيب، وزياراته مفتوحة، ما دامت بوابة الشعر انفتحتْ معه على الأخضر، والطفولي، والممتع، والطارئ، والخفيف".

وقالت الزميلة الصحافية سناء الجاك في رثائه: "كان أول من فتح لي منبراً لأكتب وأنشر، وأين؟؟ في النهار! أكثر من ذلك، منحني راتباً لقاء ما حسبت أنه أدب، وأني أديبة وكاتبة لأنطلق من عنده إلى الصحافة".

وقال الناشر والكاتب سليمان بختي: يرحل من "أثرى المكتبة العربية بالمؤلفات الرائدة والقيمة".

وكتبت الزميلة الصحافية بيسان طي تقول: :اليوم رحل أحد أساتذتي الشاعر الكبير شوقي أبي شقرا. أذكر كيف كنا نجلس إلى طاولته نحاول أن نتعلم منه فن كتابة العناوين. أذكر مكتبه المزدحم بالكتاب والرسامين والمخرجين والمسرحيين. أذكر حبه للعصافير، وقفته عند باب مكتبنا حاملاً أوراقه يوزع الأخبار والمهام، وإعلانه المتكرر مستسلماً كيف لا نشاركه (الصحافية في جريدة النهار) رلى معوض وأنا أحاديثنا التي لا يمكن أن تنتهي. اليوم كان لي أن أكتب الشيء الكثير عن شوقي أبو شقرا، لكن أستاذنا قرر أن يرحل في لحظة يجتاح الموت فيها كل مساحات الوطن حتى احترقت قلوبنا في مواجهته، وأفرغ، ربما، دفتر شوقي أبي شقرا من قصيدته الأخيرة".

من الرواد في مجلة شعر
ونعى اتحاد الكتّاب اللبنانيين عضو هيئته العامة ومن الجيل الأول في الاتحاد الشاعر والمترجم شوقي مجيد أبي شقرا، وجاء في بيان النعي: "ها هو اليوم، ينزل من عربته سائقُ الأمس الذي ملأ جرار عمره من ماء الشعر والترجمة والتراث واللغة. شوقي أبي شقرا شاعر الجغرافيا اللبنانية، الإنسان الذي أخذه جمال الجبل اللبناني إلى ما وراء اللغة، شعراً ونثراً وتأملاتٍ أغنى فيها الأدب اللبناني منذ ستة عقودٍ من الزمن. رائداً كان، نتذكّره من الرواد في مجلة شعر، من الرواد في قصيدة النثر، ومن الرواد في الترجمة، ومن الرواد في الصفحات الثقافية في الجرائد اللبنانية، ونعني جريد النهار التي رأس الراحل صفحتها الثقافية، منذ الانطلاقة، ولأكثر من خمسةٍ وثلاثين عاماً. يغادرنا شوقي أبي شقرا إلى عليائه مع رفاقه الشعراء الذين سبقوه إلى ملكوت الحرف الأعلى".

تميّز شعر أبي شقرا بتأثير السوريالية، حيث استدعى في قصائده العقل الباطن وأبعاده الخيالية، مستخدماً علاقات رمزية غير مألوفة بين الجماد، الإنسان، والحيوان.

أصدر شوقي أبو شقرا مجموعات شعرية عدّة منها: "سنجاب يقع من البرج" (1971)، و"يتبع الساحر ويكسر السنابل ركضاً" (1979)، و"حيرتي جالسة تفاحة على الطاولة" (1983)، و"لا تأخذ تاج فتى الهيكل" (1992)، وثياب سهرة الواحة والعشبة" (1998)، و"سائق الأمس ينزل من العربة"، و"تتساقط الثمار والطيور وليس الورقة" (2005)، و"أبجدية الكلمة والصورة" (2005)، و"عندنا الآهة والأغنية وجارنا المطرب الصدى" (2021).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف