ثقافات

تجربة حياتية مؤلمة تركت بصمة عميقة في كتاباته

عيسى الشيخ حسن.. الروائي والشاعر الذي أعاد تشكيل الذاكرة السورية

الشاعر والروائي عيسى الشيخ حسن
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من فيينا: في ربوع الدوحة، التقيت بالشاعر والكاتب عيسى الشيخ حسن، ابن قرية أم الفرسان التابعة لمدينة القامشلي السورية. هذا الكاتب المتألق، الذي جمع بين براعة الشعر وسحر الرواية، استطاع أن يحفر لنفسه مكانة متميزة في المشهد الأدبي العربي. بتواضعه الجم وهدوئه المحبب، وبتلك الروح السمحاء التي يوزعها على كل من عرفه أو اقترب منه، يقدم الشيخ حسن نموذجاً للمبدع الذي يضع الإبداع الحقيقي نصب عينيه.

في روايته "خربة الشيخ أحمد"، أثار اهتمام النقاد بما تحمله من تصوير دقيق وصادق لحياة الريف السوري. بأسلوبه المتفرد والمتميز، استطاع الكاتب أن ينقل تفاصيل الحياة اليومية في قرى الريف المنهك، حيث تعب الجسد وصمود الروح. الرواية، التي تجمع بين جمال اللغة وعمق الفكرة، هي انعكاس لذكريات الكاتب في طفولته، حيث عاش في تلك القرى وعرف صعوباتها وتحدياتها عن كثب.


عيسى الشيخ حسن برفقة الزميل عبد الكريم البليخ في الدوحة

الريف بالنسبة لعيسى ليس مجرد مكان عاش فيه، بل هو ذاكرة غنية بالصور والمواقف التي تسكنه حتى اليوم. هذه الذكريات شكلت العمود الفقري للرواية، لتعيد القارئ إلى عالم يمتلئ بالشوق والألم، لكنه في ذات الوقت يحمل جمال البساطة ونقاء العيش.

الحزن، كما يبدو، يشكل جزءاً كبيراً من ملامح شخصية عيسى الشيخ حسن، خاصة بعد فقدانه والدته وزوجته، وغياب أهله بسبب غربة استمرت لأكثر من ربع قرن. هذه التجربة الحياتية المؤلمة تركت بصمتها العميقة في كتاباته، حيث يظهر الحنين إلى الوطن والأهل في كل كلمة يخطها.

جوائز وإصدرات
رغم هذه الصعوبات، لم يفقد الشيخ حسن شغفه باللغة العربية التي درسها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة حلب. ظل مخلصاً لها، ليس فقط كشاعر وكاتب، بل أيضاً كمعلم يسعى إلى نقل جمالياتها وروحها إلى الأجيال القادمة.

لم تكن مسيرة الشيخ حسن خالية من التقدير والاحتفاء. فقد فاز بعدة جوائز مرموقة، من أبرزها جائزة الشارقة للإبداع الأدبي (الدورة الخامسة) وجائزة عبد الوهاب البياتي (الدورة الأولى). كما أن رصيده الأدبي يزخر بعدد من الإصدارات التي تراوحت بين الشعر والنثر والرواية. من أبرز أعماله "أناشيد مبللة بالحزن"، "يا جبال أوبي معه" و"مروا عليَّ" وحمام كثيف" و"سرديات رمضان - آيات ووجوه وأمكنة" و"خربة الشيخ أحمد" و"العطشانة".


غلاف رواية "العطشانة"

صدرت روايته "العطشانة" في شباط (فبراير) 2024 عن دار جدار للثقافة والنشر بالإسكندرية ومالمو. تتألف الرواية من 118 صفحة وتضم 27 فصلاً، وتتوفر بنسخة إلكترونية مجانية، وتُعتبر العمل الروائي الأول الذي أنجزه عيسى الشيخ حسن قبل روايته "خربة الشيخ أحمد" الصادرة قبل أكثر من عامين. يرى الكاتب أن هذا العمل محاولة لاستثمار السرد في توثيق بيئة ريفية تواجه مصائرها بالموت والرحيل بتسليم ومحبة.

لا ينفصل عن الجذور
عيسى الشيخ حسن، ببساطته وتواضعه، يترك أثراً عميقاً في كل من يلتقيه. هو نموذج للكاتب الذي لا ينفصل عن جذوره، بل يستمد منها قوته الإبداعية. رغم السنوات الطويلة التي قضاها بعيداً عن وطنه، إلا أن روحه ظلت معلقة هناك، في تفاصيل قريته، وحقولها، وناسها.


غلاف رواية "خربة الشيخ أحمد"

لقاؤه يجعلك تدرك أنَّ الإبداع ليس مجرد كلمات تُكتب أو كتب تُطبع، بل هو انعكاس لروح عاشت التجربة بكل تفاصيلها، واستطاعت أن تصوغها في صورة فنية تنبض بالحياة.

عيسى الشيخ حسن، شاعر الريف وكاتب الغربة، يعيد تشكيل ذاكرتنا الجمعية عن الريف والحياة البسيطة بقلم مليء بالشجن والصدق. روايته "خربة الشيخ أحمد" ليست مجرد رواية تحكي قصة مكان، بل هي وثيقة أدبية تنقل جزءاً من ذاكرة وطن، وتجعل القارئ يرى الجمال في بساطة الحياة وصعوبة تفاصيلها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف