اقتصاد

16 يومًا كبدت اقتصاد الولايات المتحدة 24 مليار دولار

لا منتصر في أزمة الدين الأميركي... لكن من الخاسر الأكبر؟

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يتفق المحللون على أن أزمة إقرار الميزانية التي عايشتها الولايات المتحدة مؤخراً لم يخرج منها أحد منتصراً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة من هو الخاسر الأكبر، فهل هو البرلمان أم الرئيس باراك اوباما.

واشنطن: وصلت الازمة السياسية الحادة التي هزت الولايات المتحدة الى تسوية لم يخرج منها أي فريق منتصرًا، سواء أكان الرئيس باراك اوباما أم خصومه الجمهوريين أو حتى الاميركيين أنفسهم، برأي المحللين. وفي المقابل، فإن الكارثة التي تفادتها واشنطن في اللحظة الاخيرة بإقرار نص يبعد احتمال تعثرها في سداد مدفوعاتها ويعيد فتح الادارات الفدرالية المشلولة منذ اكثر من اسبوعين، تطرح سؤالاً عمن هو الخاسر الاكبر في هذه الازمة. وبعد 16 يوماً من التعطيل، صادق الكونغرس بمجلسيه مساء الاربعاء على تسوية للخروج من الازمة بتصويته على رفع سقف الدين ما ابعد خطر تخلف الاقتصاد الاول في العالم عن السداد واتاح اعادة فتح الادارات. غير أن الهزيمة الاشد كانت على رئيس مجلس النواب جون باينر الذي اقر الاربعاء: "لقد خضنا معركة من اجل قضية عادلة لكننا لم نربح". وتحت ضغط كتلة حركة حزب الشاي المحافظة المتطرفة، تشدد باينر وطالب بتنازلات كبرى تتعلق باصلاح نظام الضمان الصحي الذي اقره اوباما والمعروف باسم "اوباماكير"، وهو الانجاز الاكبر في حصيلة اوباما الاجتماعية، لكن تبين أن هذه الاستراتيجية كانت فاشلة. فالتسوية التي اقرت لم تمس بنظام "اوباماكير" بشكل جوهري في حين تراجعت نسبة تأييد الرأي العام للجمهوريين بشكل حاد من شأنه أن يبعث الامل لدى الديموقراطيين باستعادة مجلس النواب في الانتخابات التشريعية الجزئية المقرر تنظيمها في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 في منتصف الولاية الرئاسية، بحسب ما عكست بعض استطلاعات الرأي. وقال باتريك غريفن، استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في واشنطن، إن اعضاء حركة حزب الشاي الشعبوية "ربما فقدوا من هيبتهم" على الصعيد الوطني مع هذا الفشل "لكنهم جمعوا الكثير من الاموال وشعبيتهم لم تتراجع على الارجح في دوائرهم". واعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني الاربعاء أن "لا رابح في هذه القضية. هذا ما قلناه منذ البداية .. لأن هذه هي الحقيقة". لكن الواقع أن الرئيس الديموقراطي صمد بوجه الجمهوريين بعدما اقسم على عدم التنازل لخصومه الذين اتهمهم بطلب "فدية" سواء في قضية الميزانية أو رفع سقف الدين. وقال توماس مان من معهد بروكينغز ملخصًا الوضع: "لكان من العبثي التفاوض على رفع سقف الدين. إن التهديد بالتعثر في السداد كان اشبه بعمل ارهابي ولا يجوز التفاوض مع الارهابيين". لكن بعد عام على اعادة انتخابه وما اثارته من امل في خفض حدة التوتر في واشنطن ما زالت حصيلة اوباما تفتقر الى اقرار عنصر واحد من برنامجه التشريعي. وان كان كرر مساء الاربعاء دعوته الى انجاز اصلاح لنظام الهجرة، الا أنه من غير المتوقع أن يقدم الجمهوريون على أي خطوة تدفع برنامجه بعد هذه الازمة الجديدة التي أضرت بمكانة الولايات المتحدة في العالم ولقيت تسوية موقتة تنذر بأزمات أخرى مقبلة. ولفت جيمس ثوربر المساعد السابق لأعضاء في الكونغرس والاستاذ في الجامعة الاميركية الى أن "الرئيس حصل على ما كان يريده واعتقد بالتالي أنه رابح لكنه يجد نفسه ايضًا امام مواجهة كبرى جديدة ستأتي في كانون الاول/ديسمبر" حين سيترتب خوض مفاوضات جديدة حول الميزانية. ورأى مان أن اوباما "اضعف الحزب الجمهوري لكنه عمليا لم يزد قدرته على دفع برنامجه". كذلك تضررت نسبة شعبيته جراء الازمة فباتت تتراوح ما بين 43 و48 بالمئة بحسب معاهد الاستطلاعات، فيما سيستمر التقشف المالي المطبق منذ اذار/مارس بعد فشل مفاوضات سابقة حول الميزانية. من جانب آخر، فإن هذه الازمة قد تزيد من اشمئزاز الاميركيين حيال ممثليهم، وليس الجمهوريين فحسب، برأي لارا براون خبيرة العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن. وقالت متحدثة لتلفزيون فرانس برس إن "الشعور العام هو نفور من السلطة القائمة ورغبة في طرد جميع المسؤولين في واشنطن". وقال كارني إن "الاميركيين دفعوا ثمن" هذه الازمة التي "لم تكن ضرورية على الاطلاق". وان كان مئات الآلاف من موظفي الدولة الفدرالية الذين وضعوا في اجازات غير مدفوعة سيتقاضون رواتبهم مع مفعول رجعي، الا أن الشلل ترك اثرًا على النشاط الاقتصادي. وقدرت وكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني الاربعاء الخسائر الاقتصادية بـ24 مليار دولار تمثل 0,6 نقطة من النمو في الفصل الرابع من السنة، غداة توجيه وكالة فيتش انذارًا حول الدين الاميركي، في وقت لا يزال الاقتصاد الاميركي يجد صعوبة في النهوض واستعادة أدائه الكامل بعد الانكماش والازمة المالية في فترة 2007-2009.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف