تقرير الشال: برنامج عملها مكرر
وإنما نيات الحكومة الكويتية الإصلاحية بالأعمال!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تناول الاصدار الثالث والأربعون من تقرير الشال الاقتصادي برنامج عمل الحكومة الكويتية الذي وجده مكررًا، تضمن ردم الاختلالات في الاقتصاد وكفاية وتحسين الخدمات العامة، مؤكدًا دعم النيات الإصلاحية للحكومة شرط اقتران أقولها بالأفعال.
إيلاف من الكويت: وصف تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي برنامج عمل الحكومة الكويتية، الذي قدمته لمجلس الأمة قبل نحو أسبوع، متضمنًا وعودًا بردم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المحلي، والعمل على كفاية الخدمات العامة وتحسين نوعيتها، وصفها بأنها وعود تتكرر إذ وردت في الخطة الخمسية في العام 2010، والمطلوب ليس تشخيص الأوضاع ووضع الرؤية لمواجهتها، وإنما صدقية إرادة التغيير والقدرة على إدارته.
وقال باحثو الشال في التقرير: "سوف ندعم أية نوايا إصلاح، لكن سوف ننتقدها ما لم نلحظ مؤشرات مختلفة، تقرن تلك النوايا بالأفعال".
نوايا وأفعال
وقال تقرير الشال إن الحكومة قدمت برنامج عملها متضمنًا 24 أولوية، يمكن تلخيصها في أولويتين فقط. الأولى، ردم الاختلالات الهيكلية الأربعة في الاقتصاد المحلي، أي خفض هيمنة القطاع العام وهيمنة إيرادات النفط في تمويل الموازنة، واستحداث 77 ألف فرصة عمل جديدة، غالبيتها خارج القطاع العام، أو ردم فجوة ميزان العمالة، والحرص على حجم وتركيبة سكانية أفضل أو اختلال ميزان السكان؛ والثانية، الحرص على كفاية كم الخدمات العامة ونوعيتها، مثل التعليم والصحة والإسكان والكهرباء.
وبالعودة إلى شباط (فبراير) 2010، عندما أُقرت خطة التنمية بقانون وبشبه إجماع، يلاحظ محللو محدة الأبحاث في الشال أن الأهداف التي وردت في البرنامج هي نفسها التي سطرتها الخطة، "والاختلاف الوحيد بينهما هو أن الوضع في العام 2010 كان أفضل، بينما اتسعت حاليًا الفجوات الأربع، وتردى مستوى الخدمات العامة".
وأضاف المحللون أنفسهم أن العلة ليست في تشخيص الأوضاع، ولا بوضع الرؤى لمواجهتها، وإنما في صدقية إرادة التغيير وقدرة إدارته. وحتى لا تصاب البلد بخيبة أمل جديدة بعد أربع سنوات، وتنتفخ كوادر القطاع العام مثل ما حدث بعد تشكيل لجنة الإنقاذ الاقتصادي، أو إسقاط قروض في محاولة لشراء ولاء مجلس أمة غير دستوري، لا بد من عجينة يقوم بها فريق محترف، يخلط هذه الأهداف أو الأولويات لقياس تأثيراتها على بعضها.
تساؤلات
ساق التقرير بعض الأمثلة، منها أن الكويت لا يمكن أن تحقق حجم مشاريع مماثلًا لما حققته في النصف الثاني من سبعينيات القرن الفائت، قياسًا بحجم اقتصادها في ذلك الحين. ولكن، كيـف تخـدم تلـك المشروعـات ردم فجـوة ميزان العمالة المواطنة وتركيبة السكان وفجوة المالية العامة، وذلك لم يتحقق سابقًا ولا أمل في أن يتحقق في الوقت الحاضر؟ وكيف يمكن الربط بين رفع الطاقة الاستيعابية لجامعة الكويت بنحو 26% وهيئة التعليم التطبيقي بنحو 10%، ومتطلبات سوق العمل؟ وكيف يمكن بلوغ المعدلات العالمية بين ما يصرف على التعليم الحقيقي وما يصرف على خلق وظائف هامشية وإدارية في قطاع التعليم لا حاجة للقطاع لها؟ وكيف يمكن زيادة عدد الأسرّة بنحو 43% وزيادة عدد المراكز الصحية وتحويل الكويت إلى مركز علاج إقليمي للأمراض غير المعدية مع الانحراف الحاد في ما تبتلعه الوظيفة الإدارية في القطاع الصحي على حساب الخدمة الصحية وحياة الناس؟
ويتطرق التقرير إلى نية الحكومة إنشاء نحو 37 ألف وحدة سكنية، ومنح نحو 42 ألف قرض سكني، من دون ذكر الأثر المحتمل على توسع الفجوات الهيكلية الأربع إن استمرت السياسة الإسكانية في التوسع الأفقي على حالها، والحالة الشاذة الناتجة عن الارتفاع المخيف في أسعار الأراضي السكنية الذي يبتلع نحو 80%، حاليًا، من تكلفة المسكن.
للفشل سببان
أرجع التقرير أسباب الفشل التاريخي بتحقيق أي إنجاز إلى سببين. الأول، عدم الربط بين الأهداف المتناقضة؛ والثاني، حجم الفساد المستشري الذي لا يمكن معه اكتساب صدقية وتسويق سياسات صحيحة وضرورية تبدو في بداياتها غير شعبية. وهما مشكلتا إرادة وإدارة. ولدى الحكومة سجل كامل باتهامات الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية، والمواجهة المستحقة تبدأ بالتزامن بين غربلة الأهداف وربط بعضها ببعض، وتحوّل الحكومة، بحكم سلطتها ومعها مسؤوليتها، إلى نموذج يحتذى به لمواجهة الفساد.
فمن غير المقبول والمعقول أن يسجن مغرّد 10 سنوات، ويشارك في التشريع والتنفيذ للدولة متهمون بسرقة الملايين، ثم يدعو البرنامج لسلام سياسي واجتماعي.وبناء عليه، يقول محللو الشال: "سوف ندعم أية نوايا إصلاح، ولكن سوف ننتقدها ما لم نلحظ مؤشرات مختلفة تقرن تلك النوايا بالأفعال. عدا عن ذلك، سوف تؤدي فقط إلى ضياع وقت ثمين لنكتشف بعدها أن وضع البلد أصبح أسوأ".
تغيرات أميركية
وتناول تقرير الشال التغيرات في الاستراتيجية الأميركية تجاه المنطقة، مبينًا أنها تعتمد على ركيزتين، هما أمن إسرائيل وحاجتها إلى نفط الخليج، فتغير سياستها واهتماماتها يكون وفقًا للتغير في هاتين الركيزتين.
وذكّر التقرير بتغير المعاملة الأميركية حين سلم العقيد الليبي المقتول معمر القذافي أسلحته الكيميائية لتدميرها، وكذلك حين سلمت سوريا أسلحتها الكيميائية للتدمير. فالاهتمام الإسرائيلي هو اجتناب مخاطر الحروب غير التقليدية، أما التقليدية فهي في حدود السيطرة. وأضاف التقرير: "كذلك الحال مع إيران، فامتلاكها السلاح النووي خط إسرائيلي أحمر، رغم ملكية إسرائيل لذلك السلاح، وعلاقات الولايات المتحدة الأميركية بإيران مرتبطة، بعدًا أو قربًا، باستعداد إيران لتقديم تنازلات بشأن برنامجها. وضمن سياسة أميركا المعلنة الاستغناء عن نفط الخليج".
حفاظًا على ما بقي
من المتوقع أن يبلغ إنتاج الولايات المتحدة من النفط في 2014 نحو 13.2 مليون برميل يوميًا، ومن المحتمل أن ينخفض استهلاكها من 20 مليون برميل يوميًا في 2003، إلى 18.7 مليون برميل يوميًا في 2013. يقول محللو الشال: "ذلك يترك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك بحدود 5.5 ملايين برميل يوميًا، وهي كمية يمكن استيرادها من الجوار الجغرافي في شمالها وجنوبها".
ويختم التقرير بالقول: "لعل في تغير اهتمامات الولايات المتحدة الأميركية الاستراتيجية بالمنطقة دعوة للعودة إلى العقل، فهذا التحول لن يكون مؤقتًا، وإنما دائمًا، وقبله تم توظيف طاقات المنطقة في أسوأ أنواع الحروب، أو الحروب الطائفية، حتى انتهت دول معظمها بتصفيات داخلية مدمرة، واستقطبت المنطقة في محورين طائفيين بغيضين، وتم نسيان أن الجغرافيا لا تتغير وأن الأديان وجدت للتقريب بين البشر، وليس لتوظيفها من أجل التدمير".
وحفظًا على ما تبقى من موارد لصناعة مستقبل أفضل، يؤكد التقرير أن لا بد من توظيف ما تبقى منها من أجل البناء، "والفشل في توظيفها دعوة صريحة لمزيد من الاقتتال، في الداخل وخارج الحدود، من أجل أساسيات الحياة هذه المرة".