اقتصاد

وحدها إكسون الأميركية تخرق الاتفاقات

شركات نفط كبرى لا تشتري نفط كردستان خوفًا من بغداد

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أنجزت حكومة كردستان العراق مد أنبوب نفطها عبر الأراضي التركية، ودعت الشركات العالمية إلى تقديم عروضها لشراء النفط، لكن أكثرها يعزف عن ذلك خوفًا من انتقام بغداد.

عبد الاله مجيد: جاء بناء حكومة إقليم كردستان العراق أنبوب تصريف النفط عبر الأراضي التركية ثمرة جهود تبذلها منذ الغزو الأميركي لتطوير الصناعة النفطية في الإقليم. ومن شأن النجاح في تسويق النفط المنتج في الإقليم أن يضعه في مصاف الدول المصدرة للبترول ذات الحجم المتوسط، ويسلح قيادة الإقليم بورقة قوية في نزاعها مع الحكومة الاتحادية حول الجهة المسؤولة عن بيع نفط كردستان العراق.

لا تعامل
لكن مراقبين أشاروا إلى عزوف الشركات العالمية الكبرى عن شراء نفط كردستان العراق، خشية إغضاب حكومة بغداد، التي وقعت عقودًا نفطية ضخمة، وتسيطر على احتياطات تعتبر من اكبر الاحتياطات النفطية في العالم، وتنفذ مشاريع كبيرة لاستثمارها.

وقال مسؤول رفيع في واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم، لصحيفة فايننشيال تايمز، طالبًا عدم ذكر اسمه أو اسم شركته: "لن نتعامل نفطيًا مع حكومة إقليم كردستان، إلى أن يكون لدينا فهم أفضل لتداعيات ذلك على علاقتنا مع العراق". وأكدت شركتان كبريان أُخريان أنهما لن تشاركا في المزايدة على شراء نفط كردستان، طالبتين هما أيضًا عدم ذكر اسميهما.

وكانت احتياطات كردستان وتضاريسها الجيولوجية المغرية استدرجت شركات عالمية كبرى، مثل إكسون موبيل وتوتال، اللتين وقعتا اتفاقيات مع حكومة الإقليم، للتنقيب عن النفط. لكن إنتاج الإقليم، البالغ حاليًا نحو 200 ألف برميل في اليوم، يشكل كمية ضئيلة في سوق عالمية، حجمها 90 مليون برميل في اليوم، ولا يشجّع الشركات الكبرى على الاستجابة لدعوة حكومة الإقليم إلى تقديم عروضها لشرائه.

الإقليم قادر
وتحرص الشركات الكبرى على عدم التورط في نزاع يضع حكومة إقليم كردستان وتركيا، في مواجهة بغداد والولايات المتحدة، التي تخشى أن يمهد استقلال كردستان بصادراتها النفطية إلى تقسيم الدولة العراقية. وكانت كمية صغيرة جدًا من نفط كردستان العراق دخلت تركيا، وباعتها حكومة الإقليم بحسومات كبيرة، جراء نقله برًا بصهاريج عبر مسافات طويلة.

لكن الأنبوب، الذي افتُتح في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، رابطًا حقول كردستان بميناء جيهان التركي على المتوسط، يتيح تصدير كميات كبيرة من النفط.

وتعرض حكومة إقليم كردستان بيع مليوني برميل تكفي لتحميل ناقلة عملاقة من الآن حتى نهاية كانون الثاني (يناير) بالسعر العراقي الرسمي، الذي يربو على 100 دولار للبرميل. وبحلول نهاية العام الحالي، تأمل حكومة إربيل بيع 400 ألف برميل في اليوم.

وقال ريتشارد مالنسون، كبير المحللين السياسيين في شركة إنيرجي أسبكتس الاستشارية: "إن تصدير النفط الكردي بكميات كبيرة من تركيا يمكن أن يبيّن أن حكومة إقليم كردستان قادرة على التصدير بصورة مستقلة عن بغداد".

إجراءات قانونية
ودعت حكومة إقليم كردستان شركة تسويق النفط العراقية "سومو" إلى الإشراف على العملية، مؤكدة أن القسم الأعظم من العائدات سيذهب إلى خزينة بغداد. ولكن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تصرّ على أن تتولى سومو مباشرة تصدير النفط، وبعد ذلك تقاسم العائدات مع حكومة إقليم كردستان. وتمارس حكومة بغداد ضغوطًا على الشركات المتعاملة معها ألا تشتري نفط كردستان. وقالت سومو لصحيفة فايننشيال تايمز إن الشركات التي تشتري نفط إقليم كردستان "ستتعرّض لإجراءات قانونية".

وكانت شركات كبرى، مثل بي بي وشل، تعاقدت على تنفيذ مشاريع عملاقة في جنوب العراق، ربطتها بعلاقة متينة مع بغداد. وفي حين تحدت توتال الفرنسية وشيفرون الأميركية وريبسول الإسبانية تهديدات بغداد بتوقيع اتفاقيات تنقيب مع كردستان، فإنها ما زالت تعتمد على النفط العراقي الخام لرفد شبكة مصافيها في أنحاء العالم. وقالت إحدى هذه الشركات لصحيفة فايننشيال تايمز إنها لن تشتري النفط الكردي الخام من دون موافقة بغداد. وقد تعزف بيوت تجارية مستقلة، تقوم عادة بدور الوسيط في الصفقات النفطية، عن التعامل مع حكومة إقليم كردستان.

مكانة إكسون
لكن هناك سابقة لتحدي بغداد والإفلات من إجراءاتها العقابية. فشركة إكسون تنقب عن النفط في كردستان، وتواصل تطوير حقل غرب القرنة العملاق في جنوب العراق. لكن شركات أخرى ليست واثقة من أنها تستطيع أن تحذو حذو إكسون. وقال مدير في شركة لتجارة النفط، قررت ألا تتعامل مع حكومة إقليم كردستان: "إن إكسون في موقع فريد من حيث الأوراق التي تؤثر بها على بغداد، لأن لديها قدرة لا تُضاهى على تطوير موارد لدى العراق بحاجة ماسة إلى تطويرها".

إزاء هذا الإقبال الضعيف من جانب شركات النفط الكبرى على نفط كردستان، يرى محللون أن حكومة الإقليم قد يتعيّن عليها أن تركن إلى صفقات منفردة مع شركات صغيرة. لكن هذا لن يكون له تأثير قوي في حمل بغداد على التسليم بموقف أربيل في المفاوضات.

وقال لؤي الخطيب، مستشار البرلمان العراقي والباحث الزائر في معهد بروكنز الدوحة، إن دعوة حكومة إقليم كردستان شركات النفط إلى شراء نفطها تأتي من باب المواقف الاستعراضية أساسًا، "لكن الهدف النهائي يبقى نيل موافقة بغداد على التصدير".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف