الضغوط على الموارد المالية تحتاج خططًا هيكلية
"ماكينزي" للإستشارات ترصد التحديات المقبلة للإقتصاد السعودي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رصد تقرير لشركة "ماكينزي" للاستشارات التي عادة ما تستعين بها السعودية لتقديم المشورة، الخطوط العريضة لما ينتظر الاقتصاد السعودي من تحديات على ضوء تراجع أسعار النفط، وحذر التقرير من& الضغط المتنامي على الموازنة، كما طرح سلسلة من الحلول الضرورية لتداركها.
الرياض: أصدرت شركة "ماكينزي" للاستشارات تقريراً حديثاً، رسمت فيه معالم خطة مستقبلية ستسمح للسعودية بإجراء تحول جذري يضع اقتصادها على مسار مستدام، بغض النظر عن أسعار النفط.
أبرز التحديات
قالت شركة الاستشارات "ماكينزي" في تقريرها إن معدل البطالة في السعودية يمكن أن يتجاوز 20% بحلول عام 2030، ويتراجع دخل الأسرة الحقيقي بـ 20% أخرى.
وحذرت شركة الاستشارات، كما نقلت عنها وسائل إعلام، من أنه حتى في حال جمدت المملكة الإنفاق، وقلصت عدد العاملين الأجانب سيظل هناك عجز بنحو 1.5 مليون وظيفة بحلول عام 2030.
وذكرت "ماكينزي"، التي استعانت بها السعودية لتقديم النصائح بشأن الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة للتعامل مع أزمة تراجع أسعار النفط، في تقريرها أن البطالة واحدة من التحديات الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على الموارد المالية والنفطية للسعودية.
وقالت الشركة: "من غير الممكن للبلاد، التي تعتمد في نموها على عائدات النفط والإنفاق، مواجهة التغيّرات في سوق الطاقة والتحول الديمغرافي الذي من شأنه أن يزيد بشكل كبير عدد السعوديين في سن العمل بحلول عام 2030".
ومن المتوقع أن يتدفق إلى سوق العمل في غضون الـ15 عامًا القادمة على أقل تقدير نحو 4.5 ملايين مواطن سعودي في سن العمل، ما يضطر الرياض إلى خلق شواغر& (فرص عمل) أكثر بثلاثة أضعاف من عدد الوظائف التي قدمتها خلال حقبة ازدهار النفط ما بين عامي 2003 و2013.
ضغوط اضافية
وأشارت "ماكينزي" إلى أن أكثر من نصف سكان المملكة تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وبحلول عام 2030 سيزيد عدد السعوديين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا بنحو 6 ملايين، منوهة إلى أن عدد المسنين الذين يحتاجون إلى رعاية صحية ودعم سيزيد خلال تلك الفترة من الزمن، ما سيشكل مزيدًا من الضغط على الموارد المالية للبلاد.
وهذه التوقعات قد تشكل تحديًا للميثاق الاجتماعي السعودي مع الدولة التي طالما وفرت الرفاهية والوظائف لمواطنيها، وذلك في ظل هبوط حاد لأسعار النفط الذي يعود بنحو 90% من الدخل.
الخطة المفترضة
ودعت "ماكينزي" السعودية إلى إجراء إصلاحات، والاستثمار في قطاعات أخرى غير نفطية، محذرة أنه من دون الإصلاح سيتأثر الوضع الجيد للمملكة، وقالت الشركة إن مستويات الأصول الاحتياطية الحالية، التي تقدر بـ 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ستتحول إلى صافي ديون بنسبة 140% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
ويشار هنا إلى أن صندوق النقد الدولي توقع في وقت سابق أن تقوم السعودية بإنفاق جميع احتياطياتها المالية خلال السنوات الـ 5 القادمة، وذلك في ظل هبوط أسعار النفط، مشيرًا إلى أن عجز الميزانية السعودية قد يبلغ العام الحالي 21.6% من حجم الناتج المحلي الإجمالي و19.4% في العام القادم.
طريق للتدارك
لتدارك التحديات المحدقة بالاقتصاد السعودي، توصي شركة "ماكينزي" للاستشارات بانتهاج المسالك التالية:
أولاً: من خلال اعتماد نموذج جديد للدخل تتحول فيه الحكومة من مولد مباشر للإيرادات إلى جهة تهدف أساساً إلى تسهيل استثمارات القطاع الخاص.
ثانياً: عبر تطبيق نموذج إنفاق اجتماعي، هدفه تدريب الكوادر السعودية لتصبح قوى فعالة ومنتجة تعمل في شركات تنافسية.
ثالثاً: الارتقاء بالخدمات الحكومية بما يتضمن تنسيقاً فعالاً بين الوزارات، ووضع نظام دقيق لتقييم الأداء يحدد الأولويات ويحاسب المقصرين.
تقول "ماكينزي" كذلك إنّ الحكومة لا يمكنها إنجاز التغيّرات على حدة. هنا يظهر دور القطاع الخاص، حيث يجب على الشركات الخاصة الاستثمار في المملكة ومشاركة المخاطر بدلاً من انتظار العوائد السهلة والمضمونة، والتي غالباً ما كانت توفرها الحكومة في السابق.
كما عليها العمل على تدريب القوى العاملة السعودية بدلاً من الاعتماد على العمالة الأجنبية.
إضافة الى ذلك، فإن تواجد الشركات العالمية في السوق السعودية يسمح برفع مستوى المنافسة، وبالتالي تحفيز الاقتصاد.
تغيير العقلية
وطبعا، هذه المتغيّرات يجب أن تلاقي قبولاً من الأسر والأفراد لتكون فعالة، فعلى هؤلاء تغيير أسلوب تفكيرهم، وتبني عقلية مختلفة تبحث عن فرص التعليم والعمل الأفضل، ليقينها بأنها الطريق الوحيد إلى أجور أعلى وأجواء عمل أفضل.
فعلى المواطن أن يستوعب أن الطريق إلى الرفاهية يبدأ وينتهي به، كون الحكومة مهدت الطريق بالشكل المناسب، لكنها لن تتخذ الخطوات بدلاً عنه.
وبحسب "ماكينزي"، فإن تطبيق هذه الاستراتيجية سيمكن السعودية من مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، أي زيادته بنحو 800 مليار دولار.
كما ستتيح هذه الاستراتيجية المجال لاستثمار نحو أربعة تريليونات دولار في الاقتصاد غير النفطي، معظمها ستضخ من قبل القطاع الخاص.
التعليقات
نعم... ولكن
اقتصادي -أتفق في الخطوط العامة مع توصيات الدراسة، لكني أختلف معها في التفاصيل. مع اني مع استراتيجية تشجيع النمو السريع والمستدام والمقاد من قبل القطاع الخاص قبل التطورات الأخيرة في أسعار النفط العالمية، الا ان حجم ونوعية وتوقيت الاصلاحات الاقتصادية الضرورية حالياً يعتمد على حجم صدمة الطاقة وتوقعات استمرارها. فاذا كانت هذه الصدمة ذات طبيعة "مؤقتة"، مهما عرّف هذا المفهوم الغامض، فان اللجوء المؤقت الى الاحتياطيات المالية يكفي، اما اذا كانت الصدمة "دائمة" فلابد من اجراءات للاصلاح الهيكلي تتجاوز الاستقرار الكلي واصلاحات السوق: لابد من سياسة صناعية تضع نمو وتوظيف القطاع الخاص على رأس الاولويات، ولابد من تطبيق نموذج "الموازنة الموجهة بالنتائج" لتحسين كفاءة الانفاق العام بغية دمج الشباب في الاقتصاد المقاد من قبل القطاع الخاص والمحفز من قبل القطاع العام، وبغية دمج الموازنة العامة بالتخطيط التنموي الاستراتيجي. هذا يتجاوز بمراحل ما توصي به المؤسسات المالية الدولية التي تركز على رفع الدعم بصورة رئيسية!