اقتصاد

خروج اليونان يشطب مليارات اليوروهات التي أقرضتها لها المانيا

الأزمة اليونانية... صراع على السلطة بين بروكسل وبرلين

موقف المفوضية الاوروبية هو ألا تخرج اليونان
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

&بدأ مسؤولون في مقر البنك المركزي الاوروبي في فرانكفورت يتحدثون بصراحة عن خروج اليونان من منطقة اليورو لا سيما في ضوء الضغوط التي يشددها البنك على اثينا قاصرا موافقته على دعمها ماليا بالقطارة.&

&أثينا: &يرى مراقبون ان الأمل الوحيد المتبقي لرئيس الوزراء اليوناني الكسيس سيبراس هو جان كلود يونكر رئيس المفوضية الاوروبية الذي أوضح مؤخرا ان خروج اليونان من منطقة اليورو ليس واردا. &وقال يونكر لصحيفة فيلت آم زونتاغ الاسبوعية الالمانية "ان موقف المفوضية الاوروبية هو ألا تخرج اليونان".&واكد يونكر مجددا قبل اجتماعه مع سيبراس في بروكسل وسط الحديث المتزايد عن خروج اليونان من الاتحاد النقدي انه يستبعد الفشل تماما. &ورحّب سيبراس بهذا التصريح قائلا انه متفائل لأنه يبحث مستقبل اليونان مع "اصدقاء طيبين". &ثم اتفق الاثنان خلال اجتماعهما الذي دام ساعتين على ان تعيِّن اليونان سياسياً رفيعاً لتنسيق تعاون اليونان مع المفوضية الاوروبية.&&وهكذا اصبحت الأزمة اليونانية مسألة تتعلق بمن له سلطة القرار في بروكسل. &فان رئيس المفوضية الاوروبية ليس وحده الذي يتفاوض مع اليونان بل تقوم مجموعة اليورو التي يرأسها وزير المالية الهولندي يرون ديسلبلوم بدور بالغ الأهمية في المحادثات. &ولدى المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ايضا كلمة حاسمة في الأمر. &فإن المانيا أكبر دائني اليونان التي أقرضتها برلين 63 مليار يورو حتى الآن. &ولكن يونكر قدم نفسه للعالم بوصفه سيد العملة الاوروبية الموحدة.&&سمعة لا بد من حمايتها&ميركل ايضا تريد بقاء اليونان في منطقة اليورو متوجسة من الفوضى التي ستعم اليونان عقب خروجها. &ومن الناحية العملية فان خروج اليونان يعني شطب مليارات اليوروهات التي أقرضتها لها المانيا. &ولكن ميركل ترى ان وعود يونكر تضعف الجهود الرامية الى حمل اليونان على القبول بالشروط المطلوبة. &ويتساءل مستشارو ميركل كيف يمكن اتخاذ موقف متشدد في المفاوضات مع سيبراس بعد ان استبعد رئيس المفوضية الاوروبية اقسى عقوبة يمكن انزالها باليونان ، أي طردها من منطقة اليورو. &ولكن طاقم ميركل يرى ان يونكر ربما كان يحاول ان يحمي سمعته بحيث يكون واضحاً للجميع عندما تُجبر اليونان على الخروج من منطقة اليورو ان ميركل هي المسؤولة وليس يونكر.&ويعرف الاثنان ان مصير اليونان بيديهما. &ويبدو من الوهلة الأولى ان كل شيء يتوقف حاليا على البنك المركزي الاوروبي ورئيسه ماريو دراغي. &ولكن ميركا ويونكر متأكدان ان دراغي لن يذهب الى حد إخراج اليونان من منطقة اليورو ولا سيما انه ابلغ المستشارة ان مثل هذا القرار يتخذه سياسيون وليس رئيس بنك مركزي. &&توجهات صارمة&ما قاله دراغي للمستشارة لم يمنعه من مواصلة تشديد الضغط على اليونان. &ولا تستطيع اليونان الآن إلا إبقاء رأسها فوق الماء لأن البنك المركزي اليوناني يقدم مساعدة طوارئ الى المؤسسات المالية المحلية تفادياً لحدوث ازمة سيولة فيها ولأن دول منطقة اليورو سمحت لليونان باصدار سندات قصيرة الأجل بقيمة 15 مليار يورو ، اشترت بنوك يونانية غالبيتها. &واصدرت الهيئة الاستشارية للقطاع المصرفي الاوروبي في البنك المركزي الاوروبي تحذيرا الى البنوك اليونانية من الاقدام على مخاطر اضافية بشراء هذه السندات وابدت استعدادها لفرض قيود اشد صرامة على بنوك محددة. &&ويدرك كثيرون في البنك المركزي الاوروبي ان موافقة البنك على مثل هذه الخطوات تضعه على حافة الخروج عن القانون. &وحذر عضو مجلس حكام البنك المركزي الاوروبي بنوا كوريه من انه ليس مسموحا للبنك بتمويل اليونان مضيفا ان ذلك ليس قانونيا. &ونقلت مجلة شبيغل عن مسؤول في برلين ان دراغي يستطيع ان يستبعد اليونان عن منطقة اليورو في أي لحظة لكنه لن يجرؤ. &&ويعني هذا ان على السياسيين ان يجدوا طريقا للتقدم وأصبح ايجاد هذا الطريق يعتمد على الصراع الدائر بين رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ودول اعضاء في الاتحاد الاوروبي بقيادة ميركل. &إذ اتضح منذ فترة ان يونكر يريد منع خروج اليونان بأي ثمن. &وقدم مفوض الشؤون الاقتصادية بيير موسكوفيتشي خطة بدت حزمة لدفع عجلة النمو أكثر منها شروطا صارمة على اليونان تنفيذها. &ولم يكن لدى وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس سوى المديح والثناء على الخطة. &وفي حين ان الخطة لم تلق موافقة فانها أدت مهمتها من وجهة نظر يونكر. &إذ كانت الخطة استعراضا للقوة وأراد يونكر ان يوصل بها رسالة الى ميركل. &&الخروج عن نهج كول&ان النزاع الذي اندلع بين برلين وبروكسل نزاع مبدئي اساسي. &ويتخذ يونكر فيه موقفاً أيده الديمقراطيون المسيحيون الالمان منذ عقود. &إذ يرى يونكر ان الاتحاد الاوروبي هو الرد على اهوال الحروب التي دمرت اوروبا في النصف الأول من القرن العشرين وان خلاص اوروبا يكمن في تعميق الأواصر التي تشد دول الاتحاد الاوروبي ببعضها البعض. &ولم يكن من المستغرب ان يكون يونكر من قدَّم كتاب المستشار الالماني السابق هيلموت كول "حرصاً على اوروبا".&&ورغم ان ميركل نفسها ديمقراطية مسيحية إلا انها قطعت مع نهج كول وهي ترى ان اوروبا لم تعد مسألة حرب وسلام بل مسألة يوروهات وسنتات ، على حد تعبير مجلة شبيغل مشيرة الى ان ميركل استخدمت أزمة اليورو للحد من سلطة المفوضية الاوروبية وإعادة بعض هذه السلطة الى عواصم الدول الأعضاء. &ومن هذه الزاوية يمكن اعتبارها نسخة نسائية من ديغول في القرن الحادي والعشرين.&ويريد يونكر الوقوف في طريق ميركل فكانت الأزمة اليونانية الأداة التي توفرت له للقيام بذلك. &وكان يونكر تولى رئاسة المفوضية الاوروبية بنية تعزيز سلطاتها وتقوية دورها السياسي ايضا.&&وتكللت جهوده بالنجاح حتى الآن.&ورغم التنازلات التي تعين على ميركل تقديمها منذ بدأت أزمة اليورو عام 2010 فان موقفها لم يتغير من حيث الجوهر وهو يتمثل في ان الدولة التي تحتاج الى مساعدة عليها ان تجري اصلاحات. &ولن يزحزحها عن هذا الموقف ، لا سيبراس ولا يونكر نفسه. &&وفرة من الحلفاء&&لدى ميركل كثير من الحلفاء في الوقت الحاضر. &إذ بدأ صبر وزراء مالية الدول الأخرى الأعضاء في منطقة اليورو ينفد مع فاروفاكيس وخطاباته في اجتماعات مجموعة اليورو. &وأوضح وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله انه يستطيع ان يتخيل منطقة اليورو من دون اليونان ، وتفاوض على هذا الأساس.وتعتبر حكومات عديدة في منطقة اليورو ان النزاع مع اليونان هو مسألة بقاء ايضا. &فإذا تمكن سيبراس من الحصول على ما يريد فان حكومة اسبانيا المحافظة تخشى ان يحكم هذا عليها بالهزيمة أمام حزب بوديموس اليساري في الانتخابات المقررة في نهاية هذا العام. &في هذه الأثناء يواجه الائتلاف الحاكم في فنلندا انتخابات في نيسان/ابريل وعليه ان يدافع عن سلطته ضد حزب "الفنلنديون الأقحاح" اليميني المناهض للاتحاد الاوروبي.&&وبالتالي فان لدى ميركل ووزيرها شويبله حلفاء اقوياء في معركتهما مع يونكر. &فالحكومات التي قُدمت المساعدات المالية لليونان بضمانتها لا تريد ان تكون المفوضية هي التي تقرر مصير أموال دافعي الضرائب في بلدانها. &ونقلت مجلة شبيغل عن مسؤول في وزارة المالية الالمانية قوله "ان من السهل ان يكون المرء سخياً بأموال الآخرين".&&النموذج القبرصي &&تكمن مشكلة ميركل في انها لا تستطيع ان تنحي يونكر بسهولة كما نحت سلفه خوسيه باروسو الذي كان متساهلا مع اليونان وذهب الى حد دعم الفكرة الداعية الى تتجير ديون الاتحاد الاوروبي. &ولكنه كان يمتثل لارادة ميركل عندما يجد الجد مدركاً انه ليس باقياً في منصبه إلا بفضل الحماية التي توفرها له المستشارة الالمانية.&&ولكن هذا لا يصح على يونكر. &فهو أول رئيس للمفوضية الاوروبية تنافس على رئاسة المفوضية بوصفه مرشح حزبه ، وبذلك يستطيع ان يستند الى قدر من شرعية الانتخاب المباشر وليس التعيين. &كما انه يتمتع بدعم أغلبية من النواب في البرلمان الاوروبي ويعمل بصورة وثيقة مع رئيس البرلمان الديمقراطي الاجتماعي شولتز الذي يريد مثله منع خروج اليونان من منطقة اليورو بأي ثمن.&كما ان يونكر مصمم على القيام بدور في المفاوضات مع اليونان. &ولهذا السبب ، من بين اسباب اخرى ، بدأ مكتبه يطلق تكهنات بشأن موعد حزمة الانقاذ الثالثة لليونان. &وقال مفوض الشؤون الاقتصادية موسكوفيتشي ان حزمة الانقاذ الثالثة لن تُناقش إلا بعد انتهاء المفاوضات الجارية حاليا بشأن خطة الاصلاحات المطلوبة من اليونان. &&ويتساءل مراقبون عما إذا كانت هذه المفاوضات ستنتهي ذات يوم. &وأخذ حكام بنوك مركزية في انحاء اوروبا يخططون ليوم انسحاب اليونان من منطقة اليورو. &ونقلت مجلة شبيغل عن حاكم البنك المركزي الالماني ينز فايدمان "ان على الحكومات والبرلمانات ان تقرر في هذا الوضع الخاص إن كانت مستعدة لتمديد مخاطرها في اليونان". &وتردد ان البنك المركزي الاسباني ايضا يعتقد ان خروح اليونان سيحدث في وقت ما خلال الأسابيع المقبلة.&ويقدر حكام بنوك مركزية ان احتمالات خروج اليونان من منطقة اليورو تزيد الآن على 50 في المئة. &وهم يعتقدون ان بالامكان احتواء الأخطار الناجمة عن هذا الخروج.&&في النهاية يتوقف الأمر على سياسيين مثل ميركل ويونكر. &وتثق المستشارة الآن بان خروج اليونان لم يعد خطرا كبيرا. &والقى مستشاروها نظرة فاحصة على الأزمة القبرصية التي كادت تدفع الجزيرة خارج منطقة اليورو قبل عامين. &وهدد البنك المركزي الاوروبي وقتذاك بقطع مساعدات الطوارئ عن البنوك القبرصية بعد أن رفض برلمان قبرص الموافقة على المطالب التقشفية التي قدمها الاتحاد الاوروبي. &وتعين على البنوك القبرصية غلق ابوابها طيلة ايام وفرض سقف على ما يمكن سحبه من الودائع وتحويله الى الخارج. &ولكن حتى في هذه الحالة القصوى كان هناك ما يكفي من الوقت أمام العملية السياسية لاتخاذ مجراها الطبيعي. &وفي النهاية رضخت الحكومة القبرصية بعد جلسة ليلية حاسمة.&وتقول مصادر في الحكومة الالمانية ان اليونان ربما تحتاج الى مثل هذا الانذار لحملها هي ايضا على الامتثال. &&&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف