اقتصاد

اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى تجتمع في مارس

فرنسا والجزائر: إرث استعماري ومصالح انتخابية بدون اعتذار

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يعوّل الساسة الفرنسيون على أصوات الجالية الجزائرية في الانتخابات المقبلة، فنشطت زياراتهم للجزائر، التي وظفتها في عقد اتفاقيات اقتصادية وسياسية، مع مطالبات لم تتحقق بالاعتذار عن الفترة الاستعمارية. &عبد الحفيظ العيد من الجزائر: تشهد العاصمتان الجزائرية والفرنسية زيارات مكوكية بين مسؤولي البلدين، قبل اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين في شهر آذار (مارس) المقبل في الجزائر، ما طرح التساؤل من جديد حول طبيعة العلاقة التي تربط البلدين، ومن الرابح فيها.&فقد زار الجزائر في الأسبوع الماضي رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه، الذي يرأس بلدية بوردو حاليًا، التي تضم أعدادًا كبيرة من الجزائريين، وهو مرشح عن حزب الجمهوريين للانتخابات الرئاسية، التي ستجري في 2017، والتقى جوبيه في زيارته كبار المسؤولين الجزائريين، في مقدمهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.&كما تزور هذا الأسبوع أيضًا رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، التي استقبلت كذلك من طرف مسؤولين رفيعين على رأسهم الرئيس بوتفليقة. وقالت هيدالغو إن على الجزائر وباريس "رفع التحديات نفسها في مجالات المناخ والاقتصاد والديمقراطية".&وفي الوقت، الذي كانت رئيسة بلدية باريس تزور الجزائر، كان رئيس المجلس الدستوري الجزائري مراد مدلسي يُستقبل بباريس من طرف نظيره الفرنسي جان لوي دوبري. وقال مدلسي إن المجلس الدستوري، الذي يترأسه، سيستفيد من التجربة الفرنسية "لجعل التجربة الجديدة التي يفرضها الدستور الجزائري الجديد مفيدة للمجتمع الجزائري".&وفي 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، حل وزير المجاهدين الجزائري الطيب زيتوني في باريس، في أول زيارة يقوم بها وزير جزائري لهذا القطاع إلى فرنسا. وتوّجت هذه الزيارة بالاتفاق على إعلان "لجنة مشتركة" ينتظر أن تجتمع في 11 فبراير/ شباط الجاري لدراسة "مسألة المفقودين والتطرق إلى تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر".&وتحتضن الجزائر في مطلع آذار (مارس) المقبل، اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين التي يرأسها الوزير الأول عبد المالك سلال ونظيره إيمانويل فالس.&تعاون متميزويقول إبراهيم بولحية الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة (مجلس الشيوخ) إن العلاقات الجزائرية الفرنسية "متميزة"، رغم أنها على "ديناميكية وتشابك مستمرين".&ورفض بولحية في حديثه مع "إيلاف" كل موقف يشير إلى تطور أو توتر العلاقات بين البلدين، بالنظر إلى أن " العلاقات الفرنسية كانت دائمًا مستقرة ومستمرة في جميع الميادين، سواء الإنسانية أو السياسية أو الاقتصادية، بالنظر إلى الماضي التاريخي بين البلدين".&أما رئيس حزب الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام فقال لـ"إيلاف" إن العلاقات بين البلدين لا تزال "حميمية ومتميزة منذ 1962، لكن تميل لمصلحة الطرف الفرنسي، بسبب النفوذ الذي تحظى به باريس عند بعض المسؤولين الجزائريين، ما جعلها تنظر بتعالٍ إلى الطرف الجزائري، رغم التفضيل الذي يمنح لها للظفر بصفقات في الجزائر".&وبحسب القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، فإن الزيارة التي قام بها للمرة الأولى وزير مجاهدين إلى باريس في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي من شأنها أن تساهم في تعزيز العلاقات بين الجانبين بالنظر إلى أن ملف الذاكرة والأرشيف وغيرهما من الجوانب الحساسة التي كانت حاضرة في كل اجتماعات مسؤولي البلدين.&إصرار على الاعتذارلا يتفق بولحية مع من اعتبروا هذه الزيارة بداية طريق تخلي الجزائر عن مطلب تقديم فرنسا اعتذارًا عن جرائمها البشعة التي ارتكبتها في حق الجزائريين خلال فترة احتلال بلادهم التي دامت 132 سنة.&وقال: "الجزائر لن تتخلى عن مطلب الاعتذار، الذي هو ملك لشعبها ولأمتها، لكنها تحتكم إلى قواعد السياسة في علاقاتها مع الدول". أضاف أن "الاعتذار من فرنسا سيأتي مهما طال الزمن أو قصر، وقبلت باريس أو لم تقبل، الاعتذار حق للشعب الجزائري، ولن يتخلى عنه، وهو يتجاوز أي مسؤول أو أي نظام".&لا يعارض من جانبه جمال بن عبد السلام هذه الزيارة، في حال "كانت من أجل الدفاع عن المصالح الجزائرية، واسترجاع الأرشيف، ومعالجة ملف الذاكرة".&تبادل غير متكافئلكن بن عبد السلام ينتقد بشدة طبيعة العلاقة بين البلدين، خاصة في جانبه الاقتصادي، بالنظر إلى أنها تصب دائمًا لمصلحة الطرف الفرنسي"الذي استفاد من مشاريع وصفقات في الجزائر، غابت عنها المنافسة، ولم تخضع لدفتر الشروط المتعلق بمنح الصفقات".&وأشار إلى أنه الطرف الفرنسي ليس بـ"الشريك المثالي من ناحية دفتر الشروط في نوعية الأشغال أو الأسعار أو مدة الانجاز أو الجانب التكنولوجي، لكنه يفوز بصفقات في الجزائر تمنح خارج المعايير الاقتصادية المعمول بها".&يتفق الدكتور سليم قلالة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر مع رئيس جبهة الجزائر الجديدة، ويرى أن التبادل التجاري لا يزال يميل إلى الطرف الفرنسي، والمسؤولون الجزائريون لم يستطيعوا أن يجدوا حلولًا لهذه المعادلة الاقتصادية.&ودعا قلالة إلى مراجعة السياسة الاقتصادية في الجزائر، مقرًّا بأنه لا ينتظر الكثير من اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية الفرنسية رفيعة المستوى، المزمع التئامها في شهر آذار (مارس) الداخل في الجزائر، بالنظر إلى أن نتائج الاجتماعات السابقة لم تفضِ إلى مؤشرات ملموسة انعكست إيجابًا على الاقتصاد الجزائري.&لكن إبراهيم بولحية يرى أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يسير في الطريق الصحيح من خلال المشاريع الثنائية التي تجسدت ميدانيًا كمصنع رينو للسيارات في وهران في غرب الجزائر، ومصنع علامة "بيجو" المنتظر توقيع الاتفاق الخاص به خلال الأيام المقبلة. ويعتبر بولحية وجود فرنسا ضمن قائمة الدول الخمس الأولى الأكثر تبادلًا تجاريًا مع الجزائر.&وأظهرت الأرقام المقدمة من المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك الجزائرية أن الزبائن الخمسة الأوائل للجزائر في 2015 (حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر) هم إيطاليا (398 مليون دولار) وإسبانيا (392 مليون دولار) وفرنسا (380 مليون دولار) وبريطانيا (181 مليون دولار) وبلجيكا (162 مليون دولار).&أما الشركاء المموّنون للجزائر فهم الصين بقيمة 630 مليون دولار وفرنسا (436 مليون دولار) وإيطاليا (367 مليون دولار) وإسبانيا (268 مليون دولار) وألمانيا (224 مليون دولار). وفي 12 أيار (مايو) الماضي تم التوقيع على أربع اتفاقيات شراكة اقتصادية بين البلدين على هامش ندوة التقييم المرحلي للجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية.&يتعلق الاتفاق الأول بعقد مساهمة من أجل إنشاء شركة مختلطة لإنتاج الغاز الصناعي بين كل من المجمع الصناعي الجزائري للصناعات الحديدية "إيميطال" والمجمع الفرنسي "إير ليكيد" ويخص الاتفاق الثاني إنشاء شركة مختلطة بين شركة مترو الجزائر "إيما" والمجمع الفرنسي "سيسترا"، الذي سيتكفل بالدراسات الهندسية لوسائل النقل الحضري في الجزائر.&أما الاتفاق الثالث فيقضي بدخول الشركة الفرنسية "أوتاك" كمساهم في رأسمال الشركة الجزائرية "إيراغيس"، أحد فروع مجمع "إيميطال" المتخصصة في صناعة أنظمة الري المتنوعة الشكل.&ويخص الاتفاق الرابع شراكة بين وزارة الصناعة والمناجم الجزائرية والمدرسة الفرنسية "نولج ماناجمنت" لإنشاء مدرسة عليا للتسيير في الجزائر. وأنشأت &اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية تبعًا لتصريح الجزائر حول الصداقة والتعاون بين البلدين، الذي وقع في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2012، ويضم مسؤولي وزارات القطاعات الإقتصادية، وتهدف إلى تسطير استراتيجية تنظيم شراكة صناعية وتحديد الفروع المعنية والمشاريع والمؤسسات الجزائرية والفرنسية، التي من شأنها أن تنتظم في إطار هذه الشراكة.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف