اقتصاد

 بعد أعوام من التبدلات الحادة

أسعار العقارات في دبي تتجه نحو الثبات

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تشهد أسعار العقارات في دبي منذ أكثر من عام، نسق انخفاض بطيء، بعد عشر سنوات راوحت خلالها بين ارتفاع بلا ضوابط ساهم في تكوين ثروات ضخمة، وانخفاض حاد كبّد كثيرين خسائر فادحة.

دبي: باتت امارة دبي مقصدًا عقاريًا رئيسًا للأجانب، بعدما اطلقت في العام 2002، مناطق تملك حرة، يتاح فيها لهم شراء العقارات. وبلغت الاسعار اعلى مستوياتها في 2008 بدفع رئيس من المضاربات الاستثمارية، الا انها انخفضت بشكل حاد بعد ذلك بسبب الازمة المالية العالمية.

هبوط ناعم
وأدت الازمة الى فقدان القطاع العقاري زهاء نصف قيمته. الا ان الطلب عاود الارتفاع بعدها، لتسجل اسعار العقارات والايجارات مستويات قياسية بين 2012 و2014، مترافقة مع مخاوف من "فقاعة" عقارية جديدة. وبعد عام 2014، عاودت الاسعار الانخفاض، وإن بوتيرة بطيئة وأقل حدة.

ويقدر كريغ بلامب، رئيس بحوث الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في "جونز لانغ لاسال" للاستشارات العقارية، أن اسعار العقارات في دبي تراجعت بنسبة 12 بالمئة خلال العام 2015. ويقول لوكالة فرانس برس "السوق تشهد نوعًا من الهبوط الناعم حاليًا، لذا الاسعار تشهد تراجعًا منذ اكثر من عام... نعتقد أن السوق ستواصل التراجع بشكل اضافي، لكن ليس بقدر ما حصل حتى الآن". يضيف: "اعتقد اننا شهدنا الجزء الاكبر من التراجع".

من جهتها، تقدر رئيسة قسم بحوث الشرق الاوسط وشمال افريقيا في "نايت فرانك" للعقارات دانا سلباق، انخفاض اسعار العقارات في دبي خلال 2015 بزهاء عشرة بالمئة.

وتوضح: "رأينا تباطؤًا في القطاع السكني. رأينا الاسعار تنخفض بنحو عشرة بالمئة على مدى العام 2015"، مضيفة أن هذه الاسعار "لم تنخفض بشكل كبير" في الربع الاول من سنة 2016.

تراجع الطلب الخارجي 
يشكل الطلب الخارجي المحرك الرئيس للطلب على العقارات بدبي. الا ان هذا الطلب يشهد تراجعًا سببه بشكل رئيس تراجع العملات ازاء الدولار الاميركي، الذي يرتبط به الدرهم الاماراتي، ما رفع قيمة العقارات في دبي بالنسبة الى الشراة الاجانب، بحسب بلامب. وورد في تقرير "نايت فرانك" في العام الماضي، أن "العقارات في دبي باتت اعلى كلفة للشراة الذين يتعاملون بعملات اخرى".

ويتربع الهنود على قائمة المستثمرين الاجانب في عقارات دبي. ففي عام 2015، أنفقوا اكثر من 20 مليار درهم (5.4 مليارات دولار)، من اصل 135 مليارًا (26 مليار دولار)، هي قيمة مجمل التعاملات العقارية.

يليهم المستثمرون البريطانيون (10,8 مليارات درهم) والباكستانيون (8,4 مليارات). اما الايرانيون، فبلغ حجم استثماراتهم العقارية في العام الماضي 4.6 مليارات، مقابل 3.7 مليارات للكنديين، و2.7 مليار للروس.

النفط عامل ضغط غير مباشر 
وساهم تراجع الروبية الهندية واليورو والروبل الروسي بشكل كبير امام الدولار، في تقليص قدرة مواطني هذه الدول على شراء العقارات في دبي. ويشير بلامب الى ان سوق العقارات تأثرت ايضًا بالتباطؤ الاقتصادي، الذي يؤدي الى انخفاض نمو الوظائف، ما يعني تراجع عدد القادمين الجدد للعمل، والذين يساهمون عادة في زيادة الطلب على العقارات.

وعلى الرغم من أن دبي تعتمد بشكل محدود على ايرادات النفط، مقارنة بإمارات أخرى ودول خليجية، الا أن تراجع اسعار النفط وتأثير ذلك على ايرادات دول المنطقة، تسبب بضغط غير مباشر على سوق العقارات.

وتقول سلباق إن فقدان النفط لجزء كبير من قيمته والتباطؤ الاقتصادي "أثّرا على المستثمرين وإرادتهم وشهيتهم للاستثمار"، ودفعهم الى اعتماد "مقاربة حذرة" في عملياتهم العقارية. ورغم هذه العوامل المتضافرة، يستبعد المحللون أن تشهد سوق العقارات انهيارًا مشابهًا لذاك الذي شهدته في العام 2009.

لا انهيار مترقبًا
ويقول بلامب: "لا نعتقد أن ثمة احتمالًا كبيرًا لانهيار السوق (...) نتوقع حصول تراجع اضافي، ما بين خمسة الى عشرة بالمئة، في 2016"، على ان تبدأ الاسعار بالتعافي في نهاية السنة الجارية.

وترى سلباق أن "الاسعار ستستقر عند المستويات الجديدة الحالية، وتلك اشارة جيدة (...) الى أن السوق وصلت الى ادنى مستوى قد تصل اليه"، قبل ان تنتعش السنة المقبلة. وتعتبر أن تعهد حكومة دبي مواصلة زيادة الاستثمار في البنى التحتية يبعث "برسائل ايجابية للسوق بأن الحكومة لا تزال ملتزمة بهذا القطاع، بقطاع العقارات، بالبناء".

ويعكس محمد العبار، رئيس مجلس ادارة شركة "اعمار" العقارية، التي نفذت مشاريع ضخمة في دبي، ابرزها برج خليفة، تفاؤلاً بتحسن السوق. وقال لفرانس برس إن "لا بأس" بالانخفاض الراهن للاسعار، معتبرًا ان سوق العقارات هي عمل بعيد المدى، وتفاوت الاسعار فيها أمر معتاد. اضاف بعد اعلان عزم شركته تشييد مبنى اعلى من برج خليفة، أن التراجع الحالي في الاسعار "ليس بذلك السوء"، معتبرًا أن عدم صعود الاسعار "بشكل جنوني" كالعام 2007 هو امر جيد.

وتابع: "الجميع يريد ارتفاع الاسعار، لكن اعتقد أن على هذه الاسعار أن تكون مقبولة (...) اعتقد ان التوازن بين العرض والطلب مشجع جدًا". وبحسب سلباق، يخضع العرض حاليًا "للضبط"، اذ بات المطورون العقاريون "اكثر حذرًا وادراكًا لحاجتهم الى الشروع تدريجًا في تسليم مشاريعهم، بشكل يتلاءم مع الطلب".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف