سجال بين المعارضين والمؤيدين
الاقتصاد البريطاني سيدفع فاتورة الخروج من الاتحاد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مر وقت كانت بريطانيا فيه رجل اوروبا المريض ولكن نموها الاقتصادي رفعها من قعر مجموعة الاقتصادات الصناعية السبعة قبل ان تنضم الى المجموعة الاقتصادية الاوروبية الى صدارة المجموعة خلال السنوات الثلاث والأربعين التي مرت منذ عام 1973. ولا يعني هذا ان العضوية رفعت اداء بريطانيا الاقتصادي دولياً لكنه يتيح لمؤيدي البقاء ان يقولوا ان العضوية لم تقف حائلا دون نهوض الاقتصاد البريطاني.
ويشير اقتصاديون من معسكر الخروج الى ان معدلات النمو المطلق كانت أدنى بعد العضوية في عام 1973 وان السبب الرئيسي لتحسن اداء بريطانيا هو اصلاحات مارغريت ثاتشر وليس العضوية في الاتحاد الاوروبي.
ولكن نظرا للتحسن الكبير في وضع بريطانيا الاقتصادي يكاد ان يتعذر القول بأن الاتحاد الاوروبي وقف عقبة في طريق النهوض الاقتصادي البريطاني. ويقدر البروفيسور نيك كرافتس من جامعة ووريك وابرز مؤرخ اقتصادي في بريطانيا ، ان الاتحاد الاوروبي اسهم مباشرة في ازدهار بريطانيا بنحو 10 في المئة بسبب ازدياد المنافسة وامكانية دخول السوق الأوروبية الموحدة.
ويؤكد مؤيدو الخروج ان بريطانيا ستبقى قادرة على التعامل التجاري مع السوق الموحدة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية وستعقد في النهاية اتفاقاً ثنائياً مع كتلة الاتحاد. ولكن مفاوضين متمرسين في الشؤون التجارية يؤكدون ان المفاوضات بشأن اتفاق كهذا تستغرق سنوات. وحذر الرئيس الاميركي باراك اوباما ايضا بريطانيا من انها ستقف "في نهاية الطابور" لعقد اتفاقية تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة.
وتقول حملة الخروج ان بريطانيا لا تحتاج الى اتفاقيات تجارية ثنائية وان المانيا وبلداناً اخرى لديها فوائض في ميزان تجارتها مع بريطانيا ستكون في لهفة على عقد اتفاق تفضيلي.
ولكن الخروج من الاتحاد الاوروبي سيتطلب مفاوضات ماراثونية لأن بريطانيا لا تستطيع ان تضمن قدرتها على المتاجرة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية لكونها لا تملك جداول خاصة بها للتعريفات والرسوم الجمركية، وليس لديها التزامات بشأن الخدمات ودعم الزراعة. ولهذه الأسباب ستكون بريطانيا معرضة للملاحقات القانونية بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية لتسوية النزاعات.
فيما يتعلق بالهجرة وتأثيرها السلبي على فرص العمل في بريطانيا فان الدراسات تبين ان مهاجري الاتحاد الاوروبي الى بريطانيا يكونون في الغالب من الشباب الذين لديهم عمل ولا يعتمدون على الاعانات الاجتماعية. وهم يساهمون في خزينة الدولة أكثر مما يأخذونه منها وأكثر من مساهمة المواطنين المولودين في بريطانيا. ويبدو ان اعدادهم توقفت عن الارتفاع بعد انحسار الهجرة من رومانيا وبلغاريا.
ولكن حتى إذا انخفضت الهجرة من الاتحاد الاوروبي الى الصفر فان عدد المهاجرين من الدول غير الاعضاء في الاتحاد الاوروبي في بريطانيا سيبقى أعلى من الأرقام التي تعهد بها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وما دام الاقتصاد البريطاني مزدهرا فانه سيجذب المهاجرين الى بريطانيا.
وتشير الأدلة المتاحة الى ان الهجرة من الاتحاد الاوروبي لا تؤثر في أجور العمال البريطانيين ولا حتى ذوي الأجور المتدنية منهم. ولكن من الجائز انها تتيح لأرباب العمل ان يزيدوا العمالة في المجالات ذات الطلب المرتفع دون ان يزيدوا اجور العمال وان يستخدموا العمال المهاجرين في مواجهة أي دعوات الى زيادة الأجور.
ويشير معسكر الخروج الى ان ضوابط الاتحاد الاوروبي على قلتها هي ضوابط مفرطة ويجب ألا تفرض على السوق الموحدة بأكملها. وان الضوابط البريطانية المعتدلة ستكون أفضل وأخف وطأة على الشركات. ولكن الضوابط الاوروبية طيلة السنوات الماضية من عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي لم تؤثر على صادراتها الاجمالية الى السوق الموحدة.
كثيرا ما يشير معسكر الخروج الى ان 350 مليون جنيه استرليني تُحول اسبوعياً من لندن الى بروكسل. ولكن صحيفة فايننشيال تايمز تؤكد ان هذا الرقم غير دقيق ، وان مؤيدي الخروج يعترفون لدى محاصرتهم بالأرقام بأن صافي مساهمات بريطانيا أقل بكثير بعد ما يُدفع لها من تعويض عن مساهماتها غير المتناسبة التي انتزعتها ثاتشر من الاتحاد الاوروبي.
ولكن بريطانيا تساهم بقسط في ميزانية الاتحاد الاوروبي يبلغ نحو 163 مليون جنيه استرليني اسبوعيا. وستوفر بريطانيا هذا المبلغ إذا خرجت من الاتحاد وتستطيع ان تقرر كيف تُنفق هذه الأموال التي تذهب حاليا الى المزارعين وغيرهم بموجب القواعد المشتركة للاتحاد الاوروبي.
لا شك في ان تأثير العضوية على الدخل الوطني أهم لخزينة الدولة من رسم العضوية السنوي. وهذه هي القضية الأولى في السجال الدائر قبل الاستفتاء.
وختاما رأي الاقتصاديين. فان فريقاً منهم يعتقد ان الاقتصاد البريطاني سيكون أقوى بعقد اتفاقيات تجارة حرة ثنائية وازالة كل الحواجز امام الاستيراد وترك الدول تقرر إبقاء التعاريف الجمركية على الصادرات البريطانية او رفعها. وان هذا يحول وجهة التجارة بعيدا عن الاتحاد الاوروبي ويخفض الأسعار ويحقق مكاسب.
ولكن أغلبية من الاقتصاديين يؤكدون ان هذا النموذج القائم على خفض الرسوم الجمركية باتفاقيات ثنائية لا يمت بصلة الى الواقع ولا تسنده البيانات الحقيقية عن اتجاهات التجارة.
وبحسب صحيفة فايننشيال تايمز فانه نادرا ما كان هناك توافق بين الاقتصاديين مثل اتفاقهم اليوم على الأضرار التي سيلحقها خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي على الاقتصاد البريطاني. وان تحذيرهم قد يكون خاطئاً ولكن من الصعب تجاهله.
اعداد عبد الاله مجيد عن صحيفة فايننشيال تايمز على الرابط ادناه
http://www.ft.com/cms/s/2/0260242c-370b-11e6-9a05-82a9b15a8ee7.html#axzz4CDoaBGud