اقتصاد

سياسي برتغالي يقدم آلية متكاملة لصياغة استراتيجية اتصال فعالة

منتدى الاتصال الحكومي في دبي يناقش كيفية الخروج من الازمات المالية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دبي: خلال جلسة رئيسية عقدت ضمن فعاليات "منتدى الدبلوماسية العامة والاتصال الحكومي" الذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي، قام نائب رئيس مجلس الوزراء البرتغالي السابق باولو بورتاس بالكشف عن الأسباب الحقيقة للأداء الفعال الذي ميز تحرك البرتغال عند تنفيذ برنامجها الإصلاحي للخروج من الازمة المالية التي عصفت بها في العام 2011، وكيف استطاعت البلاد أن تمر بسلام عبر برنامج التقشف الذي شرعت في تطبيقه حتى باتت توصف بأنها واحدة من أكثر الدول توافقًا مع خطط الإنقاذ المالي.

نائب رئيس مجلس الوزراء البرتغالي السابق باولو بورتاس

في جلسة حملت عنوان "نظرة على الأزمة الاقتصادية"، ألمح بورتاس، الذي لعب دوراً مهماً خلال الأزمة البرتغالية اعتماداً على خبرته الطويلة في عالم السياسة والاقتصاد، أن أزمات الديون السيادية تختلف عن الأزمات المالية العامة كونها أكثر تعقيداً، مؤكداً أن هذا النوع من الأزمات قد يؤدي إلى فقدان الدول لجزء من حريتها وسيادتها. وبدأ بورتاس حديثه بقصة يتذكرها جيداً، بطلها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي أجاب ذات مرة على سؤال حول الأزمة المالية الأمريكية بأن الولايات المتحدة ليست كالبرتغال أو اليونان وهو ما جعل بورتاس يدرك أن هناك بعض التصورات الخاطئة لدي البعض عن أبعاد الأزمة المالية البرتغالية.

وعن العقبات التي تواجه تطوير استراتيجية اتصال فعالة خلال الأزمات المالية، أشار بورتاس إلى أن العصر الرقمي الذي نعيشه بما يحفل به من تقنيات متطورة للتواصل، يسهم في زيادة نوعية وحجم المعلومات التي يتم تداولها، إذ لم يعد الامر محصوراً بين الساسة ومسؤولي النقد والاقتصاد كما كان في السابق بل اتسع ليشمل فئات وشرائح مختلفة.

وأكمل بورتاس أن هذه الفئات تتنوع لتشمل الجمهور بمختلف طبقاته من الأغنياء والفقراء، والمؤسسات المالية المحلية والدولية، والمؤسسات الأممية، والعديد من الجهات السياسية، وبطبيعة الحال تتضارب مصالح هذه الفئات ما يجبر القائمين على برنامج الإصلاح المالي على صياغة رسائل مختلفة تلبي احتياجات كل فئة وتجيب على تساؤلاتها بشكل لا يتضمن أية تعارض منعاً لحدوث أي لبس أو سوء فهم.

وأعتبر السياسي البرتغالي أن التعامل مع المؤسسات المالية العالمية يعد إحدى العقبات التي تواجه الدول الساعية إلى تنفيذ برنامج إصلاح مالي، وضرب مثال بصندوق النقد الدولي، والذي، بحسب بورتاس، له طبيعتان إحداهما سياسية بينما الأخرى تشغيلية، ما يؤدي في معظم الأحيان إلى حدوث تناقض في تصريحات مسؤوليه، وأستطرد نائب رئيس الوزراء البرتغالي السابق أن كافة التفاصيل التي يتم الاتفاق عليها مع الصندوق تنشر بشكل أو بأخر فلا مجال لسرية المعلومات وهو أمر يجب أن يعيه المفاوضون.

وتطرق بورتاس، من خلال خبرته في المجال الصحافي حيث قام بتأسيس ثاني أكبر صحيفة أسبوعية وطنية في البرتغال، إلى الممارسات الإعلامية المثلى لإدارة الأزمات المالية، موضحاً أن الاعتماد على الإعلام التقليدي كوسيلة للتواصل لن يؤدي إلى النتائج المطلوبة، ومشيراً إلى أهمية استخدام المنصات الحديثة للتواصل، بل وتبني المنهجية والطرق المناسبة للوصول إلى جمهور تلك المنصات حيث لا مجال إلا للصراحة والبساطة والشفافية.

وشدد بورتاس على ضرورة صياغة الدول لرسالة محلية وعالمية واضحة يتم التواصل من خلالها مع الجميع لتوضيح الهدف ومنهجية العمل على أن تكون هذه الرسالة جامعة ومانعة تحسباً لظهور الاخبار المغرضة، والتي تتحول، في مثل هذه الأوقات بمنتهى السرعة والسهولة، لتصبح قناعات راسخة في عقول البعض، منوهاً بأن الهدف الذي يجب أن تعكسه الرسالة الموحدة هو التعافي من الازمة بشكل قوي وسريع، وذات السياق ينبغي أن تتجنب الرسالة طلب المزيد من المال أو الوقت من الشعب.

وتطرق باولو بورتاس إلى أن استغراق فرق إدارة الأزمة وقتا طويلا لتنفيذ ونجاح خططه يعني مزيداً من المعاناة للناس، كما أن محاولة فرض المزيد من الرسوم أو الأموال عليهم قد يكون القشة التي تقصم ظهر البعير ما لم يتم بالشكل الصحيح، لذا يجب تحديد دور كل فئة خلال خطة التقشف بشكل يراعي الفوارق الاجتماعية حتى لا يشعر الفقراء بأنهم وحدهم من يدفعون ثمن الإصلاح لاسيما مع وجود مفاهيم مسبقة بأن الأغنياء وأصحاب النفوذ لا يعانون في الأساس من الأزمة.

وعن السمات التي يجب أن يتمتع بها فريق إدارة الازمة، حدد بورتاس عدة عناصر يأتي في مقدمتها القدرة على توقع واستباق الأحداث، محذراً من أن التصرف وفق نظرية "رد الفعل" في مثل هذه الظروف يؤدي غالباً إلى نتائج كارثية حيث تمثل الأزمات وقتاً استثنائياً يجب إعداد الشعب للتعايش معه عبر سرد الحقائق المجردة والالتزام المطلق بالصراحة والشفافية، والابتعاد التام عن الوعود وحتى وإن كانت تبدو قابلة للتحقيق، كما أنه من الأهمية أن يتم الترويج لرسالة مفادها أن التعامل مع الأزمة سيتم من خلال كيان واحد يشمل "الشعب والحكومة".

ونوه بورتاس إلى أن الطبيعة المعقدة للأزمات المالية قد تدفع بالبعض إلى استخدام المصطلحات المتخصصة والتي يصعب على العامة فهمها ما يثير حفيظتهم ويشعرهم بأن هناك نوايا مبيته لإخفاء الحقائق، موضحاً أن فريق العمل يجب أن يضم أشخاصاً قادرين على استخدام الكلمات البسيطة والحقائق المجردة، ويتمتعون بالقدرة على تطوير خطة واضحة المعالم لاحتواء الأزمة خلال وقت قياسي.

وأختتم نائب رئيس مجلس الوزراء البرتغال السابق باولو بورتاس بتوجيه نصيحة للعاملين ضمن فرق إدارة الأزمات بضرورة طلب الصلاحيات الكاملة واللازمة لإتمام خططهم على النحو الأمثل، وعدم القبول بصلاحيات منقوصة تحت أي ضغط، وبأن عليهم مناقشة كافة المعلومات والتفاصيل فيما بينهم قبل الإدلاء بأي تصريحات منوهاً أن الحجم الهائل من المعلومات والتفاصيل قد يؤدي في بعض المراحل إلى تضارب التصريحات وهو ما ينبغي تجنبه تماما في مثل تلك الأوقات الحرجة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف