ماي تهدف إلى جعل بلادها من قادة التبادل الحر في العالم
بريطانيا تضع الأسس لاتفاقات تجارية في مرحلة ما بعد بريكست
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: تنشط بريطانيا لوضع أسس لاتفاقات تجارية بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي، سعيا منها لعدم إهدار الوقت، ولو انه يتعذر على لندن المضي بعيدا في تقصي الافاق طالما أنها لم تقطع بعد صلاتها مع بروكسل.
وتضاعف لندن المبادرات منذ أشهر سواء في الضفة الأخرى من الأطلسي أو في أسيا أو كذلك دول الكومنولث، وقامت في الأيام الأخيرة بتسريع مساعيها لتحقيق هدف رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي الطامحة إلى جعل بلادها من قادة التبادل الحر في العالم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
ويزور وزير التجارة ليام فوكس المكسيك بعد قضاء يومين في الولايات المتحدة، فيما يقوم وزير الخارجية بوريس جونسون بجولة على الدول الشمالية بعدما زار اليابان الأسبوع الماضي. وقال متحدث باسم الخارجية في مطلع الأسبوع معلقا على تنقلات جونسون إنه يعتزم "إرساء القواعد للاتفاقات التجارية في مرحلة ما بعد بريكست".
غير أن الطريق سيكون طويلا، خصوصا وأن قواعد الاتحاد الأوروبي تمنع بريطانيا من التفاوض بشأن اتفاقات جديدة طالما أن الطلاق لم يتم، أي بعد آذار/مارس 2019 على أقرب تقدير. وتبقى المفاوضات التجارية في الوقت الحاضر من صلاحيات المفوضية الأوروبية وحدها، المكلفة إجراء مفاوضات باسم جميع الدول الأعضاء.
غير أن التحديات جسيمة، وهو ما يجعل الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة ساسكس جيم رولو يعتبر "أنه سبب وجيه للشروع في التحدث" مع الشركاء المحتملين المستقبليين "وعدم إهدار الوقت حتى مارس 2019".
غير أن مبادرات لندن تستجيب في الوقت الحاضر بنظره لأهداف سياسية، إذ تسعى الحكومة البريطانية لتثبت أنها تمسك بزمام الأمور رغم الانتقادات التي تأخذ عليها عدم امتلاكها استراتيجية للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال رولو لوكالة فرانس برس "إنهم بحاجة، من أجل أسباب داخلية تتعلق بالحزب المحافظ، ليثبتوا أن بريكست يتم بالفعل رغم عدم تحقيق تقدم حتى الآن" في المفاوضات مع بروكسل. ولقي فوكس حتى الآن تجاوبا في الولايات المتحدة حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب عن بوادر اتفاق تجاري "مهم".
من جهته، أعلن بوريس جونسون في ويلنغتون أن نيوزيلندا ستكون على الأرجح من الدول الأولى التي ستعقد اتفاقا تجاريا مع لندن. وقال إن "بريكست ليس ولن يكون رديفا لمملكة متحدة تدير ظهرها للعالم".
تنازلات على الصعيد الصحي
وتعتزم بريطانيا الاحتفاظ بمكانتها التاريخية كقوة تجارية، والحفاظ خصوصا على النشاط الاقتصادي والوظائف المتأتية عن هذه المرتبة. ويوازي حجم التجارة الدولية من بريطانيا وإليها كل سنة 700 مليار جنيه استرليني، أي 800 مليار يورو من الصادرات والواردات ، نصفها مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
غير أن البعض يخشى أن تكون الحكومة على استعداد لتقديم تنازلات كبرى، ولا سيما على الصعيد الصحي، من أجل عقد شراكات واتفاقيات، وهو ما عكسه الجدل حول الدجاج المغسول بالكلور القادم من الولايات المتحدة والذي يشتبه بأن لندن تعتزم السماح باستيراده.
ولم ينف فوكس الأمر ردا على أسئلة، بل اعتبر أن هذا الإجراء لا يطرح "مشكلة على الصحة"، قبل أن يشرح وزير البيئة مايكل غوف عبر إذاعة "بي بي سي 4" الأربعاء أن الحكومة "لن تعيد النظر في ممارساتها المتعلقة برعاية الحيوانات والبيئة بهدف الحصول على اتفاق تجاري".
وبمعزل عن أي تنازلات، تكمن الصعوبة الكبرى في وجه المملكة المتحدة في استحالة البحث عمليا في تفاصيل أي اتفاقات مستقبلية طالما أنها لم توضح علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، شريكها التجاري الرئيسي.
وحذر رولو بأن الشركاء المحتملين "قد يرغبون في معرفة تفاصيل أي اتفاق تجاري بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بدوله الـ27" وكذلك "طبيعة أي اتفاق انتقالي" قبل توقيع أي وثيقة.
كما أن بريطانيا قد تحتاج إلى وقت لتشكيل فرق المفاوضين الذين سيخوضون محادثات فنية في غاية الدقة عهدت بها إلى بروكسل منذ انضمامها إلى الاتحاد عام 1973.