اقتصاد

خسارة تتراوح بين 50 و60 مليون دولار يوميّاً

المحتجون في شرق السودان يوقفون حركة التجارة في ظل أزمة اقتصادية عميقة

في مرفأ بورتسودان، عشرات سفن الحاويات ومئات الشاحنات المحمّلة بالبضائع والمواد الغذائية والأدوية متوقفة.
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بورتسودان (السودان): في مرفأ بورتسودان، عشرات سفن الحاويات ومئات الشاحنات المحمّلة بالبضائع والمواد الغذائية والأدوية متوقفة في انتظار الإفراج عنها... فمنذ شهر، يغلق محتجون الطرق التي تربط ميناء البلاد الرئيسي بالخرطوم وبقية المناطق، معطّلين كل إمدادات السودان.

وكانوا أغلقوا لفترة مطار بورتسودان وكل أرصفة المرفأ.

ويقول مصطفى عبد القادر، وهو سائق شاحنة ينتظر خارج الميناء على أمل فتح الطريق، "أنا محتجز هنا منذ 24 يوماً وأسرتي تعتمد على دخلي في معيشتها".

ويضيف "خلال هذه المدة، كان في إمكاني أن أنقل ست شحنات وأحصل على دخل قدره 120 ألف جنيه سوداني (300 دولار أميركي)، ولكن الآن أكافح لشراء طعامي".

إلّا أنّ المحتجّين لا يريدون التراجع. منذ 17 أيلول/سبتمبر، يطالبون بإلغاء اتفاق وقّعته حكومة عبد الله حمدوك مع مجموعات متمرّدة من أنحاء مختلفة في السودان في 2020 في جوبا. وتضمّن هذا الاتفاق شقاً خاصاً بشرق السودان يقول المحتجّون أنّ من وقّعوا عليه لا يمثلون الإقليم.

فشل في مخاطبة الأزمة

ويقول المحلّل الإقتصادي محمد الناير لوكالة فرانس برس إنّ الحكومة "فشلت في مخاطبة الأزمة في شرق السودان"، مؤكّداً أنّ الإغلاق "يؤدّي إلى خسارة تتراوح بين 50 و60 مليون دولار يوميّاً".

ويضيف "مثل حكومة البشير، الحكومة الإنتقالية لم تخطّط لبناء مخزون استراتيجي لتغطية احتياجات البلاد"، ما أدّى إلى تعقيد الوضع الإقتصادي في واحد من أفقر بلدان العالم، بحسب الأمم المتحدة.

وحكم عمر البشير السودان لثلاثة عقود بقبضة من حديد، وفرضت خلال حكمه عقوبات دولية على السودان الذي اتهم بدعم الإرهاب وإيواء منظمات إسلامية جهادية، ما ساهم في تدهور الوضع الإقتصادي. وعلّق السودانيون آمالاً على تسلّم حكومة انتقالية من مدنيين وعسكريين السلطة بعد الإطاحة بالبشير، لكن المشاكل لم تُحلّ.

ووفقاً لاتحاد شركات الشحن، استقبل مرفأ بورتسودان خلال شهر أيلول/سبتمبر فقط 27 سفينة شحن مقارنة ب65 في آب/أغسطس.

وأكّد وزير التجارة علي جدو لفرانس برس أنّ رجال أعمال السودانيين اضطروا لاستخدام موانئ أخرى لشحن بضائعهم منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر الجاري، منها في مصر.

ضربة قوية للإقتصاد

وفقد 33 ألف عامل يعملون في أعمال الشحن أو مكاتب التخليص الجمركي، مصدر دخلهم منذ إغلاق الميناء، وفق اتحاد عمال الشحن والتفريغ.

ويشير مدير ميناء الحاويات في بورتسودان أحمد محجوب إلى أنّ "60% من تجارة السودان، أي 1200 حاوية يوميّاً، تمر عبر بورتسودان، ما يعني خسائر يومية بمئات الآلاف من الدولارات".

وتشكّل هذه الخسائر ضربة قوية لإقتصاد سوداني يعاني أصلاً من أزمة شديدة اضطرت الحكومة معها لاتخاذ إجراءات تقشّفية وضعت بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي ألغى ديوناً مستحقة على السودان مقابل رفع الدعم عن سلع أساسية وخصوصاً منها الوقود.

وبات على الأسر السودانية الآن التعامل مع نقص السلع إضافة إلى التضخّم الذي بلغ 400% وانخفاض قيمة الجنيه السوداني.

وتقول أشجان ذات السبعة عشر عاماً التي تعمل بائعة شاي بينما تقف خارج مخبز شمال الخرطوم، "نقضي ساعات في البحث عن الخبز، لأن أغلب المخابز أغلقت أبوابها بسبب نقص القمح".

وتضيف "لم يكن ينقصنا إلّا هذا.. نحن أصلاً نعاني".

وبسبب أزمة الخبز، توقّفت المدارس عن تقديم وجبة الظهيرة للأطفال في بلد يعدّ بين الأفقر في العالم ويعاني من سوء التغذية، وفق الأمم المتحدة.

وما تزال العديد من الأدوية غير متوافرة، رغم أنّ المحتجين باتوا يسمحون بعبور الحاويات التي تحمل أدوية.

وتمتد تأثيرات الإغلاق في بورتسودان في الشرق إلى أقصى غرب البلاد، إلى إقليم دارفور حيث يتظاهر بعض السكان احتجاجاً على نقص السلع الغذائية.

كما تزيد الأزمة الوضع تعقيداً بالنسبة للسلطات التي تدير مرحلة انتقالية صعبة بعد 30 عاماً من حكم البشير والتي واجهت الشهر الماضي محاولة انقلاب عسكري. كما أنها غارقة في انقسامات داخلية لا سيما بين المدنيين والعسكريين في السلطة.

حزب مؤتمر البجا

في شرق السودان، يواصل المحتجّون رفع أعلام حزب مؤتمر البجا بألوانه الخضراء والصفراء والزرقاء والحمراء، بينما يشعل محتجون أغصان الشجر وإطارات السيارات من أجل إبقاء الطرق مقطوعة. وهم مصمّمون على عدم فتح الميناء ما لم تتحقّق مطالبهم.

ويقول عبد الله أبو شار، وهو أحد منظّمي حركة الاحتجاج، "سلّمنا مطالبنا للحكومة التي تبدو غير حريصة على إجراء محادثات معنا".

وحضّ حمدوك حرض على التهدئة، مؤكّداً في كلمة إلى الأمة الجمعة أنّ "قضية شرق السودان عادلة وتعود جذورها إلى عقود من الإهمال والتهميش".

وأضاف أنّه سينظّم مؤتمراً دولياً من أجل "إيجاد تمويل لمشروعات تنمية بشرق السودان".

ويؤكّد الناير أنه يتعيّن على الحكومة "إيجاد حلّ سريع وإلّا العواقب ستكون وخيمة على الإقتصاد".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف