اقتصاد

مستر بيست يقود جيل يوتيوب في تحدٍ للمؤسسات التقليدية

إيكونوميست: الإعلام الجديد يهز عرش هوليوود

لجأ نجم يوتيوب الشهير "مستر بيست" (MrBeast) إلى تويتر للتعبير عن إحباطه من قيام صانعي المحتوى الآخرين بتقليد أسلوبه
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

على الرغم من محاولات شركات البث التقليدي مثل نتفليكس وديزني+ دخول سوق الإعلانات وتقديم مستويات اشتراك مدعومة بالإعلانات، إلا أن منصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب تواصل السيطرة على المشهد. حتى أن يوتيوب دفع 23 مليار دولار سنويًا لمنشئي المحتوى والشركات الإعلامية، مما يضعه في مرتبة متقدمة مقارنةً بالاستوديوهات التقليدية في هوليوود.

إيلاف من لندن: ما كان يُعتبر يومًا "محتوى هواة" يُنتج في غرف النوم، تطور إلى إنتاجات عالية الجودة، تُدار بواسطة فرق محترفة وتُمول بملايين الدولارات. مستر بيست، الذي يدير أكبر قناة على يوتيوب مع أكثر من 316 مليون متابع، هو نموذج حي لهذه التحولات. برامج مثل "ألعاب الوحش" التي أطلقها مؤخرًا على أمازون برايم هي خير دليل على أن مستخدمي يوتيوب لم يعودوا مجرد شخصيات على الإنترنت، بل أصبحوا لاعبين رئيسيين في مجال الإنتاج التلفزيوني والبث المباشر.
وتستعرض إيكونوميست سيطرة منصات التواصل الاجتماعي على سوق الإعلانات على حساب الاستوديوهات التقليدية في هوليوود، وخصوصاً أن تلك الشخصيات الرقمية لم تعد مجرد مجموعة من المؤثرين على الإنترنت، بل أصبحوا يهددون عرش الإعلام التقليدي. فهل تستطيع هوليوود الصمود أمام هذا الغزو الرقمي؟

ضجة بسبب ألعاب الوحش
في 16 أيلول (سبتمبر) 2024، رفعت دعوى قضائية في محكمة لوس أنجلوس ضد برنامج "ألعاب الوحش"، وهو برنامج ألعاب جديد تم إنتاجه لخدمة البث المباشر من أمازون برايم.
البرنامج الذي يقوده نجم يوتيوب الشهير، مستر بيست (جيمي دونالدسون)، البالغ من العمر 26 عاماً، تعرض لبعض الانتقادات القاسية. خمسة ملايين دولار كانت معروضة كجائزة على المتسابقين، ولكن بدلاً من ذلك، تعرض بعض المشاركين لإصابات جسدية وضيق عاطفي، إضافة إلى التحرش الجنسي، وفقاً للشكوى المقدمة.
لم تعلّق أمازون ولا مستر بيست على الدعوى القضائية، لكن هذا الفشل الذريع أثلج قلوب بعض المديرين التنفيذيين في هوليوود، الذين شعروا بالاطمئنان بأن هؤلاء النجوم الرقميين ليسوا تهديدًا حقيقيًا بعد.

تحدي المؤسسات التقليدية
على الرغم من العقبات القانونية، السؤال المطروح: هل يجب على هوليوود أن تشعر بالراحة والثقة في مواجهة هذا التهديد؟ يبدو أن المواهب الرقمية لا تزال تكافح لدخول عالم الإعلام التقليدي بنجاح. فمستر بيست ليس الوحيد الذي تعثر. ريان كاجي، نجم يوتيوب البالغ من العمر 12 عامًا، أطلق فيلمًا روائيًا طويلًا الشهر الماضي، لكنه فشل في دور العرض. كما أُلغي برنامج "داميليوس" الواقعي الذي كان يدور حول عائلة شهيرة على تيك توك في حزيران (يونيو). ومع ذلك، بدأت الفجوة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد تضيق تدريجيًا، مما يعزز التنافس بين الطرفين.

مشاهدات يوتيوب تتفوق على التلفزيون
من جهة أخرى، الإعلام الجديد يحرز تقدمًا واضحًا على حساب الإعلام التقليدي. وفقًا لشركة نيلسن، يقضي الأميركيون الآن وقتًا أطول في مشاهدة محتوى يوتيوب عبر التلفزيون مقارنة بأي مصدر آخر.
يشاهد 2.5 مليار شخص مقاطع الفيديو على يوتيوب شهريًا، مما يجعل هذه المنصة مصدرًا لا يُستهان به للمحتوى والترفيه. وعندما صرح الرئيس التنفيذي ليوتيوب، نيل موهان، في أيار (مايو) الماضي بأن "المبدعين هم هوليوود الجديدة"، سخر البعض من هذا التصريح، لكنه يبدو الآن واقعًا ملموسًا. الأدمن حول العالم بدأوا بتحويل ميزانيات التلفزيون التقليدي نحو وسائل التواصل الاجتماعي، مما يزيد من حدة التنافس بين العالمين.

الانتقال إلى الاحترافية
نجوم يوتيوب لم يعودوا مجموعة من الهواة يصورون مقاطع فيديو من غرف نومهم، بل تطوروا ليصبحوا منتجين محترفين. مجموعة "ذا سايدمن"، المكونة من سبعة مستخدمي يوتيوب بريطانيين، هي مثال حي على ذلك. هؤلاء المبدعون يعتمدون على فريق عمل مكون من 40 شخصاً، ويعملون من استوديوهات احترافية. ميزانيات إنتاج مقاطع الفيديو الأسبوعية التي تصل مدتها إلى ساعة أو ساعتين تصل إلى ملايين الدولارات، مما يجعلهم قادرين على منافسة البرامج التلفزيونية التقليدية. ويعتبر مستر بيست و"ذا سايدمن" من الرواد في استخدام هذه الإيرادات الضخمة لتوسيع أعمالهم نحو مجالات جديدة، مثل سلسلة المطاعم والعلامات التجارية.

الابتكار التقني
ما يدفع هؤلاء المبدعين إلى الأمام هو التطور التكنولوجي السريع. فقد أصبحت الأجهزة مثل كاميرات 4K وبرامج المؤثرات الخاصة متاحة بأسعار أقل، مما يتيح لهؤلاء المبدعين تقديم محتوى بجودة أعلى. ليس هذا فحسب، بل إن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "Aloud" من يوتيوب تساعد المبدعين على دبلجة مقاطع الفيديو بعدة لغات، مما يزيد من انتشارهم عالميًا. هذه الأدوات تُطمس الفروق بين الإنتاجات المستقلة والمحتوى المدعوم من استوديوهات كبرى، مما يجعل الحدود بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد أقل وضوحًا.

جمهور جديد وبرامج أطول
يشهد المحتوى الذي ينشئه مستخدمو يوتيوب تحولاً واضحًا نحو نوعية المحتوى الذي كان يقدم تقليديًا عبر التلفزيون. وفقًا لشركة (Enders Analysis)، فإن 60 بالمئة من مقاطع الفيديو الأكثر تداولًا على يوتيوب تتعلق بأنواع المحتوى التي كانت تعتبر حكرًا على التلفزيون التقليدي، مثل الدراما والرياضة. بالإضافة إلى ذلك، أصبح ثلث المحتوى على يوتيوب يمتد لمدد تتراوح بين 20 و60 دقيقة، وهي مدة مقاربة لحلقات البرامج التلفزيونية.

احتلال غرفة المعيشة
في الوقت الذي تتراجع فيه نسبة المشاهدين للتلفزيون التقليدي، تنتقل وسائل التواصل الاجتماعي إلى شاشات التلفزيون. وفقًا للتقارير، 45 بالمئة من المشاهدات في أميركا على يوتيوب تتم عبر شاشات التلفاز، مما يعني أن يوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي باتت تستعمر غرفة المعيشة، حيث كانت تحتل سابقًا وسائل الإعلام التقليدية. كما أطلقت منصات أخرى مثل تيك توك تطبيقات خاصة بالتلفزيون، في محاولة منها للاستفادة من هذه النقلة.

التداخل بين الإعلامين
مع تداخل نماذج الأعمال بين الإعلام التقليدي والجديد، تتزايد حدة المنافسة على جذب المشاهدين والإعلانات. يوتيوب، الذي حقق 32 مليار دولار من إيرادات الإعلانات في العام الماضي، يتجه نحو الاشتراكات الخالية من الإعلانات، التي بلغت 100 مليون مشترك. في المقابل، بدأت شركات البث التقليدي مثل نتفليكس وديزني+ في تقديم مستويات اشتراك مدعومة بالإعلانات، لكنها لم تتمكن حتى الآن من الوصول إلى الأرقام التي تحققها يوتيوب.

الكعكة الإعلانية
في خضم التغييرات المتسارعة، تشتد المنافسة على جذب ميزانيات الإعلانات. إذ أصبحت الإعلانات التلفزيونية تشكل جزءًا أصغر من إجمالي الإنفاق الإعلاني في أمريكا، حيث انخفضت من ثلث الميزانية في عام 2019 إلى خمسها فقط هذا العام. هذا الانخفاض يعكس تزايد الإنفاق على منصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب. ورغم أن بعض المعلنين لا يزالون يترددون في التحول بالكامل إلى هذه المنصات، إلا أن المؤشرات تؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الوجهة الجديدة للإعلانات، خاصة مع تراجع شعبية التلفزيون التقليدي.

مستقبل واعد
وبينما تواصل منصات مثل يوتيوب وتيك توك غزو شاشات التلفاز، يتزايد الاعتماد على الهواتف الذكية في بلدان مثل الهند، حيث يُشاهد معظم السكان الفيديوهات المتدفقة على أجهزتهم المحمولة. ومع تزايد عدد المشاهدين وتوسع انتشار مقاطع الفيديو الطويلة، يزداد احتدام المنافسة بين الإعلام التقليدي والجديد.

*أعدت إيلاف التقرير عن إيكونوميست. لتصفح المادة الأصل (هنا)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف