من التحذير إلى التبني الرسمي
المغرب على أعتاب "ثورة" مالية رقمية في إطار مشروع تقنين العملات المشفرة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ومن العاصمة المغربية، الرباط، أعلن محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء، أن المملكة ستصبح من بين أولى الدول التي تقنن وتمنح تراخيص للتعامل بالعملات المشفرة.
وأكد الجواهري أن الإطار القانوني الجديد الذي ينظم استخدام هذه العملات قد تم الانتهاء من تحضيره وأصبح جاهزاً، لكنه اكتفى بالقول إن مشروع القانون جاء ثمرة تعاون بين جميع الشركاء من قبيل القطاعات الوزاراية، والمؤسسات المعنية، فضلاً عن الدعم التقني المقدم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وأضاف أن المغرب سيوفر إطاراً قانونياً دقيقاً وشفافاً للمستثمرين والمستخدمين في هذا المجال، مشيراً إلى أن بلاده ستكون من بين الرواد في تنظيم هذا القطاع، لكنه لم يحدد موعداً رسمياً لتقديم المشروع إلى البرلمان لمناقشته. المغرب يبدأ تحريرا تدريجيا لسعر صرف الدرهم وكان المغرب حذر في عام 2017 من التعامل بالعملات المشفرة، إذ اعتبرت السلطات أن هذه العملات "غير قانونية" بسبب عدم وجود جهة رسمية تعتمدها، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بعدم معرفة هوية أصحابه.
"إحياء الدرهم الرقمي" يبرّر أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس في الرباط، الدكتور زكريا فيرانو، أن هذا التحول في القرار المغربي يأتي استجابة لتغيرات هامة في التعاملات المالية الدولية. ويوضح في اتصال مع بي بي سي أن المغرب كان يواجه تحديات تتعلق بالمحافظ التي تحتوي على سندات أو عملات مشفرة أو أي أوراق مالية خارج البلاد، حيث كان هذا الأمر غير مقبول من قبل السلطات المغربية. ويضيف أن موقف بنك المغرب كان يتماشى مع موقف وزارة المالية، وهو ما دفع إلى اعتبار العملات الرقمية غير قانونية داخل المملكة. وأشار فيرانو إلى أن التغييرات الأخيرة في الإطار القانوني جاءت في وقت يتطلب فيه الاقتصاد المغربي مواكبة التطورات العالمية، وتحقيق توازن بين الحفاظ على الاستقرار المالي وفتح آفاق جديدة للاستثمار. "المسألة معقدة بعض الشيء، هناك مكتب صرف يتولى مراقبة التعاملات في المحافظ المالية خارج المغرب، وهو ما كان يمثل تحدياً فيما يخص العملات المشفرة التي تعتمد على عملات خارج الإطار القانوني للمملكة"، بحسب فيرانو.
ومع ذلك، يشير فيرانو إلى أن هناك تحولًا كبيراً في هذا التوجه، إذ يسعى المغرب الآن إلى تسريع دمج العملات الرقمية في النظام المالي، وذلك في إطار تطور تقني مستمر. وأضاف أن هذا التحول قد يشهد أيضاً إحياءً للدرهم الرقمي، الذي سيكون العملة المشفرة الرقمية الخاصة بالبنك المركزي، بحسب قوله، مرجحاً تداول هذا الدرهم الرقمي بشكل مشابه للعملات النقدية المتداولة حالياً، في إطار مواكبة التحولات العالمية في القطاع المالي.
"فرص جديدة للنمو الاقتصادي" وفي حديثه عن تأثير تطبيق قرار تقنين العملات الرقمية في المغرب، أشار الدكتور زكريا فيرانو إلى أن هذا التحول سيكون له "تأثير إيجابي كبير" على الأسواق الرقمية. وأوضح أن اعتماد هذا الإطار القانوني سيعزز ديناميكية أسواق العملات الرقمية في المغرب، ويُسهم في تسريع التعاملات المرتبطة بالعملات المشفرة سواء داخل البلاد أو خارجها. وأضاف الدكتور زكريا أن إطلاق عملة مشفرة محلية قد يسهم في تقليل الاعتماد على الأوراق النقدية، مما سيدفع باتجاه استخدام أكبر للعملات الرقمية. وأكد أن هذا التوجه سيؤثر بشكل إيجابي على الشمول المالي، من خلال توفير أدوات رقمية جديدة تسهل الوصول إلى الخدمات المالية، مشيراً إلى أن هذا التحول قد يسهم في تحسين الوضع الاجتماعي، ويقلل من نسبة الفقر، بفضل توفير فرص اقتصادية جديدة وتعزيز الشمول المالي للفئات المحرومة، بحسب تعبيره.
ولتداول هذه العملات، يتم استخدام تقنيات تشفير معقدة لحماية المتداولين من الاحتيال أو التلاعب. أما عملية تعدين العملات، فهي تشمل معاملات خوارزمية معقدة تتطلب أجهزة متخصصة، وتهدف إلى الحفاظ على قيمتها السوقية. ومن المهم أن نذكر أنه يتم تحديد كميات محدودة من هذه العملات سنوياً، للحد من تأثير التضخم؛ حيث أن زيادة المعروض منها قد يؤدي إلى تراجع قيمتها. وهناك العديد من العملات الرقمية التي تندرج تحت هذه القائمة، نذكر منها البيتكوين؛ وهي العملية الرقمية الأولى عالميّاً، إذ بدأ التداول بها عام 2009 وكانت قيمتها أقل من دولار واحد، ويعتقد أن قيمة تداولها بدأت عند $0.10. لكن، وللمرة الأولى، وصلت قيمة بيتكوين، الأربعاء 11 كانون الأول (ديسمبر) 2024، إلى 100 ألف دولار للمرة الأولى، إذ شهدت هذا الارتفاع الكبير قبل أن تسقط إلى ما دون هذا الرقم من جديد، بفضل وعود الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بأن يتبنى سياسات صديقة للعملات المشفرة خلال ولايته، وأن تصبح الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في الكوكب". بيتكوين وأخواتها: لماذا تكرهها معظم الحكومات؟ يعلّق الدكتور زكريا فيرانو على تصريحات ترامب الأخيرة بشأن العملات المشفرة، بالقول إن الأسواق المالية قد وضعت آمالاً كبيرة على العملات المشفرة، معتبراً أن مستقبلها سيكون مشرقاً شريطة عدم الاعتماد على المضاربات المالية. وأوضح أن النقاشات المستقبلية بين المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بالإضافة إلى البنوك المركزية، ستتركز على الحد من المضاربات المرتبطة بهذه العملات، باعتبار أنها ليست أسهماً أو عملات مالية تقليدية. وأشار فيرانو إلى أن الحوكمة والقوانين المرتبطة بالرقابة من قبل البنوك المركزية ستكون جزءاً مهماً من السيطرة على هذه المناوشات في الأسواق المالية. وأضاف أن "المستقبل يبدو مشرقاً للعملات المشفرة"، خاصة مع اتخاذ الولايات المتحدة خطوات إيجابية في هذا الاتجاه، وكذلك مع اتجاه البنوك المركزية نحو تطوير عملات مشفرة خاصة بكل دولة. وبعد بيتكوين تأتي عملة الإيثيريوم، ثاني أكبر منصات التداول انتشاراً حول العالم، وتمتاز بأنها من العملات التي تنمو بشكل ثابت. أما العملة الرقمية التي حافظت على الارتفاع في قيمتها السعرية ببطء وثبات، هي بينانس، التي ظهرت لأول مرة في تموز (يوليو) 2017، وتعد واحدةً من الخيارات الاستثمارية الأقل تعرضاً لمخاطر التقلب في السعر، والأكثر استقراراً. والعملة الأحدث هي تيزوس، ويرمز لها بالرمز XTZ، ظهرت لأول مرة عام 2018، وحققت انتشاراً كبيراً بسبب بدايتها القويّة، إذ سمحت للمستثمرين في البداية بتخزين العملة مع الحصول على أرباح سنوية تتراوح قيمتها ما بين 5 و6 بالمئة. ومع اقتراب المغرب من تنظيم العملات المشفرة، تظل الأسئلة مفتوحة حول كيف سيؤثر هذا التحول على الحياة الاقتصادية لمواطني المغرب والمستثمرين. ويبقى المستقبل الرقمي للمملكة في أيدٍ مفتوحة، ينتظر تحديد معالمه في قادم الأيام. لماذا ارتفع سعر بيتكوين وكيف تعمل العملات المشفرة؟العملات الرقمية: ماذا نعرف عن البيتكوين وتقنية البلوك تشين ومحافظ التشفير؟ما هي صناديق الاستثمار في البيتكوين التي يحتفي الأمريكيون بالسماح بها؟
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف