عالم الأدب

مقبول: التاريخ يلغي صفة الإرهاب عن المنتصرين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


المخرجة لينا مقبول: التاريخ يلغي صفة الأرهاب عن المنتصرين

حاورها قيس قاسم: بعد مشاهدتي فيلمها، التقيتها في أحدى مقاهي غوتنبورغ، حيث تقيم، وأجريت معها حوارا بدأته بسؤال عن سبب أختيارها ليلى خالد، موضوعا لفيلمها الوثائقي، وقد أبعدها الزمن عن الأضواء وأعمالها طيها النسيان؟ - منذ صغري وأنا أقرأ وأسمع كثيرا عن ليلى، وكنت أفكر دائما بما فعلته وأتسال لماذا قامت ليلى بهذة لأعمال. كنت معجبة بها كثيرا. أما محفزي لعمل فيلم عنها فكان وراءه خبر خاطيء سمعته عن موتها! ذات يوم جاءني رجل وسألني ان كنت قد سمعت بموت ليلى خالد، فأجبته بالنفي. وعلى الفورأتصلت بأمي وسالتها عن القصة، فنفت الخبر وقالت أنها شاهدتها قبل أيام على شاشة أحدى القنوات التلفزيونية العربية في لقاء حي معها. بعد هذا الخبر المغلوط فكرت بعمل فيلم عن ليلى، ربما فكرة موتها أوحت لي به.

* أكان هذا هو السبب الوحيد؟
- في مراهقتي كانت ليلى بالنسبة لي نموذجا نسائيا أحتذي به، كنت معجبة بنضالها، مجرد كونها أمرأة عربية فلسطينية تقوم بعمل خارج مألوف وظيفتها المنزلية المعتادة، كان يثير في مشاعر الأعجاب. المسألة الأخرى، هو الجدل الكبير الذي أثارته عملياتها، وما زال النقاش مستمرا : هل خطف الطائرات عملا أرهابيا أم وطنيا، هل هي أرهابية أم مناضلة؟ هذة الاسئلة كانت تشغل بالي أيضا، ولأني ولدت هنا في السويد وتشبعت بثقافة البلد، أتفهم وصف أعمالها بالأرهابية، ولكن من جهة أخرى كوني فلسطينية الأصل أرفضة، لأني أفهم الدوافع التي تدفع ليلى وغيرها للقيام بهذة الأعمال. كل هذة الأسباب مجتمعة دفعتني للذهاب الى الأردن وأجراء لقاء معها.

*من قابل ليلى في الأردن إذا، لينا السويدية أم الفلسطينية؟
- لم أفكر بالأمر بهذا الشكل، فأنا ولدت في السويد،وسفري السنوي لأهلي وأقاربي في نابلس جعلتني جزءا من الشعب الفلسطيني، وبحكم صغري سني كان لقائي بليلى في الاردن كنوع من تلاقي الأجيال، لكني توصلت لاحقا، وبعد أنتهاء الفلم ان أسالتي لها كانت أنعكاسا لتفكري السويدي وتيقنت لو أني عشت حياتي كلها في في فلسطين لما طرحت مثل هذة الأسئلة.

*ولكن فيلمك يوصل للمشاهد فكرة تبرر العنف، ألا يتصادم هذا مع تربيتك السويدية؟
ـ كما تعرف ليس هناك تربية سويدية واحدة، هناك كم هائل من الأفكار يتباين الناس هنا في تبنيها! في هذا الفيلم هناك تسليط ضوء على مفهوم الأرهاب. اردت القول من خلاله ان هذة الأفعال وبغض النظر عن تسميتها، يقوم بها أنسان، كائن ما وراءه قصه، حكاية. التاريخ يحكم عليهم ويمنحهم صفات وفق ما تنتهي اليهم قضيتهم، فاذا أنتصرالغت عنه صفة الارهاب. ولهذا تعمدت زج شخصية ستان ليغان، المسؤل عن قتل المئات من الفلسطينيين في مذبحة دير ياسين وأيضا وصول شخصية عنيفة مثل شخصية شارون الى دفة الحكم في أسرائيل، وكيف تعامل معه العالم، كمناضل دافع، ويدافع عن شعبه. والسبب في رأي وراء هذا التعامل هو الأقرار بواقع بالأمر بعد أنتصاره في معركته، فالعالم مع المنتصرين، ولو أنتصرت ليلى خالد لتعامل العالم معها كتعاملهم مع شارون، وألغى عنها صفة الأرهاب.

*هل تظنين أن فلما وثائقيا عن "خاسرة" يمكن له ان يغير بعض قناعات الغربيين؟
- أقول لك.. بعد عرض فيلمي في مهرجاني روتردام الدولي وغوتنبورغ، سألني كثير من الجمهور وبحيرة صادقة: هل ليلى خالد ارهابية أم لا؟ قالوا وجدناها امرأة محبوبة. نحن لانعرفا لا نعرف بالضبط ماإذا كان علينا أن نحبها أم نكرهها؟ هذة الحيرة وزعزعة القناعات أردت من فيلمي ان يحققها. فبين المرأة الارهابية القاسية والأخرى الذكية التي تعرف ماذا تريد توزعت مواقف الجمهور.

*أتضح هذا جليا، خلال حديثي الطياريين في الفيلم، الأيطالي الذي قال انه يتفهما، وطيار شركة العال الذي حكم عليها وبدون أدنى أستعداد لمراجعة حكمه انها أرهابية وتستحق الموت. الغريب يا لينا، أنت نفسك سألتي ليلى، ما إذا كانت هي قد فكرت بأن عملها قد يضر بالقضية الفلسطينة في نهاية المطاف ويوسخ سمعته؟
- في المرحلة الابتدائية من دراستي في السويد، وفي كل مرة كان يطرح فيها الموضوع الفلسطيني الاسرائيلي كنت أسمع رأيا جاهزا عند الطلبة: الفلسطينيون أرهابيون يخطفون الطائرات ويرعبون مسافريها الابرياء. كنت أعرف ان سمعتنا سيئة في هذا المجال نتيجة لأعمال الخطف، ولهذا أردت سؤال ليلى ما إذا كانت فكرت وهي تصعد سلم الطائرة التي تريد خطفها انها ستسيء بهذا العمل الى سمعة شعبها!؟ وإذا لاحظت فأني لم أطرح عليها هذا السؤال مباشرة أثناء مقابلاتي معها، لأنني أحببتها كثيرا وعز علي سؤالها. ولكن وبعد عودتي الى السويد، ظل السؤال يلح علي، فرفعت سماعة الهاتف وسألتها بتردد، كما شاهدت في المشهد الأخير، ذلك السؤال.

*نشاهد هذة الأيام موجه من الأفلام موضوعها الأرهاب، من بينها "غيتمو" لطارق صالح و"ميونيخ" لسبيلبيرغ، وغيرها، هل تظنيين أنها محاولة لأعادة وعي مفقود أو تصحيح مفهوم خاطيء؟
ـ نعم كثيرا، في أمستردام أحسست بذلك، وخاصة بعد مشاهدتي "الجنة الأن". والأحداث الملتهبة التي تحدث في مناطق كثرة من العالم تجعلني واثقة من أفلاما أخرى ستأتي، وربما في السنة القادمة سنشاهد الكثير منها.

* هناك جيل جديد من الشباب المهاجر أو من أصول مهاجرة وخاصة من العرب بدأوا بالدخول الى عالم السينما السويدية، هل تتفقين معي بأنها بدأت تشكل ظاهرة.
ـ أظن ذلك، ولكن يجب ان نعترف ان هناك عنصرية قوية في السويد وفي أوربا، خاصة ضد العرب والمسلمين. في نفس الوقت يجد مسؤلون عن الأنتاج السينمائي هنا، حاجة لأدخال وأشراك هؤلاء من منطلق المنفعة المتبادلة، وكما يقال في السويدية (أنهم لا يريدونهم لكنهم أيضا يريدون وجودهم).

*أتقصدين ان حاجتهم تكتكية ولا تنبع من حاجة ورغبة حقيقة في أشراكهم؟ إذن أين دور الكفاءة والموهبة التي تفرض نفسها أحيانا على الغربين؟ عندك الأخوين فارس ويوسف فارس!
ـ هذا صحيح وأضيف لهم الأيرانية سوزان تسليمي، لقد عملوا هؤلاء الشباب المهاجرين أفلاما جميلة وناجحة وأشتهروا بفضلها. نعم، أقر ذلك. الموهبة عنصر يفرض نفسه في الأخير، حتى على الذين لا يريدون أشراك هؤلاء في العمل السينمائي.

اقرأ:

نظرة سينمائية مختلفة للإرهاب

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف