بؤس الشعر في مجموعات شعرية (2): جريس سماوي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بؤس الشعر العربي الآن من خلال مجموعات شعرية جديدة مختلفة (الحلقة الثانية)
3-"زلة أخرى للحكمة" لجريس سماوي
الاخلاص لبدايات شعر التفعلية وخواء وهذر لا ينقطع
(سادن الغيم ذات ليل أتاني
فاعتراني من الهوى ما اعتراني
قال : بُح بالمنى، ونم في جداري
واجترحني، وجد بورد الأماني
من يحيل الجدار غيماً وينسى
يكسر الليل تحته ويراني.
من قصيدة (فريسكو على جدار غائم).
تقدم وكالة الأنباء الأردنية (بترا) مجموعة جريس سماوي بالكلمات الطنّانة التالية : (حظي الديوان الشعري للشاعر الأردني جريس سماوي (زلة أخرى للحكمة) بطبعتيه، الأولى
(مريض بجوعاي
بالزالفين الى كعبتي
بالحجيج
الألى انتظروا طَلَّتي
عند جسر التعب
وأنا لم أُطِل
مريض بمن رسموا صورتي
كهلال
ومن لعنوا الحوت
من رقصوا كالدراويش
لكنني لم أهل). قصيدة (الرغيف)
تظهر التداعيات الرومنتيكية غير المنضبطة ذات المرجعيات التراثية التقليدية لثقافة الشاعر بارزة في أغلب قصائد المجموعة، كما تبدو لغته في خلفيتها القاموسية واضحة أيضاً عبر استخدامه مفردات مثل : (الهوى. الحجى. الأشهى. الأبهى. الحشا. الحرّى. المشتهى. صاحبتي. كثبان. أهجر. خباء. الثريا. أيها الناس. الحجيج. نديم. ماجنة. الشائنة. ثراه. الذي عَقّني بالغياب. التقاة. زلفى. هشاشتي. المستهام. الذاريات. العاديات. مجلوة. أترجى. دمايا. حمايا. خُطايا. تتبع الحُسنيين. الخجلى. أفراس. الدنيا. أقم القِرى. جوعى. الشعرى اليمانية. الألى). ويتبع في مناخ المجموعة كله ستراتيجية غنائية صارخة تخلت عنها القصيدة الحديثة نهائياً عبر تشظيها وامتلاءها بالتجارب الحياتية والمعرفية والصور والرموز والأقنعة والأحداث والحيوات المتعددة في تحولاتها والتجارب. لا تشذ عنها أية قصيدة ، عبر تقفية لفظية خالية من كل تجربة وحدث، لا نخرج منها بشيء يذكر من القصيدة الأولى حتى القصيدة الأخيرة. أقدم هنا هذه المقطعات من قصائد متفرقة لأعطي الدليل على ذلك :
(بجناحين من ألق الضوء مرَّت
وألقت على تعب الروح
أغنية تحيتها العابرة
ومضت
خلفتني رماداً وأغنية حائرة
ومضت
مثل حلم جميل مضت
ليتني لم أكن متعباً حين مرّت
ليتني لم أكن نائماً في ممرّ الدخان
ليتني لم أكن مثقلاً بضباب المكان .
كملاك صغير
بيدين من الفضة الساحرة
وفم مثل حبة توت مقدسة
وجناحين من ألق الضوء
مرّت
وألقت تحيتها العابرة
خلفتني رماداً وأغنية حائرة). قصيدة (التحية).
(عينان راغبتان
والكحل من شِعرٍ مقفى بالنعاس
وخمارها كشف وإخفاء
وموسيقى الحواس). قصيدة (امرأة متخيلة).
(يجوس فوق ملاسة الحجر المضيء بها
فينتشر العبير
وهو انبلاج البرق والمعنى
وهو المعَّنى والفقير
وهي الفضاء الطلق
والجسد المنير
وهو الأسير
لكأنها امرأة
تلامس شهوة أخرى
وكأنه الذكر الضرير). قصيدة (مطر وتمثال).
(لرعاة المجوس الثلاثة
أمنح أجراس روحي
أضمُّ لموقدهم نار روحي). قصيدة (فريسكو على جدار غائم).
(والمرتوي بالندى
والأماسي
ألا أيها الورد
يا ذا البهاء
ويا ذا الرجاء
ويا ذا المسرات
يا أيهذا النبي المؤاسي
ويا أيهذا النبي المسمر بالحلم
والممتلئ بالنعاس).قصيدة (دعاء الورد).
(منذ أسراره
منذ أحلامه المصطفاه
منذ أن أشعل الأرض
ذات شتاء بعيد
ومنذ خفايا رؤاه
منذ أمطاره المشتهاه
يرى كل شيء
ولا شيء يراه). قصيدة (البحر).
(دائرتان من الضوء
ترتعشان
تسيلان
مثل نبيذ عتيق
وتختلجان
هما أجمل الهندسة
وفمان
يقرآن كتاب الغوايات
من دونما مدرسة
رغبتان
تبحثان عن الروح. تنجذبان
وتبتعدان وتندغمان
هما جمرتان
تشعلان المكان وتأتلقان
دائرتان فمان
منفلتان من الوزن
غامضتان
هما نغمتان
هاربتان من العود
صعلوكتان). قصيدة (قبلة).
وألآن - ماذا بامكاننا أن نقول عن شاعر في عصرنا وأيامنا هذه يرأس أحد المهرجانات الثقافية والفنية والسياحية في العالم العربي . يقّفي ويقول في قصيدته : (ألا أيها ال) ؟. في أفضل الأحوال سنقول له : (عد عزيزنا جريس سماوي الى خيمتك وصحرائك وبدويتك الشعرية، واترك الادعاء في الشعر والفكر الأردني الذي تحاول أن تلفت الانتباه اليه الآن. نحن أدرى منك في الشعراء الأردنيين الحقيقيين وابداعهم).
* عتوي. القط الكبير في العامية العراقية
* تلقيت دعوة الى مهرجان في اسبانيا بعد سقوط نظام صدام بشهور ورفضت المشاركة
كما اتصل بي قبل شهور شخص اسمه علي حسين دهيس يرأس تحرير مجلة أدبية في صنعاء وطلب مني المشاركة في (مهرجان صنعاء للشعر) فرفضت أيضاً، وغدرت بصديقي الشاعر العراقي رحمن النجار الذي دعاني الى قراءات في أمسية بالعاصمة الدنماركية وسافرت الى هناك بعد أن قام مشكوراً بترجمة القصائد التي أخذت من وقته الكثير، لكنني عدت الى بيتي قبل موعد الأمسية بساعة في القطار الواقف في الجهة الثانية من محطة كوبنهاكَن وأغلقت تلفوني واعتذرت من رحمن بعد فترة طويلة.