على ضفاف وان دونتُ حكايتي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
افتتاحية العدد التاسعالمخصص للروايةفي كردستان الشمالية : الفصلية "حجلنامه"
قبل أكثر من ثلاثة عقود، زارنا ضيفٌ كردي، من ستوكهولم، زار الضيفُ منزلَ والدي في عامودا؛ بمعيته - آلة تسجيل، دوّنَ صوتَ والدي، وهو يتحدث له عن ذكريات شتى عن ماضي وتراث المنطقة، استغرقت ضيافة زائرنا "الاستكهولمي" بضعةُ ساعات.
في التسعينيات من القرن الماضي، التقيت بضيفنا القديم، كنتُ أنا هذه المرة الضيف في ستوكهولم، وفي منزله، أهداني الرواية التي كان في صدد صوغها حين زار عامودا: "موتُ عجوز قدير"، وكان من ضمن إهداءاته على الكتاب ـ الرواية، إهداء إلى الشيخ عفيف الحسيني، كان الضيفُ قبل ثلاثين سنة، هو محمد أوزون؛ وفي منزل محمد أوزون، كان أيضاً، الراحل محمود باكسي، كلاهما، الآن يحلان ضيفين في هذا العدد.
***
لم تشهد الرواية الكردية، تعريفاً بها في اللغات الأخرى، والأعمال التي تُرجمت إلى العربية، ظلت حبيسة التوزيع الشحيح، فكان علينا، أن نقدم للقارىء بالعربية، هذه الروح التي أَضطهدت لغة، جغرافيا، منفى.
***
في هذا العدد اقتصرنا على الروائيين الكرد بالكردية فحسبُ، ولم نضم الروائيين الكرد بالتركية، أو بلغات أخرى، خاصة لكاتب قدير مثل ياشار كمال، حيث عدد خاص به، هو الأجدر، أيضاً الأعمال الروائية للفذ يلماز كوناي، ولأسماء روائية شابة كثيرة، تكتب رواية حديثة، لكن بالتركية "سوزان سامانجي"، أو بالفرنسية "شهموس داكتكن"، تركنا هؤلاء، ربما خيال الزمن القادم يراود، بترجمتهم في حجلنامه.
***
غيابٌ فادحٌ للنقد، اشتكى أغلب الروائيين المساهمين في هذا العدد، من أن النقد غائبٌ كلياً، أو شبه كلي. وهو أمر لايدعو إلى التفاؤل أبداً. بعضهم، من الروائيين، لم يجد مادة نقدية واحدة عن كتاب روائي له. تصدر الرواية، فلاأحد يلتفت إليها!؛ أمرمحبط ومحير!؟؛ ليكن... لكن، الإحباط الأشد قتامة، أن هذه الرواية، قلما اخترقت حصارها اللغوي الكردي، إلى لغات عالمية. هذه الرواية هي في ذمة مايشبه الغياب أو العدم.
***
التاريخُ هو روايةٌ ومعمارٌ ولونٌ ولسانٌ، ومقامُ أحجار قلعة "آمد"، ومياهُ بحيرة "وان"، التي أغرقَ التركُ فيها، ذات زمن من القرن العشريني، أسلافَ هؤلاء الروائيين، وعبر خيال هؤلاء، هنا، سنجتاز كردستان، من ضفاف "وان"، حيث ينحدر حكّائيو هذا العدد، إلى ستوكهولم، التي احتضنتْ معظم هؤلاء الرواة، هذا المعمار، هذا اللون، هذا اللسان، وأخيراً هذه المعضلة، التي اسمها المنفى.
***
سألتُ الروائي "لالش قاسو"، عن اسم مدينته، أو قريته، التي أخذ منها خياله الروائي، قال: "إنها لاتبعد عن قرى عامودا، بأكثر من خمس دقائق ركضاً".
هذه الدقائق الخمس، كيف يمكن اجتيازها روائياً، من اللغة الكردية إلى المنفى!؟. ربما سنجد ذلك في هذا العدد المخصص، لتلك المسافة الزمنية، وللحكايات التي دونها ضيوفُنا، سليلو حجر آمد، ومياه وان المتشققة. فلنقرأْ هذه المدونات.