غالوري الفنون

الحلقة الخامسة من: خبز المدينة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الحلقة الأولى / الثانية / الثالثة / الرابعة/

لم تشأ ان تعطي اهمية لاندهاش المرأة الغجرية، او تعليقات ماريو الساخرة، او ترى في ذلك سببا للمباهاة بما اسمياه فحولة الرجل الشرقي، فانت واثق من انها لحظة استثنائية، املتها حالة الكبت والاحتقان التي عانت منها هذ الطاقة لاعوام طويلة. كنت قد استجبت لضعفك ذات مرة، واها انت مرة ثانية تجد نفسه مقذوفا في لجة اللذه المحرمة، بعد ان قهرت قوة الغريزة. لقد تقلبت ليال طويلة فوق فراش الجمر وانت تحارب هذا الضعف في نفسك. كنت تسمع همسات الشيطان كفحيح الافاعي في صدرك، وتطرد الشيطان وتصم اذنيك عن سماع همساته، وتنتصر عليه مرة وراء الاخرى، حتى جاء هذا الماريو اللعين، وجاءت هذه الرحلة الاثمة الى الغابة، لتنهار تلك المقاومة التي واجهت به ابليس نفسه، لان ماريو لم يكتف بالهمس والفحيح، وانم وضع امامك الانثى مسلحة بكل مباهجها ومفاتنها، جعلها متاحة لك، فقطع عليك طريق العودة، لكنه لن يقطع عليك طريق التوبة، فكما استطعت ان تنتشل نفسك من حالة الضعف في المرة المرة السابقة، فامكانك هذه المرة، رغم الخطيئة اكبر واسوأ، ان تنتشل نفسك من بؤرة السقوط التي وقعت فيها. ان ما يؤلمك الان، ويفسد عليك ما احسست به من متعة المغامرة ولذة الجنس، هو هذا الشعور بالاثم الذي لا يريد ان يزول او يتلاشى، بل يزداد ثقلا ورسوخا، ويجعلك تحس بانك مدنس بدنس لن يزول سريعا، لانك الان في مفترق الطرق، ترى في احدهما ان هذا الاحساس بالاثم والدنس هو ضمانتك للتوبة والعدول عن المضي في طريق الخطيئة، وترى في الثاني ان وحش الغريزة الذي استيقظ لديك بهذا العنف وهذه القوة، لن يبقى ساكنا ساكتا بعد اليوم، وسيحتاج الى طعام جديد على الدوام، ولعل الحل الامثل الذي يوحد هذين الطريقين في طريق واحد يحقق لك الامن والسلام هوالزواج، ففيه ارضا ء لوحش الغريزة بمثل مافيه العصمة من الجنس الحرام، وفيه، ربما، حل لمسألة ثالثة هو تعلقك المرضي بامراة رجل آخر هي ثريا، الا ان انخراطك ضمن هذا الجيش الذي يعدونه لحملة الحبشة يجعل من اختيار الزواج اختيارا مستحيلا في هذه الفترة، مما يترك المأزق قائمة والازمة التي تعاني منها مفتوحة على كل الاحتمالات.
ومسرعا رجعت الى المعسكر، لكي تبحث عن طريقة تتحرر فيها، ولو قليلا، من عبء هذا الدنس. وضعت جسمك، فور وصولك، تحت رشاش الماء، تتطهر وتؤدي طقوس الاغتسال من الجنابة. امضيت وقتا طويلا تحت الماء، حتى طردت الادران التي خلفها التمرغ فوق ارض الغابة، ولكنك لم تشعر بانك نظيف من الدنس او تخلصت من الشعور بالاثم. انتهيت من الاغتسال والوضوء، فارتديت جلبابك، وشرعت في اداء الصلاة التي اطلت خلالها في التسبيح والاستغفار وقراء القرآن.
كنت ترى في الحصص التي تأخذها مع ماريو، فضيلة واحدة، هي فضيلة اعفائك من طابور الصباح، ثم تدريجيا، ومع زيادة الحصص وتكثيفها التي جاءت اثر تعليمات جديدة لماريو بمضاعفة حصص التدريب اختصارا للوقت، ضهرت منفعة اخرى هي تحررك من مهمة جلد المجندين المذنبين، خاصة وان حالة التوتر التي استوجبت كثرة المتمردين وكثرة التذنيب، انتهت بوصول الاخبار التي تنفي أي احتمال لدخول المجندين في حرب ضد ابناء وطنهم، وبدأوا في المعسكر بتعودون على غيابك، وبالتالي يتخلون عن اسناد اية مهمات اليك داخل المعسكر، ثم جاءت الفضيلة الثالثة عندما بدأ ايقاظ المجندين قبيل الفجر، لأخذهم في رحلة كل يوم الى جبل غريان لتدريبهم على الحروب الجبلية، ومقابل هذه الفضائل الثلاث، ادخلتك حصص ماريو الى ارض الخطيئة الموحلة التي يصعب الخروج منها، ورغم هذا الاحساس الفادح بالاثم وقوة الوازع الديني، وجدت قوة الغريزة هي التي تكسب الجولة، وتجد نفسك تهفو لمعاودة التجربة، وتستجدي ماريو ان يرتب لكما مغامرة ثانية. لكنه وجد في هذا الاستجداء حافزا لابتزازك، ووسيلة لتحقيق رغبته في التعرف على امرأة من بني قومك، فهو يطالب بان تفي انت بحصتك من الصفقة، ورغم انك لم تكن وعدته بشيء، فقد اعتبر كلمة نعم التي قلتها له ردا على احدي ثرثراته حول هذا الموضوع، وعدا منك باحضارعاهرة عربية له. سحقا لكل هذه المباذل والبذاءات. لوكنت في وضع غير وضع الجندي الموفد للحرب، لوجدت الحل الذي يغنيك عن هذا كله، وكنت فعلا عائدا الى المدينة بعد هروبك منها بنية ان تطلب يد ثريا، لتجد انها قد اختفت في بيت رجل آخر، وتختفى انت ايضا في هذا النفق الذي سيمضي وقت طويل حتى يظهر الضوء في آخره، اذا ظهر على الاطلاق. ومع قوة الصدمة التي تلقيتها، ورد الفعل العنيف الذي اوصلك الى معسكر ابي مليانة، مازلت تشعر، بهذا الشعور الذي لا تملك له تفسيرا ولا تعليلا، وهو ان هذه المرأة خلقت لتكون امرأتك انت، لا احد غيرك، وطالما حدث ان ذهبت لهذا الرجل الذي تزوجها، فهو خطأ ستتكفل الايام القادمة بتصحيحه، وهذا الحدس او الاعتقاد هو ما يجعلك تترك كل المسالك الى بيتها مفتوحه وكل الخيوط بينك وبينها موصولة، ولعل واحدا من اسباب سعادتك بتعلم قيادة السيارة، هو انها ستوفر لك وسيلة للتواصل مع ثريا عندما تراك جالسا امام مقود السيارة، وتدعوها الى ان تركب السيارة بجوارك فتأتي مبهورة بما تراه، لتأخذها في نزهة بهذه الوسيلة الحديثة من وسيلة الموصلات في نزهة لم تنل مثلها الا المحظوظات من النساء، وتخطر على بالك الاغنية الجميلة، ذات الشعبية الساحقة، التي تغنيها هذه الايام ليليان اليهودية في اعراس طرابلس، والتي تقول:
طالعة في كسوة موره
جميلة وحلوة في الصوره
يا لو نعمل بيها دوره
حتى عمري نعطيه
الله، الله
حتى عمري نعطيه

و ستكون هذه " الدورة " التي ستقوم بها رفقة ثريا، اجمل كثيرا مما تقترحه الاغنية، لانها ستكون داخل سيارة من احدث وارقى طراز، تحمل العلامة المميزة لحاكم البلاد.
تذكرت انك لم تخبرها بتأجيل السفر الى الحبشة، فهي مازالت تعتقد ان رحيلك وزوجها فتحي قد تم في موعده، وانكما الان تقاتلان الاحباش بالنيابة عن الايطاليين في مجاهل القارة ورأيت ان شيئا كهذا ليس عدلا في حقها، وقررت ان تذهب في اقرب فرصة اليها، تطمئنها، وتبلغها بما حدث من تأجيل.
ما ان رأتك واقفا خلف عتبة البيت، حتى علت وجهها علامات الدهشة، تسألك ان كانت هذه صورتك الحقيقية، ام صورة الشبح الذي يظهر بعد غياب صاحبه، لانها ظنت بانك الان منخرطا في حرب الاحباش. اخبرتها بانك شبح مسالم، لايريد ان يؤدي او يفزع احدا. فدعتك الى الدخول والجلوس بجوار والدها المريض، وبخلاف المرات السابقة عندما كانت تختفي في الغرف الداخلية، ظلت هذه المرة واقفة قريبا من الباب، تسأل عما حدث بشأن السفر الذي كان مقررا من أيام مضت للالتحاق بالحرب، وعمااذا كان زوجها لازال هو الاخر موجودا في طرابلس، فطمأنتها بان الجيش كله مازال موجودا كما كان، نتيجة لتأجيل السفر عدة اسابيع، وانهم مازالو يسمحون بزيارة المجندين، وان جعلوها تقتصر علي يومي الخميس والجمعة، وابديت استعدادك لمرافقة العائلة يوم الخميس القادم اذا شاءوا. كنت تقول هذا الكلام وانت تملأ بصرك من بهاء عينيها وجمال وجهها القمري الاستدارة، الذي تركته سافرا هذه المرة رغم وجود والدها، فقد صار طبيعيا ان تنظر لك الاسرة كأنك اخ اكبر لها، ولا ترى في ظهور ثريا امامك بوجه سافر شيئا يحمل اذنى شبهة لمخالفة الاصول اوالخروج عن قواعد الاحتشام. انك تحبها، ذلك الحب الذي يصبح معه نداء الغريزة، بكل حدته وقوته وسيطرته على الجوارح والاحاسيس، شيئا ضئيلا وهامشيا يمكن ان يتواري ويغيب في زخم هذا التواصل الجميل والحميم بين روح وروح، حيث يصير الحب اكبر من ان يكون موضوعا حسيا يقتصر فيه التخاطب على لغة الاجساد، ويصير مجاله الحيوي اوسع من تلك الدوائر المغماطيسية الي تصنعها مفاتن الجسد ورجولة الرجل وما يقع بينهما من شد وجذب. انك في شوق دائم لها، يزداد توقدا واشتعالا كلما رأيتها، وتتمنى حقا ان تضع رأسك فوق صدرها، او تضم بين ذراعيك جسمها وتمرغ وجهك في شعرها وتخلط انفاسك بانفاسها ولكنك لا تتصورها بطلة لنزهة جنسية في الغابة كما يمكن ان يحدث مع اية امرأة جميلة، مثيرة تقابلها، ولا ترضى لنفسك ان تفكر فيها كما تفكر في نساء ماريو العجوز، ولعل هذا الاحساس بتصعيد العاطفة نحوها الى ذراها الروحية هو الذي افادك وانت تتلبس دور الاخ الاكبر الذي اسندته اليك عائلتها. بدا الدور لائقا عليك، مقنعا حتى لغير افراد الاسرة، بما في ذلك الجار الذي يراك وانت تدخل البيت او تصطحب افراد الاسرة للقاء صهرهم، وابديت للاب ما تشعر به من اسى واسف لمرضه، واستعدادك الدائم لاداء اية خدمة يحتاجها ويمنعه المرض من القيام بها، فكان آخر هذه الخدمات التي طلبها منك، ان تأخذ مفتاح الدكان، لاحضار عدد من الاحذية النسائية والرجالية، تعرضها زوجته على نساء الجيران، لبيعها والاستعانة بثمنها على قضاء الاحتياجات اليومية لحياة العائلة، وكان هذا يزيد من تأكيد صورتك كفرد من افراد العائلة واخ اكبر للبنت واخيها. ثريا وحدها، من كان يعرف على وجه اليقين، حقيقة مشاعرك نحوها، ومدى حبك لها وهيامك بها، الذي لا تضعه الاعراف والنواميس في خانة المشاعر الاخوية التي يحملها الشقيق لشقيقته، غير انها لم تر شيئا في سلوكك يجعلها تخاصماك او تخشى على عفتها منك. بمعنى انه حب، ولم يكن بريئا، الا انه لا يشكل خطورة عليها، بل لعله، يرضي، بشكل من الاشكال، رغبة انثوية بان ترى حبها معكوسا في مرايا رجل مثلك.

حدث ان جاء يوم الخميس والولد الصغير في المدرسة القرآنية، والام التي استعدت للذهبا مع ابنتها وجدت ان نوبة السعال اشتدت على الاب بحيث صار متعذرا انت تخرج الام وابنتها وتتركانه بمفرده. كان العدول عن الزيارة امرا محرجا، بعد ان جئت انت حسب الميعاد ومعك عربة الحنطور واقفةا مام البيت، وانتهى الرأي بالا تحرم الام ابنتها من زيارة زوجها الغائب خلف اسوار المعسكر والمتجه في اية لحظة الى ارض المعركة، وان تتركها تذهب صحبة الاخ الاكبر الذي هو انت.
وجدت نفسك منفردا بها، داخل عربة الحنطور، فلم تشأ ان تنتهي هذه الفرصة بانتهاء الطريق الذي يقود الى المعسكر، وان تطيل عمر هذا اللقاء اكثر قليلا من هذه المسافة، فاستاذنتها في عدم الذهاب مباشر الى هناك حتى ينتهي الزحام الذي تصنعه الافواج الاولى من الزائرين، وقضاء هذه المدة تتنزهان في بعض الربوع الجميلة التي تزخر بها مدينة طرابلس. ولانه لم يكن ممكنا ان تذهب بها الى السينما، او الهبوط من العربة والتنزه في الحديقة العامة، او الجلوس بها في مقهى الميرامار او غيره من المقاهي، فقد بقيتما طوال النزهة في العربة، باعتبارها المكان الوحيد الامن، تقضيان فيها الزمن الذي يسبق الزيارة دون ازعاج، متجاوران فوق مقعد واحد، فيما يشبه الخلوة التي تتيحها لكما المظلة التي تغطي العربة وبعض الستائر على جوانبها، وقد اعطاكما الحوذي ظهره، منشغلا عنكما بقيادة عربته عبر شوارع المدينة المزدحمة بالسيارت والعربات، وربما كان الافضل لك ولها، ان تنسيها امر زيارة المعسكر هذا اليوم، وتبحث عن حيلة تجعلها تعدل عن زيارة زوجها، لانه لن يرتاح لمجيئها الى المعسكر بمفردها، وقد يبادر بسؤالها عمن جاء بها، فيفتح ذلك بابا لمتاعب وشكوك لا حاجة لاحد بها. لم تفصح لثريا عن شيء من هذه الرغبة، وامرت الحوذي ان يأخذكما الى طرابلس الحديثه، والتي درج الناس على تسميتها طرابلس الايطالية، الى اهم معالمها، قصر الحاكم الذي استوى منذ اشهر قليلة، مثالا للفخامة والبهاء، بابوابه العالية، وقبابة المذهبة، وقد احاطت به النوافير وجداول الماء والاشجار التي تأوي اليها الطيور وتضيف بغنائها المتواصل صوتا يختلط بالاصوت الاخرى التي تصنع صخب المدينة، وتمنح هذه الارض الخضراء التي تحيط بالقصر مساحة ضرورية تمليها هيبة السلطة وفضاء مزهرا مونقا، يظهر بهاء هذا القصر الذي امتزجت فيه قوة وكبرياء المعمار الروماني الامبراطوري، مع روحانية المعمار الشرقي وجمالياته، قبل ان تبرز من حوله الابنية الاخرى التي، وان كانت اقل فخامة وبذخا، الا انها ليست اقل جمالا واهتماما بروح البيئةالمحلية والوانها ومفرداتها في مجال المعمار والزخارف، مع انتشار اللون الاخضر حولها، وتركيز خاص على اشجار النخيل بما تمثلة من رمز للبيئة الشرقية البدوية، والتي تبدو اكثر جمالا واناقة في هذا الحي الايطالي مما هي عليه في الضواحي المأهولة باهل البلاد، وكانهم هنا يغسلون جذوعها وكرنافها وسعفها وجريدها بالماء والصابون كل صباح كما يفعلون مع الشوارع. كنت تشرح لثريا ما سمعته من ماريو، الذي اخبرك بان هناك فلسفة لدى المعماريين الايطاليين وهم يبنون هذه الاحياء الجديدة بالا تكون نقلا واستنساخا للطرازالايطالي، وانما استلهام لروح البيئة العربية الشرقية مع الاستفادة من تقنيات المعمار الايطالي، ليكون لطرابلس طابعا يختلف عن المدن الايطالية ولا يكرر عيوب المدن العربية، ويؤكدون على ضرورة انبعات مدرسة جديدة في المعمار تستفيد من الشرق والغرب، تبرهن لكل من يأتي زائرا لطرابلس على روح التجديد والابتكار لدى هؤلاء المهاجرين الرواد الذين يؤسسون لايطاليا وطنا جديدا وشاطئا رابعا لبلادهم. سارت بكما العربة عبر شارع الملك فيتوريو ايمانويل الثاني، وصولا الى ميدان الكاتدرائية، حيث يقف الزوار الى هذا المعلم المعماري الكبير يأخذون الصور لواجهة الكنيسة الحافلة بالنقوش والتصاوير، وقد تبدى الميدان صورة مصغرة للمجتمع الايطالي الذي لا تخالطه اية اخلاط ليبية محلية، اكتظت ارصفته بالموائد والكراسي التي اخرجتها المطاعم والمقاهي الكثيرة، تضج باصوات روادها الايطاليين من نساء ورجال وباعة متجولين ومصورين يحملون كمراتهم ويعرضون تصوير الناس وقد احضر بعضهم ديكورا لمن يريدالتصوير مع صورة ممثلة مشهورة اوفوق كرسي يشبه العرش، كما تعالت اصوات الموسيقى والغناء من دكاكين تبيع هذه الاغاني ومطاعم تستعمل اجواقا موسيقية للترفيه عن زبائنها، امااصحاب المتاجر التي تبيع الملابس اوالتحف اوالورود او الصحف او الحلويات فقد اخرجوا جزءا من بضاعتهم ووضعوها فوق مساند وطاولات وصناديق على الرصف تصنع زخما من الالوان والاشكال وتمنح المكان نكهة خصاة وطبيعة تختلف عن معظم الاحياء الاخرى. كان المشهد كله جديدا بالنسبة لثريا التي لم يسبق لها ان جاءت الى هذا الجزء من المدينة، فهو جزء يحتتكر الايطاليون ارتياده لانفسهم، ولا يأتيه العرب الا فيما ندر خوفا من المضايقات، فما بالك بامرأة صغيرة السن، امضت كل طفولتها داخل البيت بزنقة بنت البي، لا تغادره الا للعب في ذات الزنقة عندما كانت طفلة وعندما احتجبت لا تغادره الا الى دكان والدها وفي رحلات موسمية مع اهلها الى موطنهم الاصلي في تاجوراء، وبعد ان قمت بلفة ثالثة ورابعة في ميدان الكاتدرائية انتقلتم الى شارع الدوتشي، الذي كان اقل زحاما، فسألت الحوذي ان يقف امام كشك يبيع المرطبات فاشتريت لها كوبا من الجيلاتي الممزوج باللوز والفستق، وعدد من اصابع الشيكولاته، واشتريت لنفسك وللسائق قنينتي رنجاته، ودفعت النقود للبائع وانت سعيد، لانك اردت ان تحتفي بوجود ثريا معك، وجلوسها بجوارك فوق هذه المحفة، في رحلة اشبه بالحلم، بدا العالم خلالها مكانا مبهجا، يصاعد منه ايقاع جميل، تصنعه دقات حوافر الجواد فوق الاسلفت وشنشنة اجراس الزينة المعلقة بالعربة، وضجيج الحياة في هذه الشوارع والميادين، مختلطا ومنسجما مع ايقاع القلب في اكثر حالته اثارة وانفعالا وطربا. كل شي امام ناظريك يكتسي بلون الفرح، وكل شيء حولك يتكلم لغة الفرح، وقد اختفت من عقلك وقلبك كل مصادر الكدر والازعاج بما في ذلك حياتك داخل المعسكر واحاديث الحرب وطقوس التأنيب والتعذيب ما مضى منها وما سيأتي، فلا تذكر شيئا ولا تستحضر ف يذهنك احدا، غير هذه المرأة، ولا ترى ان للحياة ماضيا او مستقبلا، غير هذه اللحظة المبهجة. لم تكن متعة ثريا وهي تلعق الجيلاتي، باقل من متعتك وانت تراقبها وهي تفعل ذلك بنهم وفرح، متوردة الشفتين، متوردة الوجنتين، في اطار تصنعه لها فراشيتها البيضاء، والدهشة لا تفارق هذه الوجه الذي تضيئه مشاعر الاثارة والفرح، والذي يفيض عذوبة وبراءة تملك عليك مجامع قلبك، خاصة عندما تنظر في عينيها العسليتين، فتحس كان لهما اشعاعا يخترق الضلوع ويحرق قلب القلب بناره المباركة وعذابه اللذيذ، وتصدر عنها بين لحظة واخرى تعليقات سريعة تعبر عن هذه اللدهشة التي تغطي ملامحها، بصوتها المخملي، ولهجتها الطرابلسية التي تقطر حلاوة وعذوبة، التي تستقر في اسماعك كعزف الة الناي.
- يا ربي يا مولاي، هل هذه طرابلس حقا ام مدينة اخرى هبطت من السماء. هل هذا حلم ام علم؟
كانت عربة الحنطور مكانا مناسبا لامرأة مثلها، تستطيع بواسطتها ان ترى المدينة ومظاهر الحياة في احيائها الجديدة من مكان آمن، واثقة ان لا احد يستطيع ان يراها او يتعرف عليها، اذ انه ما كان لها ان تتجول على قدميها في هذا الجزء من المدينة وما كان لوسيلة اخرى مثل عربة الكارو المفتوحة التي يركبها الناس في الاحياء الشعبية ان توفر لها مثل هذا الموقع الامن، وهذه الوقاية من اعين الناس، بما لها من غطاء يسبل ستره على الراكب دون ان يحجب الرؤية امامه، وكانت ثريا ارضا للفضول التي تثيره المناظر الجديدة التي تراها لاول مرة تطل برأسها خارج اطار العربة، ثم تسحبه وتميل بكامل جسمها الى الوراء، وتسحب الرداء فوق وجهها، لحظة ان يتهيأ لها انها رأت رجلا عربيا وسط زحام هؤلاء الاجانب، خشية ان يكون هذاالرجل من معارف اهلها، رغم ان من تراهم وتظنهم عربا لم يكونوا في الغالب كذلك، لنذرة وجود هؤلاء العرب، ليس فقط لان الايطاليين لا يحبون ذلك، ولكن لان اهل البلاد انفسهم يتجنبون الاختلاط بهذه البيئة الغريبة عنهم، او الاختلاط بهؤلاء الايطاليين بما قد يتسبب في شجار تكون نتيجته السجن والضرب للعنصر الوطني، بينما يبقى الطرف الايطالي فوق الحساب والعقاب.
وتتوالى عليكما المناظر التي تثير قهقهات ثريا، فهذه امرأة ايطالية بدينة جدا ترتدي قبعة كبيرة مرشوقة بالريش وتتطاير منها الاشرطة الملونة، تجرخلفها كلبا صغيرا في حجم الفأر، فتشير اليها ثريا تريدك ان تضحك مثلها، وهذا صبي مالطي يبيع البالونات وينادي عليها بلغته المالطية النتي هو خليط من العربية والايطالية المحرفة، يركب درجاته بمحاذاة عربة الحنطور التي تقلكما وقد تأرجحت فوق راسه اكوام من البلونات الملونة المنفخوة والمشدودة الى خيط في يده، يعرضها للمبيع ويدفع بها حتى تلامس وجهيكما، وتمران بمنظر النافورة التي تتوسط ميدان سيشيليا، والتي تـنبتق من م طبق تحمله جياد الاسطورة ذات الاجنحة التي تمتد عدة امتار في فضاء الميدان، ورغم انك تمر كل يوم بهذه النافورة وهذا التمثال، لانهما يقعان في مفترق الطريق بين المدينة القديمة والجديدة، الا انك لم تكن اقل اندهاشا من ثريا التي تشاهدهما لاول مرة، فقد بدت النافورة اكثر جمالا وجلالا واكبر حجما، كما بدت لك الجياد الحجرية كانها جياد حقيقية تستعد للانطلاق باجنحتها السحرية في فضاء الكون، ربما لانك ترى هذا المشهد صحبة ثريا، وتراه هذه المرة من موقع اعلى من موقعك وانت تمشي فوق الارض تدس رأسك في الارض خائفا من رذاذ الماء، فتظهر لك صورة جديدة، من زوايا مختلفة غير تلك التي كنت تراه عبرها. وثريا بجوارك، سعيدة بهذه النزهة غير المرتقبة، تضحك بسبب ودون سبب، سواء ظهر المنظرالذي يدعو الى ذلك اولم يظهر، وقد غاب عند ذهنها السبب الاساسي في هذه الرحلة فلم تأتي على ذكره او تحاول تنبيهك اليه، منهمكة تماما في مراقبة ما يتكشف لها من مشاهد ومناظر، لا تترك فرصة الا وتفصح عن سعادتها بما اتاحته لها هذه الرحلة من لحظات نادرة من الحرية والانطلاق.
اكتست جدران الشوارع بالملصقات الكبيرة التي تعلن عن بضائع لا وجود لها في المدينة القديمة، انواع من العطور والخمور والسجاير وادوات التجميل، غير اعلانات الحفلات الموسيقية التي يقدمها مسرح الميرامار للايطاليين واعلانات الافلام، واخرى عن سباقات للسيارات واخرى للقوارب ومباريات رياضية واعلان عن مجلات ودورات للرقص والموسيقى تقدمها المنتديات الايطالية، كلها مكتوبة باللغة الايطالية ولكن الصور التي تصبحها وتشرح محتوايها تكفي الناظر عن قراءة اللغه وتغريه بالسعي ليكون واحدا من هذه الطبقة المحظوظة التي تقتني اوتستخدم او تمارس ما تدعو اليه هذه الاعلانات، كما ظهرت تصاويرهم وقد بلغوا ارقى شكل للكمال الانساني جمالا واناقة وصحة وعافية. وظهر امامكما فجأة اعلان كبيرة يمتد بعض الحائط فوق واجهة سينما الهامبرا، عن فيلم ايطالي يظهر فيه وجه البطل الشاب الوسيم، بشعره المتهدل فوق عينيه، وقد امال رأسه فوق وجه حبيبته الفاتنة، يهم بطبع قبلة فوق شفتيها اللتان كانتا في حالة استعداد لاستقبال قبلته. تأملتما سويا الصورة الموحية، وقد وقفت بكما العربة عندما منعطف يعود بكما الىطريق الكورنيش، الذي كان مشروعا يتعتر تحت حكم الولاةالسابقين لبالبو، لكنه عندما جاء، مصحوبا بميزانية ضخمة زوده بها الدوتشي، اسرع باتمامه ليتباهى به امام زواره من ابناء المدن الساحلية الاخرى، لما اضفاه من لمسات جمالية تمثلت في هذاالسور الجميل، ونضام الاضاءة الذي لا يظهر جماله الا ليلا، وما غرسه من شتلات النخيل على امتداد الكورنيش. جاءت انسام منعشة رطبة تضرب وجهيكما وتحمل اليكما رائحة البحر، وقد ظهرت امواجه وهي تتكسر على سور الكورنيش، فيتطاير رذاذها في الهواء، قبل ان تتراجع وهي تصنع خطوطا متعرجة بيضاء وسط المفازة الزرقاء، حيث لا شيء يظهر على مرمى البصر غير قوارب شراعية بعيده، تلوح كانها نقاط بيضاء فوق البساط الازرق الذي يربط كوكب الارض بعالم السماء.
طرقع سوط الحوذي فوق رأس الحصان، عندما وجد نفسه وسط الطريق الواسع، المسفلت حديثا، الذي يبدو تحت انعكاس اشعة الشمس كانه شريط من المرايا السوداء، ومضى يعدو كنه واحد من جياد السباق، ورغم انه لم يكن هناك شيء يدعو للاستعجال فان عادة الحوذيين ان يفعلوا ذلك في الشوارع المسفلتة الفسيحة الخالية من زحمة المرور، لخلق نوع من الاثارة التي تسعد الراكبين معهم كما فهمت من احد هؤلاء الحوذيين، وبسبب الهزة التي حدثث لعربة الحنطور عند بداية انطلاق الجواد، اختل توازن المرأة التي بجوارك، ولم تنتبه الا وثريا تصبح في احضانك. اذهلتك المفاجأة عن نفسك، وكت دون تدبير ولا تفكير، وبطريقة عفوية املتها اللحظة ذاتها، احتويت جسمها بذراعيك، تهصر قدها وتلصق صدرها بصدرك لوهلة قصيرة وتستنشق عبير الـعـنبر فواحا يظهر من بين نهديها، قبل ان تنتبه هي لنفسها، فتستعيد توازنها، وتنتزع جسمها من جسمك عائدة الى مكانها.
احسست في تلك اللحظة القصيرة، التي تشبه ومضة البرق، كأنك امتلكت الدنيا بكل كنوزها بين يديك، واغترفت جرعة من سحرها وجمال مباهجها، اشعرتك بالنشوة والتحقق والامتلاء، كأنك بلغت اقصى ما تشتهيه من هذه الحياة، الى حد اغمضت معه عينيك، بغية ان تقبض لاطول فترة ممكنة على هذه اللحظة الهاربة.
اسرع الجواد يجر العربة عبر طريق الكورنيش، حتى تنتهي مناطق البناء والعمران، حيث ينفتح الافق على فضاء اخضر من المزارع والبساتين يجاور فضاء البحر، عند نطقة شط الهنشير. كان المكان خاليا في هذه الساعة من ساعات الضحى، من أي فلاحين او عابري سبيل، غاطس في الهدوء، حيث لا شيء غير هسيس النجيلة الخضراء، واطيار تتقافز فوق غصون الاشجار. صار بامكانكما ان تخرجا من تحت مظلة العربة، ولا تجدان حرجا اوخوفا من الوقوف في المساحة المفتوحة خلف مقعد الحوذي، الذي اوقف العربة بناء على اوامرك، تتأملان المنظر الذي يعبق بالجلال والجمال والسكينة، وثريا التي كانت تسدل طرف ثوبها فوق وجهها، وتحكم احيانا قبضتها على لحافها، تركت اللحاف ينحسر عن وجهها، وقد صار بسبب لسعات الهواء البارد القادم من البحر، يشتعل بحمرة مبهجة، تتخلل كالسنة اللهب بشرتها القمحية، فيظهر لك شفافا، لامعا،يطلق شراراته التي تلسع الفؤاد، وخصلة من شعرها الفاحم السواد، خرجت من تحت غطاء الرأس، تداعبها انسام البحر وترمي بها فوق وجهها فتضيف الى االوان الوجه تكوينا جماليا آخر، والى فتنته مزيدا من الفتنة. بقيت هي تتأمل الحقول، وانت تتأمل وجهها، لانك على هذه الصورة، تريد ان تختزن وجهها في ذاكرتك، وترحل به الى البلاد البعيدة التي تسافر اليها، ليكون زادا لا زاد لك سواه في ايام المسغبة والامحال الروحي والعاطفي، والتي تطول لتصير اعواما واعواما.
ظهر بين الحقول رجل يدفع امامه عربة خضروات، ماضيا باتجاه المدينة، ولم ينتبه احد منكما الى وجوده، الا بعد ان اقترب من عربة الحنطور والقى التحية على الحوذي، وما ان رأته ثريا حتى ارتمت فوق مقعدها واسدلت لحافها فوق وجهها وانزوت تحت المظلة قائلة بانفاس متقطعة، خائفة، هامسة:
- انه عمي عاشور، جارنا في شارع بنت البي. لقد رآني، فيا ويلي مما سيحدث لي.
كنت واثقا من ان الرجل لم ينتبه لكما، لانه كان مشغولا بتحية صاحبه الحوذي، وهو حتى لو رآها، فلن يستطيع من مجرد نظرة عابرة ان يعرفها، لانها لا تمشي في الشارع حاسرة الوجه، ولن يستطيع اليوم ان يعرف الطفلة التي كان يراها تلعب امام بيتها قبل اكثر من عشر سنوات، في هذه المرأة الناضجة التي تركب عربة حنطور على شاطىء البحر. حتى على افتراض انه عرف من تكون، فلا يشكل ذلك خطرا عليها، لانها لم تخرج من بيت اهلها خفية وانما خرجت بامرهم، لكي تذهب بصحبتك لزيارة زوجها في المعسكر. لكنها لا تقتنع بهذا المنطق الواضح البسيط، ولا تفلح كل الكلمات المطمئنة التي قلتها لها في اعادة جو البهجة الذي تبدد بسبب ظهور هذا العربجي المسمى عاشور.
اعدتها الى بيتها، لان هذا ما ارادته واصرت عليه، مع ارجاء زيارة زوجها الى يوم آخر، وعدت انت الى المعسكر، دون ان تدع ما حدث في آخر النزهة، ينقص ذرة واحدة من جمال هذه التجربة، او افساد احساسك الذي يشبه احساس رجل اكل ثمرة من شجرة السعادة، وما عاد بامكان أي شي ء يحدث بعد ذلك ان يأخذها منه بعد ان صارت جزءا من لحمه ودمه.
اخذت طريقك الى المعسكر، مستخدما نفس عربة الحنطور، لكي لا تتأخر عن ساعة الدخول الى قاعة الطعام حيث يتممون على الجنود، ومن مكانك البعيد في الصالة رأيت زوجها فتحي، فانتابك شيء من الضيق. من أي بركان من براكين البؤس والتعاسة والحظ السيء انقذف هذا الرجل في طريقك، ليرتمي حاجزا بينك وبين المرأة الوحيدة في هذاالعالم التي احببتها واحبتك. هل هو ظالم ام مظلوم؟ ضحية ام جلاد؟ انه الزوج الذي تحسده على استحواذه على ثريا، ولكن اليس هو نفسه الزوج المخدوع، الذي كنت منذ ساعات، تستمتع بصحبة زوجته، وقد اخذتها من بين افراد عائلتها بحجة انكما ستذهبان لزيارة هذا الزوج؟ فهل كنت حقا تسرق شيئا هو ملك لهذا الرجل، ام تراه هوالذي سرق شيئا ثمينا من حقك انت. ثريا لم تكن مجرد شيء ثمين في حياتك، وانما كانت هي الحياة التي سلبها منك. نعم،انك انت الطرف المظلوم في القصة كلها، ومهما فعلت لرفع الظلم عنك واسترداد حقك الضائع فهو جهد تباركه ملائكة السماء التي وعدت بان تساعد المظلومين والمعذبين في الحياة.
عدت لاستعادة اللحظات التي قضيتها صحبتها. كانت ثريا شديدة الفرح بالخروج معك الى هذه النزهة، تعاملك بود حقيقي، وترفع الكلفة بينك وبينها، ولا تبدي احتجاجا ولا اعتراضا على تغيير الخطة، كأنه لا يعنيها ان زارت هذا الزوج او لم تزره، كثيرة الامتنان لانك اخرجتها من حالة الاختناق التي تعيشها داخل البيت، حيث ينام الاب طريح الفراش، والام تبكي حزنا على زوجها وخوفا من شبح الاملاق الذي يهدد الاسرة. لا تريد ان تخدع نفسك فتقول انك مصدر هذا الفرح الغامر الذي احست به ثريا وبدا على كل كلمة قالتها وكل حركة صدرت عنها، لان مصدره الاساسي هو ان هذه المرأة التي قاربت العشرين من عمرها، لم تعش لحظة انطلاق وحرية خلال هذا العمر كما حدث هذا الصباح، الا انها في ذات الوقت، ما كانت لتستمتع بوقتها وهي بصحبتك، ان لم تكن تحتفظ لك بمنزلة خاصة في قلبها. لم يكن ممكنا ان تسألها عن احساسها نحو زوجها، فانت تعرف انه لا يمكن لامرأة تنتمي لمجتمع عميق الايمان والتدين، تحكمه اكثر التقاليد صرامة في صون وحماية العلاقات الشرعية، ان تطرح على نفسها سؤالا مثل هذا السؤال، خاصة اذا كانت هذه المراة، كما هو حال الاغلبية الساحقة من نساء ليبيا لم تنل أي تعليم ولم تقرأ في حياتها كتابا يعزز ملكات العقل والتفكير ويتيح لها القدرة على مناقشة القوالب الجامدة المسكوكة المحفوظة التي اعدها المجتمع لنسائه الصالحات. بل لعله لم يكن مفيدا ولا مجديا لامراة مثلها ان تحصل على شيء من التعليم، لان مثل هذا التعليم لن يفعل شيئا الا اضاءة مناطق المهانة والاذلال والعذاب في حياتها، اذ كيف لامراة متعلمة ان تستجيب وتتعايش المفاهيم السائدة فيي معاملة النساء، وكيف سترضي بالاب الذي يقرر تزويجها من رجل لم تره ولم تعرفه، وبعد ان تتتزوج كيف تستطيع وهي التي يحجبونها عن الانظار ويمنعونها من اظهار اصبع من اصابعها امام الرجل، تستطيع ان تضع جسمها كاملا عاريا امام هذا الرجل الغريب الذي لم تره ولم تعرفه وقد يكون شكله منفرا ومقززا بالنسبة لها ومع ذلك عليها ان تقبل به وان تنام في فراشه كل ليلة. وهكذا يصبح بالنسبة لها، كما هو الحال الان مع ثريا، زوجها بحكم الشرع والقانون، الذي يربطه بها رباط الزوجية المقدس. وصفة التقديس الكاذبة هذه التي الحقوها به، بدل تسميته الحقيقية عقد اذعان وخداع وعبودية، وهو باطل بحكم الشرع والقانون ايضا لانه لا يتم بموافقة الطرفين، هذه الصفة التي منحته الحصانة التي يتمتع بها، واسمت أي عبث به انحرافا وخيانة، وما فعلته ثريا معك هذا الصباح، لم يكن يدل على ادنى درجات التمرد على هذا الرباط او الخروج عليه، انها حتى وان اظهرت اهتماما بك يزيد عن مجرد اهتمام امرأة بصديق الاسرة، او اكثر من مجرد الحنين لاطياف علاقة حب ناقصة، فليس بالضرورة انها تقصد ذلك، وان هذا التصور الذي تتصوره عن ميلها لك، مجرد مبالغات منك ورغبة تحتدم لديك بان تكون عواطفها نحوك، توازي ما تحمله انت لها من عاطفة، وبذات التهوج والاشتعال، واكثر من ذلك، فانت لا تريد لهذه الجولة، ان تكون الاولى والاخيرة، وانما بداية لمشاويرى وجولات اكثر الفة وحميمية، خاصة وانت الان في طريقك لان تكون بين يديك اداة تسحر قلوب النساء، هي هذه السيارة التي تفتح امامك الافاق، وتختصر بك المسافات، بما في ذلك المسافة الى قلب من تحب، لانك ستكبر في عينيها، وستنال مزيدا من رضاها عنك واعجابها وهي تراك تركب هذا الشيء الذي لايعتليه الا علية القوم. حرصت حقا على ان تمنح عينيك واذنيك وعقلك كله، لالتقاط ما يقوله ماريو العجوز اثنا ء حصة التدريب، بامل ان تكون في مستوى الثقة التي وضعتها فيك ثريا، وان تختصر المدة الى حدها الادنى، استعجالا لليوم الذي تقود فيه السيارة بمفردك.
لم يختف المفعول الساحر لتلك النزهة التي جاءتك على غير انتظار، صحبة المرأة التي يهيم بها القلب، حتى وانت تعود الى الجلوس بجوار ماريو في السيارة العسكرية، في صباح اليوم التالي، منصتا لثرثراته المليئة بالايماءات والعبارات الجنسية. ولكن بمثل ما ارضت صحبة ثريا، جوانب السمو الروحي لديك، فان السفوح التي تقطنها الشهوات الترابية، ظلت جائعة، شبقة، تطلب مزيدا من ولائم اللحم الرخيص، الذي يعرف ماريو اسواقه وحوانيته، الا انه هذه المرة صار يماطل ويتمنع، بحجة انه يريدك ان تفي بتعهداتك معه اولا، ولن يشركك في اية مغامرة قادمة مع نسائه قبل ان تـفي بوعد تقديم امراة عربية من نساء الشارع له، فمن اين لك، وانت الذي عاش بعيدا عن هذه الاجواء، ان تجد له مومس ترضي فضوله الجنسي لتذوق اللحم العربي؟ تمنيت لو كنت تستطيع الاهتداء الى تلك المرأة التي جاءت تعرض امامك مفاتنها في دكانة الاحذية، عندما كنت غشيما وصغيرا، ليس فقط لانها ستحل مشكلتك مع ماريو، ولكن لانك انت ايضا تشتهيها ونادم لانك اضعت فرصة ان تمسح وجهك في مخمل نهديها. كم هو مؤسف انك لا تعرف طريقها، وان عليك ان تبحث عن امرأة غيرها باية طريقة حتى لا تبقى مطرودا من جنة ماريو المليئة بالحوريات المومسات من شمال البحر. انك لا تستطيع ان تفكر في رجل آخر، يعينك في العثور على مثل هذه المرأة، غير عبد المولى الشحاذ. لقد وجدت لديه ذات مرة امرأة غريبة، تشاركه النوم في كوخ الصفيح، ظننت في البداية انها زوجة ثانية،غير زوجته الاولى المقيمة مع اولادها في "اولاد الشيخ"، ثم عرفت منه فيما بعد انها واحدة من بنات الطريق. هو اذن من يستطيع ان يكون دليلك الى عالم البغايا والساقطات. لم يكن في ذهنك جهة اخرى يمكن ان تقصدها، ولم يكن لديك خيارا آخر غير هذا الخيار، ولذلك سألت ماريوان يتجه بالسيارة الى حي اكواخ الصفيح بمنطقة سيدي خليفة، حيث كوخ عبد المولى، واثقا من انك ستجده نائما في عز الضحى كما يفعل الوجهاء والاعيان، لاسباب تفتضيها طبيعة العمل، فالصباح ليس موعدا مناسبا للتسول، لانه لا احد يحب ان يبدأ نهاره برؤية الشحاذين يعرضون امامه عاهاتهم واسمالهم المرقعة ونتانة روائحهم، وغير ذلك من مؤهلات التسول. عبرت بكما السيارة حي ابي مشماشه ببيوته الملتصقة بالارض، وشوارعه الضيقة المتربة المزدحمة بالاطفال، ومرت بكم بزاوية الكتاني، حيث قرأت الفاتحة على صاحب الروضة، وانت تشعر بالاشمئزاز من نفسك لانك ذاهب تسعى في مقصد فاسد، ولو كنت تمشي على قدميك لما تقدمت خطوة واحده على هذه الطريق، ولارغمتك قباب الزاوية والروضة ومئذنة الجامع الذي يتبعها، عن العدول، الا ان للسيارة سرعتها التي تسبق سرعة تفكيرك، ولسائقها دوافعه ومنطقه وافكاره التي تختلف عن افكارك، فمضت السيارة تعبر الشوارع وتثير من حولها زوابع الغبار، ثم سرعان ما هاجمتك رائحة مدبغة الجلود التي تفصل بين المساكن العربية وحي الاكواخ، تثير الغثيان والتقزر، وتنسيك فكرة العدول عن هذا المشوار التي شغلت فكرك، وابدى ماريو تأففه من رائحة المدبغة، واستخدم احدي يديه في سد مناخيره حتى تنتهي الرائحة، ولكنها لم تنته باجتياز المدبغة وانما ازدادت قوة بظهور تلال القمامة المتكومة امام الاكواخ، لانه لا وجود لاحد يهتم بجمعها وحرقها، وعدد من الجرذان، تتقافز عند مرور السياره متجه نحو الاكواخ، كانه صار طبيعيا ان تشارك الناس حياتهم، والمياه القذرة، التي لا تجد تصريفا لها، تصنع بحيرات وجداول تعبرها السيارة، فيتطاير رذاذ مياهها الخضراء، ملطخا حديد السيارة وزجاجها، مما يجعل الشتائم واللعنات نتنال من ماريو، ويصيبك شيئا منها، عقابا لك لانك لم تجد مكانا تصطاد منه النساء غير هذا المكان، فيكون ردك بانه ليس للعرب احياء يعيشون فيها غير هذه الاحياء، واذا كان لا يطيق رؤية قاطنيها فليعد الى مومساته الايطاليات، من قاطنات احياء طرابلس النظيفة الراقية.
على جانبي الطريق، وبين اكوام القمامة، وجداول المياده القذرة، كان سكان الحي يتحركون في حياتهم العادية، بعضهم لا يتحركون وانما متجمدون امام اكواخهم، خاصة المتقدمين في السن من رجال ونساء اشبه بالهايكل العظمية يتكئون تحت ظلال الاكواخ، تاركين الحركة والنشاط كله لسحائب الذباب تحلق فوق رؤوسهم وتطير وتحط فوق وجوههم، يتطلعون ببلادة الى السيارة العسكرية التي تسللت عبر اقواس البؤس الى حياتهم واقتحمت حرمة اكواخهم ومزابلهم، ولا ينافس الذباب في نشاطه الا الاطفال الذين يجرون حفاة، باسمالهم المهترئة البالية التي تحول لونها الى سواد قاتم بسبب القذارة، يحاولون ملاحقة السيارة في سرعتها ويمدون ايديهم يطلبون حسنة لله، تختلط توسلاتهم وصيحاتهم بنباح كلب في هذه الجهة، او ثغاءجدي او تيس في جهة اخرى، وبرغم انه سبق لك ان زرت هذا الحي اكثر من مرة، وبقيت به في كل مرة بعض الوقت، احسست اليوم، وانت تدخله راكبا سيارة ايطالية صحبة السنيور ماريو، كأنك تراه لاول مرة، وقد جعلته، عينا ماريو المندهشتان، ووجهه الذي انطبعت عليه علامات الاشمئزاز والقرف، وتعليقاته القاسية، يبدو عالما شديد القبح والقذارة، يستحق ان تشعر بالخجل من انتمائك للجنس الذي يسكنه.
كان اول شيء خطر ببالك وانت تمرق بين هذه الهياكل العظمية، واكداس القمامة التي يجلس حولها، وفوقها الناس، وسحب الذباب التي تغطي وجوهم، هو:
-ـ هل خرجت حورية من مثل هذه البيئة، وذاقت طعم هذا البؤس؟
قبل انتقالها مع امها لمستشفى كانيفا، كانت حورية تقطن حي الاكواخ الواقع بشارع ما كينه، والذي يمثل صورة طبق الاصل من هذا الحي. وبسبب قربه من مركز المدينة تمت ازالته لبناء حي جديد للايطاليين تتوسطه الكاتدرائية العملاقة ويصبح اجمل حي في مدينة طرابلس. وكأن ما حدث لارض هذا الحي وما حصل لها من تحولات نقلتها من بؤس التخلف والفاقه الى الق التقدم والغني والحضارة، حدث لتلك النبتة التي اسمها حورية التي انبتتها تلك الارض. انك لا تكاد تصدق الان ان جمالها المتوهج لشمس الضحى، المليء بمعاني الشموخ والكبرياء، الذي يعطيك احساسا بانها ولدت في قصر ملكي، وما رأيته يحيط بها من اجواء البذخ واضواء السلطة والجاه والنجاح، يمكن ان يوحي بادنى صلة او علاقة لحورية بهذه البيئة وهذا المحيط، فلماذا اذن يتأفف السيد ماريو، قائلا بان نفسه عافت الاتصال بامرأة تسكن هذه القاذورات؟ ماذا لو رآى محظية سيده بالبو، وعرف انها خرجت من علبة صفيح تشبه هذه العلب. هل تراه سيصدق ذلك؟ ولكن هل لابد لمن اراد الخروج من عالم الجوع والقذارة الى العالم السوي النظيف الذي يتوفر فيه الغذاء والكساء والسكن اللائق بالبشر، ان يمر عبر هذا الطريق الذي سلكته حورية؟ اما من طريق اكثر نظافة، يمكن ان يسلكه الانسان لينجو من حياة الزواحف والديدان؟
سارت بكما السيارة عبر الطريق الموحلة الضيقة، بين اكواخ الصفيح، حتى وصلتما الى كوخ عبد المولى الشحاذ. وقبل ان تهبط من السيارة، رأيت راس عبد المولى يطل عبر انفراجة صغيرة في باب الكوخ، وقد بدت نظرته حائرة مرتبكه، يحاول ان يعرف سب الضجة التي يصنعها الاطفال الذين ظلوا يصيحون ويركضون خلف السيارة، وقد افزعه دون شك ان يرى سيارة عسكرية تضع انفها في باب كوخه. اسرعت تناديه باسمه قبل ان تذهب به الظنون مذاهب اخرى، فرد وهو يرفع يده ويـبسطها امام وجه ليحمي عينيه من وهج الشمس:
- من؟ هل هذا انت يا عثمان؟
كانت هناك اوجه كثيرة تطل هي الاخرى في فضول من الاكواخ المجاورة.
- نعم يا عبد المولى، اريدك في كلمة سريعة.
اختفى لحظة خلف الباب قبل ان يخرج وفي يده مكنسة من جريد النخيل، صار يلوح بها في وجوه الصبيان الذين تحلقوا حول السيارة، فركضوا هاربين في مختلف الاتجاهات، وجاء يتكىء على نافذة السيارة قائلا:
- هيا، ادخلا لتناول الشاي.
- لا نريد شايا.
- اذن ما الذي تريدانه انت وهذا الرومي.
- ماريو مجرد سائق يعمل معنا في المعسكر.
- وما سبب تشريفكم لحي الاكواح بسيدي خليفة.
- بصراحة ودون كلام زائد، فقد جيئا للبحث عن امرأة.
- ومن تكون هذه المرأة؟
- ليست امرأة بعينها.
- وما شأني انا بمثل هذه الامور، او بمثل هذه المرأة؟
- اقصد امرأة كالتي رأيتها معك في هذا الكوخ.
- وهل وصل بك السقوط الى هذا الحد؟
- لا تفهمني خطأ.
- كل ما تقوله خطأ، وجئت للرجل الخطأ، في المكان الخطأ، لانني لا اعمل قوادا، وسيدي خليفة ليس حيا للدعارة. هيا انصرف قبل ان اضربك بهذه المكنسة.
استغربت لهذه الثورة التي استقبلك بها عبدالمولى الشحاذ، والتي لم تكن تتوقعها، وحاولت ان تشرح له الموقف، الا ان ماريو العجوز، وقد احس بحرج الموقف، ورآى غضب الرجل وتهديده لك بعصا المكنسة، ادار محرك السيارة، واندفع بها عائدا من نفس الطريق.
- بوركا ميزيريا.
اطلق شتائمه وضغط بقدمه على دواسة البنزين، وقاد السيارة باقصى ما لديها من سرعة،غير عابىء بالاطفال الذين مضوا يركضون ويتقافزون فوق اكداس القمامة، يتفادون السقوط تحت عجلات السيارة، او الدجاجات التي ارغمها على ان تستخدم اجنحتها لاول مرة في الطيران حتى تنجو من موت محقق يهددها به هذا الوحش الحديدي الذي انقض عليها وجاء مسرعا نحوها بهديره ودخانه وغباره. مضى ماريو يقود بك السيارة عبر الطرق المتربة وهي يرسل شتائمه البذيئة، حتى اوصلك الى باب المعسكر، حيث اوقف لك السيارة كي تهبط، دون ان يقول لك شيئا له معنى غير قذائف الشتائم التي تتناثر من فمه، وعندما سألته وانت تهبط من السيارة عمن تراه يقصده بكل هذه الشتائم، رد باقتضاب:
- لا اقصد احدا غير هذا الحلوف الذي امامك، الذي هو انا.
في نفس اليوم واثناء استراحة الغذاء، جاء عبد المولى الشحاذ لزيارتك في المعسكر. لم يطق، حسب ما قاله، ان يراك تترك كوخه غاضبا هذا الصباح، فاسرع بالمجيء اليك لترضيتك قائلا، بانه لم يكن بامكانه، واعين الجيران تحاصره، الا ان يتصرف معك بتلك الطريقة، خاصة وانه فوجىء بما تطلبه منه، ولم يستطع ان يصبر على شرحك لما تريد، لان الموقف لم يكن يسمح بتبادل الحديث، ومعرفة الدوافع والاسباب، فوجود سيارة جيش ايطالية امام كوخه، يمثل في حد ذاته شبه في اذهان سكان الحي، فما بالك بكلمات يلتقطها احد الناس عن النساء، ويضيفون بذلك شبهة جديدة الى الشبهة الاولى. كان لابد ان يطردك انت وصاحبتك، لينفي عن نفسه الشبهتين، وها قد جاء مسرعا اليك، يطلب منك الا تغضب، وان تشرح له في هذه الجلسة الهادئة، ما لم تستطع شرحه اثناء تلك الزيارة. افهمته، انك لم تكن غاضبا منه، لانك مدرك ان ماحدث جاء نتيجة سوء فهم، وان ليس في الامر الذي ساقه الى حي الاكواخ، ما يمس كرامتك او كرامته، وان احتياجك لامرأة من هذا النوع لا يدخل في دائرة السقوط كما ذهب في ظنه، واوضحت له علاقة العمل التي تربط بينك وبين ماريو والمغامرات التي قمتما بها مع نساء ايطاليات، كان ماريو هو الذي تدبر احضارهن، وكنت محرجا امامه وهو يسألك ان تساهم مثله في ترتيب هذه الاجواء، ومن اجل ذلك، ذهبت اليه في حي الاكواخ بحثا عن امرأة كتلك التي رأيتها في كوخه.
وبدأ بان اقسم باغلظ الايمان، انه لم يفعل مثل هذا الشي ء مع احد غيره، ولم يسمح لاحد ابدا، بان يخوض معه في مثل هذه المواضيع حتى من باب الهزل، ولانه يعرفك معرفة وثيقة، ويعرف انك صادق فيما قلته، فانه يعطيك عنوان امرأة تسكن زنقة صغيرة اسمها زنقة البهلول، محاذية لشارع سيدي عمران، عند السور الغربي للمدينة، وحيث ان اغلب البيوت في سيدي عمران، بيوت بغاء علنية، فهو لا ينصحك بالذهاب اليها، لانها تجلب الشبهة لصاحبها، ولان نساء هذه البيوت لا يقدمن هذه الخدمة الا داخل بيوتهن، ولا يستطعن الخروج ابدا، لانهن خاضعات لحراسة الشرطة، ولذلك فهو يعطيك عنوان هذه المرأة، التي تعمل وسيطة في مثل هذه الامور، وفي ذات الوقت فهي تدير فرقة من " الزمزامات" وتتفق باسمهن على احياء الاعراس رقصا وغناء، اسمها شريفة. ولم ينس وهو يعطيك عنوان البيت، ان يزودك ببعض النصائح، اهمها ان تذهب اليها في زي غير هذا الزي العسكري، لكي لا تعتبرك مندوبا للحكومة، وان تدعي في البداية انك قادم للاتفاق معها على احيا ء حفلة عرس، والا تبوح لها بمطلبك الحقيقي الا بعد ان تعرف انها اطمأنت اليك.
وانتظرت حتى جاء موعد ذهابك الى ماريو، فاخذت ملابسك المدنية تحت ابطك لانك لا تسطيع ان تخرج من المعسكر مرتديا اياها، وتخفيها في سيارة ماريو، وما ان تنتهي حصة التدريب حتى تبحت عن موقع آمن، قريبا من سور المدينة، تقود اليه ماريو، ليوقف فيه السيارة، كي تنتهي من ارتداء طقم الملابس العربية، الذي ستقابل به مطربة الاعراس السيدة شريفة، على ان ينتظرك ماريو بالسيارة في نفس المكان عند خروجك.
nbsp

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف