من القادم بعد قليل؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
البعث يحصد رموز التغيير تباعاً
قتل الصحافي والإعلامي اللبناني جبران تويني إذاً، لقد نجحت أجنحة الإستبداد والقتل الجماعي في قطف رأس آخر من مجموع الرؤوس الإصلاحية الجديدة في المنطقة. وبذلك،نجحت، كما تظن وتجتهد حقاً، في تأجيل هلاكها لأجل غير مسمى. حيث أنها تعتقد بأن مزيداً من القتل والفتك وإظهار الحزم و"العين الحمراء" للمتربصين بطغيانها، سوف يؤجل من لحظة المواجهة الحقيقية: تلك اللحظة التي تتوجس منها،بعد رؤية إنموذج الجار العراقي وشيوع منظر الحفرة الحقيرة التي أصطيدّ فيها "البطل" السابق للأمة العربية...
كان تويني صاحب الصوت الجريء والقلم المدوي يعرف إنه مستهدف، وكانت ثمّة معلومات تفيد بورود إسمه في لائحة الموت السوداء، في المقدمة من بقية الأسماء،حتى قبل إسم رفيقه شهيد الكلمة الآخر المبدع سمير قصير. وكان جبران مقيماً في باريس منذ دوره في "ثورة الأرز" وقرار تشكيل لجنة التحقيق الدولية في إغتيال رفيق الحريري، وشيوع منظر إنسحاب القوات السورية من بيروت، حيث كانت الأوامر تصدر تباعاً لقوى وذيول الإرهاب والموت الأصفر العميلة بإسكات كل الأصوات المطالبة بالتغيير وإنهاء الوصاية(هل نقول الإحتلال؟)، وتالياً، التحقيق في كل البلاوي والأهوال التي خلفهتا الآلة القمعية/العسكرية التي جثت ثلاثة عقود على صدر اللبنانيين: وخلفت، من جملة ماخلفت، جرائم إغتيال ومذابح بالجملة وأخيراً مقابر جماعية...
منذ التاسع من نيسان المجيد 2003 وسقوط الصنم المعبود، وتحرير ملايين "العبيد" من سجن البعث في بلاد مابين الرافدبن، ومنذ مشروع (الشرق الأوسط الكبير)،الذي أرعبّ الأنظمة العربية المجرمة وهز الأرض من تحت عروش طغاتها، والتخطيط لتحويل المنطقة إلى فوضى مركزة، يٌقتل فيها الكبير والرضيع جار على قدم وساق. هناك ماكينة الإرهاب تقتل وتفتك بكل رموز الإصلاح والتغيير في المنطقة، فالعصابات التي تحكم في رقاب الملايين من أهل الشرق الأوسط، أقسمت إن دون المساس بها ومحاولة محاسبة أفرادها على الجرائم التي إرتكبوها، الخراب وإشاعة الدمار والموت في كل ربوع وأصقاع المنطقة.
لقد وقفت الأنظمة العربية ضد تحرير العراق من صدام الموت، وحاولت جاهدة عرقلة البناء وإعادة تأسيس العراق من جديد بتوزيعه على أهله وأصحابه: فأرسلت المفخخات لتمزق أجساد العراقيين، وأوفدت طرود الموت من البهائم وبقية الحثالات من منتوجات الأنظمة العربية لقتل الأبرياء وإفشال المد الديمقراطي التغييري في العراق الجديد. وكانت تظن إنها بهذا تطيل من عمرها وتلهي آلة التحرير الأميركية من التحول إليها لقصف أعمار طغاتها وتحطيم السجون التي وضعوا فيها الشعوب المغلوبة على أمرها منذ عشرات السنين، وجثوا على وجودها وقامروا بمصيرها بدزينة شعارات "التحرير" و"المقاومة" تارةّ و"التصدي للمشاريع الصهيونية" و"المخططات الأمبريالية" التي اطلقوها طوراً...
جاء الوعد بالتدمير والتخريب أكثر من مرة، وعلى لسان الرأس الأكبر في كل من طهران ودمشق وبقية مماليك العسف والظلم في الشرق. فهاهو الأول يقول بأن عملية محاسبة نظامه وعزله سوف يجر المنطقة للفوضى, بينماالثاني يٌعيد النظريات التافهة في إنكار محرقة اليهود، ويهدد ببلطجية صبيان الأسواق، بإزالة دولة شرق أوسطية من على الخريطة، متجاوزاً على كل المعايير والقيم والأخلاقيات الدولية...
النظم الديكتاتورية المجرمة وقفت ضد المشروع التغييري في المنطقة منذ البداية، وهي قررت المواجهة والإرتهان على العنف والقتل، فعن طريق العملاء تفخخ وتقتل الرموز التغييرية في لبنان، وعن طريق هؤلاء أنفسهم تقتل العراقيين وتمنعهم من بناء بلادهم بعد التخلص من نظام البعث الفاشي. وهناك النظام الإيراني يٌهدد بإزالة دول من على الخرائط وتغيير المنطقة رأساً على عقب: فكيف لو أمتلك الملالي هناك الذرة وقدروا على قصف الدول المصنفة بالعدوة و"الشيطان الأكبر" هنا وهناك؟.
لقد قتلّ البعث العراقي النافق الكثير من الأبرياء في العراق، قبل وبعد التحرير، بينما قتل المجرمون الكثير من رموز التغيير في المرحلة الجديدة : حيث كان عزالدين سليم، رئيس مجلس الحكم الإنتقالي العراقي، أول الرموز التغييرية التي قتلها مجرمو البعث. بينما دفع على الطرف الآخر كل من د.معشوق الخزنوي رجل الدين الكردي المستنير ورفيق الحريري، سمير قصير، جورج حاوي، جبران تويني حياتهم ثمناً لقياد التغيير والإصلاح في كل من لبنان وسوريا. ومازال المئات في السجون والمعتقلات يدفعون ثمن إنتصارهم للناس وقولهم كلمة(لا) في وجه السلطان الجائر المجرم وعصابته الموغلة في دم الأبرياء ودموعهم...
رياض الترك أحد رموز التغيير والديمقراطية في سوريا، أعقبّ على تقرير ميليس الأول، وإتهامه للمخابرات السورية بقتل الحريري، بإنه "حان الوقت لكي يعرف كل العالم إرهاب النظام الأمني السوري حيال الشعب السوري، وماعاناه المواطن السوري من هذا الإرهاب والظلم". وكان الترك قد دعى بشار الأسد للإستقالة والرحيل، أملاً في تجنب البلاد المزيد من الأخطاء والدماء. وطالب الترك بإستقالة جماعية وإنتخاب حكومة ونظام جديد، لكن هيهات، فقد جاء الرد سريعاً بتخوين كل المعارضين ووضع الكلمة الحرة المعارضة في مرمى النيران، بإتهامها وتخوينها وإبراز "إرتباطها بالخارج" كمرحلة أولى لمحاكمتها ومن ثم القصاص منها...
الإعلام العربي، وشلّة الكتبة المرتزقة الذين يدعّون الوطنية، ممن جانبوا طرف الديكتاتورية والظلم، ونظرّوا للحاكم العربي ونظامه بألف حجة وحجة، يتحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية الجرائم التي تحدث بحق المثقفين ورموز التغيير الآن في المنطقة. هذا الإعلام المدافع عن الإستبداد(تظل قناة الجزيرة القطرية التحريضية في المقدمة..) هيأ الأرضية المناسبة لأفكار ومنطلقات الأنظمة العربية في تخوين وتأثيم المعارضين والأحرار بإتهامهم وربطهم بالخارج و"الأجندة الخارجية" المعادية بالضرورة للعروبة والإسلام...
إغتيال جبران تويني حلقة أخرى في مسلسل تصفية رموز التغيير في المنطقة، وبادرة تصعيّدية جديدة تدل على خيار الدمار والفوضى الذي إرتهنت عليه وإختارته الأنظمة المتورطة في الجريمة والإرهاب الدوليين. على المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية في المقدمة، عدم التهاون مع هذا التحدي، لأن التهاون أو الإرتخاء والتراجع يعني إرتكاب المزيد من الجرائم والإغتيالات، وإنتشار المزيد من الفوضى ودعم الإرهاب ومنظماته في الشرق والغرب. هناك حاجة الآن لسياسة الحزم والعصا الغليظة في وجه هؤلاء المجرمين: لردعهم عن إرتكاب المزيد، قبل أن يستفحل أمرهم وتقوى شوكتهم حينما يملكوا الوسائل الرادعة لوقف طغيانهم، والتحول حينئذ للهجوم على حواضر العالم المتقدم، لمحو دول كاملة عن الخارطة وضرب المصالح الحيوية للغرب والولايات المتحدة في المنطقة، وربما في عقر دارها....
كاتب المقال صحافي كردي ـ ألمانيا
tariqhemo@hotmail.com
اقرأ أيضا:
هاتف جنابي: جبران تويني شهيدنا جميعا
د. شاكر النابلسي: كلام تافه في حريق الأرز!
د. خالد شوكات: البعث يا جبران..إنه نظام مجرم!
أسامة عجاج مهتار: جبران تويني
د. سيّار الجميل: جبران تويني يلتحق بقافلة شهداء لبنان..!!
جاسم بودي: نهار وظلام
دلولا ميقري: قلمُ جبران، وصوته
زهير كاظم عبود: آخر المذبوحين والقائمة مستمرة
خلف علي خلف: الطغيان: جبران تويني ليس فصلاً أخير