كتَّاب إيلاف

فراغياتنا الفضائية (2)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في المقال السابق (فراغياتنا الفضائية (1) )ذكرنا ان معظم الفضائيات العربية يسبطر عليها مجموعة قليلة من الاشخاص هم الذين يظهرون في برامجها ومقابلاتها، او يتداخلون من خلال تليفوناتها ليُسمِعوننا كلامهم المكرور المحفوظ الممجوج، وتنظيراتهم المقتطفة من كتب التاريخ، والتي ليس لها علاقة بالواقع الذي نعيشه. وقلنا ان هذه الفئة من الناس يعتبرون انفسهم اوصياء على الامة وناطقين بإسمها. قلنا ايضا انك اذا قمت بمتابعة وتسجيل هذه البرامج في محاضر فانك سوف تكتشف بان ما تسجله من برامج من كل القنوات سيكون متشابهاً ومكرراً وليس فيه جديد بالنسبة لك وليس فيه ادنى فائدة لك، لذلك قلنا انه بإمكانك - بدل ان تكون قاعد مكتئب - اجراء تجارب أو ملاحظات مسلية على هذه البرامج منفرداً او مع اصدقائك. ومن هذه التجارب والملاحظات نذكر الآتي: -

1.قبل بداية أي برنامج راهن اصدقائك، ليس على اسماء الضيوف الذين سوف يظهرون فيه، ولا على ما سوف يقولونه من كلام، لان كل ذلك سوف يعرفه الجميع بدون أي مجهود ولكن تراهنوا على الوان الكرفتات التي سوف يظهرون بها أو اشكال وأحجام العمائم التي يتلفعونها.

2.بعد ان تكون قد سجلت محضراً عن أي من هذه البرامج، هناك كلمات من امثال: الصهيونية، الامبريالية، التدخل، الاستعمار، العمالة... وهي كلمات في مجملها لا تزيد عن اصابع اليدين. ايضاَ هناك جمل قصيرة من امثال: شهد شاهد من اهلها، كلمة حق يراد بها باطل، مقدرات وثوابت الامة، نصف الكوب الفارغ والنصف المليان، لا تفريط ولا افراط، سايكس - بيكو، عملاء الامبريالية أوالإستعمار أو الصهيونية الخ... وهي ايضاَ اكليشيهات محدودة ومحفوظة. هذه الاكليشيهات سوف تجدها تملأ كل البرنامج وإذا قمت بحذفها من محضرك الذي سجلته ستجد ان المحضر تقلص من تسعين صفحة الى صفحتين ونصف فقط.

3.احضر عشرة من اصدقائك ليشاهدوا معك أحد هذه البرامج الحوارية ويكون مع كل واحد منهم تليفونه الجوال. حاولوا جميعاً، وبشكل تراتبي، الاتصال بالتليفون المعلن للمشاركة في ذلك البرنامج : النتيجة لن ينجح احد منكم في الاتصال، بينما ستجد ان الاستاذ فلان ابن علان قد اتصل بنفس البرنامج من السويد، وام فرتكان قد اتصلت من فنلندة ومش عارف مين اتصل من فين، وستجد ان كل هؤلاء المتصلين هم من الزبائن الدائمين لتلك القناة، ولا تسأل كيف يستطيع كل واحد منهم الاتصال بينما تفشل انت واصحابك بتليفوناتكم العشرة.

4.ابحث في هذه البرامج عن كلمات مثل : اعتقد، اظن، في رأيي.. الخ، من الكلمات التي تدل على ان الشخص يتحدث عن رأيه الذي يحتمل الخطأ والصواب، لن تجد مثل هذه الكلمات بل بالعكس سوف تجد الكلمات من امثال : الحقيقة أن... و ثبت... وتأكد ، تملأ كل الحوارات وكأن كلامهم منزلاً لا يقبل الخطأ وكله ثابت ومؤكد وحقيقة لا جدال فيها.

5.ابحث في هذه الحوارات عن شئ يهمك في قضاياك الحياتية الملحة أو يهم بلادك بشكل جاد ، لن تجد شيئاً من هذا القبيل ولكن ستجد كل الكلام عبارة عن عنتريات واتهامات هلامية وانصرافية موجهة الى الآخر المخالف، داخلياً كان ام خارجياً بينما القضايا الحقيقية الملحة آخر من يعلم!
واخيراً لاحظ التجهم والعدوانية التى تظهر على وجوه بعض مذيعي ومقدمي برامج هذه القنوات عندما يطلون على الشاشة لإلقاء خطبة بداية البرنامج أو للتنويه عن موعد برنامج لاحق، حتى انك في بعض الاحيان قد تحذر وتخاف الإقتراب من الشاشة خوفاً من عدوان يصيبك من ذلك المذيع. وانا شخصياً قد تعودت في كثير من الاحيان عندما يظهر بعض المذيعين على التليفزيون، ان اطلب من اطفالي الابتعاد عن الشاشة واتخاذ ساتر خوفاً من عضة أو لكمة مباغتة تصيبهم من مثل هؤلاء المذيعين. وفي بعض الاحيان أوجه لهم هذا النداء بعد ان اكون قد وصلت الى مكمني الآمن خلف الكنبة أو تحت السرير، أو الاثبين معاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف