كتَّاب إيلاف

ورحل صاحب أشهر نبوءة محققة لذاتها!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل رحيله، حذر مجددا، من أن "التعددية الثقافية" ستدمر الولايات المتحدة. وحجته: أن الأعراق المتباينة، التي لم تنصهر في البوتقة الأمريكية، ستحولها في غضون عقود قليلة إلى "أمم متحدة"... فما يخشاه هو صعود العرقية في أمريكا.
هذا الرأي سبق وأن صرح به في كتابه: " من نحن؟" who are we: The Challenges to Americarsquo;s National Identity الصادر بالولايات المتحدة عام 2004. والذي يؤكد فيه على تغيير الهوية داخل الولايات المتحدة نتيجة للانفجار الديموجرافي لأهالي دولة المسكيك، وهو ما يعرف بـ "مكسكة" Mexicanization أمريكا، والتي أفرزت ثقافة ثنائية اللغة - Bilingual education ستتحول مع الأيام إلى نظام سياسي وسلطة ثنائية.
وهو ما يتناقض مع ما قاله قبل سنوات في كتابه "الموجة الثالثة" الذي دعا فيه إلى "التعددية والديمقراطية"، فالتعددية - حسب تعبيره - جاءت لتبقى في الولايات المتحدة، وانتصارها مؤكدا.

هنتنجتون يتخلى عن بوشrlm;!rlm;

العولمة...هل هي المحرك الوحيد للأحداث؟

من الصراع الإيديولوجي إلي دوائر المجال الحيويrlm;!rlm;

ورغم أنه كان قلقا ومترددا، يغير ويطور أفكاره دائما، وأحيانا ينتقل من النقيض إلي النقيض، فإن قيمة أطروحاته يشكل عام، تكمن أساسًا في أنها ألقت الضوء على أهمية العوامل الثقافية والدينية في العلاقات الدولية، وأن الثقافة ( بالمعني الواسع ) قد تكون سبباً فى التعصب والحروب وليس مقوماً للتسامح والسلام، كما هو شائع.
أشتهر " "صمويل هنتنجتون S.Huntington، الذي رحل عن عالمنا قبل أيام، بصياغته المدروسة لـ "صدام الحضارات" The clash of civilizations ، والتي نشرها عام 1993 فى مجلة (شئون خارجية) Foreign Affairs، و طورها فى كتاب يحمل نفس الإسم فيما بعد.
وقد أقدم هنتنجتون، الخبير السابق فى إدارة "ليندون جونسون" لمحاربة التمرد فى فيتنام، ومن ثم مدير مؤسسة الدراسات الاستراتيجية فى هارفارد، على نشر دراسته سالفة الذكر، رداً على المنظر المنافس فى وزارة الخارجية الأمريكية، الأمريكى من أصل يابانى "فرانسيس فوكوياما" صاحب أطروحة "نهاية التاريخ".
وبالنسبة إلى هنتنجتون، فقد وضعت هزيمة الاتحاد السوفيتى حداً لجميع الخلافات الإيديولوجية لكنها لم تنه التاريخ، كما يردد " فوكو ياما ". فالثقافة وليست السياسة أو الاقتصاد، هى التى سوف تحكم العالم. والعالم ليس واحداً. الحضارات توحد العالم وتقسمه.. الدم والإيمان، هذا ما يؤمن به الناس ويقاتلون ويموتون من أجله"(1).
والنزاعات بين الحضارات هى المرحلة الأخيرة من النزاعات فى العالم الحديث. ففى العالم الغربى كانت النزاعات، بعد معاهدة "ويست فاليا" عام 1648، قائمة بين الأمراء والملوك والأباطرة. وبعد الثورة الفرنسية عام 1789، وقعت النزاعات بين الأمم. ونشبت فى القرن العشرين بين الايديولوجيات (الشيوعية، والاشتراكية القومية، والديموقراطيات الليبرالية). وكانت الحربان العالميتان ( 191 - 1945 ) حروباً أهلية غربية، وكذلك الحرب الباردة التي انتهت عام 1989. وحلت اليوم المواجهات بين الحضارات. والحضارة هوية ثقافية تحددها عناصر موضوعية (اللغة والدين والتاريخ والعادات.. الخ)، وعامل ذاتى، ألا وهو الهوية التى يقررها الأفراد لأنفسهم.
وخلال تطوره الطويل لم يصبح الإنسان جزءًا من الدولة فقط، بل هو ينتمي قبل كل شيء إلى ثقافة وديانة محددتين، وهنا يكمن المفتاح لأي حل دائم لتعدد الثقافات واختلافها. إن الصفة الكونية للثقافة لا تعبر عن نفسها من خلال البحث عن "المطلق" بل عبر الانفتاح على العالم فإن ثقافتي متواجهة على الدوام مع ثقافة الآخرين، والآخر هو أنا أيضًا، إذ لا توجد "هوية" عمياء تقوم في غياب الآخر.غير أن أخطر ما تطرحه أطروحة هنتنجتون هو: إذا كان السؤال المطروح فى النزاعات الايديولوجية: "مع أى جانب تقف؟"، ومن ثم كان بوسع الناس اختيار معسكرهم وتعديله، فإنه فى النزاعات بين الحضارات يكون السؤال " من أنت ؟ "، وعندئذ لا يكون التغيير ممكناً! من هنا رأى البعض أن أطروحة هنتنجتون لم تكن تشخيصاً لواقع بقدر ما كانت تحريضاً لتقزيم الحضارات الأخرى غير الحضارة الغربية - الأمريكية. (2).
وهذه النظرية الغربية (العنصرية جداً) كغيرها من النظريات الفاشية والنازية، ترفض الآخر وتدعو إلى محاربته، ومن ثم تطلق التعصب والعنف من عقاله وتنسف التسامح من أساسه.
فوفقاً لآراء هنتنجتون فإن المحور المركزى للسياسة العالمية فى المستقبل سيكون على الأرجح المواجهة بين العالم الغربى من جهة وبقية العالم من جهة أخرى، وموقف ذلك العالم إزاء قوة الغرب وقيمه.
ولعل سر ذيوع وانتشار أفكار هنتنجتون عن " صدام الحضارات " منذ العام 1993، رغم كل ما قيل عنها وما سيقال بعد رحيله، هو أن جميع أطراف الصدام أو الصراع، كانت - وما تزال - راغبة فى تصديق هذه النبؤة التى حققت نفسها بنفسها! ولديها" قناعة راسخة " بتحقيقها إلي اليوم! dressamabdalla@yahoo.com الهوامش: 1- Samuel Huntington: ldquo;The Clash of Civilizationrdquo;, Foreign Affairs. U.S.A., Summer 1993, p. 22-49.
2- باسكال بونيفاس: إرادة العجز، ترجمة: حليم طوسون، كتاب العالم الثالث، دار العالم الثالث، القاهرة 1996، ص 22، 25.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مجرد راي
عدنان احسان- امريكا -

التعدديه الثقافيه رمزا للقوه وليس للضعف , ولكن مثال امريكا , اين هي هويه امريكا الحضاريه ,؟ هل بالعوده لحضاره الهنود الحمر , وعن اي ثقافه امريكيه تتحدثون اذا لم يكن لهم لغتهم الخاصه , وتاريخهم , وابطالهم , وادبائهم ومفكريهم , والولايات الجنوبيه الخمس في امريكا هي ولايه مكسيكيه محتله من قبل امريكا(اريزونا - كليفورنيا , نيو مكسيكو- لويزيانا ) والكثير من قبائل الهنود الحمر السكان الاصليين في امريكا هاجروا الى المكسيك هربا من الإباده والمجازر الجماعيه التي قتلت ل15 مليون من السكان الإصليين ... اسباب الحرب الآهليه الآمريكيه مازالت قائمه , وربما تاجلت .. والخصائص الثقافيه التي تجمع الآمريكان اليوم خصائص كاذبه ... ولولا وجود القانون وقوته ... لظهرت امريكا على حقيقيتها .

مجرد راي
عدنان احسان- امريكا -

التعدديه الثقافيه رمزا للقوه وليس للضعف , ولكن مثال امريكا , اين هي هويه امريكا الحضاريه ,؟ هل بالعوده لحضاره الهنود الحمر , وعن اي ثقافه امريكيه تتحدثون اذا لم يكن لهم لغتهم الخاصه , وتاريخهم , وابطالهم , وادبائهم ومفكريهم , والولايات الجنوبيه الخمس في امريكا هي ولايه مكسيكيه محتله من قبل امريكا(اريزونا - كليفورنيا , نيو مكسيكو- لويزيانا ) والكثير من قبائل الهنود الحمر السكان الاصليين في امريكا هاجروا الى المكسيك هربا من الإباده والمجازر الجماعيه التي قتلت ل15 مليون من السكان الإصليين ... اسباب الحرب الآهليه الآمريكيه مازالت قائمه , وربما تاجلت .. والخصائص الثقافيه التي تجمع الآمريكان اليوم خصائص كاذبه ... ولولا وجود القانون وقوته ... لظهرت امريكا على حقيقيتها .

كلنا من دم ولحم
كمال -

الخلق و كل البشر هو كيان واحد ;إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا وسيأتي يوم في الحياة الأخرى لنعيش كالاخوة تحت ظل الله وعنايته لا شغل لنا سوى التسبيح كالملاءكة. لكن في هاته الحياة عليك أن تنزع لقمتك برفق من الغير لأن لا أحد سيعطيها لك دون مقابل سوى أن تكون أب أم أخ ابن صديق ...

مع السيد احسان
عربي مقيم في امريكا -

ولولا وجود القانون وقوته ... لظهرت امريكا على حقيقيتها ..... كلام صحيح من السيد احسان فأمريكا خليط غريب يمسك به ملاط سحري هو سيادة القانون وشئ أخر هو احترام العلم والعمل بينما نحن في بلاد العرب لدينا كل مقومات الوحدة ولكن نصر على سيادة وقدسية شيخ القبيلة التي تدمر كل شيء حتى انسانية الانسان

كلنا من دم ولحم
كمال -

الخلق و كل البشر هو كيان واحد ;إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا وسيأتي يوم في الحياة الأخرى لنعيش كالاخوة تحت ظل الله وعنايته لا شغل لنا سوى التسبيح كالملاءكة. لكن في هاته الحياة عليك أن تنزع لقمتك برفق من الغير لأن لا أحد سيعطيها لك دون مقابل سوى أن تكون أب أم أخ ابن صديق ...

الاٍقتصا د يسبق الثق
رمضان عيسى -

عملت في اٍسرائيل لمدة سنة وأنا من غزة ، فلما كنا نعمل ونكسب ونعيش كأفراد أنا واليهودي لم نواجه أية مشكلة في التعمل بيننا ، ولكن حينما تضخمت المشكلة السياسية واستعصى حل المشكلة الفلسطينية واشتعل الصراع وسالت الدماء ، أصبح السؤال من أنا ومن هو يضرب وجه كل منا صباح مساء ، ووأصبح لا يمكن أن نعيش كالسابق ولا أن نتعامل مع بعضنا كالسابق وانبنى جدارا عاليا من عدم الثقة لأن كل واحد منا تمسك أكثر في من هو ؟ وهكذا أمريكا ، فما دامت الروح العملية والشراكة الاٍقتصادية بين الأفراد والجماعات والمكاسب هي المسيطرة ، فسيبقى المجتمع الأمريكي متماسكا بغض النظر عن الاٍختلاف في المشارب الثقافية التى قد تطفو بعض منها على السطح أثناء اٍنتخابات محلية فقط ، وفي التاريخ دائما الثقافة تتبع الاٍقتصاد ولا يمكن أن تسبق الثقافة على الاٍقتصاد اٍلا في حالة ثورات التحرر الوطني التى يتم فيها التمحور حول الهوية الثقافية للشعب في مقابل المستعمر ، ويظهر فيها السؤال من أنا ومن هو ؟ واٍذا حدث في أمريكا فوارق اٍقتصادية بين الشمال والجنوب ، فبقدر ما تتضخم الفوارق بقدر ما تظهر الفوارق والسمات الثقافية بين الولايات في المجتمع الأمريكي .وحينها لا مفر من اٍنفصال بعض الولايات عن بعضها .