كتَّاب إيلاف

سيناريوهات وأوهام

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

Notebook on Iran- 17 June

هل أصبح التغيير وشيكاً؟
Notebook on Iran- 16 June

لا بد أن سيناريو حلم كان يداعب مخيلة الرئيس باراك أوباما عندما قال باكراً هذا الشهر إنه متلهف للانتخابات الإيرانية ومتفائل بنتائجها،. طبقاُ لذاك السيناريو، فإن مير حسين موسوي خامنئي ابن عم "المرشد الأعلى"، علي حسين الخامنئي، سيلحق هزيمة بمحمود أحمدي نجاد، ليصبح بذلك الرئيس الجديد. وفي جعبة الموسوي، رئيس الوزراء السابق للجمهورية الإيرانية، تاريخ عريق من المحادثات السرية مع واشنطن، وذلك في إطار تلك الممارسات التي عرفت فيما بعد بفضيحة "إيران غيت" عام 1986. وعبر سنين تلت، أبقى الكثير من الاتصالات السرية مع واشنطن، وعلى المستوى غير الرسمي.
وفي أي حال، هذه المرة لم تعد ثمة حاجة إلى أي نوع من السرية.
طبقاً لسيناريو الحلم أيضاً، سيستجيب موسوي بكل بساطة دعوات أوباما الملحة إلى محادثات سرية ومباشرة مع الجمهورية الإسلامية. فقد قدم الموسوي الخطاب اللازم خلال الحملة الانتخابية من خلال توجيه تلميحات إلى أنه قد يقدّم تنازلات طفيفة، الغاية منها إظهار مبادرة التهدئة التي وجهها إوباما إلى النظام الخميني بمثابة" دبلوماسية بارعة".

ولكن أصبح واضحاً في أي حال أنه كان ينبغي على أوباما مع حلول يوم الجمعة، التعامل مرة أخر، مع أحمدي نجاد، وليس مع الموسوي. فاللبوة ليست مستعدة لتغيير جلدها، وكل الفضل لسحر أوباما، كما افترض كاتب في "نيويورك تايمز".
وسواء كانت الانتخابات مزورة أم لا، فإن إعادة الانتخاب المدوية لأحمدي نجاد، يجب أن تساهم في القضاء على أي أوهام بشأن إيران في ظل النظام الخميني.

أول هذه الأوهام، هو التغيير من داخل النظام. فهذا النظام ذو طبيعة شمولية، وقائم على نمط من الفاشية الماضوية المغلقة، ولذلك فهو عاجز عن إصلاح ذاته. وحتى لو ربح الموسوي، فإنه ليس من المؤكد مطلقاً أنه سيحظى بفرص نجاح في تغيير ثوابت النظام الإستراتيجية أكثر من سلفه الإصلاحي الآخر المفترض محمد خاتمي، الذي تولى المنصب سبع سنوات.

والوهم الآخر هو أن استبدال "دبلوماسية الكاوبوي الفظــّة" التي اتبعها الرئيس بوش، بسرديات "بناء الجسور"، التي اعتمدها أوباما، سيكون كافياً لإقناع القيادة الخمينية بالتخلي عن إستراتيجيتها الراديكالية.

وثمة ثلاثة خيارات تتوافر للرئيس أوباما، فيما يتعلق بإيران:
أولاً، يمكنه التظاهر أن شيئاً ما لم يحدث، وأن أحمدي نجادي هو متحدث مناسب كأي متحدث آخر. وفي هذه الحال عليه أن يريح نفسه، فيما تقوم إيران بتطوير قدرات نووية متكاملة، بما فيها القدرات ذات الطابع العسكري. ويتحتم عليه أيضاً أن يكيف نفسه مع طموحات إيران لتبوؤ موقع ريادي في الشرق الأوسط، ولا سيما في كل من أفغانستان، والعراق، وسوريا، ولبنان.

خيار أوباما الآخر، هو أن يصطف بوضوح مع الشعب الإيراني، الذي أظهر أنه لا يريد النظام الحالي، وعلى الأقل بنسخته الأكثر غرابة المتمثلة بأحمدي نجاد. وبهذا ستشجع الولايات المتحدة كل أولئك الموجودين ضمن المؤسسة الخمينية، ممن يعملون، ولكل أسبابه الخاصة، على تغيير موقف إيران التصادمي الحالي، وذلك من خلال رفضها المصادقة على هذه الانتخابات المزورة وشرعنتها.

وأخيراً، يمكن أوباما رفض الأخذ بأي خيار، ومواصلة إلقاء خطابات متشعبة اللهجة، وتعيين جماعات تحقيق، وطرح "أطر زمنية أوسع" من أجل تمييع القضية الإيرانية لا غير، والطريقة نفسها التي اشتغل بها على قضايا أخرى عدة.

وكانت قلة قد لاحظت أن أوباما قد وصف التعامل مع إيران بـأنه "مهمة عاجلة"، خلال حملته الانتخابية، الأمر الذي كانت إدارة بوش قد تجاهلته. في أي حال، ألقى أوباما القضية الإيرانية وراء ظهره، ما إن أصبح في البيت الأبيض معلناً أنه سيظهر تصميماً مع نهاية العام، حين تصبح "الأمور"، أكثر وضوحاً.

ولكن ليس واضحا كيف ستصبح الأمور أكثر وضوحاً مع نهاية العام. وحتى لو أصبحت كذلك، ستمر شهور أخرى قبل أن تخرج إدارة أوباما بأي شيء يمثل سياسة حيال إيران، وستكون عند ذلك قد دخلت عامها الثاني في البيت الأبيض. بمعنى من المعاني، سيكون أوباما قد منح إيران لتوّه عاماً إضافيا آخر، تصبح فيه أجهزة الطرد المركزي الإسلامية أكثر مثابرة في العمل على تخصيب اليورانيوم المطلوب لإنتاج القنبلة التي كان مجلس الأمن الدولي قد أصدر أمره بألا تنتجها.

وأحمدي نجاد مغرم باللعب على الوقت. وهو كان قد اقترح بدء محادثات مع أوباما خلال لقاء للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك في شهر أكتوبر/ تشرين أول. وطبقاً لمنوشهر متكي، وزير الخارجية الإيرانية، فإن في إمكانه متابعة محادثات وراء محادثات حتى التوصل إلى إطار عمل موثوق به من أجل الشروع في مفاوضات مستقبلية. ويستطيع الطرفان في حينه المضي في تطوير" فترة بناء الثقة"، التي قد تستمر شهورا. ويمكن هذا التمرين أن يستمر حتى نهاية ولاية أوباما. وكنا قد شهدنا سيناريو مشابهاً في حالة كوريا الشمالية.

في أي حال، هناك فارق كبير بين كوريا الشمالية وإيران. ففي كوريا الشمالية فرص ضئيلة لتطوير قدرات الشعب على فرض تغييرات سياسية راديكالية. أما في إيران، فإن قدرة الشعب موجودة، ويتحتم على الولايات المتحدة، والديمقراطيات الأخرى، أن تقر بهذا وتدعمه. والخيار في إيران أيضاً ليس بين الحرب الاستباقية والإذعان الاستباقي.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف