ذكرى رحيل الوردي (2/2): شخصية الفرد العراقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
2-2
شخصية الفرد العراقي
من اجل فهم اطروحة على الوردي وافكاره الاجتماعية نستعرض أولا وبايجاز فرضياته السوسيولوجية الثلاث التي تشكل المقومات الرئيسية لنظريته وهي:
اولا - شخصية الفرد العراقي
ثانيا - الصراع بين القيم البدوية والقيم الحضرية
ثالثا - التغير والتناشز الاجتماعي
ان هذه الفرضيات الثلاث ترتبط معا بعلاقة جدلية ويجب اتخاذها كثلاثة اوجه لمعضلة سوسيولوجية واحدة تمتد جذورها الى نظرية ابن خلدون حول الصراع بين البداوة والحضارة, التي طرحها في كتابه " دراسة في طبيعة المجتمع العراقي" عام 1965.
ويجب الاشارة هنا الى ان كل فرضية من هذه الفرضيات تأثرت بعالم من علماء الاجتماع. فقد تأثرت فرضيته الاولى بعالم الاجتماع الامريكي مكيفر, والثانية بالعالم العربي المشهور " ابن خلدون" والثالثة بعالم الاجتماع الامريكي اوجبرن.
ازدواج الشخصية
كانت الفرضية الاولى باكورة اعمال الوردي التي قدمها في محاضرة القاها في بغداد عام 1950 حول شخصية الفرد العراقي, التي اثارت سجالا علميا واسعا في الاوساط الثقافية انذاك, وشكلت محاولة اولية لتفسير "طبيعة" المجتمع العراقي في ضوء ظاهرة "ازدواج الشخصية" كظاهرة اجتماعية وليست نفسية باعتبارها نتاج وقوع المجتمع العراقي تحت تأثير نسقين متناقضين من القيم الاجتماعية, بحيث يضطر بعض الافراد للاندفاع وراء نسق قيمي تارة ووراء نسق قيمي آخر تارة ثانية. وهذا، حسب الوردي, مصدر التناقض والصراع في شخصية الفرد العراقي وازدواجيتها، حيث اشار الى ان الفرد العراقي من اكثر الناس هياما بالمثل العليا ولكنه في الوقت نفسه, من اكثر الناس انحرافا عنها في واقعه الاجتماعي.
ان ازدواج الشخصية كمفهوم اجتماعي هو غير الازدواج من الناحية النفسية , كمرض يصيب بعض الافراد ويسبب شذوذا في تكوين الشخصية, فازدواج الشخصية ظاهرة اجتماعية من الممكن ان تظهر في كل المجتمعات وتعكس صراعا في القيم الاجتماعية.
ويظهر الصراع في نشاط الافراد وسلوكهم وافعالهم وممارساتهم للقيم والعادات والتقاليد والطقوس التي تلونها المعايير الاجتماعية. وهذا النموذج من "ازدواج الشخصية " نموذج جمعي وليس فرديا, ويمثل نوعية موجودة تلعب دورا مهما في الحياة الاجتماعية. انها ليست شخصية العامل والفلاح والموظف فحسب بل هي ايضا شخصية التاجر والعسكري والمثقف. وهي نمط لسلوك ثقافي -اجتماعي- قيمي, استمده الوردي من عامة الشعب بافراده المختلفين والمتنوعين الذين يعكسون في سلوكهم قيما اجتماعية متناقضة تختفي احيانا في اقوالهم, غير انها سرعان ما تكشف عن نفسها في سلوكهم في الواقع العملي.
مظاهر الازدواجية
استعان الوردي, بذكاء, بمقدمات تاريخية لتوضيح هذه الازدواجية بكل تناقضاتها, من خلال دراسته العلاقات الاجتماعية السائدة وتشخيص مكوناتها ودوافعها واثارها على سلوك الفرد. كما استعان بالتراث العربي- الاسلامي في العراق, حيث وصف اهل العراق بـ "اهل الشقاق والنفاق" وهذه الصفة ليست اصيلة فيهم وانما هي وليدة ظروف اجتماعية, تاريخية وسياسية معينة.
ومن العوامل المهمة لهذا الصراع ميل اهل العراق الى "الجدل", الذي طبع التراث الفكري في العراق "بطابع مثالي" بعيدا عن الواقع الملموس فعلا, ولهذا ظهرت هوة بين التفكير وبين الممارسة العملية. فبينما كان المفكرون والفقهاء يجادلون بالادلة العقلية والنقلية, كانت الفرق والطوائف المختلفة تتقاتل في ما بينها. ويبدو ان هذه النزعة الجدلية ما تزال قوية في العراق حتى اليوم.
لقد ظهر مثل هذا الصراع لدى العراقيين خلال حكم الامويين والعباسيين وكذلك العثمانيين. غير ان " ازدواج الشخصية" اصبح اليوم اكثر انتشارا بين فئات المجتمع العراقي, لا سيما بين المتعلمين منهم. حيث لاحظ الوردي بان كثيرا من المتعلمين حفظوا الافكار والمبادئ الحديثة ورفعوا الشعارات البراقة وتحمسوا لها ودافعوا عنها وانتقدوا كل من خالفها, لكنهم في الوقت نفسه, لم يطبقوها, بل خالفوها بانفسهم كل يوم في حياتهم العملية, بصورة شعورية او لا شعورية. فهم يذمون القبلية والعصبية العشائرية والطائفية ولكنهم يمارسونها في حياتهم اليومية، ويدعون الى مقاطعة البضائع الاميركية والصهيونية ولكنهم يندفعون لشراءها، ويرفعون شعار الوطنية ولكنهم يهربون من خدمة العلم.
كما تظهر الازدواجية في ظاهرة "الوساطة" و"الرشوة "حيث يدعو البعض الى المساواة بين المواطنين وعدم التفريق بينهم ولكنهم، في الوقت نفسه, يحترمون الوسطاء وأولي النفوذ فيتقربون اليهم ويمدحونهم حين يحتاجون اليهم او حين يقومون بالتوسط لديهم, مع العلم ان المبدئين متناقضان.
ومع ذلك يشير الى ان الناس ليسوا كلهم على درجة واحدة من ازدواج الشخصية, وان هذا الازدواج يظهر في المدن اكثر من الريف, وهو نادر في البادية, ويعود ظهوره في المدن الى التربية التقليدية التي تكثر فيها المواعظ والتي تتناقض مع الواقع الاجتماعي المعيش. ومثال على ذلك ظهور الازدواجية في الاغنية العراقية المطبوعة دوما بالحزن والالم والمملوءة بالعتاب والشكوى وخيبة الامل. فالفرد العراقي يتعارك ويتشاتم ويتحدى, ولكنه سرعان ما يكون مستضعفا وسلبيا حين يشرع بالغناء. ويبدو ان المرأة في العراق لا تختلف عن الرجل في هذا المجال, فهي تربي اطفالها على هذا النمط من السلوك المزدوج, وبهذا فان التربية الاجتماعية تعلم الفرد ان يكون "اسدا" مرة و"ارنبا" مرة اخرى
وقد اكد الوردي على ان هذه الازدواجية هي ظاهرة اجتماعية وليست نفسية وخاصة بالانسان وانها صنيعة من صنائع المجتمع الذي يعيش فيه الفرد. كما انها لا تنطبق على جميع افراد المجتمع العراقي بنفس الدرجة. فهي تنطبق على اهل المدن اكثر من الريف وعلى اهل الريف اكثر من اهل البادية.
والسؤال الذي يطرح نفسه:
هل انجز الوردي نظرية متكاملة حول شخصية الفرد العراقي وقدم اجوبة شافية لتشخيص عوامل الخلل في المجتمع والثقافة والشخصية؟
والحال، بالرغم من المآخذ القليلة التي وجهت الى فرضيات علي الوردي حول شخصية الفرد العراقي وتحليلاته للصراع بين قيم البداوة وقيم الحضارة وازدواجيتها وتناشز سلوكها وتأثيراتها غير المباشرة على المجتمع، فانه يبقى المفكرالاجتماعي التنويري النقدي الأكثر عطائا وتأثيرا، الذي ترك لنا ثروة فكرية واجتماعية علمتنا ان نتعرف على ذاتنا وان ننتقدها قبل ان ندافع عنها او نجلدها. وقد آن الاوان ان نعي ذاتنا بعد الازمات والمحن والحروب والحصار والاحتلال الغاشم وان ندرك مدى ما خلفته من تفكك وعجز واستلاب اجتماعي ونفسي وسياسي وما افرزته من تشوه واغتراب, مما سهل استلاب حرية العراقي واهدار دمه واستباحة ارضه واهانة كرامته, وليس امام العراقيين سوى طريق واحد هو ان يستعيدوا وعيهم المستلب ويقفوا على ارجلهم من جديد وان يتوحدوا تحت هوية وطنية واحدة ثم يبدأوا بتغيير انفسهم اولا, ثم بتغيير الآخرين, وليس ذلك بمستحيل.
المصادر:
علي الوردي، شخصية الفرد العراقي، بحث في نفسية الشعب العراقي على ضوء علم الاجتماع الحديث، مطبعة بغداد 1951
ابراهيم الحيدري، علي الوردي- شخصيته ومنهجه وأفكاره الاجتماعية، دار الجمل، كولون 2006
التعليقات
لمحات اجتماعيه
almared -من يرغب التعرف ودراسه المزيد عن العراق من حيث تاريخه الحديث و دراسه الشخصيه العراقيه اجتماعيا وسياسيا ودينيا عليه و على اي مثقف عراقي مطالعة كتب الاستاذ على الوردي لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث باجزاءه السته عباره عن سبهة كتب رائعه جد و غنيه بلمعلومات التاريخيه و الاجتماعيه المنصفه من حيث التفسير و التحليل من غير النقد حياتي للجميعفاضل الياس الربيعي بريطاني
حياك اللة
عواد -حياك الله الدكتور الفاضل نرجو من مقامك الكريم المزيد من التوضيح عن شخصية العلامة الوردي وعن أفكاره السياسية وكيف كان يتعامل مع الأخرين ,ومن حقنا أن نعرف كل شئ عن هذا الرمز الوطني الكبير.وشكراً
تحية للكاتب
رعد الحافظ -شكرا للكاتب الكبير تلميذ وزميل العلامة الورديالذي ما زالت نظرياته تنطبق مع واقع العراق وشخصيات أبناءه,فقد عرف وحلل وغاص في أعماق الشخصية العراقية بعلمية وتجرد فشخص الداء والدواء..لكننا هكذا دائما مقصرين في حق كبارنا
الى المشرف فقط
الفراتي -مخالف لشروط النشر
الجانب المنسي
ابو وسام -الملاحظ عن كتابات علي الوردي انه لم يتطرق فيها بعمق الى التأثير الديني على الفرد العراقي و مدى تأثير الدين الأسلامي على اشكالية صراع الحضارة والبداوة وهل الأسلام اسهم في تقوية نزعة البداوة ام الزعة الحضارية للفرد العراقي و كذلك لم يقل فيما اذا كان الدين بما موجود فيه من تناقض ظاهر بين الآيات و نسخ بعض الآيات بآيات متأخرة و هل كان له دورا في ازدواجية شخصية الفرد العراقي مع العلم ان الفرد العراقي يشكل الدين الجزء الأهم في شخصيته و قلما تجد شخص عراقي لا تشكل القيم الدينية الجزء الأساسي من شخصيته و تفكيره
الى أبو وسام 12.
الحكيم البابلي . -لم يتطرق علي الوردي للأمور الدينية إلا فيما ندر الوردي كان علمانياً بكل ما للكلمة من معنى ، ومن لم يستطع أن يحس ويكتشف علمانيته من بين سطوره فهو قارئ هامشي لا يفهم ما خلف الكلمات من رمزية وفكر دفين ، وأسلوب التورية هذا إستعمله عشرات الكتاب والمفكرين العرب كونهم يعرفون ان الشفرة ستصل المثقف لا محالة . والوردي حاول عدة مرات وبسبب الترهيب والضغط أثبات تدينه هرباً من العقاب الذي كان يتربص به ويحاول أصطياده . أما عن قولك يا أبو وسام من أن الدين يشكل الجزء الأهم من شخصية الفرد العراقي فأنت واهم سيدي ، لأن الأجيال التي بزغت بعد جيل الخمسينيات عُرفَت بعدم تدينها ، لكن القسر والعقوبة والأرهاب الديني والمحمية والمدعومة جميعاً من قِبَل الحكام هي التي أعطت العراق هذه الصورة الدينية ، وما التزمت الديني الحالي إلا واجهة لأخفاء الألاعيب والخطط والمشاريع السياسية والمطامع الدولية والمصالح الشخصية للأسف ، ولو قامت ثورة علمانية اليوم في العراق ، فستلاقي تأييداً لا يتواجد في أي بلد عربي آخر !! وكيف ستقوم مثل هذه الثورة والعراق بين أنياب السعالي والغيلان المحلية والعالمية ؟!. تحياتي .
أثر الدين
خوليو -نتعرف على الفرق بين الأشياء والمفاهيم باستخدام علم المقارنة، وللتعرف على شخصية العراقي في هذه الحالة علينا بدراسة هذه الشخصية قبل الغزو الاسلامي ومن ثم بعده، وقبل الغزو يمكن دراسة الشخصية من التراث المكتوب على اللوائح الطينية وبيدنا ملحمة جلجامش التي يتحدى فيه ملك أوروك عالم الآلهة في سبيل الديمومة ، هذا يعني أن شخصية العراقي القديم كانت شخصية حرة غير مقيدة بشيئ وتطمح لما تصبوا إليه ولو على حساب تحدي عالم الآلهة، بعد الغزو نادراً ماتجد هذا التحدي بل على العكس نجدالخضوع لعالم الغيب بشكل كامل، لقد حطم الفكر الغازي عنفوان التحدي الحر، لقد أدخل معه الغزو عامل مهم جداً كثيراً ما يتغاضون عنه وهو عامل الغنائم،(اطيعوني وستحصلون على كنائز قيصر وكسرى، يقول الحديث عندما كان يعطي الرسول معنى للشرارات التي انبثقت عن ضرب الفأس لصخرة في حفرة الخندق،صحيح البخاري) وللحصول على الغنائم كان ولايزال مبرراً أية وسيلة، إحداها مسألة الوجوه المتعددة في نفس المعتقد : رحيم وشديد العقاب مثلاً، اجتماع خاصتان متضادتان في نفس الفكرة تعني بدون نقاش ازدواجية انتقلت إلى معتنقي تلك الفكرة، وطالما الغنائم هي من إحدى ركائز الفكر الغازي، لابد وللحصول عليها أن يستخدم الفرد الازداجية وهذا مانلاحظه في أغلب المتدينين، يطرحون شعاراً ويمارسون عكسه لأن من خاصية شخصيتهم الحصول على المنافع بأي وسيلة ،والازدواجية من أهم العوامل للحصول على المكاسب : المدح بالوش والذم من وراء الظهر، قصيدة مدح للقائد ومن ثم تسليمه أو الغدر به عند اللزوم، خلاصة القول أن الدين أثر تأثيراً مباشراً على تحول شخصية العراقي فحوله من إنسان حر عالمي قبل الغزو لإنسان مزدوج الشخصية بعده ولايزال ليومنا هذا، وهذا الوصف يمكن نقله لإنسان الشرق المتدين بهذا الدين بشكل عام.
مهزلة الرجل العراقي
عراقية -أشهر وأوضح أمثلة ازدواج شخصية الرجل العراقي تعامله مع المرأة! عندما تتعرف بأي رجل يصف نفسه بانه يساري أو ثوري فانه يبهرك بدفاعه المستميت عن المرأة وانسانيتها وحقوقها والمساواة... الخ، وعندما يتعامل مع أخته أو زوجته أو ابنته ينقلب فوراً الى بدوي متشدد من الطراز الأول وتراه كائنا صغيرا جدا ومرعوبا من المرأة ومن المجتمع معا! كان هؤلاء ـ بالمناسبة ـ أشد المهاجمين للوردي بحجة أنه يقلل من شأن الشعب العراقي والانسان العراقي ... الخ. مساكين.
مهزلة الرجل العراقي
عراقية -.مكرر
الى خوليو
سمير -هناك خطأ شائع هو ان الشعب العراقي الحالي هو نفسه شعب أرض سومر وأكد، وهو ما جعل السيد خوليو يبحث عن خصائص العراقيين في ألواح الكتابة المسمارية والأساطير الأولى. لقد مرت على أرض العراق شعوب وحضارات مختلفة وكان السومريون وغيرهم من ضمن هذه الشعوب التي ندينت بأديان مختلفة على مر الدهور حتى انتشرت المسيحية التي عاشت طويلا الى جاتب الوثنية والصابئية وغيرها. جاء الفاتحون العرب من شبه الجزيرة العربية وفرضوا الدين الجديد، وبمرور السنين حصلت عملية اندماج بطيئة بين الشعب الأصلي لوادي الرافدين وشعب الجزيرة العربية (الفاتحين المسلمين) بالتزاوج أو بالموالاة والدخول في قبائل الفاتحين تخلصا من دفع الجزية. شعب العراق الحالي هو مزيج من هذه الشعوب التي مرت من هنا، لهذا فتراثه النفسي والانثروبولوجي مختلط. هذا رأيي على الأقل. تحياتي.
خوليو مرة أخرى
رولا الزين -يا خوليو أقترح عليك ان تنسى العرب والمسلمين على الاقل في فرصة الصيف لان ما كان كان وما سيكون هو بايدي الأحرار المستنيرين من العرب والعجم مسلمين ومسيحيين وغيرهم. وانصحك يا صديقي ان تقرأ كتب دو بونو في التفكير الايجابي بدل النبش في الالواح والمطامير . انت ما بتزهقش ؟. ارجوك ان تحاول فهم ان التاريخ البشري القديم كله شهد غزوات وغزوات مضادة . الانكليز احتلوا فرنسا ايام جان دارك لكنهم اليوم تعاونوا مع الفرنسيين في شق نفق الصداقة مع الفرنسيين تحت المانش . الاتراك ذبحوا الارمن ورئيس تركيا زار منذ فترة قريبة يريفان عاصمة الارمن للاعتذار . والالمان لا يزالون يدرسون طلابهم الندم على ما ارتكبوه بحق اليهود . والقرآن الكريم نفسه ذم الاعراب على كفرهم ونفاقهم . والسيد المسيح غفر لمن صلبوه . والتاريخ الاسلامي ليس كله غنائم وجزية . أقرا تراث الامام ابن عربي الذي آخى المشركين والمسيحيين واليهود والوثنيين لانه اعتبر أنهم يتوجهون جميعهم الى الله الواحد من طرق مختلفة. وأنا معجبة بسيرة عدة قديسين وبخاصة فرانشيسكو الاسيزي الذي ظل يهب ثيابه للفقراء ولو انكشف عريه هو نفسه . او أقرأ عن البيمارستانات الاسلامية في القاهرة ودمشق وبغداد وهي مستشفيات ضخمة ظلت تمنح الرعاية الطبية مع الادوية للناس كلهم مجانا طيلة ثلاثة قرون كاملة .وقبائل الهون البربرية دمرت الحضارة الرومانية والتتار دمروا بغداد ودمشق واوكرانيا لكن لا التتار ولا الهون تركوا للبشرية ميراثا حضاريا على غرار المسلمين في العلوم والآداب والفنون والادراة السياسية والمدنية ( بوسعك الاطلاع على كتاب آدم متز عنوانه القرن الرابع الهجري وفيه وصف رقي حضارة بغداد التي كان يوجد فيها شارع العون وهو مشابه تماما لول ستريت من ناحية وجود البنوك والصيارفة وشركات التمويل ) . واوروبا اليوم هجرت الاديان وراحت تبحث عن الايمان وتطبيقاته العادلة في الحياة اليومية .ولعلمك في الحضارة البابلية وغيرها في العراق القديم كانت النساء تمارس الدعارة في المعابد الوثنية لتمكن الكهنة من الانفاق على تحسين ابنية المعابد وتأثيثها . فهل ترضى للنساء اليوم ان يعدن للانحدار الى هذا الدرك .
أصاب و أخطأ
مجبل الجبوري -نرا في التعليقات الكثير من الأصوات العلمانية و الشيوعية التي لا تنطبق على مجتمعنا العربي و الإسلامي و لكن للدكتور علي الوردي الكثير من وجهات النظر الصائبة و المستندة إلى الأدلة و الثوابتو لكنه كما قيل قد أغفل الجانب الدينيو خصوصا بعد الثورة الإيمانية في نهاية تسعينات القرن السابق و التي طالت كثيرا من البلدان العربية و الإسلامية و منها العراق و كما يعرف الجميع فصدام حسين قد ركب هذه الموجة. هذه موجة لم يعشها الكاتب و قد كانت فاعدة كتاباته مستندة على ذلك الجو العلماني الذي يتناقض مع شخصية الفرد العراقي فهناك ما تربا عليه من دين و ما اقتنع به بعد شبابه من أفكار غربية غريبة على مجتمعنا الإسلامي قد يكون اكتسبها من دراسته في الخارج أو من جهات أخرى على العموم موضوع جميل و وفق الله الجميع لما يحبه و يرضاه.و السلام ختام
النبش في الللوحات
خوليو -يارولا تحياتي،اللوحات الطينية يجب أن تدرس محتوياتها في المدارس وهي ليست مطامير، محتوياتها وثائق يمكن أن نعرف من خلالها ثقافة وتفكير وعادات شعب بأكمله أي يمكن أن نعرف من خلالهاشخصية الفرد والأمة، جلجامش الذي حاول تحدي الآلهة للوصول مثلها للحياة الأبدية هو غير أيوب التوراتي الذي قبل بالقروح والجروح وموت الأولاد ذاعناً خانعاً لمشيئة الإله، هل استطعت أن أنقل لك الفرق؟ أثق بذكائك ومعرفتك بدون شك، موضوع الحوار الذي طرحه السيد الكاتب هو الشخصية العراقية وازدواجيتها كذكرى للإجتماعي لراحل علي الوردي، هناك بدون شك أسباب فالأشياء ياعزيزتي لاتأتي من العدم ، وهاهي المعلقة السيدة العراقية-8- تطرح مثال عن الرجل العراقي الذي يقدم نفسه كتقدمي وعند الجد تجده خارج من كهوف الفكر الظلامي فهي تقول الحقيقة بالنسبة لعلاقة المرأة بالرجل..لماذا يحدث هذا؟ النتائج بالأسباب، وكيف سنعرف السبب بدون دراسة الشخصية البشرية ، وكيف ندرس الشخصية بدون أن أسمع أو أقرأ مايكتب الإنسان والمثل صادق في تعبيره عندما يقول: تكلم أو اكتب وسأقول لك من أنت ، وللسيد سمير أقول صحيح هناك اختلاط ولكن هناك عراقيون وعراقيات تُرفع لهم ولهن القبعة مثل علي الوردي وهادي العلوي ومظفر النواب والسياب ومعروف الرصافي وآخرين. ألا يختلف هؤلاء عن المقتدى الصدر وأصحاب اللطم والنزيف ؟فمن أي جينات انحدر كل منهم؟ لايمكن أن نضع الجميع بسلة واحدة، ولنكتشف الفرق علينا بالبحث عن الجينات السومرية والجينات الصحراوية... وسؤال لرولا ما تظنين عملي؟ لا أملك بورش ولكنني سعيد جداً.
الى رولا الزين .
الحكيم البابلي . -صحيح أن الأمام أبن عربي آخى المشركين والمسيحيين واليهود والوثنيين ، ولكن مؤاخاته كانت على الورق ، ولم ترتقي الى مرحلة التطبيق ، وهؤلاء الأقوام لاقوا وعلى طول مسار التأريخ إظطهاداً مزدوجاً .. قومياً ودينياً ، ولمدة 1400 سنة ، ثم لماذا تذكرين أبن عربي وهو لم يكن لا خليفة ولا حاكم ولا حتى من أصحاب القرار ، ولا تذكري ( العهدة العمرية ) مثلاً أو الشرائع والدساتير والفتاوي الأسلامية والتي نالت من غير المسلم وحتى من المسلم والمسلمة وأنت واحدة منهم ؟!. واليوم نرى ما يحدث لغير المسلمين في العراق ومصر ولبنان وأماكن عديدة أخرى ، وكيف يمكننا أن ننسى يوم أصدر الموالون لحزب الله في لبنان بيانهم الأول في شباط 1985 وطلبوا فيه من كل المسيحيين اللبنانيين إعتناق الأسلام ، ودعوا الى قيام الجمهورية الأسلامية الشيعية ؟!. أما الميراث الحضاري الذي تركه المسلمون فقد تعلموه من أبناء البلدان المغزوة ، آراميين وفرس وأقباط وغيرهم ، وأغلب علماء العرب ( ولا أقصد الدينيين طبعاً ) كانوا من العجم ، وحتى الكتب التي تم ترجمتها في زمن المأمون من اليونانية والأغريقية الى العربية لم يقم بترجمتها غير مسيحيي العراق مثل بختيشوع وغيره ، علماً بأن العرب المسلمين عندما غزوا هذه البلدان لم يجلبوا معهم غير سقط الحضارة أو أدنى كالشعر والغزو واللذائذية والسيف والخيل والأبل !!، وإذا كانوا قد جلبوا معهم أي شيئ آخر فأرجوك يا رولا أن تنوري معرفتنا !!. وأنتِ تهملين كل حضارة بابل وعمقها لتقدمي لنا مثال هامشي عن ( دعارة كاهنات المعابد في بابل ) ، متناسية أنماط وتسميات الدعارة الحلال وبتسميات دينية لا نريد الخوض فيها بسبب الرقيب ! . وأنتِ تحاولين تجيير حضارة بغداد وشارع العون للدولة المسلمة ، وكأنك ( ورغم ثقافتك ) لا تعرفين بأن الدولة الأموية والعباسية ودولة الأندلس كانوا جميعاً دولاً إسلامية بالتسمية فقط ، وسيرة خلفاء وأمراء وقادة كل تلك الدول تقول لنا بأنهم كانوا وشعوبهم يومذاك غير متدينين ، وهذا أعطى الحرية للفكر فأبدع وأنتج ، وما أغلب شعرائهم ومفكريهم وفلاسفتهم وعلمائهم وحتى صعاليكهم غير ملاحدة أدركوا قبل غيرهم الحقيقة الكونية !!. وصحيح أن التأريخ الأسلامي ليس كله غنائم وجزية كما تقولين ، ولكن ربما يكون كله مظالم وتنكيل وإعتداءات لم تتوقف أبداً على أبناء الأديان الأخرى ، فهل تستطيعين أن تنكري ذلك يا رولا ؟!. و
عربية أنا
رولا الزين -خليلي (بفتح اللام مع شدة فوق الياء) أعلما أن العرب القدامى لم يكونوا حفاة عراة اجلافا على ما تتوهما .ويؤخذ من التوراة ان العرب أنجبت حكماء عظماء. ففي ملحق سفر الامثال كلام لآجور بن ياقة وأقوال اخرى تنسب الى لموئيل وكلاهما من ملوك مسا وهي أحدى قبائل اسماعيل . وقد ورد أسما هذين الشخصين باشكال مختلفة في بعض النقوش المعينية وسواهما من نقوش الجنوب القديمة . وفي نبوءة باروخ اشارة الى بني هاجر أي الاسماعيليين أو عرب الشمال الذين يبتغون التعقل ( الحكمة ) على الارض.وكانت دولة الانباط على عهد الرسول بولس تترامى اطرافها حتى دمشق شمالا ويؤيد ذلك ان حاكما بدمشق تحت أمرة ارتاس (الحارث )سعى الى القبض على بولس. وديار العرب التي انطلق بولس اليها انما هي بقعة صحراوية في أرض الانباط . وفي أعمال الرسل أن العرب كانوا في الارجح انباطا . ويدل الحوار الذي جرى بين النعمان ابن المنذر العربي وكسرى الفرس وقد حضرته وفود الروم والهند والصين على رباطة جأش وطلاقة لسان نادرة حين قال ( والعرب لم يطمع فيهم طامع ولم ينلهم نائل- حصونهم ظهور خيلهم -ومهادهم الارض وسقوفهم السماء وجنتهم السيوف وعدتهم الصبر- اذ عز غيرها من الامم انما عزها الحجارة والطين وجزائر البحور ). والرومان سادوا العالم كله ولكنهم لم يسودوا العرب .وكان هيرودتس يرى ان ( بلاد العرب كلها كانت تفوح بالعطر والطيوب ).ووسعت زنوبيا أرجاء ملكها حتى ضمت مصر وقسما كبيرا من آسيا الصغرى وكسرت شوكة الرومان حتى تراجعوا الى أنكرا ( أنقره )وبلغت جيوشها خلكيدون تجاه بيزنطة محاولة احتلال تلك البقعة السحيقة .وفتحت جيوشها الاسكندرية- أهم مدن الامبرطورية وسكت النقود خالية من رسم رأس أورليانوس الذي كان ينقش عليها . والشعر الغربي كله لم يبلغ الاعجاز الذي بلغه شعر النابغة الذبياني في بيت واحد من شعره ( وأنك كالليل الذي هو مدركي - وأن خلت أن المنتأى عنك واسع ). وسبق عمر ابن الخطاب شرعة حقوق الانسان بنحو ثلاثة عشر قرنا حين قال ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ). وسبق علي بن أبي طالب الاشتراكيين جميعهم حين قال ( عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه ) . وتفوق العرب على الولايات المتحدة في الحقوق السياسية حين نصبوا كافور الاخشيدي وكان مملوكا زنجيا سلطانا على مصر وسوريا في القرن العاشر ميلادي.وبما اني لم أشرب قهوتي بعد سوف ا
الى رولا..
رعد الحافظ -سأسمح لنفسي بهذه المداخلة خلال شرب الأخت رولا الزين قهوتها..لأقولجميل جدا أن يعتز المرء بأصله ويفخر بمنجزات قومه ويحاول تطويرها دائما كما تفعلين سيدتي..و الأجمل أن يعترف بالنقائص والسلبيات إن وجدت ولا يقلب الأمر الى مقارنة مع الآخرين لأثبات الافضلية,فعيوب الآخرين لا تستر عيوبي ابدا..حواركم جميل ورائع يا رولا وخوليو والحكيم البابلي..شكرا للكاتب الكبير إبراهيم الحيدري الذي يطلق العصافير التي طال وقوفها على الخرقة السوداء..تحياتي للجميع
الى رولا الزين .
الحكيم البابلي . -حقاً قُلتِ سيدتي ، فها أنذا أتنهد تحسراً كوني كُنتُ أرى فيك إمرأة بفكر واعد ، وبدلاً من أن تُجيبي على أسئلتنا وآرائنا المطروحة ، نراك تهرولين مشهرةً ذات الأجوبة الببغائية التقليدية المملة بأنكم وأنكم وأنكم ، وجيب ليل وخذ عتابة ، وما دمت تحاولين الدوران في نفس الحلقة المُفرغة العقيمة ، فتكونين قد أغلقت باب النقاش ، وهذه واحدة من أكبر الأزمات المُلازمة لشخصية العربي بصورة عامة والمسلم بصورة خاصة .قال أحدهم : ( ترى الطفلة دُميتها المبتورة الأطراف ، المطعوجة والمشوهة ، أجمل من جميع الدُمى الأخرى ، فهي ترى فيها من الجمال ما لا يراه الأخرون ، وذلك لأنها تحبها ولا تملك غيرها ) . إشربي قهوتك على مهل يا رولا ، ولا تستعجلي ، إذ ليس من داعي لنبش المنبوش ، لأن الميت لا يساوي هذا البكاء . تحياتي .
عيوب عربو - اسلامية
رولا الزين -أصدقائي رعد والحكيم وخوليو . كتبت بالأمس تعليقا على رأي محمد الوادي في ايلاف وهو عن شح مياه الرافدين في العراق . وقد ذكرت فيه ان مجلة نشرت ........قائمة باسماء ستين دولة فاشلة تربع على قمتها الصومال فيما حل السودان في المرتبة الثالثة والعراق في المرتبة السادسة واليمن 18 ولبنان 29 وسوريا 39 ومصر 43 .وبطبيعة الحال يدعو الامر ليس للخجل فقط بل للخزي الشديد .وعيوب العرب والمسلمين كثيرة ماضيا وحاضرا . فزياد ابن ابيه هو من اخترع ما يسمى منع التجول والوليد الاموي كان يسبح في حوض من الخمر وهارون الرشيد احاط نفسه بجيش من الجواري . وقد تهكم الراحل الكبير علي الوردي على مبالغة بعض المسلمين في تادية بعض شعائرهم الدينية مشددين على طقوسيتها اكثر مما شددوا على جوهرها ومقاصدها . وقد حمد طه حسين ربه على عماه لانه لم ير وجوه الطلاب الموتورين الذين هاجموه اثر اصداره كتابه السجالي في الادب الجاهلي . ومن ناحية أخرى أسمى الاديب اللبناني المسيحي الراحل مارون عبود ابنه البكر محمدا الا ان الاخير عانى الكثير في عبور حواجز الميليشيات المسلحة الاسلامية والمسيحيةعلى حد سواء خلال الحرب الاهلية بسبب التباس اسمه . وأعمل حزب الله في المفكرين اللبناتيين الشيوعيين قتلا واغتيالا ومنهم المفكر حسين مروة مؤلف كتاب النزعة المادية في الفكر الاسلامي وكان عمره ثمانين سنة حين قتل . وقد حان موعد عشائي ( سلطة خس وطماطم وبروكولي بزيت الجوز وخل التفاح ) تمنيت لو تشاركوني . وتحية من القلب للعاملين في ايلاف الزاهرة جميعا من قاعدة الهرم الى قمته .