كتَّاب إيلاف

بسم الله رب هذا الغلام!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نظراً لأنني كنت بعيداً عن المملكة لأشهر طويلة، فقد مكنتني، الساعات العجلى التي قضيتها في حديقة الأمير عبد العزيز بن سطام الهادئة، من أن أفهم السعودية عن قرب.

من مفكرة سلطان القحطاني

*التاسعة والنصف صباحاً:
1- حديث سريع عن... "الأمير العالم"

نجران تعلمت كيف تنطق كلمة " نصر " بأربع لغات

من "نجران" القصيّة إليكم مع التحيّة!

بدأت بقراءة الصحف المحلية، ولفتتني أخبار زيارة الأمير عبد العزيز بن سطام، إلى نجران، حيث طاف في الجامعة المحلية، وحضر اجتماع لجنة مستشاري كلية الشريعة، وأجرى بعضاً من المقابلات مع المتخصصين، ورجال الدين.

تذكرتُ لقائي معه قبل أيام في دارته، في الرياض، حيث مكتبه، ومكتبته، وأدوات اتصاله بالعالم. لن أتحدث عن الثقافة الموسوعية، أو الفهم الواقعي للوطن، والمجتمع، وآلية الحكم، وكنه السياسة السعودية؛ بل أتجاوز ذلك كله إلى مكتبته الضخمة، التي تضم كل الكتب حديثها، وقديمها، باللغتين، ولها جهاز حاسوب خاص، يصنف، ويعطي، ويرشد. ومنها تهبط عليك صورة مثيرة للإعجاب، عن أمير شاب لا تخلو غرفة من غرف دارته من كتب، ومكتب، وأوراق، وجل ساعاته، كتاب يُقرأ، أو فكرة تُدرس، أو منهج يُفكك، ويحلل.

ونظراً لأنني كنت بعيداً عن المملكة لأشهر طويلة، فقد مكنتني، الساعات العجلى التي قضيتها في حديقته الهادئة، من أن أفهم السعودية عن قرب، بعد حوار جامع، طفنا فيه من السهول، إلى السفوح، ومن السفوح إلى ذرى الجبال العليا. والشهادة لله أنه كان كريماً في التحليل، والتدقيق، والاستيعاب، دون ملل، أو ضيق صدر، أو نفاذ صبر. من القرب القريب، استطعت أن ألحظ مدى تأثير عميه الكبيرين، بذاتهما وصفاتهما، الأميرين نايف وأحمد، عليه، من خلال جمعه حداثة الزمن، مع أصالة التاريخ، وليس عيباً أن يكون قبساً من عوالم عميه الرحبة، كونه يقتسم معهم الكثير من الأشياء، ليس أقلها حب الصيد، والصقور التي تحلق في سماوات الله المفتوحة.

قلت في نفسي ليت الغربيين يجلسون مع عبد العزيز بن سطام ليعرفوا أن الديمقراطية الغربية ليست إبرة نضربها في مجتمع، فيصبح ديمقراطياً بين يوم وليلة، دون المرور بالظروف الموضوعية لتحولات كهذه، دون إغفال الخلفية التاريخية، والثقافية، ومسار الممارسة السياسية في العالم الإسلامي، منذ دولة الخلفاء الراشدين.

ليت بعضاً من دعاة الإصلاح في هذه البلاد، يعرفون، أن الإصلاح ليس امرأة تقود سيارة، أو فتاة تدرس جوار شاب آخر، أو هجوماً صحافياً على أبن تيمية، أو أبن حنبل، بل هو حزمة من الأفكار، والأحلام، لا تقفز على الحقيقة، والدين، والمجتمع، بل تتواءم معها، وتسير بتناغم حذر.

* الحادية عشر صباحاً
2-"قُتل أصحاب الأخدودْ، النار ذات الوقودْ"

بين هذه الجدران المهدّمة، والأحجار المكوّمة، حدثت قصة قديمة، قدم الخليقة نفسها. إنها قصة "أصحاب الأخدود"، التي ذكرتها كتب السماء، والأرض. من سوء الحظ أنكم لم تروا وجه حسين أمير، الشاب المصري خريج قسم الآثار، حينما نظر لمعلم "الأخدود" الأثري في نجران جنوب السعودية، وهو يعاني الإهمال، وعدم التطوير. إن نظرته الحزينة، والمليئة بالألم، هي الرد البالغ على الفرصة التي أضاعتها نجران، لعشرات السنين. الفرصة هي تحويل كومة الأحجار هذه إلى منتجع سياحي دولي، يضع نجران على الخارطة العالمية.

وبالفعل، حينما رأيت الموقع، والمتحف المصاحب له، قلتُ في نفسي: "هذا كنز نجران ومشروعها القادم". وحينما دخلت راعني أن الموجود هو غيض من فيض، والأكثر متوقع، وممكن، في عالم جديد، وعولمة متسارعة، واقتصاد نشيط.

المتحف، صغير. ليس مهملاً، لكنه لا يحظى بالاهتمام اللائق. في إحدى الواجهات الزجاجية، وجدت ذبابة متوفية، تنام رقدتها الأبدية، جوار الأحجار، والآثار، التي يتجاوز عمرها آلاف السنين. "هل هي ذبابة أصحاب الأخدود، أم أصحاب المتحف؟"، قلتُ في نفسي، ومضيت إلى "الأخدود" المغلق بسياج، كأنه مزرعة دواجن، وليس معلماً أثرياً.

صافحتُ موظفاً عبوساً فقال لي فوراً إن الدخول ممنوع، رغم أنني جئتُ في الوقت المسموح به للزيارة. أعتذر بعدها بلطف قائلاً أنه يمكننا الدخول، لكنه منهك بعد زيارة وفد ألماني. لاحظوا أنه منهك في الحادية عشر، يعني بعد مضي ساعتين، أو ثلاث فقط، من الدوام الرسمي.

ولأني صديقي المصري الشاب خبيرٌ أثري، فرافقني بدلاً من الموظف، الذي تدفعُ له الدولة راتباً كي يقوم بعمله، ويرشد السيّاح. إنه ليس شخصاً بل هو يمثل مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين، الذين لا تتوافر فيهم ثقافة العمل، ولا يدركون أنه صيغة حياة، أكثر من كونه رزمة من المال في نهاية كل شهر.

خريج الآثار المصري، الذي يجيد أربع لغات، يعتصر حزناً وهو يجول بعينيه في المكان. ينظر إلى الأخدود. يفكر فيه. يلمس الرمل، والأحجار، ويقول: "هذا كنز من التاريخ، لكن للأسف مهمل. المكان يحتاج إلى حفر واكتشافات جديدة لأنه لا يزال غنياً بالآثار".

وبالفعل لا يزال المكانُ غنياً. لفتني أن هنالك أحجار، ذات نقوش، ربما يعود عمرها لآلاف السنين، لا يزال جزءها السفلي غارقاً في الرمال. أيضاً كان هنالك سلالم تؤدي إلى الأسفل، ولكنها غارقة في الرمل. هذا يعني أن عمليات حفر، وتنقيب جديدة، تقوم بها مؤسسات دولية، يمكن أن تخرج الكثير من جوف هذه الأرض الغنية بالتاريخ، والألم.

يقول أحد الموظفين هنا، وهو شاب دمث الخلق، لكن الدماثة وحدها لا تكفي، إن "الإقبال الأجنبي أكثر من المحلي على زيارة الأخدود". الأمير مشعل، حاكم هذه المنطقة، بما يمتلكه من علاقات دولية واسعة، ربما يسهم في لف الانتباه إلى هذا المكان، ووضع منطقته على خارطة العالم.

في السعودية تمثل الإرادة السياسة ثلاثة أرباع الطريق لإنجاز الأمور، وهذه واحدة من الدروس المستفادة من عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حاكم شبه الجزيرة العربية.

*الساعة الخامسة من آخر النهار
3- حينما يقول ناصر الربيعي أن الصورة ليست صورة !

مثل ينبوع جميل يتدفق ناصر الربيعي، وهو مصور فوتوغرافي سعودي شاب، في الحديث عن أحلامه، وآماله، وآلامه كذلك. في بهو فندق "الهوليدي إن"، نحتسي كوبين من الشاي الأخضر، ونتحدث عن مهنة التصوير، التي تسلقها الكل، ولم يتمكن منها إلا البعض. يقول لي بلكنته النجرانية الرائعة: " لدينا مشكلة حقيقية في أننا لم نفهم بعد أن الصورة ليست مجرد فلاش فقط، إنما هي فكرة. الصورة تجسيد لفكر، لرسالة معينة".

صور الربيعي على أغلب جدران هذا الفندق الأنيق، كأنها نجوم تطرز الحيطان، وترسل إشارات الأمل. في كل مكان لمسة، لوحة، قصة، وقبل كل شيء فكرة. يضيف:"إن لم توصل الصورة رسالة إلى المشاهد، فإن ذلك يعني أن المصور قد فشل في مهمته".

ونظراً لما قد رأيت، فأعتقد، أن ناصر قد نجح في مهمته، إلى حد كبير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حاكم الجزيرة
فهد الغام -

فعلا صدقت اخي سلطان فالملك عبد الله هو حاكم شبه الجزيرة العربية كلها لما يمثله من اخلاق ومحبة وتقدير

تعيش نجران
حسين فرحان -

زيارة الأمير عبد العزيز بن سطام اسعدت اهل نجران فمرحبا بأمير الخير. مرحبا الوف يالغالي بين مواطنيك واهلك وحنا مانذكركم الا بالخير. وفقكم الله لمافيه خير هذه الوطن. واشكراخي سلمان القحطاني كتاباته الرائعة وياليت لو تكتب لنا عن نادي نجران الرياضي لأننا نحتاج ميزانية جديدة له

تعيش نجران
حسين فرحان -

زيارة الأمير عبد العزيز بن سطام اسعدت اهل نجران فمرحبا بأمير الخير. مرحبا الوف يالغالي بين مواطنيك واهلك وحنا مانذكركم الا بالخير. وفقكم الله لمافيه خير هذه الوطن. واشكراخي سلمان القحطاني كتاباته الرائعة وياليت لو تكتب لنا عن نادي نجران الرياضي لأننا نحتاج ميزانية جديدة له

ماذا تريد ..
برقوق -

مراسل ايلاف في السعوديه لا يعرف ماذا يريد ان يكون ، صحفي ام اعلامي ام روائي ؟؟ وفي اعتقادي ان هذا اللبس لديه جعله يخرج بماده كالمسخ ... فغالباً لا تعلم هل ما ينقل خبراً ام قصة قصيرة أم نثراً فتخرج بالنهاية بلاشيء .. التركيز مطلوب وزيادة التدريب والتعلم اساس للإبداع والتطور وارجو ان ينتبه كل شخص يطمح الى الافضل ان يركز عليها

والله العظيم مافهمت
قارئ -

ياانا مخي مضروب يالموضوع ملخبط حديقة صاحب السمو ونجران والمصور صارت فتة ابوزيد مو تقرير صحفي ولا مفكرة .. يعني زي تعريف مرسي للمنطق :)

والله العظيم مافهمت
قارئ -

ياانا مخي مضروب يالموضوع ملخبط حديقة صاحب السمو ونجران والمصور صارت فتة ابوزيد مو تقرير صحفي ولا مفكرة .. يعني زي تعريف مرسي للمنطق :)

شكرا لنجران
حسين اليامني -

شكرا لنجران واميرها على خلقهم الرفيع الجميل. وشكرا لسلطان الذي ابدع في مفكرته لدرجة ذكرتنا بالغارديان ومفكرتها، ولكن ليتها تكون مفكرة يومية ليس مثل صحف بريطانيا التي ينشر فيها الصحافيون مفكرة اسبوعية. ولدي طلب نريد موضوع عن الأمير مشعل بن عبد الله وهو محبوب جدا

على بركة الله
صالح الحارثي- بورموث -

شكرا ياسلطان على هذه المادة المتنوعة ولكن لدي عدة ملاحظات اريد ان ارسلها على ايميلك. اعجبتني جداً تجربة المفكرة والتي هي فن بريطاني في الأساس، لكن، كما أعرف هنا في صحافة الانجليزية، أنها اسبوعية، وليس يومية. لكنها تجربة مهمة كبداية وفقك الله. امر اخر الحقيقة اود ان اعبر عن اعجاب شديد بأمير نجران الأمير مشعل الذي هو رمز من رموز المعرفة اولثقافة

الأمير أبن سطام
فهد الكويتي -

الأمير عبد العزيز بن سطام رجل ذوق خلق وثقافه. وحضرت العديد من محاضراته وكانت بالفعل ذات اسلوب علمي جديد يخلط بين الشرعي والسياسي، وكنت اتمنى على الأخ سلطان لو نشر المقابلة كاملة مع سموه لأن الأكيد هنالك العديد العديد من الأسرار

من سوداني مقيم
عبد المطلب من نجران -

ابارك للكاتب واشكر ايلاف التي اعتبرها افضل موقع عربي. الحقيقة انا هنا منذ تسعة اشهر فقط لكنني لاحظت ان كل اهل نجران يحبون هذا الامير الذي اسمه مشعل بن عبد الله ويقولون انه افضل امير مر عليهم لأنه يحبهم ويحترمهم ويحب الحق لا مع احد ولا ضد احد. ونجران مهمة جدا في السعودية ولكن محتاجه اهتمام وتطوير وفلوس زياده. وبقى اقول شي ايلا فلو تكتبي عن رواتب العمال رواتبنا قليلة والله جدا هنا ونتمنى زيادة الاجازات

يابو مفكرة
مراقب -

من مفكرة سلطان القحطاني. اقول خلك في لندن وباريس بس واكتب عندهم لاتجيب بضاعة الغرب عندنا. اما الأمير مشعل نعرفه وهو انسان مهذب ورائع وشفناه اكثر من مرة في وزارة الخارجية وكلن يمدحه. الله يحفظ ال سعود وسلماتكم. اتحداك تنشرين يايالاف

ماقصة سلطان ونجران
سالم بن محسن اليامي- -

لا أعرف لماذا يركز الكاتب كثيرا على نجران هذه الأيام. هل هناك توجيه ما لأننا نعرف الكاتب دائمالا يهرول عبث. ونلاحظ الصحف الان بدأت تنتبه لنجران هل فيه قصة.

الاخدود عظيم حقا
ادهم المصرى -

شكرا لك سلطان على اهتمامك بمنطقة نجران وخاصة الاثار لاننى اعشقها والاخدود باذن الله تصبح منطقة اثرية عالمية لانها لابد ان تكون كذلك ولكن لا اعرف هل ينقصها الدعم ام الخبرة اعتقد ان الدعم موجود ان طلبه احد اما الخبرة فالعالم ملئ بالخبرات فانظروا الى مصر الفرعونية فمثلا معبد الكرنك كان وسط المياه الجوفية انظروا اليه الان او معبد الاقصر جميع الاثار المصرية تتحدث عن نفسها اذا نظرت اليها فاتمنى ان ارى مدينةالاخدود التى تعشقها الديانات الثلاث الاسلامية والمسيحية واليهودية والاوربيون ياتون الى الاخدود والعرب لا يعرفونها .

لا حياة لمن تنادي
نذاخ ال نذاخ -

لقد قمت باجراء التحقيق في شهر رجب وارسلته للصوت الأخدود ولكن لم ولن نتحرك حتى يتكلم من هناك .......... باعلى الصوت الأخدود بحاجة لوقفة امير نجران

التأصيل...
فاطمة -

الفكرة جميلة لكن الأجمل تأصيلها، مكامن الابداع في تراث العرب والمسلمين لا حصر لها فلننهل منها. ويشكر الكاتب على جهده والقادم له أجمل باذن الله ،،،وأدام الله المحبة بيننا وبين ولاة أمورنا فما هو عند الغير استثناء بقى عندنا الأصل والحمدلله.

خط الدفاع الأول
ابن الدمام -

اتمنى ان يعود الشريف حسين لزياره اهله فى نجران نحن صدر الحجاز وعقله وكلنا فداء العائله

خطأ
خالد -

شبه الجزيرة العربية تضم إلى جانب السعودية دول البحرين و قطر والكويت وعمان والإمارات واليمن .. هل كل هذه الدول خضعت تحت التاج السعودي ؟؟!!!!ومتى تم ذلك ؟؟؟!!!

ما كل هذا التملق!!؟
محمد مهنا -

مخالف لشروط النشر

سلطة
ملاعب -

اضم صوتي لبرقوق ولاتعليق...

قبل ان تتحدث
الصمت -

مخالف لشروط النشر

إلى برقوق
أبو تركي -

مكانك أنت وأمثالك في منتديات الأطفال وليس موقع مثل إيلاف ومشكور يا سلطان وأتمنى من الأشخاص الذين يعلقون يركزون على ما يكتب وليس على الكاتب

سلمت يمناك
بويوسف البحرين -

سلمت يمناك يا سلطان الخير فبستانك الصحفي الجميل يجعلنا نقرأ جميع بذوره الجميلة.. بانتظار جديدك