كتَّاب إيلاف

من التحرير والتوحيد إلى الكنتنة

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 

قبل وصول شرارة ثورة الربيع العربي إلى سوريا كان لي صديق ماهر فنياً، رشيق البنية ومحب للرقص الاستعراضي، ولكنه لم يكن لا قريباً من السلطة يوماً، ولا كان من المنتمين لأي تنظيم سياسي يستطيع تعويمه أو المساهة في تحقيق حلمه، إذ كان حلمه أن يُشكل فرقة استعراضية توازي فرقة كركلا في بيروت، ولكن من دون الالتفات الى قدراته المالية والبشرية واللوجستية، أو دراسة المشروع الضخم بمنطق الواقع والممكن، وغالباً ما كنتُ أقول له: دعك من الأحلام الكبيرة وابدأ بالمنطقي والمعقول والذي تقدر عليه، حتى تتدرج مع الزمن نحو حلمك الشبيه بالمستحيل، ولتخليصه من وهم التشبه بكركلا كنت أؤكد له بأن سوريا كدولة غير قادرة على أن تنشيئ فرقة بمستوى كركلا، فكيف أنت الذي لا تملك شروى نقير ستكون قادراً على ذلك؟. عموماً فالذي ذكرني بذلك الصديق هو ما صرّح به قائد قوات حماية سنجار سرحد شنكالي لوكالة(كوردبريس)الايرانية للانباء: وقوله بأنهم يريدون تنفيذ مشروع مماثل لما هو موجود في المناطق الكردية بسوريا، أي نظام الكانتونات المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي.   ويبدو جلياً أن قول سرحد لم يأتِ من فراغ إنما هو مستل بتمامه وكماله من أفكار وكلمات رئيس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان الذي عقب اعتقاله دعا صراحةً إلى نبذ فكرة الدولة الكوردية القومية، والمطالبة بالإدرة الذاتية الديموقراطية أي نظام الكانتونات، المشروع المأخوذ عن أفكار عالم روسي يهودي حسب قول الكاتب الكردي جان كورد، وأوجلان كما هو واضح لا يدعو أقوام المنطقة أي الأتراك والعرب والفرس لحل دولهم القومية، إنما يُطالب الكرد بالتخلي عن الطموحات القومية والوطنية المشروعة لشعب كوردستان. وبما أن ذاكرتنا لم تثقب بعد لذا نتذكر جيداً بأن هذا الحزب كانت شعاراته ولعدة سنوات مثل المناطيد تطير عالياً في سماء وتصورات أعضائه ومريديه ومخيال عامة الناس، ومنذ ما يزيد عن عشرين سنة كنا بسوريا وكلما التقينا بقيادي أو كادر أو نفر من أنفار حزب العمال الكردستاني كان يبادر بالقول: أن مسعود بارزاني يريد المخترة، أي الجماعة كانوا يعتبرون الحكم الذاتي الذي عمل عليه البارزاني بمثابة المخترة، بينما هم فكانوا يطالبون بما هو أهم وأكبر وأعظم، حيث كانت شعاراتهم الطنانة والرنانة هي تحرير وتوحيد كردستان، انتبهوا جيداً تحرير وتوحيد، هذا الشعار الذي لا يشبه إلّا شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي، وهو شعار يكاد يكون خرافي، سريالي بل وتعجيزي مقارنةً بامكانيات الحزب المذكور، وشبيه جداً بأحلام صديقنا الذي كان بوده أن ينشئ فرقة استعراضية ضخمة مثل فرقة الكركلا من لاشيء، وكأن علاء الدين ومصباحه سيكونا عند اللزوم طوع بنانه وبنان قادة حزب العمال الكردستاني.  ولكن تبقى المفارقة الأهم هي أن صاحب (مشروع المخترة) حسب أقوال أنصار المدرسة الأوجلانية هو متجه الآن نحو الاستقلال، مع أنه ظل واقعياً ولم يزنر خواصر أعضاء حزبه بديناميت اليافطات الضخمة، وناضل ضمن الظروف المتاحة، ولم يزرع الأوهام الكبيرة في عقول أعضاء حزبه أو عموم الناس في الاقليم، ولم يعمل يوماً إلّا وفق إمكانياته وإمكانيات شعبه، ولا رفع شعاراً كبيراً لا يستطيع تحقيق 10% من مضمونه، بينما جماعة الشعارات الهلامية والفضفاضة فتنازلوا بكل سهولة عن طموحات شعبهم مع كل ما ضحوه في سبيل تحقيق مضامين تلك الشعارات، واليوم راحوا يركنون مع أحلامهم العظيمة تلك بجوار مصطبة الادارة الذاتية التي أعلنها رئيس أحد روافد حزب العمال الكردستاني في سوريا أي صالح مسلم، وهي الادارة الشبيه بنظام الحكم في إدارة المقاطعات التي كان معمول بها أثناء الخلافة العثمانية في عموم هذه المنطقة. إذاً فحزب العمال الكردستاني وبعد تقديمه لعشرات الآلاف من القرابين من أجل التحرير والتوحيد، وبعد تدمير الجيش التركي لآلاف القرى والمدن في المناطق الكردية بتركيا، يبدو أنه تواضع أخيراً في مطالبه وغدا مقتنعاً بفكرة العودة الى نظام الإدارات الذاتية المُحاكية والمماثلة نوعاً ما لتجربة الولايات العثمانية!.   

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الحلم الوردي الكاذب
خليل دقوري -

ما هذا الدجل؟ مسعود البرزاني يحكم على محافظتين هو وعياله وعيال اخوته واعمامه، وبالامس ندد بمشروع الوحدة بين حركة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني، وهو يحارب اكراد سوريا ويحاصرهم ويحاصر قضاء سنجار بعد ان فرت قواته منه، كما انه حليف لاردوغان عدو الاكراد. اي دولة هذه التي يعمد البرزاني لبنائها، اعتقد تشبه حلم الوحدة العربية ذلك الحلم الذي ضحك به طغاة العرب على البسطاء. وها هو طاغية الكرد يفعل الامر نفسه. الكاتب مريد للطريقة البرزانية الدولارية...

البعثي الكوردي
برجس شويش -

اولا اود ان اشيد بالفقرة قبل الاخيرة للسيد الكاتب ماجد ع محمد الذي قدم وصفا دقيقا و واقعيا للبارتي الديمقراطي الكوردستاني وزعيمه الرئيس بارزاني, غالبا ما اصف ب ك ك وفرعه في غربي كوردستان بالبعثين الكورد, نفس شعارات البعثين العرب , والمنتمون الى ب ك ك و ب ي د من نفس الشريحة الاجتماعية التي انسلخ منها البعثيون, وطريقة واسلوب تعاملهم مع ابناء وبنات قومهم هي نفس اساليب وسلوك البعثين العرب, البارتي الديمقراطي الكوردستاني من النقاط السبع البسيطة الى الحكم الذاتي لينتهي اليوم بالفدرالية وغدا وقريبا جدا سيصل الى محطته الاخيرة اعلان استقلال كوردستان , بينما رفاقنا في ب ك ك من تحرير وتوحيد كوردستان الى الدعوة للاخوة الكوردية-التركية, ومن المضحك انهم لايزال يزاودون علىينا , كما يقول المثل, الرفيق خليل دقوري اعلاه ينسى ان الرفيق عبدالله اوجلان كان في دمشق طوال نضاله ضد الاتراك ويقاد من قبل البعثين الاعداء اللدودين للكورد وكان اعضائه آلة بيد الاجهزة المخابراتية للنظام السوري في قمع كورد غربي كوردستان وليس فقط هذا وانما النظام السوري والايراني وبموافقة ضمنية من تركيا بشن حرب على الملاذ الامن في جنوب غربي كوردستان وافشال المشروع الغربي بقيادة امريكا الذي كان يستهدف حماية الكورد من بطش النظام البعثي البائد , ما نراه اليوم من انجازات ومكاسب كانت نتيجة حتمية لذلك المشروع الغربي والذي اراد الرفاق في ب ك ك افشاله خدمة لايران الفارسي وسوريا الاسد العروبي وايضا كانت تخدم تركيا والنظام العراقي البائد, فالرفاق المعادين للبارتي والرئيس بارزاني اما هم لا يعرفون ان السياسة هي فن الممكن او انهم منفصمين عن الواقع و التنظير حسب اهوائهم ونزعاتهم الحاقدة على من هم افضل منهم في تحقيق النجاحات والانتصارات كما هم وليس نحن فقط يشاهدونها بام اعينهم في جنوب كوردستان .