أهمية إدانة أحد مرتكبي مجزرة عام 1988 في إيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في يوم الثلاثاء 19 كانون الأول (ديسمبر)، تداولت العديد من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام بسرعة البرق خبر "تأكيد محكمة استئناف ستوكهولم الحكم بالسجن المؤبد على الإيراني حميد نوري بجريمة المشاركة في إعدام سجناء والانتهاك الجسيم للقوانين الدولية والقتل الجماعي في صيف عام 1988". فما هي أوليّات وتفاصيل القصة؟ وماذا فعل نوري ليقضي ما تبقى من عمره خلف قضبان السجن؟!
من هو حميد نوري؟
يبلغ نوري من العمر 62 عاماً، ويعرف لدى السجناء السياسيين في سجني إيفين وكوهردشت باسم حميد عباسي، وقد شارك بنشاط في اضطهاد السجناء السياسيين وتعذيبهم وإعدامهم الجماعي. وأثناء مجزرة السجناء في صيف عام 1988، كان أحد المساعدين النشطين لهيئة الإعدام، وبعد إصدار حكم الإعدام من قبل هذه الهيئة، قام بنقل السجناء السياسيين إلى ممر الإعدام، ومن هناك إلى قاعة الإعدام الجماعية المعروفة بسجن الحسينية.
تم القبض على حميد نوري في مطار ستوكهولم أرلاند في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، ولا يزال في السجن.
صورة لنوري وزعت على وسائل الإعلام سابقاً
محكمة ستوكهولم الابتدائية والاستئنافية
بدأت محاكمة نوري في المحكمة الجنائية الإقليمية في ستوكهولم في 10 آب (أغسطس) 2021، واتهم المدعي العام لمحكمة مقاطعة ستوكهولم، في لائحة الاتهام، نوري بارتكاب جرائم حرب وقتل أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق والجماعات الماركسية وغير الدينية.
وبعد 92 جلسة وسماع أكثر من 100 مدعٍ وشاهد، ومراجعة تفصيلية للمستندات والأدلة المقدمة، ورفض الدفاعات غير المبررة لنوري ومحاميه، حكمت عليه المحكمة المذكورة بالسجن المؤبد في 15 تموز (يوليو) 2022.
مخطط سجن کوهردشت
احتج نوري على الحكم، واستمرت الإجراءات في محكمة استئناف ستوكهولم 22 جلسة، وأخيراً في الساعة 1400 يوم الثلاثاء 19 كانون الأول (ديسمبر)، أعلنت حكمها بصحة الحكم الذي أصدرته المحكمة الأولى.
أهمية الحكم بالسجن المؤبد
من الناحية القانونية والقضائية، الحكم على أحد مرتكبي مجزرة 1988 بالسجن المؤبد له أهمية تاريخية واستثنائية، لأنها المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة وإدانة أحد مجرمي نظام ولاية الفقيه أمام محكمة مختصة ومحايدة خارج حدود هذا النظام بسبب جريمة ارتكبت داخل إيران.
إنَّ سير هذه المحكمة ونتائجها يعد انتصاراً كبيراً لحركة الادعاء بمجزرة 1988، وهذا الحراك القانوني بشأن هذه المجزرة أعلنته ودعت إليه السيدة مريم رجوي في عام 2016.
بالإضافة إلى ذلك، ومن الناحية القانونية، فإن هذه الإدانة وإتمامها من قبل محكمة الاستئناف في ستوكهولم توفر إمكانية قانونية للتعامل مع جرائم الحكام المستبدين لنظام ولاية الفقيه، خارج حدود إيران.
إباحة الجرائم التي ارتكبها نوري
أساس مذبحة 1988، التي حُكم بسببها على نوري بالسجن المؤبد لكونه أحد مرتكبيها، هو حكم مكتوب بخط اليد أصدره الخميني بإعدام مجاهدي خلق الذين كانوا في السجون في جميع أنحاء البلاد، والذين كانوا يقضون أحكامهم الصادرة بحقهم، والمخاطَب بهذا الحكم هو لجنة يرأسها الملا حسين علي نيري، المعروفة باسم "لجنة الموت".
وكتب المدعون العامون في محكمة ستوكهولم الابتدائية في لائحة الاتهام الخاصة بهم حول اتهامات نوري: أصدر الخميني فتوى أو حكماً بإعدام جميع السجناء الذين هم من أعضاء مجاهدي خلق أو المتعاطفين معهم والمخلصين لمعتقداتهم، وبعد فترة وجيزة، بدأت عمليات الإعدام الجماعية لأنصار مجاهدي خلق في السجون الإيرانية.
نص الفتوى بخط يد الخميني باللغة الفارسية
نص الفتوى مترجماً إلى العربية
وبعد إصدار الحكم (الفتوى) مِن قِبل الخميني وتشكيل لجنة الإعدام، حُكم على السجناء بالإعدام في عملية خارج نطاق القضاء مع بضعة أسئلة أساسية جداً حول ما إذا كنت مسلماً أم لا، وإذا كنت كذلك لماذا لا تصلي؟ وما إلى ذلك، وتم إعدامهم على الفور بشكل جماعي ودفنوا في مكان مجهول في مقابر جماعية.
وبالإضافة إلى طهران، تم تشكيل لجان الموت في جميع مراكز المحافظات الإيرانية، وكانت تعمل في نفس السياق.
دفاع تاريخي مِن المحامي السويدي
كينت لويس، المحامي والحقوقي السويدي البارز، هو الذي مثل مجاهدي خلق والعديد من المدعين في القضية المرفوعة ضد نوري في المحاكم الابتدائية والاستئنافية في ستوكهولم. بعد تأكيد الحكم بالسجن المؤبد على نوري بحضور الناجين من مجزرة 1988 وأسرهم والمدعين الذين حضروا أمام محكمة استئناف ستوكهولم، قال: "اليوم نشهد انتصاراً كبيراً للشعب الإيراني ومقاومته، لأنها المرة الأولى في الغرب التي يتم فيها تناول قضية مجزرة بحق 30 ألف شخص تم إعدامهم في مذبحة 1988 في المحاكم السويدية والحكم على حميد نوري بالسجن المؤبد لمشاركته في هذه المذبحة، ويجب أن أقول إنه خلال الشهادة التي قدمت في هذه المحكمة لم يحاكم إلا حميد نوري، لكن بحسب الشهادات التي سمعت في المحكمة، يجب محاكمة متهمين آخرين من بينهم الرئيس الحالي للنظام الإيراني، بالإضافة إلى خامنئي والملا نيري ومصطفى بور محمدي وكل من تورط في هذه الجريمة. نحن ننتظر اليوم الذي يمكننا فيه محاكمتهم أمام محكمة دولية على جرائمهم ضد الإنسانية وجرائم الحرب".
دور أهالي ضحايا مجزرة 1988
يتواجد أهالي ضحايا مجزرة 1988 بشكل مستمر أمام محاكم الاستئناف منذ بداية محاكمة نوري، ونظموا 121 مظاهرة وتجمعاً وفعالية احتجاجية ومؤتمرات صحفية في مدينة ستوكهولم، وأوصلوا أصوات ضحايا المجزرة التي ارتكبها حكام إيران الى العالم.
ونظمت العديد من التجمعات والمظاهرات في ظروف جوية سيئة للغاية، وأحيانا مع ثلوج وأمطار ودرجة حرارة 20 تحت الصفر، حتى تحقق هذا النصر في النهاية.