كتَّاب إيلاف

الغرام والانتقام السياسي... مرزوق الغانم نموذجاً

النائب الكويتي مرزوق الغانم
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

انحصرت معظم -إن لم تكن جميعها- مصادر التحديات والأزمات السياسية بشتى اشكالها وانواعها في الكويت في السلطة منذ عقود سياسية حتى الأخيرة منها، ولكنها تغيرت مع صعود مرزوق الغانم إلى رئاسة مجلس الأمة في الفترة 2013-2020.
اشتد الاحتقان الشعبي الكويتي خلال الفترة 2013-2020 بسبب دور رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم قبل الحكومة في توجيه القوانين والعمل النيابي وتبني سابقة غير دستورية في بدعة تأجيل الاستجوابات "المزمع" تقديمها لرئيس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد!

لعب رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم دوراً في الهيمنة المباشرة وغير المباشرة على مجلس الأمة وكذلك على حكومات متعاقبة والتدخل في اختصاص وصلاحيات السلطة التنفيذية بسبب تنازل الأخيرة له خلال عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.
بدا واضحاً شدة التأثر الشخصي لرئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم في انتخابات 2022 و2023 خاصة بعد فقدان الدعم السياسي خلال عهد الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الصباح، وقطع الحكومة الطريق على ترشحه إلى رئاسة مجلس الأمة في العام 2023.

توجت القيادة السياسية "العهد الجديد" بسلسلة قرارات تنفيذية جاء في مقدمتها وفي الصدارة تهشيم التحالف بين الحكومة مع النائب مرزوق الغانم في انتخابات رئاسة مجلس الأمة حتى أصبح مجلس الأمة "سيد قرارته" وليس حبيساً لفرد أو مجموعة سياسية وتجارية.
يبدو جلياً حجم الأثر النفسي لقرارات القيادة الكويتية العليا على السلوك السياسي والإعلامي لرئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، فقد بدا واضحاً الاضطراب الإعلامي دون استيعاب الدروس والعبر من العهد الجديد الذي ركز على تصحيح مسار العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ليس مستغرباً العناد السياسي الشديد الذي مارسه ويمارسه النائب مرزوق الغانم ولا مقاومته للتغيير في المشهد الحكومي-البرلماني حيث طغى الانفعال في التعبير والكلام وفي التصريح والاتهام، ففقدان وهج الرئاسة البرلمانية أدى -كما يبدو- إلى عدم التوازن السياسي والإعلامي.
يتطلب العمل السياسي تنازلا للمصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية وانسجاماً عملياً مع الواقع ومتطلباته وليس المكابرة والافراط في المبالغة في تمجيد حقبة سياسية يتيمة قادت إلى هزات سياسية، لكنها يبدو انها خارج حسبة مرزوق الغانم، فهو ضحية وهم أبدية المناصب!

ثمة مساحة كبيرة في العمل البرلماني التي يمكن للنائب تعويض خسارته السياسية في تقديم البديل التشريعي الحصيف والرقيب الشريك في البناء والتطوير وليس ممارسة الانتقام من الاضداد المشروعة كحالة سياسية واقعية وخاصة في دوائر صناعة القرار.
من الواجب على النائب مرزوق الغانم استيعاب الدروس واستلهام العبر من التحالفات السابقة غير المشروعة سياسياً وحكومياً وبرلمانياً، والتركيز على طبيعة العهد السياسي الكويتي من دون الاستهداف الشخصي لرئيس الوزراء السابق الشيخ أحمد النواف وعدم تجاوز الخصومة الشخصية في مجلس الأمة وخارجه.

يمارس النائب مرزوق الغانم حالة من الانتحار السياسي بعد الاضطراب الإعلامي في المؤتمر الصحفي في العام 2022 وهو ما لا نتمناه له ولا تصدير نموذجه البرلماني إلى التاريخ الحديث، فقد كفى الكويت ما طالها من الأذى الدستوري خلال 2013-2020، ومن الواجب ترتيب الأولويات الوطنية وليس الفردية.
نتمنى توقف النائب مرزوق الغانم من ممارسة الغرام والانتقام في السياسة ولا الحياة أو الانتحار في مجلس الأمة...الحب والدلال لا مكان لهما في السياسة، فالخصام السياسي ليس صخري الشكل والطبيعة ولا أبدي المصير.

ننصح النائب مرزوق الغانم ولا نشمت، فالشماتة ليست من اخلاق الحكماء، ولا تاريخ الكويت الحديث يوثقه انصاف العقلاء.
الكويت تسع الجميع حتى السياسي الهاوي الجديد والمخضرم العليل...وطن يتداوى من نزيف الماضي السياسي القريب ولا يحتضر... وطن يحتضن الجميع ولا يكره.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف