كتَّاب إيلاف

صانع الترند

لصناعة الترند أثر بالغ على الثقافة العربية والسياسة العامة
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لفت انتباهي سؤال طُرح عبر قناة أميركية أثناء متابعتي لها بصورة صدفة، وهو: كيف أصبحت صناعة الترند تؤثر على صناعة السياسات العامة والتشريعات، خاصة في جزء من منطقتنا العربية؟ وبعد البحث وشبه الاستقصاء، توصلت إلى أن الترند يُصنع بضغطة زر، حيث يُدير ويوجه من جهات محددة تتبع للشركات التي تنشره (مثل تويتر وتيك توك وإنستغرام وما إلى ذلك). وأن ما يُسمى "بالوسوم" هي التي تتصدر قائمة "الترند"، وليس بسبب عدد الكتب تحت الوسم، بل يمكن لتغريدة أن تتصدر حتى لو لم يُكتب فيها سوى ثلة من الأشخاص. وتختفي الوسوم حتى لو كانت مكتوبة فيها الآلاف من المغردين. وأعتقد أن مكاتب تويتر المنتشرة في العالم هي التي تحدد الترند، وبرامج تيك توك تختار من تريده أن يتصدر الطرح الإعلامي، وهكذا.

وهذا بالطبع يوجه الرأي العام ويحدد نقاط الاهتمام في أي بلد ما عدا الدول التي تستثنى من ذلك بسبب ثقافة شعوبها وثقتها في أنظمتها السياسية التي تحرص على أمن وسلامة مواطنيها، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

أثرى الأستاذ راشد القحطاني هذا الموضوع بقوله: "أصبحت صناعة الترند من المؤثرات في الإعلام، حيث مرت خصائصها بتحولات من الاكتشاف إلى الصناعة البدائية، ثم الصناعة المدروسة، وذلك بالاستفادة من الأحداث التي تصنع الترند وتجذب الجماهير والمشاهدات والتداول والتساؤلات، أو بالاستفادة من شخصيات مؤثرة، وقد اختاروا شخصية سمو سيدي ولي العهد كشخصية مؤثرة، وذلك بسبب أعماله المؤثرة على الساحة الدولية، ومدى تصاعد الترند العالي بفضل ما قام وما يقوم به من أعمال مؤثرة على الساحة الدولية.

ومن الآثار السلبية للترندات صعود البعض منها نحو المكاسب المادية، وذلك وفق هندسة مرسومة، وهناك ترندات لأحداث وشخصيات ساذجة تعكس الذائقة الرائجة التي رفعت التافه والغث مقابل السمو والرزانة والإتقان. وبسبب تأثير الترند في صناعة السياسات والتشريعات، أصبح هناك حاجة ملحة لضبط بعض الظواهر التي أفرزتها صناعة الترند. وأصبح الترند عاملًا هامًا في صناعة السياسات وما يرتبط بها من تشريعات في كافة المجالات، ومن أهمها الجانب الإعلامي والتأثير على الرأي العام والسياسة الإعلامية، والجانب الاقتصادي كالدعاية والتسويق والسياحة وصناعة الإنترنت والوسائط المتعددة".

يرى رجل الأعمال فهد الحارثي أن تركيبة المجتمعات تشكل 10٪ فقط من الأفراد أصحاب الشأن وصناع القرار، بينما الـ 90٪ الباقين هم ناس بسطاء يحركهم التفكير الجمعي. ويعتقد أن المحتويات بجميع أشكالها توجه لشريحة الـ 90٪ التي تتلقى المحتوى أولاً، وتتداوله في ما بينهما لصنع الترندات، سواء كانوا يفعلون ذلك بعلم منهم او بغير علم، وسواء كان الغرض من ذلك معروفًا أو غير معروف، وتكون مصحوبة بتحليلاتهم وآرائهم وردود أفعالهم، وذلك لتصل إلى شريحة الـ 10٪ النهائية التي تتلقى المعلومات وتتخذ القرارات.

ويرى الدكتور سعود الغربي أن "الترند" مصطلح جديد يُقابله تقليدياً مصطلح الموضة، وهذا الأسلوب متجذر وموجود منذ الأزل، ولكن الآن أصبح أسرع وأشمل نتيجة للثورة الاتصالية ومنصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بها. ويبقى السر والفرق لدى صناع هذا الترند؛ هل هو ترند مصنوع ومخطط له أم أنه عفوي وربما تشكل عن طريق الصدفة والظروف لعبت دورًا في صناعته.

واختم مقالي هذا بما يراه الكاتب خلف العبدلي "تُطلق الوسوم لغايات عديدة وتُدار في الغالب من قبل مكاتب إعلامية متخصصة تعمل على قراءة ردود الفعل وتحليل مضامين التغريدات وإعادة النشر والإعجابات لتصل إلى فهم اتجاه المجتمع في فترة محددة، مصحوبة بتحليل شرائحه ومناطقه الجغرافية ولغة الطرح فيه. وتساهم تلك النتائج في التوطئة المهمة قبل صوغ القرارات، سواء أكانت في الداخل أو في الخارج.

والترند يساعد الشركات والحكومات والأجهزة الخاصة في فهم المجتمعات واتجاهات الرأي فيها، وهذا يختصر الكثير من الجهد الذي كانت تقوم به الأجهزة الاستخبارية سابقًا. وتدرك شركات التواصل الاجتماعي أهمية تلك المعلومات، فتقوم حاليًا على تحليل المشاركات وتوزيع البيانات، وتبيع تحليلاتها لكل مهتم".
والله أعلم!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف