كتَّاب إيلاف

لماذا لم تصوّت أوكرانيا الى جانب الفلسطينيين بالأمم المتحدة؟

بالرغم من أن أوكرانيا تتجرع كأس الدمار نفسه الذي يتجرعه الفلسطينيون، إلا أنها وقفت صامتة إزاء مطلبهم المحق في الأمم المتحدة
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 أيار (مايو) قراراً بدعم عضوية دولة فلسطين في المنظمة العالمية بأغلبية 143 صوتاً، مقابل رفض تسع دول، وامتناع 25 عن التصويت. اللافت أنَّ أوكرانيا كانت من بين الدول الـ25 التي امتنعت عن التصويت، في موقف مستغرب، يتناقض مع الترويج الإعلامي الغربي المفرط لـ"مظلوميتها". والحال هذه ألم يكن أولى بأوكرانيا التصويت إلى جانب الفلسطينيين، من أجل تدعيم روايتها عن "المظلومية"، ولا سيما أن القرار ذو طابع رمزي؟

سياسة الرضوخ للغرب
في الشكل، تبدو كييف في تموضعها الى جانب الممتنعين عن التصويت، وكأنها تمسك العصا من منتصفها. فهي لا تريد أن تقف ضد دولة فلسطين، فكرة ومفهوماً، لما لذلك من تأثير سلبي على صورة مظلوميتها التي ما انفك الإعلام الغربي عن الترويج لها. كما أنها لا تريد التصويت إلى جانب القرار، على رمزيته، لعدم خسارة الدعم الإسرائيلي لها، ولا سيما أنَّ القرار أحدث موجة غضب إسرائيلي هائلة، دفعت بالمندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة إلى رفع صورة زعيم حماس في غزة يحيى السنوار من على منبر الأمم المتحدة!

فرغم أنَّ إسرائيل رفضت الاشتراك مع الغرب في فرض عقوبات على روسيا، إلا أنها أمدت أوكرانيا بالذخائر والأسلحة، ومنظومات مضادة للمسيرات، وأنظمة إلكترونية للإنذار ولأغراض أمنية وعسكرية، سواء أكان ذلك مباشرة أو عبر دول ثالثة، وذلك بحسب العديد من التقارير الإعلامية الغربية والإسرائيلية. مع حرص تل أبيب على تغليف ذلك الدعم بأكبر قدر من الكتمان، لحماية علاقتها مع روسيا من الانهيار، بعد أن أصيبت بأضرار عديدة خلال السنتين الماضيتين.

أما في المضمون، فإنَّ الموقف الأوكراني يتماهى مع الموقف الغربي العام، بما يعكس مدى انصياع كييف ورضوخها لسياسات الغرب وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، حتى لو كان الأمر قاصراً على قرار رمزي ذو أبعاد معنوية، يرمي إلى تشديد الضغوط الدولية على أميركا. إذ أنَّ الأخيرة هي من عطلت عبر حق النقض "الفيتو" في نيسان (أبريل) الماضي، مشروع قرار يوصي بقبول دولة فلسطين عضواً في مجلس الأمن، والذي حظي بتصويت 12 دولة من أصل 15، بينها روسيا، فيما امتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت. رضوخ كييف لسياسات الغرب وحلف الناتو ليس تحت تأثير الحرب ولا من نتائجها، بل يعد من أبرز أسباب اندلاعها. ذلك أن هذا الرضوخ المفرط كان عنوان السياسة الخارجية لكييف منذ عام 2005.

تغييب النقاشات وكي الوعي
يكمن تبين خلفية قرار كييف بالامتناع عن التصويت في القرار الرمزي، من خلال الإطلاع على تموضع ومواقف الدول الغربية الكبرى، ولا سيما تلك التي تعد من كبار الداعمين العسكريين لها. فبريطانيا التي امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن، أعادت الكرة في الجمعية العامة. واصطفت إلى جوارها ألمانيا وكندا وإيطاليا والسويد وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا، وأخيراً مولدوفا، التي يحاول الغرب تحويلها إلى أوكرانيا ثانية.

أبعد من ذلك، ولمعرفة مدى براعة الإعلام الغربي في تزييف الحقائق وتحريفها، بغية كي وعي الجماهير، من أجل خلق مناخات من الضغط تخدم سياسات دول الغرب وحلف "الناتو"، سواء كان ذلك تجاه روسيا، أو القضية الفلسطينية، أو أي من الدول التي تحاول الوقوف في وجه الهيمنة الغربية ذات الوجه الأميركي، تكفي الإشارة إلى تجاهل الإعلام الغربي بشكل تام موقف أوكرانيا بالامتناع عن التصويت إلى جانب الفلسطنيين. إذ بالكاد مر ذكر هذا الموقف وبشكل عابر ضمن الدول التي امتنعت عن التصويت وتلك التي عارضت القرار. وبعض وسائل الإعلام اكتفت بذكر أرقام التصويت دون الخوض في تفاصيله.

والقصد من ذلك عدم إثارة أي نقاش حول لا أخلاقية موقف أوكرانيا. ذلك أنَّ أي نقاش حول هذا الموقف سيسهم في تقويض الرواية التي تروج لها وسائل الإعلام الغربية منذ شباط (فبراير) 2022 حول "مظلومية" أوكرانيا، والمجازر التي تتعرض لها. إذ لا بد في هذه الحالة أن تتساءل شريحة واسعة من الجماهير: كيف لمن يتعرض إلى القتل أن لا يقف إلى جانب المقتولين مثله؟

فإما أنَّ الدم المُراق في فلسطين هو أقل قيمة من ذاك في أوكرانيا، وإما أن كلا الحربين تخدمان أهداف الغرب ومصالحه وسياساته التمييزية والتوسعية، كما يدل على ذلك حجم المساعدات العسكرية المقدمة إلى أوكرانيا وإسرائيل، وفي طليعتها الدعم الأميركي الهائل بإمضاء الكونغرس.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
السبب واضح -لان يهـــود اوذيسا الذين يحكمون اوكرانيا اليوم - والفلسطينيين اولاد عـــم ،
عدنان احسان- امريكا -

والثقافه الساميه تقول ،،، انا اخـــوي على ابن عمـــي ،، وانا وابـــن عمـــي عالغريب ،،

لماذا لم تصوت اوكرانيا الى جانب الفلسطينيين ؟
قول على طول -

الاجابه ببساطه .كل دوله حره ولها مصالحها ..أنت تتحامل على اوكرانيا؟ اترك اوكرانيا فى حالها ويكفيها ما هى فيه من غزو همجى بربرى ونحن فى القرن الحالى ...لا تنسى أن العرب كلهم لم يصوتوا ضد بوتين بسبب غزوه لاوكرانيا وحضرتك لم تتحفنا لماذا ؟ والسؤال الاخير : أليست بلدكم لبنان أفشل دوله فى العالم أولى بالاهتمام بها ؟

ببساطة
بنيامين م. بنيامين -

كيف لا يتحامل على اوكرانيا التي لم تصوت حكومتها بسبب حقدها على روسيا. كيف لا تتدخل روسيا في اوكراينا عندما ترى أمريكا وبريطانيا(الصغرى) والحلف الأطلسي تتدخل في اوكراينا وتخلق الشقاق بين الشعبين الروسي والأوكرايني. لماذا لا تنتقد همجية أمريكا بغزواتها للكثير من دول العالم. الولايات المتحدة الأمريكيه تنتحر. لقد زال موقعها كقوة عظمى.

روسيا والكيان وجهان لعملة واحدة
Ahmad -

الدم المُراق في فلسطين مُقدس وذا قيمة جداً لدينا ويروي هذه الأرض. لن تذهب هذه التضحيات أبداً. وكذلك في أوكرانيا والسودان. الشعوب من حقها الدفاع عن أرضها وللأسف هي التي تدفع الثمن الأكبر بكل صراع دامٍ مثل هذا. فاتورة باهظة تدفعها بعالم تفرض فيه المصالح والاِصْطِفاف. كدعم إيران مثلاً لروسيا على حساب الأوكرانيين رغم دعمها للقضية الفلسطينية بالوقت نفسه، ودعم الكيان لأوكرانيا سراً واستخباراتٍ رغم حربها البربرية على أهالينا في القطاع، ودعم روسيا لحميدتي في السودان وبشار في سوريا والسيسي في مصر وحفتر في ليبيا ثم تتغنى بشكل فج ومتناقض بأنها تقود محور جديد للحد من الهيمنة العالمية ، وتخدم عملية السلام والتهدئة وإعادة الإعمار والتنمية ومستقبل مشرق تقوده الشعوب في الشرق الأوسط. لذا العدوان الصهيوني الغاشم على أهالينا في قطاع غزة ورفح وكذلك الغزو الروسي لأوكرانيا تخدمان مصالح المافيات وتجار السلاح. سياسات الكيان وروسيا التوسعية على حساب أصحاب الأرض الأصليين لن تنتصر مهما طالت الحرب تلك.