كتَّاب إيلاف

عام التحوُّل الإعلامي السعودي

الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود قرّر بثاقب بصيرته وحصافة تدبيره الاستمرار على طريق تطوير الإعلام
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في السابع من تموز (يوليو) عام 1965م، بدأ رسمياً بثّ القناة السعودية في حدث تاريخي كبير على مستوى المملكة العربية السعودية، وكان البثّ حينها بالأبيض والأسود (بدأ البثّ المُلَوّن في الخامس والعشرين من أيلول - سبتمبر عام 1976م). إن مرور ستة عقود تقريباً على هذه المناسبة الأثيرة في نفوس كل السعوديين وكل مُنْتَم ٍ للأسرة الإعلامية السعودية على وجه الخصوص يستحضر معها العديد من الذكريات والمحطات والتحديات التي واكبت هذا المشروع. كانت أولى تلك التحديات وأكثرها خطورة هي سطوة الجهل وضيق الأُفُق على عقول البعض؛ فلم يكد يمضي شهران على افتتاح محطة التلفزيون حتى حدثت محاولة اقتحامه من قبل متشددين وجرى تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن السعودي حتى تم إحباط ذلك الهجوم؛ هذه البداية النارية لمشروع وطني تنموي كبير بحجم التلفزيون كانت مُحبطة إلى حدًّ كبير لولا أنَّ القيادة السعودية وعلى رأسها صاحب الجلالة المرحوم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود قد قرّر بثاقب بصيرته وحصافة تدبيره الاستمرار على طريق التطوير والمُضيّ به قُدُماً في كل مفاصل الدولة بما فيها وزارة الإعلام دون الاكتراث لأصوات التخلّف والانغلاق.

في شباط (فبراير) الماضي، وقف معالي وزير الإعلام السعودي الأستاذ سلمان بن يوسف الدوسري في حفل افتتاح أعمال المنتدى السعودي للإعلام مرحباً بالمشاركين في مستهل كلمته ومُعلناً بأن عام 2024م هو (عام التحوُّل الإعلامي) مُنطلقاً من حقيقة الأحلام التي تجسّدت على أرض الواقع بفضل دعم القيادة الرشيدة، وقد شدّني وقتها الأرقام التي أوردها معاليه في كلمته سواء من جهة إسهام الإعلام في مستوى الناتج المحلي التي وصلت إلى ما يعادل 14.5 مليار ريال سعودي والمستهدف خلال العام الجاري الوصول إلى نحو 16 مليار ريال؛ أو من جهة عدد الفرص الوظيفية التي وفّرها قطاع الإعلام مع نهاية العام المنصرم 2023م، والتي بلغت 56 ألف وظيفة والمستهدف هذا العام نحو 67 ألف وظيفة.

كما ذكر معاليه جملة من المبادرات وتحقق معظمها لاحقاً وبعضها في طور الاكتمال منها على سبيل المثال: مبادرة (حج ميديا هب) التي استهدفت تقديم مجتمع وبيئة إعلامية متكاملة في موسم الحج وكذلك تدشين مشروع الموسوعة السعودية (سُعوديبيديَا) لتكون مصدراً رقمياً موثوقاً بستة لغات بدأت بالعربية والمستهدف الوصول إلى ثمانية وخمسين ألف مقال ومادة مرئية بنهاية عام 2025م كما جاءت مبادرة إطلاق (أكاديمية الإعلام السعودية) لتمكين وتطوير وتدريب تخصصات المستقبل، ولن أنسى مبادرة (واحة الإعلام) المتزامنة مع استضافة المملكة ومشاركاتها في القمم والمناسبات الكبرى وقد استفاد منها أكثر من 2600 إعلامي حول العالم.

وبما أنَّ الحديث عن ذكرى تأسيس التلفزيون السعودي وأحد الاستراتيجيات الثلاث التي أعلن معالي الوزير الدوسري بأنهم يعملون عليها هي (هيئة الإذاعة والتلفزيون) اسمحوا لي أن أورد بعض النقاط المقترحة في هذا الإطار:

إقرأ أيضاً: الحج لمن استطاع إليه سبيلاً

يضم التلفزيون السعودي في مخازن الأرشيف كنوزاً مرئية لا تُعد ولا تُحصى، وكثير منها ذات قيمة معرفية رفيعة المستوى ولا أجد ما يبرر عدم الغوص أحشاء أرشيف التلفزيون واستخراج هذه الدُرَر الكامنة فيه! وتبقى واسطة العِقد الفريد من تلكم المواد التلفزيونية &- برأيي الشخصي &- فعاليات مهرجان الجنادرية الوطني السنوي للتراث والثقافة الذي كانت تشرف عليه وزارة الحرس الوطني سواء محتوى الحفل الخطابي والفني مع افتتاح كل نسخة أو حفل العرضة السعودية الكبير أو الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية، وكذلك بعض البرامج الثقافية التي بثتها القناة السعودية واستضافت نخبة من رجال الثقافة والأدب والفكر والفن في العالم العربي وأتذكر منها البرامج التي قدمها الإعلامي الكبير الأستاذ محمد رضا نصرالله كبرامج (هذا هو) و(هكذا تكلموا) (ما بين أيديهم) و(وجهاً لوجه). لقد كانت المتعة بمشاهدة تلك البرامج تفوق الوصف فلماذا تبقى حبيسة الأدراج ولا يُعرض منها سوى الفُتات عبر قناة ذكريات؟

إقرأ أيضاً: الأمير محمد بن سلمان.. والسبع السِمَان

كان مسلسل (أساطير شعبية) إنتاج التلفزيون السعودي 1420هـ/2000م المأخوذ من كتاب الرائد الكبير المرحوم عبدالكريم الجيهمان (أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب) ومسلسل (زمن المجد) إنتاج التلفزيون السعودي عام 1419هـ/ 1999م المأخوذ من كتاب الوزير والرائد الكبير المرحوم الدكتور عبدالعزيز الخويطر (أيْ بُنيّ) مثالين صادقين على ما تمتلكه المكتبة السعودية من إرث ثقافي عظيم بالإمكان تحويله إلى أعمال درامية مماثلة أتمنى أن أراها مستقبلاً.

وفي الختام، فإنَّ سيل الأفكار بشأن الإذاعة والتلفزيون لم يزل ينهمر لكن مساحة المقال لا تكفي لسردها، ربما أخصص لها مقالاً آخر أو أجد طريقة مناسبة لإيصالها لمسؤولي هيئة الإذاعة والتلفزيون عسى أن يصبح (عام التحول الإعلامي) انطلاقة قوية لوطنٍ عظيم له مع كل إشراقة شمس قصة نجاح تُروى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
خير الأمور الوسط
عبدالله -

السعودية من تبني التشدد الديني إلى تبني القومية المتطرفة و التطرف العلماني ، وخير الأمور الوسط ،،