جامعة الملك سعود وخصوصية المسؤولية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد تخرجي من الثانوية العامة نهاية عقد التسعينيَّات الميلادية، التحقت بجامعة الملك سعود في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التي كانت تُسمى (كلية الآداب)، متنقلاً بين قسمي الإعلام واللغة العربية وآدابها. لم يُكلّل مشواري بالتخرّج لأسباب متفرقة لا تهمّ القارئ الكريم، لكنني كنت محظوظاً بأساتذة كرام وقامات أكاديمية عِظام كُلٌ في مجاله، فلا تسل عن العمق المعرفي والتمكّن العلمي وسلامة اللغة العربية الفصحى تحدثاً وكتابة والنقاشات فائقة القيمة في المحاضرات أو عند زيارة الأساتذة في ساعاتهم المكتبية، ففي قسم الإعلام أستذكر الدكتور حمزة بن أحمد أمين بيت المال والدكتور عبدالرحمن الخريجي والدكتور عثمان العربي والدكتور عادل المكينزي وفي قسم اللغة العربية الدكتور محمد السديس رحمه الله والدكتور الوقور محمد لطفي الصباغ الذي كان يذكرني بصوته وهندامه بالشيخ علي الطنطاوي رحمهما لله، وكذلك الدكتور صالح العمير (سابر أغوار النحو) متعه الله بالصحة والعافية وكان وكيل كلية الآداب حينها الأستاذ الدكتور محمد الهدلق رحمه الله. خرجتُ من الجامعة ولم تزل صورتها الأكاديمية الزاهية عالقة في ذهني، وبقيت كذلك إلى ما قبل كتابتي لهذه السطور بأيام، حيث انخدشت تلك الصورة الجميلة التي تكوّنت على مدى سنين، فماذا حدث؟!
إقرأ أيضاً: وزير السياحة السعودي والطفلة نورسين
كنتُ في نقاش عابر في إحدى منصات وسائل التواصل الاجتماعي مع شخص يعمل أستاذاً في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، وبعيداً عن موضوع النقاش تفاجأت بالمستوى المتدني للغاية في كتابته والأخطاء البدائية التي وقع فيها، فانكفأت أحقّق وأدقّق وأبدأ بالتماس الأعذار؛ ربما كانت تلك الأخطاء عابرة ففي نهاية المطاف نحن بشر والأخطاء واردة وفق الطبيعة الإنسانية، لكن للأسف الشديد كانت الأخطاء أكثر من أن تُحصى في المنشور الواحد، مع الأخذ بالاعتبار بأنني من المتسامحين جداً في الأخطاء التي يرتكبها بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لطبيعة الحياة السريعة وصعوبة كتابة نص مثالي في سياق حوار متسارع ومع ذلك وجدت زميل النقاش قد أغلق عليَّ كل أبواب المبررات؛ كيف لأستاذ في تخصص الصحافة هذا مستواه الكتابي؟! هل عدّلت الجامعة شروطها فباتت تقبل أي شخص ليعمل أستاذاً في كلياتها بغضّ النظر عن كفاءته الكتابية للغته الأم؟! يا للعجب.
إقرأ أيضاً: في ذكرى (أوزال ومعوّض والمحجوب وبوضياف)!
لماذا استكثرتُ هذا الموقف؟! لأن الانتساب لهيئة التدريس في جامعة عريقة بحجم جامعة الملك سعود تعني الكثير من المسؤولية، فالجامعة تحولت بأمر ملكي كريم منذ عامين إلى مؤسسة أكاديمية مستقلة غير هادفة للربح تحت مظلة الهيئة الملكية لمدينة الرياض، ولأنني أدرك مدى حرص أصحاب المعالي والسعادة أعضاء مجلس إدارة الجامعة على نقاء سمعتها في الداخل والخارج وهي التي عُرفت منذ فجر تأسيسها بالجودة في كل شيء سواء على الصعيد الأكاديمي أو الإداري أو حتى الأنشطة المصاحبة، ولعل بعض القراء الكرام يعرفون بأنَّ فعالية نظمتها الجامعة عن الموروث الشعبي لمناطق المملكة من جهة الفنون الأدائية كانت هي نواة فكرة انطلاق المهرجان الوطني السنوي للتراث والثقافة (مهرجان الجنادرية) الذي كان ينظمه الحرس الوطني قبل انتقاله إلى وزارة الثقافة، هذا جزء من تاريخ مرصّع بجواهر الفكر والأدب والفن لجامعة أحببتها ولا أزال أحبها مع صادق الأمنيات بالتقدم لجامعة الملك سعود وبقية جامعات وطننا الغالي المملكة العربية السعودية.