كتَّاب إيلاف

الذكاء الاصطناعي واختفاء الإنسان!؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تمضي كشوفات واختراعات الذكاء الاصطناعي بخطى متسارعة لتغيير طبيعة الحياة ووضعها في منظومة برامج وقواعد أنظمة جديدة، متساوقة مع فيض المعلوماتية التي يوفرها الإنترنت، ويغذي بها احتياجات الحياة المتنوعة. وفي المستقبل المنظور، يجد العلماء أنه بإمكان وضع عدسة في عين الإنسان، وبرمشة واحدة تفتح أمامه شاشة يجد فيها ما يحتاجه من إجابة حول أسئلة الطب أو الهندسة أو الفيزياء والكيمياء وغيرها من معارف وفنون وآداب!

بتصور آخر، سوف ندخل عالم الروبوت، وتصبح وسيلة النقل، أي "السيارة"، التي تحاكيها وتوصلك إلى المكان الذي تقصده. كذلك تطلب من الروبوت ما تريد من واجبات وأعمال ينجزها لك فوراً، حتى في تشخيص وإجراء العمليات الجراحية، ما يعني أن وظائف مثل الطب والهندسة وعشرات غيرهما سوف تصبح خارج الخدمة بعد سنوات من تعميم مثل هذه الأنظمة وتطبيقها على البشر في الكرة الأرضية.

سبق فلسفي حققه الكاتب المسرحي التشيكي "كاريل تشابيك" في تأليفه لمسرحية "الإنسان الروبوت"، التي ألفها وقدمها على المسرح عام 1920. ومعناها أن يصنع الإنسان "روبوت"، وهو أول استخدام لهذه الكلمة التي تعني باللغة التشيكية "الخادم". وبحكم التقدم العلمي، فقد كان يُحذر من اندفاع العلم لمديات بعيدة. وهنا يصنع السيد إنساناً آلياً وتعمم الفكرة على المصانع، وتتكاثر صناعة الإنسان الآلي "الروبوت" لأنها تعمل بجد ولأوقات طويلة دون تعب أو شكوى، ولا تطالب بأجور أو استراحة. وحين يقوم السيد بإدخال تغييرات على جسمه مثل العواطف والمشاعر، يقوم الإنسان الآلي بقتل سيده والسيطرة على الكرة الأرضية. ثم تأتي أزمة الإنسان الروبوت؛ لأنه لا يعرف أسرار صنعه بعد أن قتل سيده!

إقرأ أيضاً: تركيا تقتطع ما تشتهي من جسد العراق!؟

النص المسرحي كُتب قبل مئة سنة ونيف، ما يؤكد العلاقة التفاعلية بين خيال الفن العلمي واشتغالات مختبرات العلم لتطبيق ما يتحرك في أفق خيال الفنان أو الأديب. وهكذا القصة مع الصعود للقمر التي تسابق لها الشعراء قبل المركبات الفضائية.

في إحدى تعريفات الذكاء الاصطناعي، هو تقنية تحاكي الذكاء البشري في مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادةً بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع وغيرها. ومع دخول الإنترنت وعلم البرمجيات، فقد تسارعت خطى الذكاء الاصطناعي الذي سيحول العالم نحو مستويات مغايرة في السياق الاجتماعي والاقتصادي والمعرفة بصورة عامة. سوف نغادر العديد من الممارسات النفسية والعاطفية، وتصبح مدارات الحياة مرتبطة بالتطبيقات الرقمية. وهنا تتأكد نظرة المفكر الفرنسي ميشيل فوكو عن موت الإنسان، والتي لا تعني الموت البيولوجي للإنسان بقدر ما تعني أن الإنسان سيصبح شيئاً من أشياء الوجود بعدما كان في القديم ذاتاً متعالية على المعرفة.

إقرأ أيضاً: بزشكيان والمعادلة الإيرانية

العطب الذي أصاب نظام "مايكروسوفت" أخيراً، وعطل حركة الآلاف من الطائرات وأجهزة الكمبيوتر، وأوقف العديد من الأعمال حول العالم، هذا الحدث الذي يرتبط بالذكاء الاصطناعي يقترح سؤالاً يذهب إلى المستقبل، ومفاده ماذا يحدث لو بلغ الذكاء الصناعي ذروته وتحول الإنسان إلى كائن إجرائي وليس تفكري، وحدث خلل كبير لا يمكن إصلاحه أو معالجته بعد تدمير منظومات المعرفة والمعلوماتية كافة، وظهرت شاشة الموت الزرقاء على سطح الكمبيوتر، ماذا يحدث حينذاك؟

هل يعود الإنسان إلى الذكاء البشري وطباعه وحياته السابقة، أم يصبح غريباً عنها؟ قدرة الإنسان على التكيف تكتب له إمكانية استمرار العيش والتحول من الحياة إلى الموت ثم العودة إلى الحياة حسب المفهوم الفلسفي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف