كتَّاب إيلاف

شركة تركية بارزة تزود أوكرانيا بصواريخ من الترسانة السريلانكية

أوكرانيا تورطت في تزويد المتمردين من "حركة نمور التاميل" الإنفصالية بالسلاح
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لطالما شكلت الحروب فرصة ثمينة وجذابة لشركات تصنيع وإنتاج الأسلحة من أجل توسيع قاعدتها السوقية وتحقيق أرباح مضاعفة. وفي كثير من الأحيان، لا تبالي هذه الشركات بالأهداف الاستراتيجية والجيوسياسية للدول التي تنتمي اليها. وفي أحيان أخرى، تزدهر هذه الأنواع من التجارة بموافقة رسمية غير معلنة، ولا سيما إن كانت الدولة التي تنتمي اليها هذه الشركة أو تلك تعاني من أزمة اقتصادية ونقدية.

الشركات التركية والسوق الأوكرانية
والحال أن ما سبق ينطبق على شركات الصناعات الدفاعية التركية التي ازداد عددها وتوسع إنتاجها في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية، حيث تحاول الشركات التركية مزاحمة نظيراتها الغربية ولا سيما الأميركية في الإفادة من النزاعات الدائرة في العالم لترويج إنتاجها وتحقيق عوائد مالية ضخمة.

لكن ظهور الأسلحة التركية في بعض النزاعات قد يسبب أزمة سياسية لأنقرة، خصوصاً حينما يتعارض هذا الظهور مع سياساتها الخارجية. وهذا ما هو حاصل في الحرب الأوكرانية. فبينما اتخذت أنقرة موقفاً محايداً ومتوازناً إزاء الصراع، فإن شركات الصناعات الدفاعية التركية تتحين أي فرصة لاقتحام السوق الأوكرانية التي تعاني من نقص كبير في الأسلحة والموارد البشرية، وجوع شديد لأنواع معينة ترى كييف أنها بأمس الحاجة اليها من أجل استهداف عمق الأراضي الروسية.

وفي ظل الإرباك الأوروبي حيال استهداف الأراضي الروسية، بين رضوخ صناع القرار فيها للإملاءات الأميركية بتطوير الصراع مهما كان الثمن، وبين حذرهم من ردة فعل موسكو التي سبق وأكدت عليها غير مرة إزاء التعرض لأراضيها ولمواطنيها، وأن ذلك يعد تجاوزاً للخطوط الحمر بما يجعلها تضطر الى الرد بالمثل، حتى ولو اضطر الأمر الى استخدام أسلحة نووية تكتيكية، تبرز حاجة حلف شمال الأطلسي "الناتو" الى الشركات التركية كوسيط من أجل إيصال الأسلحة الى كييف.

إحدى هذه الشركات هي شركة دمير للصناعات الدفاعية والتجارة أو Demir Savunma Sanayi Ve Ticaret Limited Şirketi، التي تأسست منذ قرابة عقد تقريباً، والمتخصصة في إنتاج وتصدير الأسلحة النارية والذخيرة والمعدات، فضلاً عن تقديم الخدمات التعليمية والاستشارية واللوجستية. إذ تسعى هذه الشركة الى ولوج السوق الأوكرانية إنما من الأبواب الخلفية. ذلك أنها من الشركات المقربة من مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية الرسمية وحكومة العدالة والتنمية، وبالتالي فإنها لا تريد أن تسبب أي مأزق لأنقرة في ظهور إنتاجها الخاص من الأسلحة والصواريخ والأنظمة في الميدان الأوكراني، لما لذلك من تأثير سلبي على العلاقات الثنائية الروسية &- التركية.

رئيس الشركة من أبرز رموز تطور الصناعات العسكرية
تتميز شركة Demir Savunma Sanayi Ve Ticaret Limited Şirketi، بالإضافة الى خدمات التعليم والدعم الفني، بتطهير حقول الألغام، وتصميم وإنتاج مختبر الأجهزة المتفجرة المحمولة جواً وبراً، وإعادة تدوير ذخيرة القنابل القديمة. وكذلك تتميز بإنتاجاتها المتخصصة من الملابس الواقية الكهرومغناطيسية (RF) وترددات الراديو "ديتوتكنيك" (EMI)، ومجموعة الأدوات التي تحتوي على المواد المستخدمة من قبل الخبراء لمعاينة الأمكنة التي حصلت فيها انفجارات، وتفكيك المواد المتفجرة بكاملها.

هذه الشركة التي يقع مقرها الرئيس في شارع قابيل بمحلة الشهيد جنكيز كاراجا في مقاطعة تشانكايا بالعاصمة أنقرة، حيث المقرات الرسمية والأمنية، يرأس مجلس إدارتها البروفيسور إسماعيل دمير، وهو واحد من أبرز الأسماء اللامعة ويعد من أهم رموز تطور قطاع التصنيع العسكري التركي.

البروفيسور إسماعيل كان رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية الرسمية في تركيا بين عامي 2014 &- 2023، وهو متخصص لامع في مجال الهندسة الميكانية. وفي عهده، شهد قطاع الصناعات الدفاعية تطوراً بارزاً ونوعياً أسهم في جعل تركيا من البلدان الرائدة في هذا المجال، حيث أطلق العديد من المشاريع، ورفع نسبة التوطين في الصناعات الدفاعية الى 80 بالمئة.

كما قام بتطوير أنظمة الدفاع الجوي مثل السفينة الحربية من دون طيار، والكورفيت الوطنية، وطائرات من دون طيار، والعديد من المشاريع الرائدة في مجال تطوير الفرقاطات والغواصات والقوارب والصواريخ والأسلحة الخفيفة والحرب الإلكترونية وقدرات الرادار.

عام 2023، قدم البروفيسور إسماعيل استقالته من منصبه كرئيس لمؤسسة الصناعات الدفاعية التركية. ومن بعدها جرى انتخابه رئيساً لمجلس إدارة شركة Demir Savunma Sanayi Ve Ticaret Limited Şirketi. الأمر الذي يعكس مدى قربها من دوائر صنع القرار في تركيا، وحجم الاهتمام الرسمي بتطوير إنتاجها ومكانتها السوقية. وهذا ما دفع بالقيمين على الشركة الى ولوج السوق الأوكرانية عبر طرق التفافية.

إرث أوكراني في سريلانكا
تشير تسريبات إعلامية تركية، وتقارير إعلامية غربية، الى أن الشركة تخطط بالتنسيق مع الأطراف الفاعلة في "الناتو" للحصول على أنظمة الهاون، ومدافع الهاوتزر، وقاذفات الصواريخ من مستودعات القوات المسلحة السريلانكية، وذلك من أجل تلبية احتياجات القوات المسلحة الأوكرانية.

وتستند Demir Savunma Sanayi Ve Ticaret Limited Şirketi الى موثوقية العلاقات التركية &- السريلانكية على مختلف الصعد. وكذلك علاقات سريلانكا مع بعض دول الناتو، لتسهيل مهمتها في عقد هذه الصفقات بعيداً عن أنظار موسكو التي ترتبط بدورها بعلاقات جيدة مع سريلانكا، ولا سيما أن الأخيرة تقدمت بطلب رسمي للانضمام الى تكتل "البريكس"، وتعول كثيراً على قبول عضويتها من أجل الخروج من أزمتها الاقتصادية والتي أفضت الى أزمة سياسية أطاحت برئيس الجمهورية.

ويبدو أن هذا العامل كان من المحددات الرئيسية في تركيز "الناتو" على ترسانة الجيش السريلانكي، بقصد توريط سريلانكا في الصراع، وإبعادها عن "البريكس"، وبالتالي عن روسيا، ولا سيما أن لـ"الناتو" إرث قديم من إثارة التوتر والسعي لاستدامته في سريلانكا بوجه أوكراني.

ذلك أن أوكرانيا تورطت في تزويد المتمردين من "حركة نمور التاميل" الإنفصالية بالسلاح، حسب اعتراف فينياكمورتي مراليد هران، وهو زعيم سابق للحركة، في تصاريح صحفية سابقة، أعلن فيها عن أن "جهات أوكرانية كانت تزود المتمردين بالأسلحة خلال تسعينيات القرن الماضي، وكان هناك خبراء من العسكر يدربون مقاتلي الحركة المتمردة".

يتسق هذا الإرث مع نهج "الناتو" في إثارة التوتر والسعي الى استدامته في مختلف بقاع العالم، وخصوصاً في البلدان النامية وتلك ذات الاقتصادات الناشئة، من أجل تحقيق المصالح المالية والاقتصادية للدول التي تتحكم بقراره، وضمان استمرار الهيمنة الأميركية في نظام القطب الأوحد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف