بعض الأنام تزيوا بزيّ البشر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تمر السنون على الإنسان وهو يصارع الأيام والدقائق والثواني، في رحلة يعلم مبتداها لكنه لا يعلم متى المنتهى، ولا أين، ولا كيف.
ومع ذلك، يجد الإنسان أنَّ الصراع لا يتوقف على مقارعة الساعات، بل يتعداها إلى صراع دموي يقطف جناه كل يوم من وجع الأمهات، وشعورهن بفقد الأبناء؛ من صراخ الأطفال تحت محرقة الطمع؛ ومن الظلم ومن الطغيان ومن التكبّر والتجبّر والتنمّر والبغض والكذب والرياء وتزييف الحقائق واِدّعاء الكمال والحكمة... والأخطر من ذلك، التغنّي باِمتلاك الحقيقة، وتأطير الحق...
ازدواجية المعايير عنوان الوجود البشري، وتلوين الحقائق... لا لسبب إلاَّ إرضاءً لإله يسكن الضمائر السود لا بفعل الولادة، بل بفعل النشأة والتربية. وإنْ كان الواقع غير ذلك، فلا وجوب كان للأنبياء والرسل، لأنَّ الهداية لا تكون إلاَّ للقوم الضالين.
والضلالة في البشر نتاج الطمع. الطمع في السلطة والسيطرة والتحّكم بالبشر والحجر في محاكاة للقدر. الطمع الذي يعشعش في أعماق الروح ويكبر مرتويًا بما يجنيه من دموع من يؤذي، ويقتل، ويُذل، ويُقصي. الطمع الذي يرسم الزيف حقيقة، فيخال الطامع نفسه إله أو شبه إله، بيده قرار الموت والحياة، وينسى أنَّ قرار موته أو حياته ليس بيده.
وكلٌّ يظلم الكل ويقتله؛ برصاصة، بمدفع، بكلمة قيلت وأخرى لم تُقل، ببسمة ارتسمت وأخرى لم ترتسم، بورقة، بحبر قلم، بحُكم أُصدِر من دون حضور المتهم أو سماعه!
ليس الشيطان في كون غريب يوسوس في الأذن، بل هو في الذات مسكنه يقتات على طمع الإنسان وحب السيطرة لديه، ويكبر كلّما صدحت في المسكن صيحات الرغبة بتدمير الآخر، وذلّه، وطحنه، وسحقه!
ليس الشيطان غريبًا بل هو بعض الأنام تزيّوا بزيّ البشر...