كتَّاب إيلاف

لتسقط صيغة من أي لبنان أنت؟

لبنانيان يمران بالقرب من خيام ينام فيها نازحون على كورنيش عين المريسة الساحلي في بيروت يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2024
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

.. وماذا بعد؟ هذا هو السؤال الجامع لكل من يتابع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. ومع إشراقة كل صباح، تزداد قتامة الجواب.

مشكلة لبنان متشعبة الزوايا، ومترامية الأطراف، فهذا البلد يدفع من لحم الوحدة الوطنية الحي فاتورتين كبيرتين: فاتورة اختطاف القرار، وفاتورة انكشاف الطبقة السياسية الحاكمة وانعزالها عن حاضنتها العربية.

لبنان اليوم يعبر نحو الضفة المقابلة من لبنان "الصيغة الجديدة". ستتوقف المقاتلات الإسرائيلية عن إلقاء حمم الموت يوماً، والتقديرات تشير إلى أن لبنان أمام "نيو حزب الله"، وأيضاً أمام "نيو" خارطة تحالفات وولاءات. بيد أن الأمر الخطير هو الطعنات المتلاحقة التي تستهدف الوحدة الوطنية في انهيار.

ثمة حرب أهلية بكل ما للكلمة من معنى في ميادين "التواصل الاجتماعي"، وقد تنزلق إلى ساحات الأمر الواقع في أيّ لحظة، وجدران الانعزال الممهورة بـ"لا منشبهكم ولا بتشبهونا" تزداد توغلاً في واقع "لا منشعر فيكم ولا راح تشعروا فينا".

كتابة هذه الأسطر تزامنت مع حدثين في لبنان كلاهما يصب في خانة "أنا ومن خلفي الطوفان".

الأول: زيارة رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إلى الضاحية الجنوبية حاملاً دعوات الصمود. لكن قاليباف لم يسعفه الوقت ليخبرنا ما هي آليات الصمود، أو ماذا يجري خلف الغرف المظلمة بين واشنطن وطهران.

الحدث الثاني: إطلاق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عملياً مشروع دخوله السباق، "العراك"، نحو بعبدا حيث مقر رئاسة الجمهورية.

يخطئ الحكيم سمير جعجع، كما كل رموز السياسة في لبنان، إن ظنوا يوماً أن الصيغة الجديدة من لبنان تضمن لهم مقعداً في صدارة القرار. فلم يكن حزب الله إلا نتيجة، نعم، نتيجة لممارسات منظومة سياسية متجذرة في أعماق الفساد ودويلات الطوائف بأعلامها.

لبنان، كما المنطقة، في خضم التحولات الكبرى. فشلت صيغة "الطوائف بأعلام"، ولا بدَّ أن تسقط صيغة "من أي لبنان أنت؟".

صحيح أنَّ قناصي الفرص السياسية كثر، لكن اللبنانيين، كل اللبنانيين، يفترض أن يكونوا قد تيقنوا بأن الدولة العادلة التي تمنح حقوق المواطنة بالتساوي وحدها السياج الحامي. ويفترض أيضاً ألا يسمحوا لطلقة طائفية هنا أو تحريض مناطقي هناك أن يعوق أمل بناء لبنان الجامع.

اللبنانيون الآن، وليس قادة الطوائف، أمام الحقيقة. المناخ الإقليمي العربي خير داعم، فهل نخرج من عنق دويلات الطوائف بأعلام؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف