بعد مرور عام من الحرب:
الملالي يعترفون بخوفهم من الانتفاضة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الآن، وبعد مرور عام كامل على الحرب في غزة، يتضح بشكل متزايد أن النظام الإيراني كان ولا يزال يقف وراء هذا الصراع. منذ اليوم الأول للحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أكدت المقاومة الإيرانية أن النظام الإيراني، وبالتحديد شخص خامنئي، هو المحرك الرئيسي لهذه الحرب، وأن رأس الأفعى يكمن في طهران. وقد تم التأكيد على أن خامنئي اتخذ قرارًا استراتيجيًا خاطئًا، وأنه سيتحول إلى الخاسر الأكبر في هذه المواجهة.
هذا ليس جديدًا بالنسبة إلى النظام الإيراني، فقد اعتاد إشعال الحروب والاضطرابات في المنطقة للحفاظ على نظامه في الداخل. منذ تأسيسه، قام هذا النظام على ركائز القمع الداخلي وتصدير الإرهاب وتأجيج الحروب في المنطقة، وكانت الحرب الإيرانية - العراقية التي استمرت لثماني سنوات جزءًا من هذه الاستراتيجية.
في حين أنَّ المقاومة الإيرانية كانت واضحة في تحذيراتها من دور النظام الإيراني في تأجيج حرب غزة، فإن الأطراف الدولية الأخرى، بما في ذلك أميركا، نفت في البداية وجود أي أدلة مباشرة على تورط إيران في هذه الحرب. ولكن، لا يمكن تجاهل حقيقة أن خامنئي كان دائمًا يؤكد على أهمية استمرار تصدير الحروب خارج حدود إيران. فقد قال مرارًا: "إذا توقفنا عن إشعال الحرب في الخارج، سنضطر لمواجهة الشعب الغاضب في الداخل". وبهذه الاستراتيجية، أقدم النظام على إهدار ثروات البلاد لدعم وتمويل وكلائه الإقليميين وتوسيع رقعة الصراعات في المنطقة، فيما يبقى الشعب الإيراني غارقًا في الفقر المدقع.
اليوم، وبعد مرور عام على بدء الحرب، لم يعد هناك شك بأن النظام الإيراني هو الراعي الرئيسي لهذه الحرب المأساوية. لقد استخدم النظام إشعال الحروب كأداة للهروب من مواجهة الانتفاضات الشعبية داخل إيران. على مدى أكثر من أربعة عقود، استمر النظام في تصدير الحروب والإرهاب كجزء من استراتيجيته للبقاء، بالتوازي مع القمع الوحشي الذي يمارسه في الداخل ضد الشعب الإيراني.
إنَّ تأكيد المقاومة الإيرانية منذ اليوم الأول لدور النظام الإيراني في إشعال هذا الصراع يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة النظام. فقد أكدت المقاومة مرارًا وتكرارًا أن نهاية الحروب والإرهاب في المنطقة لن تتحقق إلا بإسقاط هذا النظام. ما لم تتم إزالته من السلطة، فإن النظام الإيراني سيستمر في تغذية نيران الصراع.
المقاومة الإيرانية، بقيادة مسعود رجوي، أكدت منذ أربعين عامًا أن رأس الأفعى، الذي يحرك الحروب والإرهاب في هذه المنطقة من العالم، هو النظام الإيراني. وفي 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أكدت المقاومة مجددًا أن رأس الأفعى يكمن في طهران. لكن، وللأسف، لم تلقَ هذه الرسالة آذانًا صاغية من بعض الأطراف الدولية التي تفضل سياسة الاسترضاء مع النظام. وقد أدى هذا التجاهل إلى مقتل آلاف الأبرياء في الشرق الأوسط، وتشريد المزيد من الناس، واستمرار الحروب دون نهاية.
في ظل تزايد الأزمات الداخلية والإقليمية، يواجه النظام الإيراني تحديًا غير مسبوق على مختلف الجبهات. في هذا السياق، تأتي اعترافات المسؤولين الإيرانيين لتكشف عن مخاوف حقيقية تتركز ليس على الهجمات العسكرية الخارجية، بل على الانتفاضة الشعبية الداخلية التي تشكل التهديد الأكبر لبقاء النظام.
محمد صادق شهبازي، كاتب وباحث وناشط إعلامي حكومي، في حديثه عن الظروف الحالية للنظام الملائي، وصف الوضع الحالي بأنه الأكثر حساسية في تاريخ الثورة الإيرانية، حيث لا يمكن مقارنة الأزمات السابقة مثل أحداث 2009 و2017 و2019 و2022 بحجم الأزمة الحالية. وأكد أن شيئاً، حتى الحرب الإيرانية - العراقية، لم يكن له تأثير بمثل هذا الحجم. كما عبّر عن حزنه العميق لفقدان قائد حزب الله، حسن نصر الله، مشيرًا إلى أن تأخير العمليات العسكرية، مثل عملية "الوعد الصادق"، كان له عواقب وخيمة. ولفت إلى أن الاعتماد على الوعود الأميركية ليس حكيمًا، مؤكدًا أن هذه الفترة تمثل اختبارًا حقيقيًا للنظام.
إقرأ أيضاً: شبكة تجسس إلكترونية إيرانية تستهدف الشرق الأوسط
كما أوضح خطيب جمعة بندر عباس، عبادي زاده، في خطبة الجمعة الأخيرة قائلاً: "خوفنا الحقيقي ليس من هجوم عسكري من الخارج، بل من الانتفاضة الشعبية في الداخل". هذه التصريحات ليست مجرد زلة لسان، بل تعكس الواقع المضطرب الذي يعيشه النظام في إيران اليوم.
وبالرغم من كل محاولاته لإشغال الرأي العام بصراعات خارجية، يبقى السخط الشعبي الداخلي هو أكبر مصدر للقلق. النظام الإيراني يدرك تمامًا أنه في حالة استمرار الوضع الحالي، فإنه قد يتعرض لانتفاضة شاملة تهدد بقاءه. تزايد الاحتجاجات الشعبية والتقارير المتتالية عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة تؤكد أن الشعب الإيراني غير راضٍ عن الأداء الحكومي، وأن هناك قابلية كبيرة للخروج إلى الشوارع من جديد.
على الصعيد الإقليمي، لا يقتصر الأمر على الأزمات الداخلية، إذ يواجه النظام الإيراني خسارة كبيرة أخرى في لبنان، وهذا يعني أن إيران فقدت ركائز أساسية من نفوذها الإقليمي. هذا الفشل الاستراتيجي لم يقتصر فقط على مستوى القيادات السياسية والعسكرية، بل أثّر بشكل مباشر على معنويات القوات الموالية للنظام.
إقرأ أيضاً: الملالي بين التصعيد والسقوط
الخوف من الانتفاضة الداخلية هو الأمر الأكثر إثارة للقلق، كما أن اعترافات المسؤولين تشير إلى إدراكهم لحقيقة أن الاحتجاجات الشعبية، وليست الهجمات العسكرية، هي التي قد تطيح بالنظام في نهاية المطاف.
مع ازدياد السخط الشعبي وتصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية، يبدو أن النظام يمر بأخطر مراحله. فالفشل في التعامل مع الأزمات الداخلية قد يكون مقدمة لنهاية حكم استمر لعقود، وخاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق على أهبّة الاستعداد لتنظيم الانتفاضات الشعبية في الداخل.
في نهاية المطاف، لا يمكن الحديث عن استقرار في الشرق الأوسط في ظل بقاء النظام الإيراني على رأس السلطة. الحل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة هو الإطاحة بهذا النظام ودعم البديل الديمقراطي الذي تقدمه المقاومة الإيرانية.