كتَّاب إيلاف

مصير العالم يُكتب في ثلاث ولايات أميركية

في سباق ترامب وهاريس نحو الرئاسة... لمن ستكتب الكلمة الأخيرة؟
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

معركة انتخابية قاسية ستشهدها الولايات المتحدة الأميركية، وستكتب في نهايتها اسم الرئيس السابع والأربعين الذي سيدخل البيت الأبيض مطلع عام 2025.

وصل الصراع بين المرشحين، دونالد ترمب وكامالا هاريس، إلى الذروة قبل أيام قليلة من الخامس من نوفمبر، وشهدت الولايات، خصوصاً تلك التي تُعدّ متأرجحة ومرجحة، محطات انتخابية كثيرة لكلا المرشحين.

النظام الانتخابي المعمول به في الانتخابات الرئاسية وتوزّع عدد المندوبين، حصر المعركة في عدة ولايات فقط تستقطب الأنظار كل أربع سنوات. فالطغيان الحزبي، سواء الجمهوري أو الديمقراطي، في الولايات الكبيرة كنيويورك أو تكساس وكاليفورنيا، يجعل الانتخابات محسومة الاتجاهات حتى ما قبل فتح صناديق الاقتراع؛ فنيويورك وكاليفورنيا تذهبان إلى الديمقراطيين بينما لا تزال تكساس تُعدّ قلعة الجمهوريين التاريخية.

الكلمة النهائية ستبقى للولايات المتأرجحة التي ستقدّم للعالم حاكم أميركا الجديد، والحديث هنا يدور تقليدياً، أقله حتى انتخابات 2020، حول ولايات بنسلفانيا، ميشيغن، أوهايو، ويسكونسن، نورث كارولينا، وفلوريدا.

الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي، دونالد ترمب، يجد نفسه في الانتخابات في موقف أفضل من عام 2016 حينما فاجأ الجميع بانتصاره. وأفضلية ترمب مردّها إلى عوامل عديدة، جلّها متعلق بالسياسات الداخلية كالاقتصاد الذي أصابه التضخم وارتفعت معه أسعار الوقود والمواد الغذائية، وموجة الهجرة غير الشرعية التي أصابت البلاد في السنوات الأخيرة، والحروب الخارجية التي وإن كانت أميركا غير منخرطة فيها بشكل مباشر إلّا أنها تؤثر على اتجاهات الناخبين الذين قدموا من تلك البلاد التي تشهد حروباً وحازوا على الجنسية الأميركية. والمفارقة أن قسماً كبيراً منهم يصوتون في الولايات المتأرجحة.

موقف ترمب القوي أيضاً يكمن في نجاحه ببسط نفوذه على ثلاث ولايات متأرجحة - نورث كارولينا، أوهايو وفلوريدا، التي لديها 63 مندوباً في المجمع الانتخابي - في انتخابات عامي 2016 و2020، ولديه حظوظ كبيرة في الظفر بها في الانتخابات الحالية. وإذا استمر الأمر على ما هو عليه في الدورات الانتخابية اللاحقة، ستخرج هذه الولايات الثلاث من خانة الولايات المتأرجحة لتصبح جمهورية التوجه حتى إشعار آخر.

التقدم الجمهوري الملحوظ بدأ يصعّب أكثر مهمة الديمقراطيين ومرشحتهم كامالا هاريس؛ فالعوامل التي ساعدت رئيسها جو بايدن على قلب الأوضاع في ولايتي جورجيا وأريزونا عام 2020 ليست متوفرة الآن، ما يضيّق أمامها الخيارات في طريقها إلى البيت الأبيض.

وإذا كان ترمب تمكن من تحييد ثلاث ولايات متأرجحة على الأقل، فلن يتبقى لهاريس سوى القتال حتى النهاية للفوز بثلاث ولايات أخرى متبقية من الولايات المتأرجحة، وهي بنسلفانيا، وميشيغن، وويسكونسن. خسارة أي ولاية تعني خسارة الانتخابات وحلم خلافة رئيسها.

استطلاعات الرأي الحالية تعطي تقارباً كبيراً جداً في الولايات الثلاث، ما يعني أن المعركة قد تحسم بفارق مئات أو آلاف الأصوات فقط. ورغم أن هاريس في وضع دقيق، فإن تاريخ هذه الولايات انتخابياً ليس سيئاً بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي.

وإذا ما عدنا 30 عاماً إلى الوراء، نجد أن بنسلفانيا، ومنذ تسعينيات القرن الماضي، صبت أصوات مندوبيها لصالح المرشحين الديمقراطيين، كبيل كلينتون، وآل غور، وجون كيري، وباراك أوباما، وأخيراً جو بايدن. ولم ينجح الجمهوريون في خرقها سوى عبر دونالد ترمب عام 2016.

تاريخ ويسكونسن الانتخابي من شأنه مساعدة حملة كامالا هاريس على التقاط الأنفاس، فالرئيس الأميركي السابق رونالد ريغن هو آخر مرشح جمهوري تمكن من الفوز بها قبل أن يأتي دونالد ترمب عام 2016 ليكسر انحيازها للمرشحين الديمقراطيين، لكنها عادت عام 2020 إلى حضن الحزب الأزرق.

وتبقى ولاية ميشيغن التي شهدت حجاً جمهورياً وديمقراطياً هائلاً خلال هذه الفترة. الوضع في هذه الولاية يختلف حتى عن بنسلفانيا وويسكونسن، لأن الظروف شاءت أن تكون موطناً للكثير من العرب الذين تشهد بلدانهم معارك وحروب، وأصبح الفوز بأصواتهم منوطاً بما سيقدمه المرشحون إليهم من وعود تتعلق بسياسة أميركا الخارجية.

حال ميشيغن انتخابياً هو نسخة طبق الأصل عن بنسلفانيا في الدورات الأخيرة، مع وجود إضافة تتمثل في الصراع الشرس حيث إن النتائج بين المتنافسين تكون قريبة جداً، والثابت الوحيد في هذه الولاية أن أصوات مرشحة حزب الخضر جيل ستاين ستزداد عن المحطات الانتخابية السابقة بفعل عزم جماعات كانت تصوت للديمقراطيين على توجيه أصواتهم لصالحها، ليس اقتناعاً بمشروعها وإنما لتوجيه رسالة سياسية إلى هاريس ومن سيأتي من بعد من مرشحين ديمقراطيين.

في المحصلة، سيكون مصير كامالا هاريس محصوراً فقط بالفوز بالولايات الثلاث، والخسارة في أي واحدة تعني ذهاب الحلم. أما ترمب، فيتبيّن من خلال نشاطات حملته في الأيام الأخيرة، خصوصاً الأحد والاثنين، وزياراته المتكررة إلى بنسلفانيا وميشيغن، إدراكه للواقع الحالي ورغبته في الفوز على الأقل بولاية من هذه الولايات الحاسمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف