هل معركة دحر قسد هي التالية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جيش منهك وحلفاء متعبون من حروبهم: إيران، روسيا وحزب الله؛ كلها عوامل ساهمت في نجاح الهجوم والتقدم السريع لفصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام في مدن كبرى وهامة مثل حلب وحماة وعلى مشارف حمص عند كتابة هذا المقال. لكن الأهم من هذا وذاك هو دعم الدولة التركية المباشر ووجود الحاضنة الشعبية التي سئمت من مجتمع دولي خذلها ونظام مستبد جائر ومعارضة سياسية بائسة بمختلف هيئاتها من مجالس، ائتلاف ومنصات، ورحبت بقدوم الفصائل الإسلامية المسلحة كمحررين. هذا الأمر أكده السوريون أيضاً في كل من درعا والسويداء وطردت القوات التابعة للنظام من كلا المحافظتين.
كردياً، ليست هناك إشكالية مع التوجه الإسلامي للفصائل المسلحة المعارضة للنظام، فغالبية الحواضر السورية الكبيرة مثل حلب وحماة وحمص ودمشق هي مجتمعات محافظة، وبالتالي هذا هو المكون الأكبر في البلاد. وهناك روابط وطنية وتاريخية ودينية وأواصر اجتماعية كثيرة يمكن من خلالها بناء عقد اجتماعي مشترك في وطن يتسع للجميع بمختلف مشاربهم من إثنيات وأديان وطوائف. لكن المعضلة الحقيقية تكمن في أنَّ الدولة الداعمة لهذه الفصائل هي تركيا، وهنا بيت القصيد.
هناك مفارقات ذات أهمية كبيرة، بعضها إيجابي، وأخرى سلبي بالنسبة للمعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي. الإيجابية هي أنَّ تركيا لها أجندات إقليمية وتريد تقوية نفوذها في المنطقة على حساب تقلص الدور الإيراني، وهذا ما تستفيد منه المعارضة أيضاً، ولا ضير من التقاء المصالح المشتركة. أما الأمر الثاني والأهم بالنسبة إلى تركيا هو القضاء على التواجد العسكري الكردي على حدودها، والذي تعتبره من أكبر التهديدات على أمنها القومي. حتى أنها تعتبر وجود قسد أو وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنفها تركيا بالإرهابية، أخطر عليها من تواجد تنظيم الدولة "داعش".
إقرأ أيضاً: يد الشبح
ما يضمره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مخطط مقابل هذا الدعم هو ثمن كبير سوف يدفعه السوريون بمختلف مكوناتهم لأجيال وأجيال لو تحقق ذلك. الرئيس التركي يريد ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد، وذلك من خلال إنشاء منطقة عازلة تفصل بين كرد سورية والمناطق الكردية في الداخل التركي المتاخم للحدود السورية، وفي الوقت نفسه يتخلص مما يقارب من ثلاثة ملايين لاجئ سوري من تركيا إلى هذا الشريط الحدودي بعمق ثلاثين إلى خمسين كيلومتراً في الداخل السوري.
جدير بالذكر أن قضية اللاجئين السوريين هي مسألة يستغلها الرئيس التركي ولا ينفك يهدد دول الاتحاد الأوروبي بإغراق دولهم بأعداد كبيرة من اللاجئين، وذلك ما يجعلهم يدعمون قرار أردوغان بإنشاء منطقة عازلة (آمنة) في المكان الذي تختاره تركيا.
على الأغلب أن تحجيم الدور الإيراني وإقامة المنطقة الآمنة وإعادة اللاجئين السوريين كانت من ضمن شروط أردوغان على الرئيس السوري بشار الأسد ليقبل الحوار معه. وعلى الأغلب أنه قد فات الأوان على الأسد حتى لو أظهر الندم وبدا موافقاً على الشروط التركية.
إقرأ أيضاً: سفر برلك غزة!
بالرغم من أنَّ قوات سورية الديمقراطية تعتبر اليوم من أكثر القوات العسكرية تنظيماً في سورية، لكن كل ذلك لن يؤمن لها النصر في مواجهة فصائل مدعومة من قوة إقليمية عظمى وجارة مثل تركيا دون مساندة أميركية. ويبقى بقاء قسد والإدارة الذاتية الكردية بكل مؤسساتها مرهوناً بالدعم الأميركي.
الأحداث تجري بسرعة فائقة، وكل الدلائل تشير إلى أنَّ هناك فصائل مسلحة حتى على مشارف العاصمة دمشق أيضاً. ما يحدث بعد سقوط تماثيل الأسد في دمشق سوف يثبت أو يبدد هذه المخاوف.