السلام السوري والفرصة الأخيرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قد تصلح السياسة كل شيء، وقد تصبح الحلول المطروحة طوق نجاة لكل من يهمه الأمر، فلا يبقى شيء على حاله، دوائر الأحداث لا تتوقف، والأزمات لا تنتهي، وتبقى درجة الصمود هي ما يحدد الوقت الذي تستغرقه النهاية. هكذا تجري بعض الأمور السياسية، وهكذا يصبح للانتظار معنى. أحياناً يحركنا اليقين، وإن صدمنا بجدار الوقت، لكن يبقى اليقين المنتظر دافعاً قوياً لمواصلة المسيرة.
في سوريا &- التي ستصبح جميلة مع الوقت &- يحدث شيء من هذا. زمن طويل مضى على السوريين يعيشون الهلاك والآلام المتواصلة.
كل بقاع الأرض تقريباً احتضنت السوريين، قصص الموت التي رافقت الهاربين من سوريا لم تنتهِ من ذاكرة الناس، ولن تنتهي من ذاكرة الإنسانية.
لا أحد يتمنى الحرب والدمار والتشرد. الوطن نعمة إلهية لا يمكن الاستغناء عنها، ومن يفعل ذلك هو بلا عقل، ولا يمكن أن تقبل سلوكيات البشر وجوده. نحن العرب نعرف ذلك، ونؤمن به، لكن تنقصنا فرص المحافظة على الأوطان. البعض في وطننا العربي ينسى مع مصالحه الخاصة أن للأوطان حقاً، ومن أبسط الواجبات تجاهها أن نحافظ على وحدتها.
حين يشعر الإنسان بالذل لأن وطنه قد سُلب منه، يعرف حينئذٍ قيمة هذا الوطن. عندها سيصرخ مئات الصرخات من الاستغاثة على أمل أن يعود هذا الوطن، ولو ناقصاً أو مريضاً. لهذا، المشاهد كثيرة التي تجعل هذا العالم يعيد حساباته. لا أعني العالم بمفهومه العام، بل العالم العربي بمفهومه الخاص. الوحدة الحقيقية أن يشعر العرب ببعضهم البعض، وأن يقفوا صفاً واحداً من أجل أوطانهم. بهذا فقط قد تتوقف الأطماع والفتن، ويصبح الجميع في سلام وإن كان ناقصاً، لكن ستصبح الأمور أفضل بالقدر الذي يجعلنا نتنفس.
إقرأ أيضاً: "أخيراً وليس آخراً" عادت سوريا
الشعب السوري اليوم يريد أن تعود سوريا الجميلة لسابق عهدها، آمنة مستقرة، يزورها الناس من كل مكان. هذا الهم لا يستطيع السوريون أن يحملوه وحدهم، فهم يحتاجون إلى مد يد العون والدعم على كافة الأصعدة.
فمرارة أن تعيش بلا وطن، ولو لبضعة أشهر، قاسية. من هذا الشعور يجب أن ينطلق السوريون لبناء وطنهم، وفي أسرع وقت، دون أن يلتفتوا لمن يتمنى أن تبقى سوريا في طريق الضياع وألا عودة!
إقرأ أيضاً: السعودية واستثمارات فرنسا
إن إدراك فكرة الدولة يحمل في طياته قوة وحياة تتسم بالتنظيم. هذه الفكرة، عندما تسير على المسارين الصحيحين منذ اللحظات الأولى، فمن الطبيعي أن يحالفها النجاح. المسار المحلي الذي يهتم بتنظيم شؤون المجتمع والحياة وضبط المؤسسات العامة التي تخدم الناس يعطي مؤشراً ناجحاً للدخول في المسار الآخر المرتبط بالشأن الدولي. فالضبط الحقيقي للدولة يتكون في إطار المساحة الجغرافية التي يجب أن يسودها الاستقرار والتنظيم والحياة الطبيعية التي تتناسب مع البشر بكل ضوابط الإنسانية.
الرجل الذي جاء للتو من تحت المطر، وجفف جسمه، وارتدى ملابس جافة، يكون متردداً أكثر للخروج مرة أخرى إلى المطر من شخص آخر كان داخل المبنى طوال الوقت.