كتَّاب إيلاف

هل تحاول كييف اختراق المسلمين؟

الأوزبكي أحمدزون كوربونوف المشتبه به الرئيسي في مقتل الجنرال الروسي إيغور كيريلوف خلال وجوده في محكمة بموسكو
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كثيرة هي الأسئلة المطروحة حول عملية اغتيال الجنرال إيغور كيريلوف، قائد "قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي" في الجيش الروسي، والتي تبنتها أجهزة الاستخبارات الأوكرانية بشكل رسمي. فما هي دلالات اختيار هذا التوقيت بالذات؟ وهل لها أي تأثير على مسار الصراع، في ظل اعتراف كييف ضمنياً بحراجة وضعها وتقهقر جيشها المستمر؟ أم أن لها أهدافاً سياسية خصوصاً من الناحية الأميركية؟

روسيا لن تستدرج
قتل كيريلوف مع مساعده صباح 17 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بعبوة ناسفة قدرت زنتها بنحو 200 غرام من مادة TNT، زرعت في دراجة كهربائية كانت مركونة على مدخل المبنى الذي يقطن به، في مكان لا يبعد عن الكرملين سوى سبعة كيلومترات فقط. ونجحت السلطات الروسية في وقت قصير في اعتقال المنفذ أحمد قربانوف، وهو من مواطني أوزبكستان، وليس مهاجراً بل كان زائراً للأراضي الروسية فحسب.

وخلال التحقيقات معه، اعترف قربانوف بتنفيذ العملية، كما اعترف أيضاً بتجنيده من قبل الاستخبارات الأوكرانية، والتي وعدته بمبلغ 100 ألف دولار بعد التنفيذ، فضلاً عن السفر الى الاتحاد الأوروبي، حسبما ذكرت وكالة "تاس" الروسية.

وتشير معلومات دبلوماسية وتقارير غربية الى أن عملية الاغتيال أهدافها سياسية محضة، ولا يوجد لها أدنى تأثير على مسار العمليات الميداني، حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه من جهات عدَّة بشكل هادئ ومحكم. وتبين المعلومات أنَّ الشخصية المستهدفة وتوقيت العملية، يرميان بالدرجة الأولى إلى استفزاز موسكو إلى أقصى حد ممكن، من أجل دفعها للرد، سواء عبر عمليات مماثلة، أو عبر تصعيد عملياتها العسكرية واستخدامها لأسلحة نوعية من ضمن ترسانتها.

ويعتقد صناع القرار في كييف أنَّ أي رد روسي كفيل بإعادة تزخيم رداء المظلومية الذي يلتحف به النظام القائم في أوكرانيا منذ سنوات، لإشاحة الأضواء عن فشل سياساته الداخلية، وانقياده التام للإملاءات الأميركية والأوروبية، دون الوقوف عند مصالح الشعب والتهديدات التي طالته بسبب كل هذا التهور الفادح. لكن موسكو لن تستدرج إلى هذا الفخ، حسبما عبرت تصريحات مسؤوليها، ولا سيما أنها مطمئنة إلى النجاحات التي تحققها قواتها المسلحة في الميدان.

تعقيد مسار السلام
تشير مصادر روسية إلى أنَّ المراد من عملية الاغتيال، تعقيد مسار السلام المتوقع أن يتبلور شكله وخطواته غداة تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بما يتسق مع الشروط التي وضعتها روسيا، وعلى رأسها عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكذلك الاعتراف الدولي بالوضعية الجديدة لإقليمي لوغانسك ودونيتسيك ضمن الاتحاد الروسي.

وتبين المصادر أنَّ توقيت العملية يتزامن مع بدء المبعوث الأميركي الخاص للصراع في أوكرانيا، الجنرال كيث كيلوغ، والذي عينه ترامب بعد انتخابه مباشرة، إجراء مباحثات جدية مع مختلف الفاعلين والمتدخلين والداعمين، من أجل تسويق التصور الذي أعده فريق ترامب لعملية السلام.

وهذا التصور الذي يلتقي مع الأهداف التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أحدث موجة غضب ليس في كييف فقط، بل في بروكسل، حيث تسارعت وتيرة اجتماعات القادة الأوروبيين لاتخاذ موقف حاسم إزاء الصراع، وسط صعوبات تحيق باستمرار الدعم الأوروبي المالي والعسكري لأوكرانيا لتسعير الصراع واستدامته. وكان الجنرال كيلوغ أشار في تصريحات له إلى زيارة قريبة إلى موسكو للتباحث بشأن عملية السلام، مؤكداً بأن عملية اغتيال الجنرال كيريلوف "لا تعيق المفاوضات".

تقويض العلاقات الروسية &- الإسلامية
إلى ذلك، تشير تقارير إعلامية غربية إلى أنَّ أهداف عملية الاغتيال لا تقف عند حدود استفزاز موسكو وتعقيد مسار السلام الذي يريد ترامب ترسيخه، بل تشمل أيضاً تقويض العلاقات الوطيدة والوثيقة التي بنتها روسيا مع العالم الإسلامي.

وتتوقف مصادر دبلوماسية عند إصرار أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، ومن خلفها رعاتها في "الناتو"، على تجنيد أشخاص مسلمين ينتمون إلى دول آسيا الوسطى، من أجل تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب واسعة. إذ سبق أن قامت خلية مرتبطة بتنظيم "داعش &- خراسان"، جندتها كييف، بتنفيذ هجوم "كروكس" الإرهابي في 22 آذار (مارس) الماضي، والذي أدى إلى مقتل نحو 140 مدني، وإصابة عدد ماثل. علاوة على بعض عمليات التخريب، التي أفشلت السلطات الروسية الكثير منها، وذلك حسبما كشفت عنه تقارير صحفية.

والهدف من وراء ذلك حسب المصادر، زعزعة العلاقات التاريخية لدول آسيا الوسطى مع موسكو، في محاولة مكشوفة لإبعادها عن الفضاء الجيوسياسي الروسي، وتقريبها إلى الغرب. وفي موازاة استمرار تدفق الإغراءات المالية والاقتصادية من بريطانيا وبروكسل على دول آسيا الوسطى، تسعى القوى المؤثرة في "الناتو" إلى استدارج روسيا للرد على استهدافها من قبل مجموعات إسلامية معينة، بشكل يطيح بكل مرتكزات سياستها الخارجية إزاء دول العالمين الإسلامي والعربي.

بيد أنَّ موسكو تعي كل ذلك وأكثر، ولذلك يحرص بوتين على توثيق عرى العلاقة مع المسلمين داخل الاتحاد الروسي، وتوجيه الحكومة لتنفيذ برامج تنموية واسعة وثرية في الأقاليم الإسلامية. ناهيكم عن تطوير التعاون مع كل القوى البارزة في العالمين العربي والإسلامي، وفق قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، واستثمار فرص التنمية بما يعود بالفائدة على روسيا والعالمين الإسلامي والعربي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف