"إيلاف" تستعرض مذكراته في سلسلة حلقات (12)
سمير خفاجي يستذكر انطلاقة عادل إمام السينمائية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"إيلاف" من القاهرة:&يُعتبر المسرحي الراحل سمير خفاجي أحد رواد ومؤسسي المسرح ليس فقط بأعماله الإنتاجية ولكن بمعاشرته للنجوم ورصده الدقيق لأحوال المسرح على مدار عقود وثقها في كتابه "أوراق من عمري" الذي أصدره قبل رحيله بمساعدة الفنان القدير محمد أبو داوود.
وتواصل "إيلاف" عبر عدة أجزاء سرد الحكايات كما رواها في مذكراته، ليسجل تأريخاً لمرحلة مهمة في مسيرة المسرح المصري، ويتحدث فيها عن علاقته بالنجوم والمواقف التي حدثت وأغربها ذاكراً الوقائع بأسماء أصحابها.
&
&
ظهور محمد عوض في مسرح التلفزيون..
ويتابع: حينما عاد سيد بدير من مهمته وذهبت للقائه وكنت اود أن أساله عن المسرحية التي قدمتها للجنة القراءة (أصل وصورة) لكني فوجئت بأنه يسألني عن محمد عوض وكم كان أجره في فرقتنا وهل هو ملتزم أم لا؟ وأسئلة كثيرة فتعجبت وسألته عن سر اهتمامه بمحمد عوض قال أريد أن أضمه لفريق التلفزيون المسرحية كموظف، لأنه&يريد أن يستقطب للمسرح كل المواهب الشابة الواعدة.
حددت لعوض ميعادا كي يقابل الاستاذ سيد بدير، رحب عوض بالإنضمام لمسارح التلفزيون غير أن الأجر المحدد كان 30 جنيها. الأمر الذي اعترض عليه عوض قائلاً: "كيف أقبل بهذا المبلغ وفي نفس الوقت أُحرَم من العمل في الإذاعة والتلفزيون. لقد استغربت منه هذا القرار، لأن التلفزيون يعطي فرصاً ليظهر نجومهه ويلمعهم لكن بعد وقت اتضح لي أنه قرار في صالح أعضاء المسرح. فقد&كان الغرض من القرار هو أن يتفرّغ أعضاء المسرح للمسرح فقط ولا يشغلهم عنه أي شئ آخر. أخرج عوض من جيبه كشفاً بالأعمال التي قدمها في الشهور الأخيرة من الإذاعة والتلفزيون ومجموع المبالغ التي تقاضاها عن هذه الفترة وهي تفوق كثيرا الأجر الشهري الذي يمنح للممثل، لم يستطع الأستاذ سيد بدير أن يخرج عن لائحة الأجور ويمنحه من استثناء من هذه القاعدة، وإلا احتج بقية أعضاء فرق التلفزيون وطالبوا بالمعاملة بالمثل وانتهت الجلسة بصعوبة انضمام عوض كممثل موظف بفرق التلفزيون.
طلب الأستاذ سيد بدير عوض لمقابلته ثانيا وقال انه وجد حلا مريحا بالنسبة للطرفين وهو أن يعمل عوض بالقطعة كنجوم الذين يستعين بهم في المسرح على أن يكون أجره في المسرحية التي يشارك بها لمدة خمسة عشر يوما بالاضافة إلى البروفات مبلغ 160 جنيها وما زاد عن 15 يوما يتقاضي عنه 4 جنيهات يوميا وبذلك يكون لعوض الحرية في العمل بالإذاعة والتلفزيون ولا يتحمل مرتبه مستمراً طوال العام. رحب عوض بهذا العرض الذي طبق بعد ذلك على غيره من أنصاف النجوم الذين استعان بهم المسرح بعد ذلك.
ولقد رشح الأستاذ سيد بدير محمد عوض ليقوم ببطولة مسرحية جلفدان هانم التي كتبها الاستاذ أحمد على بكثير واحتج بعض أعضاء هذا المسرح لهذا الترشيح، فعوض ليس بالنجم الجماهيري كي يستعان به في بطولة وإن أعضاء المسرح الدائمين أولى من ممثل من خارج الفرقة بهذه الفرصة، لكن الأستاذ سيد لم يلتفت لهذه الاحتجاجات وبدأ عوض بروفات جلفدان وشاركته البطولة السيدة نعيمة وصفي وأخرجها الاستاذ عبد المنعم مدبولي.
عُرضَت المسرحية على مسرح الهوسابير ولاقت نجاحاً ملحوظاً، وحضر الدكتور عبدالقادر حاتم وزير الإعلام العرض وأعجب بمحمد عوض ورفع أجره كي يتساوي مع كبار النجوم الذين يستعين بهم المسرح وهي 400 جنيه، وهي قفزة لم يكن يحلم بها عوض في يوم من الأيام بل أن الدعاية للمسرحية اختفلت عن باقي المسرحيات فقد كثفت الدعاية لها بطريقة ملحوظة .فقد اعتبر الدكتور حاتم أن محمد عوض هو ابن هذه الفترة وأن مسرح التلفزيون قد صنع نجومية محمد عوض.
علماً أنه في تلك الفترة، ووفقاً&لما&خطط له سيد بدير، كان لا يجب&يستمر عرض المسرحية أكثر من أسبوع، ولكن جلفدان هانم استمر عرضها لعدة اسابيع وكان كلما امتد العرض اسبوعا قام أحد النجوم بعمل حفلة عشاء بهذه المناسبة.
&
أنا وهو وهي..
اعرف ماذا حدث في لجنة القراءة بخصوص مسرحية (أًصل وصورة) ولكني لم أصل إلى نتيجة فاعتقدت أن اللجنة رفضتها ولم أشأ أن أثقل على الأستاذ سيد بالسؤال لعدم إحراجه أو إحراجي وامتنعت عن الذهاب إلى مسرح الهوسايبر ولم أعد ألتقي بالأستاذ سيد بدير إلا نادرًا. ركزت كل جهدي في هذه الفترة في العمل بالإذاعة، ولكن هذا لم يمنعني من التفكير في المسرح بل دفعني شوقي إليه أن بدأت اكتب مسرحية لم أكن أطلقت عليها اسماً بعد، والتي ظهرت بعد ذلك باسم "أنا وهو وهي".&كنت كالعادة أجلس بالنهار في قهوة وديع اكتب في المسرحية وفي المساء أجلس في البار مع حامد مرسي وصلاح منصور.
وذات صباح وكنت قد انتهيت لتوي من تكملة المسرحية ولم يبقي إلا أن أراجعها وابيضها فوجئت بالاستاذ عبدالمنعم مدبولي يقتحم القهوة ويطلب مني المسرحية لتقديمها على المسرح فارتبكت وقلت له اديني فرصةابيضها قال مش مهم بعدين، المهم انه اخذ المسرحية فورا وهي مكتوبة في كراسات بالقلم الرصاص.
قابلت الاستاذ سيد بدير وقال أن المسرحية سيقوم ببطولتها فؤاد المهندس وشويكار وقد كنت كتبت المسرحية فعلا لفؤاد المهندس سألني عن اسمها فقلت لقد وجدت اسما مؤقتا لم نستقر عليه بعد وهو (انا وهو وهي)، قال مؤقت ليه ده اسم جميل جدا وخارج عن الاسماء المألوفة ولا بد من البدء في عمل البروفات فورا.
شعرت بإحساس غريب أحسست وكأن اقدم مسرحية لأول مرة شعرت بالخوف والفرحة فهذه أول مرة فعلا أقدم عملا مسرحيا ليس من إنتاجي ولا بد من أن انجح، وبدأت اهتم بكل صغيرة وكبيرة في المسرحية سواء فيما يخصني أو لا يخصني فرضت نفسي على العمل حتى ترشيح الممثلين الذي هو من صميم عمل المخرج بدأت أتدخل فيه دون حرج من المخرج، كنت أود لو أدي هذا الدور فلان أو وأنا أكتب كنت أتصور فلان، فقد كنت أتصور محمد رضا هو أليق ممثل لدور النمساوي ورشحته لأستاذ مدبولي الذي رحب بذلك كل الترحيب، ولم انتظر رأي الاستاذ سيد بدير بل أخذت نسخة من المسرحية وذهبت بها للاستاذ محمد رضا وكان يعمل في فرقة تحية كاريوكا التي كانت تقدم عرض شفيقة القبطية، ورحب رضا بالعمل ولم يمض يوم إلا ويستدعيني الاستاذ بدير وهو غاضب ويقول لي كيف تعرض على محمد رضا العمل في مسرحية وهو يعمل في فرقة آخرى، لقد قدم الاستاذ فايز حلاوة شكوى بهذا الخصوص. ثم قال أنا لا أريد ان أتعدي على أي فرقة قائمة، جلست مع الأستاذ مدبولي ورشحت الأستاذ محمود المليجي ولكنه هو الآخر كان يعمل في فرقة اسماعيل ياسين ولم أكن أعرف، وقال السيد بدير عليكم من اختيار الممثلين من أعضاء فرق التلفزيون، وأنا لا أكاد أعرض أحدا منهم واختار الاستاذ مدبولي سلامة إلياس وكنت لا أعرفه إطلاقا معرفة شخصية رغم إنه قال بأحد أدوا السكرتير الفني، أما عند شخصية الاستاذ دسوقي فكنت متخيل أن يقوم به محمد عوض وأثناء كتابتها كان عوض يأتي إلى في بار وديع وهو مرحب بالقيام بهذا الدور، ولكن بعد قيامه ببطولة جولفدان هانم أصبح من الصعب قيامه بالدور خصوصا بعد رفعه لمصاف كبار النجوم واصبح أجره 400 جنيه، رشح الأستاذ قاسم وجدي وهو مسؤول عن الإنتاج في مسرح التلفزيون شابا صغيرا في السن ورأيته مع مدبولي فل أجد فيه مواصفات الشخصية فقد كان في العشرين من عمره لكن شكله لا يدل على أنه أكبر من 18 سنة ووجدته مندهشا دائما، فقلت للأستاذ قاسم إنه لا يصلح للدور وقد يصلح لأدوار آخرىي لكن دسوقي شخص به دهاء وخبث، أما الشخص الذي أصبح بعد ذلك أحد نجوم الذين اعتمدت عليهم في أدوار كبيرة بعد ذلك هو سعيد صالح.&
بعد ذلك رشح الأستاذ قاسم عادل إمام الذي نجح في الدور نجاحاً باهراً وكان أول عمل يشارك فيه عادل إمام قبل هذا الدور مسرحية ثورة قرية قصة الاستاذ محمد التابعي وإعداد للمسرح عزت العلايلي ومن إخراج الأستاذ حسين كمال وكان يمثل فيها عبدالبديع العربي وزوزو نبيل ووداد حمدي وفاطمة عمارة وصلاح قابيل ورشوان توفيق وعرضت على مدار 15 حفلة فقط، وكان عادل إمام يقول في هذه المسرحية جملة واحدة فقط (العسلية بمليم الوقية).
كان العنصر الوحيد الذي أعرفه من أعضاء الفرقة هو الضيف أحمد والذي كنا قد قدمناه في مسرحية (البعض يفضلونها قديمة) فقدم دور الفراش باقتدار.
بدأت البروفات بجدية شديدة وكنت استعجل الأيام لشوقي لمعرفة رأي الجمهور ورأي النقاد ورأي الأستاذ سيد بدير، وتحدد تاريخ العرض وفوجئت أن العرض سيبدأ في دار الأوبرا، هل هذا معقول؟ دار الأوبرا! إنه حلم جميل، ومسرحيات التلفزيون السابقة كانت تقدم على مسرح الهوسايبر ثم مسرح النهر، بدأت أحلم بليلة العرض وفي يوم العرض فوجئت أن اكسسوار المسرحية لم يستكمل بعد، والذي لم يتم هو حجرة النوم التي في اللوكاندة التي يفتح بها الفصل الأول، ثار الأستاذ مدبولي وشتم عرفت من الأستاذ شكري راغب وهو المسؤول في الأوبرا فهو يدير المسرح ويعرف كل مسمار في فرق الأوبرا، والذي اعتذر لعدم وجود حجرة نوم بالمخازن توترت اعصابي، هل هذا ممكن؟ لم يتبقي إلا ساعات على العرض ونصادف هذه العقبة التي قد تؤدي إلى إلغاء العرض، ومدبولي ثار ويقول ألفاظ ممكن أن تكون لها عواقب وخيمة، وفي لحظة فكرت لقد كانت مسرحية "البعض يفضلونها قديمة" بها حجرة نوم وكنت تركتها عهدة عند الحاج وحيد الشناوي في مسرح الأزبكية، فعبرت الشارع مسرعا إلى مسرح الأزبكية وشكرت الله أنني وجدت الحاج وحيد الذي أخرج حجرة النوم من المخازن وأحضرت عاملين لنقلها لدار الأوبرا وحلت الأزمة.
حل المساء وأضيئت أنوار دار الأوبرا واكتظت الساحة أمام دار الأوبرا بالعربات، إن تقديم مسرحية بدار الأوبرا يختلف اختلافا كليا عن تقديمها في أي مسرح آخر لفخامة دار الأوبرا والبذخ والذوق الرفيع يوحي بالثقة حتى الجمهور بالرغم من أنه كان قبل الثورة ممنوعا من دخول الأوبرا بدون الملابس الرسمية الكاملة، إلا أنه بعد قيام الثورة كان مسموحا بأي ملابس عادية ورغم ذلك شعرت أن الجمهور محترم المكان لما له من أهمية تاريخية وثقافية، كان الأغلب يحضر بملابس رسمية كاملة، كانت دقات قلبي تتصاعد كلما اقترب موعد رفع الستار ولم استطع الجلوس على كرسي بل كنت دائم الحركة في نهاية صالة العرض.&
&
&
بدأ العرض وأنا دائم الحركة ما بين نهاية الصالة وكنت بعد كل مشهد أجري إلى كواليس المسرح للإطمئنان على المشهد التالي والمسافة بين الصالة والكواليس بعيدة جدا فكنت اقطعها جريا، حتى شعرت أني بذلك مجهودًا أكبر من مجهود الممثلين مجهودا عصبيا وما أن أسدل الستار وأضيئت الأنوار وبدأ الممثلون يتوافدون على المسرح لتحية الجمهور الذي التهبت أكفه من التصفيق حتى شعرت أن دموعي تنهمر لهذا النجاح ولما جاء دور عادل إمام للتحية استقبلته الجماهير بعاصفة من التصفيق دلت على ميلاد نجم ودخل فؤاد المسرح في نهاية التحية وكان استقبالا حافلا.
عرضت المسرحية لمدة ثلاثة أيام في مسرح الأوبرا مضت كالحلم الجميل بعدها مباشرة انتقلت لمسرح الهوسابير لاستكمال عرضها.
عُرضت المسرحية ونالت كل هذا النجاح ولم أكن تعاقدت بعد حتى مع أحد. ولم أكن اعلم المبلغ الذي ساتقضاه عن المسرحية؟ ولما ذهبت بعد ذلك للتعاقد سئُِلت هل المسرحية تأليف أم اقتباس؟ والمسرحية أخذت فكرتها فعلا من نص أجني ولكني أخذت الفكرة وغيرت القالب تماما بشيءٍ&يتماشي مع تقاليدنا، فلما سألوني هذا السؤال أجبت بسؤال آخر عن مسرحية السكرتير الفني، اعتبرتوها تأليف أم اقتباس؟ فقالوا تأليف طبعا فقد كتبها الاستاذان نجيب الريحاني وبديع خيري، ولما كنت اعرف أصل المسرحية وتكاد تكون ترجمة حرفية لما كتبه مارسيل بانيول حتى اسم بطلها توباز أي ياقوت هو نفس اسم بطل المسرحية السكرتير الفني ياقوت أفني، فقلت إذا كانت مسرحية السكرتير الفني التي تكاد تنطبق حرفيا مع النص الأصلي فمن باب أولي أن يكون أنا وهو وهي أن أصرف مقابل الجهد الذي بذلت أجر تأليف وفعلا تقاضيت أجر التأليف الذي حدد لي وهو 300 جنيه.
ولكن حدث شئ بعد ذلك فقد تقدم الأستاذ عبدالله أحمد عبدالله (ميكي ماوس) بشكوى إلى المسرح بأن المسرحية تأليفه وانني قد سرقتها منه ومعه فتاة ناشئة لم أسمع باسمها من قبل تُدعي سالي.& وقدَم نصاً لإدارة المسرح وأُحيل الموضوع للأستاذ حمدي غيث أجد وكيلي المسرح وقرأ نص الأستاذ عبدالله وقال لا يوجد شبه علاقة بين هذا المكتوب وما عُرض على المسرح. فهو نص ردئ، كذلك أن الاثنين عبرا أن الفكرة واحدة ولابد أن يكون مصدرها واحداً، إذا أنا مسرحية أنا وهو وهي مسرحية مقتبسة وأجر الاقتباس يختلف عن أجر التأليف فالأول أجره 200 جنيه والثاني 300 جنيه وبذلك أكون تقاضيت 100 جنيه بدون وجه حق، على أن أرد المئة جنيه ولم أكن أملك هذه المئة جنيه وافقوا على أن تخصم من المسرحية التالية التي اكتبها.
لم يمض سوى أشهر قليلة حينما طلب مني الاستاذ فريد شوقي شراء المسرحية لإنتاجها فيلما سينمائياً.&شعرت بسعادة عارمة فهذه أول مرة اتعامل مع السينما وذهبت لمكتب الاستاذ فريد الذي استقلني استقبالا جميلا وكنت اعرفه لما قدمت إحدى فرق الجامعة مسرحية قام ببطولتها نعيم مصطفى والاستاذ فريد شوقي تدعي (اللي يعيش ياما يشوف) بطبيعة الحال لم أناقشه في الأجر وهو الذي حدده وكان 400 جنيه للقصة والحوار الذي سأكتبه على أن يقوم بكتابة السيناريو الأستاذ عبدالحي أديب وسيقوم هو ببطولتها.
أخذ الاستاذ عبدالحي المسرحية وبدأ في كتابة السيناريو حتى انتهى منه&واعطاني اياه لكتابة الحوار. كنت أجلس وأكتب واجد أن الشخصية لا تناسب فريد شوقي من قريب أو بعيد، فريد شوقي وحش الشاشة فريد شوقي ملك الترسو، كيف يقوم بهذه الشخصية المسالمة الذي يخشي النمساوي؟ القلم لا يستطيع الكتابة كنت أتوقف بعد كل جملة وأشعر بثقلها فالمصداقية غير موجودة لا يمكن أن تقنع الجمهور فاترك القلم واغلق الورقة واعود في اليوم التالي محاولا إيجاد حلّ فلا استطيع والاستاذ عبدالحي يطاردني كي انتهي من كتابة&الحوار حتى يقبض باقي الأجر، ولما صارحته أن فريد شوقي لا يمكن أن يقوم بهذا الدور وإننا إذا وافقنا على ذلك فهو ظلم له وللمسرحية، فكان يقول أنت مالك إنت خدت أجر مقابل هذا فعليك الإلتزاك به، يسقط الفيلم ينجح هذا ليس من شأنك.
لم استصغ هذ المنطق وذهبت وحدي لمقابلة فريد شوقي أخبرته بوجهة نظري وقول له أن المسرحية ناجحة بكل المقاييس وقد أذيعت في التلفزيون والجمهور مبهور بها إذا ظهر الفيلم ولم يلاقي نجاحا فالسقوط لن ينسب للمسرحية، ولكن أنت شخصيا فسألني فريد شوقي، هل هذه وجهة نظرك؟ قلت له أكيد فقال ووجهة نظري أنا كمان انا ما انفعش اعمل الدور ده ولكني هانتج الفيلم على أن يقوم بالبطولة فيه فؤاد المهندس وشويكار، وفعلا أنتج الفيلم بنفس أبطال المسرحية فيما عدا دور النمساوي الذي كان يقوم به الاستاذ سلامة إلياس الذي استبدله بتوفيق الدقن، وقام بالإخراج الاستاذ فطين عبدالوهاب، وقام عادل إمام بدور دسوقي وكان هذا اول عمل سينمائي يسند له وكذلك الضيف أحمد الذي تقاضي كلا منهما 50 جنيها، وصارت بين عادل إمام والاستاذ فطين عبدالوهاب علاقة قوية فقد كان الاستاذ فطين مؤمن بموهبة عادل إمام إلى أٌقصي الحدود.
لم يكد الفيلم يظهر حتى انهالت العروض على عادل إمام فكانت مكاتب الإنتاج تطلب منه ان يحضر ومعه بدلة وطربوش الاستاذ دسوقي لتصوير فيلم جديد، لم يفرح عادل إمام بهذا لإقبال بالعكس فقد رفض كل هذه العروض فذكائه قاده ألا يحصر موهبته في قفص الدور الواحد، فلم يتعجل النجاح ولا الشهة بل فضل أن يتمهل وأن يقوم بأدوار منوعة حتى يثبت أقدامه في هذا الفن الجميل الذي عشقه واحترمه.&
المزيد في الحلقات المقبلة
&